ووضعت الفصل الأول لبيان شركة الأموال وأنواعها .
والفصل الثانى لبيان شركة الأعمال والمسائل المتعلقة بها +
والفصل الثالث لبيان أحكام شركة الوجوه وآراء الفقهاء فيهاء
أما الفصل الرابع فقد خصّصته لبيان أحكام المضاربة : ( القراض)»
وأما الفصل الخامس فقد خصّصته لبيان أنواع الشركات فى القانون
الوضعى ميّينا موقف الفقه الإسلامى منها فى ضوء ما ورد فى الفصول
الأربعة من الأحكام الشرعية .
قريب بحيب سميع الدعاء.
سلوى - الكريت
رمضان المبارك 1411 ه
د. محمد كل عبيد الله عتيقى
المبحث الأول
تعريف العقد وأنواعه
العقد لغة :
يستعمل لفظ العقد لغة فى معان » منها الربط والشد والضمان
والعهد » ويطلق أيضا على العزم والجمع بين أطراف الشئ والربط بينهما
يقال : عقد الحبل إذا جمع أحد طرفيه على الآخر وربط بينهما (0
وكما يستعمل العقد يمعنى الربط والجمع فى الأمور الحسية
كذلك يستعمل فى الأمور المعنرية » فيقال : عقدت البيع ونحوه +
الألوسى : المراد بها يعم جميع ما ألزمه الله عباده ؛ وعقد عليهم من
التكاليف والأحكام الدينية ؛ وما يعقدونه فيما بينهم من عقود الأمانات
والمعاملات ونحرها ؛ مما يجب الوفاء به .
)١( القاموس ؛ ولسان العرب فى
() المصباح المنير للفيوبى
سورة آل عمران .١/
أما العقد بالكسر فهو القلادة ؛ ومعقد الشئ موضع عقده .م
على عقد النكاح فى زمان العدة (م.
ويظهر من كلام أهل اللغة أن العقد كما يستعمل فى الربط بين
الإرادتين بالإيجاب والقبول ؛ كعقد البيع مثلا » يستعمل أيضا فى ربط
شخص واحد وعزمه على عمل ماء كعقد اليسين مثلاء
العقد اصطلاحا :
العقد فى الاصطلاح يستعمل فى معنيين :
)- المعنى العام » أى كل ما يعقده الإنسان : ( يعزمه ) أن يفعله هو ء
أو يعقد على غيره فعله على وجه الإلزام ؛ فيدخل فيه ما يشا
بإرادتين أو بإرادة واحدة ؛ فيسمى البيع والإجارة والنكاح
والمضاربة والشركة ونحوها عقدا » لأن كل واحد من العاقدين قد
ألزم نفسه الوفاء به » وسمى اليمين والنذر والعهد والأمان عقدا ©
لأن معطيها قد ألزم نفسه الرفاء بها (.
ب - المعنى الخاص » أى ما ينشأ عن إرادتين لظهور أثره الشرعى فى
المحل يقول الشريف الجرجانى : ( العقد ربط أجزاء التصرف
بالإيجاب والقبول شرعا ) 9
(1) سورة الماقدة /84
(©) أحكام القرآن للخصاص 748/7
(4) التعريفات مادة : (عقد)ء
لكن أكثر الفقهاء خصّوا استعمال لفظ العقدبما ينشأ من
إرادتين: الإيجاب والقبول » قال البابرتى فى العناية : ( الانعقاد هو تعلق
كلام أحد العاقدين بالآخر شرعا على وجه يظهر أثره فى المحل ) (0.
وورد فى بحلة الآحكام العدلية أن : ( العقد التزام المتعاقدين
وتعهدهما أمرا ؛ وهو عبارة عن ارتباط الإيجاب بالقبول )(».
وهذا المعنى الخاص هو المراد بالعقد عندنا فى عقود الشركات +
لأن الشركة لا تتحقق إلا بإرادة شخصين فأكثر ؛ كما سيأتى فى
تقسيم العقود :
قسم الفقهاء العقود باعتبارات مختلفة إلى أقسام شتى ؛ ينوا فيها
خصائصها وأحكامها العامة ؛ فقسموها أحيانا باعتبار المحل أو الموضوع +
كالبيع والهبة والقرض ونحرها ؛ وعقرد تقع على منافع الأعيان » كعقد
الإجارة والإعارة والوصية بالانتفاع ونحوها ؛ وعقرد تقع على العمل
كعقد الاستصناع والوكالة والشركة والمضاربة ونحرها .
وقسُموها أحيانا باعتبار وجرد العرض فيها أو عدم العوض إلى
عقود المعاوضات ؛ كعقد البيع والإجارة والقرض والصلح ونحرها وإل
عقود التبوعات .كعقد الحبة والإعارة والوقف والوصية ونحرها .
وقسّموها أحيانا باعتبار الغرض منها إلى عقود نقل الملكية؛كالبيع
والهبة ونحرهما ؛ أو نقل المنفعة كالإعارة والإجارة » ونحرهما وإلى
عقود التوثيق ؛ كعقد الكفالة والرهن والحوالة ونحوها .
وقسُّموها أحيانا إلى ما فيه نفع محض ؛ كالإعارة بالنسبة
للمستعير » والهبة بالنسبة للموهوب له ونحرهما » وإلى ما يكون فيه ضرر
محض ؛ كالإعارة والهبة بالنسبة للمعير والواهب » وإلى ما يكون مدا
بين النفع والضرر » كعقد البيع والإجارة والشركة ونحرها .
الأشباه والنظائر للسيوطى ولابن نجيم » وفى كتاب المنثور للزركشى ().
وهذه التقسيمات عند القدماء من الفقهاء .
أما الفقهاء المعاصرون فقد اهتمُّوا فى مؤلفاتهم بتة بتقسيم العقرد
ملف الاعتيارات الى أقسام فت + تائرينافن ذلك كسيمات العقود
عند القانونيين » لتيسير المقارنة بين الأحكام الشرعية والقرانين
موقف الشركات من هذه العقود :
بالنظر والتأمل فى تقسيمات العقود نجد أن عقود الشركات من
عقود العمل التى تتزدد بين النفع والضرر ؛ ولهذا تقتضى أهلية التصرف
فى كلا الجانبين من المتعاقدين ؛ قال ابن قدامة : لا يصح شئ منها -
من أنواع الشركة - إلا من جائز التصرف ؛ لأنه عقد على التصرف »
فلم يصح من غير جائز التصرف فى امال » كالبيع (»
وا قلنا : إن الشركات من عقود العمل لأنها تتضمن الوكالة
» فكل شريك وكيل عن شريكه ؛ والثانى وكيل عن الأول ©
وهذايعنى أن كل واحد منهما وكيل وموكل ؛ ومعروف أن الوكالة من
عقود الأعمال فالشركات كذلك ؛ وهذا هو الأصل .
ص77 7377 » وانظر مرشد الحيران فى معرفة أحوال الإنسان
(1) انظر مثلا نظرية العقد للدكتور محمد مصطفى شلبى ص 2914 - 8897 +
() الفتى مع الشرح الكبير ٠١8/5
وأما تسمية بعض أنواع الشركة بشركة الأموال وشركة الوجوه » فلأحل
أن بدايتها تكون بالمال » أو بسبب الوجاهة » وإلا فالشركة- أى شركة
العقد - بجميع أنواعها لا تخلر عن العمل » لأن المال للاستثمار وتحصيل
الربح » وهذا لا يتأتى إلا بالعمل فيه وتشغيله وتنميته لكسب الربح.
المبحث الثانى
تعريف الشركة
الشركة لفة :
الشركة بكسر الشين وسكون الراء مثل حكمة وفدية ؛ وبفتح
الشين وكسر الراء مثل سرقة وكلمة - اسم الملصدر من شرك يشرك »
كعلم يعلم ؛ ومعناها فى اللغة الاختلاط » يقال شركته فى البيع والميراث
وفى الحديث :" من أعتق شركا فى عبد ....." أى حصة ونصيبا فيه +
وفى حديث ابن معاذ نه أنه أجاز لأهل اليمن الشرك » أى الاشتزاك +
الشركة اصطلاحا :
عرف الفقهاء الشركة بالمعنى العام تعريفات مختلفة بعضها تشمل
بعباراتهم :
أ - عرف بعض الحنفية الشركة بأنها : الخلطة وثبوت الحصة (» +
وهذا التعريف قريب من المعنى اللغوى قال ابن عابدين : ظاهر
كلامهم - أى الفقهاء - اتحاد اللغوى والشرعى ؛ فإنها فى
الشرع تطلق على الخلط » وكذا على العقد مجازا (9.
() لسان العرب لابن منظور » وتختار الصحاح مادة : ( شرك ).
(©) الاختيار لتعليل المختار للموصلى 11/7+
)١( جواهر
ولا شك أن هذا التعريف يشمل شركة املك ؛ أى اختصاص
شخصين فأكثر بشئ واحد ؛ وشركة العقد أى الأشتزاك
بالإيجاب والقبول بين اثنين فصاعدا فى الأصل والربح » أما شركة
الإباحة » أى اشتزاك جميع الناس فى الانتفاع من الأموال المباحة +
كالماء والنار والكلاً ؛ فلم يذكرها الحنفية فى أقسام الشركة
وعُرف المالكية الشركة بأنها إذن من اثنين فأكثر فى التصرف لما
مع بقاء تصرف أنفسهما (» . وهذا التعريف خاص بشركة العقد
؛ ولا يشمل شركة الإباحة ولا شركة الملك » لعدم ضرورة الإذن
فى التصرف فيهما » كما سيأتى .
ورف الشافعية الشركة بأنها ثبوت الحق فى شئ لاثشين فأكثر
على جهة الشيوع (» » وهذا التعريف أعم من التعريفين الأولين
ظاهرا » فيشمل شركة الملك وشركة العقد » وكذلك شركة
الإباحة » إلا إذا أريد من ثبوت الحق التمليك ؛ فتخرج شركة
الإباحة » لأنها لانتفاع جميع الناس قبل الحيازة لا ملكية لأحد
أما الحنابلة فقد عٌرفوا الشركة بأنها الاجتماع فى استحقاق أو
تصرف رم فالاجتماع فى استحقاق يشمل شركة الاباحة وشركة
الملك ؛ والاجتماع فى التصرف يتضمن شركة العقد بجميع
أنواعها إلا شركة المضاربة إذا سميناها شركة » لأن التصرف فى
المضاربة أى القراض لا يكون إلا للعامل أى المضارب » ولا
() مف اتاج 111/7
(©) للفتى لابن قدامة مع الشرح الكبو 14/5
هذه هى تعريفات الفقهاء للشركة ؛ أما إطلاق الشركة على
العقد نفسه بين اثنين فأكثربالإيجاب والقبول لكسب الربح من أموالهم أو
أعمالهم » أو نحو ذلك فمن قبيل إطلاق اسم المسبب على السبب ؛ لأن
العقد سبب للشركة .
ويظهر من هذه التعريفات أن أكثر الفقهاء لم يعوا الشركة
بالمعنى العام الشامل لجميع أنواع الشركات ؛ من شركة الإباحة وشركة
الملك وشركة العقد بأنراعها , وذلك لأن شركة الإباحة التى ذكرها
الفقهاء المعاصرون لا تعتبر شركة بالمصطلح الفقهى عند الفقهاء ؛ ولهذا ا
يذكروا أحكام الإباحة فى كتاب الشركة » بل تعرّضرا لمسائل شركة
الملك وشركة العقد فقط » وهذا صنيع غالبية الفقهاء ؛ مع العلم بأن
بعضهم اعتبروا الإباحة من أقسام الشركة (0.
كما يظهر من تعريفات الفقهاء هذه أن معظمها لا يتتاول
المضاربة » وإن كانت المضاربة فى الأصل نوعا من الشركة بين رب المال
والعامل ؛ لكنهما لا يشت ركان فى محل واحد » فالمال لرب المال والعمل
أن أكثر الفقهاء وضعوا للمضاربة بايا مستقلا عن باب الشركة » حتى إن
بعضهم لم يذكر أحكام المضاربة أو القراض متصلا بعد باب الشركة » بل
بعد أبواب أخرى » أو قبل باب الشركة .
وحيث إن مصير المضاربة إلى الربح » وهو مشترزك بين العاقدين
تعتبر المضاربة شركة فى المال » ولهذا ستذكر أحكامها فى الشركات +
لكن فى فصل مستقل .
+ وسنذكر تعريف كل نوع من هذه الشركات قربا » )١ أنظر بحلة الأحكام العدلية الما )١(