حياة شيخ الإسلام الاجتماعية. والعلمية. وإلى الوضع الفكري في عصره؛
وما كان عليه أصحاب ذلك العصرء من ترسبات تتنافى مع كمال التوحيد. وما
لاقاه في سبيل الدعوة إلى إصلاح الحال وتنقية الاعتقاد. وما كان عليه من
الجلد والصبر والتحمل في مقابلة الخصوم بالحجة الدامغة. والدليل
القاطع» والمنطق السليم. مما جعله بحق مجدداً لما اندرس من معالم
المحجة البيضاء»؛ فجزى الله الشيخ محمد أحمد خير الجزاء؛ ووفقه للمزيد
من تتبع جواهر شيخ الإسلام ابن تيميّة.
وقد قام جزاه الله خيراً بتحقيق هذه الرسالة وبمقابلتها على ما استطاع
الإسلام فضلا عن موافقتها لآراثه وفتاواه في مسائل الطلاق. مما جرى نشره
بجمعه وطبعه فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله وبمساعدة ابنه
فضيلة الشيخ محمدء وما نشره فضيلة الشيخ محمد رشاد سالم رحمه الله.
ولا شك أن مسألة الحلف بالطلاق. ومسألة الطلاق بالثلاث بلفظ واحد
أو بتتابع عبارات الطلاق من المساثل التي بحثها العلماء قديماً وحد
مذكور في كبهم.
واتجه الآخران إلى اعتبار الطلاق بالثلاث بلفظ واحد. أو بعبارات
متابعة؛ مع تفصيلهم في ذلك طلقة واحدة. وكان شيخ الإسلام ابن تيمية
وتلميذه ابن القيم من أبطال ورجال هذا الرأي. وقد وجّها القول بذلك ببيان
يصدق على القول المأثور «إن من البيان لسحراء").
)١( حديث صحيح رواه البخاري وغيره
وأما مسألة الحلف بالطلاق؛ فهي أيضاً موضع خلاف بين جمهور
الفقهاء وفي هذه الرسالة بيان واضح لرأي شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه
فرحم الله مؤلف هذه الرسالة «الاجتماع والافتراق في الحلف بالطلاق»
وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير جزاء وأتمّه. وأجزل لناشر هذه الرسالة
ومحققها الشيخ محمد بن أحمد سيد أحمد المثوبة وغفر الله للجميع» وجعل
عبدالله بن سليمان بن منيع
القاضي بمحكمة التمييز
بالاميم
والافتراق في الحلف بالطلاق» لشيخ الإسلام تقي الدين ابن تيميّة.
1 سورة الأحزاب: الآية (0لاء )©(
أقدّمها في وقت أصبحت الحاجة فيه ماسّة إلى مثل هذا النوع من
الرسائل التي تُقدّم للناس حلولا عملية مدعومة بنصوص القرآن والسنة؛ في
المناهج عن منهج الله الذي ارتضاه لعباده» والذي بُّنه رسوله كي للناس أكمل
وهذه الرسالة كما هو واضح من عنوانهاء تعالج قضية من أخطر قضايا
الناسء ألا وهي قضية «الحلف بالطلاق».
لقد عالج المؤلف رحمه الله في رسالته سالفة الذكر هذه القضية معالجة
موضوعية. ظهرت من خلالها عبقرية الرجل» ونزاهة قلمه؛ ووفور علمه
إن هذه الرسالة القيّمة للعلامة المجتهد تقي الدين ابن تيمية. تسل
وعلى الرغم من قلة عددهاء وضآلة كما إلا أنها لسان صدق. وشاهد عدل
وقعوده في جميع فنون العلم. حتى اضحت له اليد الطولى في حسن
قاله العلامة ابن دقيق العيدل"": لمّا اجتمعت بابن تيمية رأيت رجا العلوم كلها
)١( هو الشيخ العلامة عمدة الفقهاء والمحدثين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن
مطيع القشيري المنفلوطي المالكي الشافعي ابن دقيق العيد المتوفى سنة لاه
الأربعين في الرواية عن رب العالمين وغيرهما. انظر: الرد الوافر لابن ناصر الدين
الدمشقي ص: .1١8 والدليل الشافي على المنهل الصافي لابن تغري بردي
لحم امد
() انظر: الرد الوافر لابن ناصر الدين ص: ٠١6 . وشيخ الإسلام ابن تيمية سيرته وأخباره <
إن ابن تيمية بما ترك من مؤلفات ضخمة ورسائل عديدة في جميع فنون
رأي» ولا مشكلة إلا ولها على يديه حل لجدير بأن يكون محل عناية
الباحثين وموضع اهتمامهم» فيما يتعلق بالثقافة الإسلامية خاصة»؛ والدراسات
الشرعية عامة.
ولا يفوتتي في ختام هذه الكلمة» ان أنبّه القارىء الكريم إلى أنَّ نسبة
هذه الرسالة إلى مؤلفها تقي الدين ابن تيمية هي نسبة أكيدة وصحيحة. وقد
فض عن ذلك فقد أشار خير الدين الزركلي في كتابه «الأعلام» إلى هذه
الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة! رحمه الله وهي تقع في 773 صفحة من
الحجم دون المتوسط بقليل. وفي مقدمتها صفحة مأخوذة بالتصوير الشسي
تشتمل على إجازة بالرسالة المذكورة من مؤلفها للقاضي كمال الدين ابن
عمربن أبي الخيربن عمر الأنصاري عليها توقيع المؤلف بخطه"». كما أنني
لفين ص: 071 77؛ 7 جمع صلاح الدين المنجد. وحياء
تحقيق صلاح الدين المنجد
الإسلام
)١( أنظر أسماء مؤلفات شيخ الإسلام ابن
() انظر: الأعلام لخير الدين الزركلي 2166/1 1١1
(9) ستأتي ترجمته ِ
(4) انظر: ملحق الجزء الأول من فهرست دار الكتب المصرية قسم الفهارس العربية
وجدت هذه الرسالة ضمن مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية؛ والتي
جمعها العلامة الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي
الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة. والتي طبعت في مطبعة المنار سئة 1747ه
ومما يجدر الإشارة إليه؛ أن فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله قد
اعتمد في جمعه لبعض فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة الحلف
بالطلاق على نسخ مطبوعة. منها النسخة المحفوظة بدار الكتب المصرية
عبدالرحمن بن قاسم حفظه الله .
هال من الفهارس المطبوعة والمخطوطة؛ فضلاً عن ذهابي للعديد من دور
العلم» ولكن دون جدوى. لذا فقد اقتصرت في مقابلة هذه الرسالة على ما
خطيُتين يتعلقان بموضوع الحلف بالطلاق. الأولى لتقي الدين ابن تيمية
وهي مصورة عن مخطوطة من مخطوطات دار الكتب المصرية. وهي محفوظة
برقم 17/8777 مجاميع . وأما الصورة الثانية فهي محفوظة في مكتبة الرياض
العامة» وهي أيضاً لتقي الدين ابن تيمّة
لا بأس بهاء وذلك فيما يتعلق بموضوع الرسالة المشار إليها آنفاً وأما عملي
في هذه الرسالة فيتمثل في الآتي:
المصورات الخطية المتعلقة بموضوع الرسالة.
)١( انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية جمع وترتيب الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم
- رددت الآيات القرآنية إلى مواضعها من المصحف الشتريفت
© - أثبت ما وضعه ناشر الطبعة الأولى لهذه الرسالة من عناوين فرعية.
* - علقت على بعض المواضع التي تحتاج إلى تعليق.
> - عرفت بالأعلام الذين ورد لهم ذكر في الرسالة.
١ قمت بعمل دراسة موسّعة عن المؤلف «حياته - وآ
ولا يفوتتي في ختام هذه الكلمة أن أشكر فضيلة الشيخ العلامة
سائل الله لي ولفضيلته دوام التوفيق والسداد. كما أسأله سبحانه أن يتقبل هذا
ومكان» إنه أكرم مسؤول وأعظم مأمول.
محمد بن أحمد مني أحمد
المدرس بدار الحديث الخيرية
التعريف بالمؤلف
هو تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن
عبدالله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبدالله بن
تيمية الحراني ثم الدمشقي الحنبلي". شيخ الإسلام وعلّم الأعلام.
فقيل: إن جده محمد بن الخضر ذهب إلى الحج وله امرأة حامل» ومزّ
على درب قبماء فزى هناك جاريطقاة الداجرجم من خاب فلعااتجع إلى
)١( انظر في ترجمته: تذكرة الحفاظ للذهبي 318/4 - 174؛ وفوات الوفيات لابن شاكر
الكتبي 174/1 80؛ والرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي؛ والعقود الدرية من
مناقب ابن تيمية لابن عبدالهادي. شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 80/5 - 81+
والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي 171/4 ؛ والبداية والنهاية لابن كثير 141/16 -
وجلاء العينين لابن الألوسي ص 17 وابن وعصره. أراؤه وفقهه
للشيخ محمد أبو زهرة ص 17؛ والكواكب الدرية في مناقب المجتهد ابن تيمية
للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي .
(9) انظر العقود الدريّة من مناقب ابن تيمية لابن عبدالهادي ص 4
هو الإمام العلامة المفتي شهاب الدين أبي المحاسن عبدالحليم بن
عبدالسلام بن عبدالله ب أي القاسم الخضر بن محمد بن الخضرين
علي بن عبدالله بن الدمشقي والد الشيخ ١ أحمد بن
مع عن والده مجدالدين فرق وقرأ الماع على والده وتفّن في الفضائل
وأفتى ودس وصلفء وصار بعد أبيه شيخ حرَّان وخطيبها وحاكمهاء وكان كثير
قال عنه الإمام ابن كثير: والد شيخنا العالم العلامة تقي الدين بن
تيمّة. مفتي الفرق الفارق بين الفرق. كانت له فضيلة حسنة؛ ولديه فوائد
كرسي بالجامع يتكلّم عليه أيام انع من حفظه» اسنة 187 ها ودفن
)١( حرّان: بلدة قديمة كانت من أهم مراكز الديانات القديمة. شمالي الجمهورية التركية
قرب أورفة؛ وهي الآن بلدة عامرة بعد الخراب الذي أصابها عند احتلال التنار لها أيام
شرقي دمشق وكانت تسمى «حرّان المرج» وهذه قصبة ديار مضر في جزيرة ابن عمر
انظر هامش كتاب الاعلام العلية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية بقلم الأستاذ زهير
الشاويش ص ١16
(8) انظر البداية والنهاية لابن كثير 370/18 وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب
(©) انظر جلاء العينين في محاكمة الأحمدين لابن الألوسي ص 41+