المقدمة
أقول : وكان الأجدر بطلبة العلم » والحق » أن ييحشوا في هذه الجزئية
بدل أن يقلدوا المشايخ بدون بحث » أو تعب ؛ ويوقعوا الناس في خيص
وكنت في مقدمة كتابي الأول" قد حثثت طلبة العلم في هذا الزمان
على الرجوع إلى أمهات الكتب الإسلامية ؛ والبحث فيها عن المسائل
الخلافية بدل أن يأخذوا الفتوى جاهزة ؛ بلا كد !
وعملا بما أقول ؛ كان لزاما علي أن أرجع إلى تلك الرسالة _ وخاصة أنها
كتبت على عجالة _ وأنظر فيها بتمعن ؛ وتفحص ؛ وبشيء من التحقيق +
وخاصة أن الأيام دارت ؛ وكثر السؤال مرة أخرى عن حكم صيام
السبت في غير الفرض ؛ لأن يوم عاشوراء وافق يوم سبت !
كما يرى القارئ العزيز !
أقوال أهل العلم في صيام يوم السبت في غير الفرض :
قلت : وبعد البحث في كتب العلماء ؛ تبين لي أنهم اختلفوا في صيام
يوم السبت في النافلة إلى خمسة أقوال :
_١ جواز صيام يوم السبت منفردا بلا كراهة ٠
٠" جواز صيامه منفردا ؛ بشرط عدم تعظيمه !
. « المعجم الوسيط »
« فتح المنان في حكم مس ؛ وقراءة القرآن ؛ للمحدث والجنب والحائض + ويليه المنع من
اللبث في الملسحد للجنب والحائض » . وقد تم بحمد الله عز وجل
المقدمة
؛_ استحباب صيام يوم السبت » والأحد ؛ إذ هما عيدان لأهل الكتاب +
فيستحب غالفتهم !
حرمة صيام يوم السبت في النافلة !
أما القول الأول"''فقد قال به : الزهري » والأوزاعي + ومالك ؛ والنساني
وأبو داود » والحاكم ؛ وابن تيمية » وابن حجر » ويفهم من كلام أحمد +
وأما القول الشاني'"' فقد ذهب إليه أكشر أهل العلم : كالترمذي » وابن
خزيمة » وابن حبان » وابن شاهين » وابن الملقن » وابن القيم » والمنذري +
والشوكاني » والمباركفوري » والمناوي ٠
وهو مذهب السادة الأحناف » والشافعية ؛ والحنابلة » وابن جزي من
المالكية
وأما القول الرابع”" فقد بوب له ابن حبان في صحيحه (7174/8):
ذكر ما يستحب للمرء أن يصوم يوم السبت ؛ والأحد ؛ إذهما عيدان
لأهل الكتاب .
جواز صيامه مفردا ؛ بشرط عدم تعظيمة
(" استحباب صيام يوم السيت والأحد ؛ إذ هما عيدان لأهل الكتاب
المقدمة
وأما القول الخامس"'" فهو ما ذهب إليه الشيخ ناصر الألباني _ رحمه الله _
من المتأخرين !
تنبيه : ذكر أبو جعفر الطحاوي أن قوما ذهبوا إلى الأخذ بظاهر حديث
صيام يوم السبت""!
قلت : ولكن هؤلاء اولا في حكم المجاهيل ؛ الذين لا يعرف حالمم ؛
ثانيا : هل كراهيتهم للتحريم ؛ ام للتنزيه؟
ومن خلال هذا البحث المتواضع ؛ ظهر لي أنه لم يقل أحد من العلماء
السابقين بجرمة صيام يوم السبت في النفل » إلى يومنا هذا ؛ بل أكثرهم
جع بين الأحاديث كما سيأتي .
وتبين لي كذلك ان أكثر المحققين صححوا حديث ام سلمة _ او سكتوا
عنه _ حين سُئلت : أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر
صياما ؟ فقالت : السبت » والأحد . وقالت : وقال عليه الصلاة
حرمة صيامه في النفل مطلقا +
والترمذي (744) وقال : هذا حديث حسن » والنسائي في « السنن الكرى » (1774) +
وابن ماجه (1777) ؛ واين خزعة ( )6134 والحاكم ( 1587) وقال :فنا حديث
صحيح على شرط البخاري + البيهقي ( 4779) » وغيرهم . وسيأتي الكلام عليه مطولا +
انظر : « شرح معان الآثار » (1/ 80
رواه أحمد ( 13747) » وابن حبان ( 0113 3143) » وأينّ خركة ( 1177
المقدمة
بل اعتبر بعض العلماء أن حديث أم سلمة ناسخ لحديث ابن بسر كما
سيأتي ؛ وبعضهم اعتبر حديث ام سلمة رخصة في صيام يوم السبت +
فجمعوا بين الأحاديث .
وأخيرا : والذي يظهر - والله أعلم - أن الجمع بين الأحاديث أولى من
إعمال إحداها ؛ وإهمال الآخر !
وهذه هي طريقة العلماء السابقين ؛ كما ستراه مبثوثا في هذا البحث -
ولذا فالراجح في هذه المسالة جواز صيام يوم السبت في النافلة ؛ إذا شرن
بيوم قبله ؛ أو بعد
وأما إذا وافق عادة”'"» أو يوم عرفة » أو عاشوراء ؛ فلا مانع من صيامه
لفضيلة هذه الأيام ؛ وهذا هو قول اكثر أهل العلم » والله تعال أعلم .
نصيحة وتذكير :
أريد من الذين يطلبون الحق بصدق ؛ ودون تعصب لشيخ » أو مذهب ؛ أن
يسآلوا أنفسهم : السنا نأخذ ديننا من الكتاب ؛ والسنة ؛ ويفهم سلف »
وعلماء هذه الأمة ؟
فل لحل متهم قالجرمة صيام بزح ألببت في الاللة!
تلا لازم : إسناده جيد « المستدرك على المجموع » ( 178/3) ؛ وقال ابن تيميتة
صححه بعض الحفاظ « الاقتضاء » (18/9) » وقال ابن القيم : في صحته نظر «زاد المماد»
(08/1 ؛ وحسنه الألباني في « صحيح الجامع » (4407): و«صحيح ابن خزف»
(1؟ ) ؛ ثم تراجع فضعفه ؛ انظر : « الضعيفة » ( )٠١48 . وذكر الشيخ أن عبد الحق.
الأشبيلى ضعف الحديث في «أحكامه الوسطى» . ثم قال في «الإرواء » ( 175/4 : وقد
حسته في تعليقي على « صحيح ابن خزمة » (1138) ولعله أقرب فيعاد النظر 1
9 كمن يصوم الأيام البيض : ثلاث عشرة » وأربع عشرة » وحمس عشرة ؛ من كل شسهر
عمل
المقدمة
وهل فهم أحد منهم على مر هذه السنين من حديث عبد الله بن بسر: ( لا
تصوموا يوم السبت..) حرمة صيام السبت في غير الفرض ؟!
وهل يعقل أن يخفى عليهم هذا الأمر طيلة هذه المدة ؟!
ترك الإجابة لمن كان له قلب » أو القى السمع وهو شهيد !ن'"
وإتماما للفائدة فقد أضفت لهذا البحث أمورا تعلق بصيام النفل ؛ فجاء
على النحو التالي :
_١ فضل صيام النقل ( التطوع ) ٠
١ الأآيام المستحب صيامها ٠
الأيام المنهي عن صيامها ٠
؛_ أقوال العلماء في صيام يوم السبت في غير الفرض ٠
_٠ أحاديث لم تثبت في الصيام -
7 فوائد يحتاج لحا الصائم المتطوع ٠
الخاتمة . ( نسأل الله عز وجل حسنها )
والله أسأل أن يكون عملي خالصا لوجهه الكريم » وأن يجري لي أجره بعد
موتي ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :« إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله
إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ؛ أو علم ينتفع به أو ولد صالح
مراد شحرور / أبو أويس
© وأذكر أخواني بقول الميموني : قال لي أحمد بن 'حتبل : يا أبا الحسن ! إياك أن تكلم في
مسألة ليس لك فيها إمام ! « سير أعلام النبلاء » ( 908/4 )
زواه مسلم (1771) ؛ وغوه
فضل صيام النفل (التطوع
فضل صيام النفل ( التطوع )
عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ قال : أوصاني خليلي بشلاث لا أدعهن
حتى أموت : صوم ثلاثة أيام من كل شهر ؛ وصلاة الضحى ؛ ونوم
على وترا".
قال : ( من صام يوما في سبيل الله ؛ جعل الله بينه وبين النار خندقا
كما بين السماء والأرض )!".
وعن أبي سعيد الخدري _ رضي الله عنه _ قال : قال رسول الله صلى الله
اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ) !9
( من ختم له بصيام يوم دخل الجنة ) 9
وعن أبي أمامة_ رضي الله عنه _ قال : قلت يا رسول الله ! دلي على
عمل ؟ قال : ( عليك بالصوم ؛ فإنه لا عدل له) !*"
© البخاري (4 117 ده ا) » مسلم ( 1771
صحيح : زواه الترمذي (4 )١37 » والطيراني في « الكبير » (1971) © و« الأوسط »
(4لا*» 1417 » و« الصغير » ( 444) . انظر +« صحيح الترغيب » ( 0441 17617
البحاري (ه178) + مسلم ( ١١١7 ) واللفظ له
صحيح : أخرجه أحمد ( 137707) » والبزار ( 2854) واللفظ له . انظر : « صجيع
الجامع » ( 3774 ) و« صحيح الترغيب » (486)
!"© صحيح : أخرجه أحمد ( 313707 17770) » والنسائي (1371) » وابن خزكة
(1447)» وابن حبان (417©) » والحاكم )١577( . انظر : « الصحيحة » 14770
فضل صيام النفل (التطوع)
وفي رواية : ( عليك بالصوم ؛ فإنه لا مثل له)!"
عليه وسلم قال : ( الصيام » والقرآن ؛ يشفعان للعبد يوم القيامة ؛ يقول
الصيام : أي ربّ ! منعته الطعام ؛ والشهوات بالنهار؛ فضصفعي فيه +
ويقول القرآن منعته النوم بالليل ؛ فشفعني فيه » قال : فيشفعان )""
اجتهد لأحد في الدعاء قال : ( جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار ؛
يقومون الليل + وبصومون النهار ؛ ليسوا بأثمة » ولا فجار ) 7"
( قال الله : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام ؛ فإنه لي ؛ وأنا اجزي به +
فإن سابه أحد » أو قاتله ؛ فليقل : إني امرؤ صائم ! والذي نفس محمد
("© صحيح : أخرجه أحمد ( 17184) + وابن حبان ( 6475) . انظر : «لصحيح الترغيب»
ولاايصخب
صحيح : أخرحه أحمد ( 3377) » والحاكم (6+79) . انظر : «صحيح الجامع »
(3887 ) و« صحيح الترغيب » (1474)
صحيح : أخرجه عبد بن حميد في مسنده ( 1310) » والضياء المقدسي في «الأحاديث
قال المناوي في « فيض القدير » ( 348/7 ) : ( ليسوا بئمة بالتحريك ؛ أي : بذوي إم +
(ولا فحار » جمع فاحر ؛ وهو الفاسق ؛ والظاهر أن المراد بالصلاة هنا الدعاء
!* الرفث : يفتح الراء » والفاء . يطلق ويراد به الجماع » ويطلق ويراد به الفحش +
فضل صيام النفل (التطوع)
بيده ! لخلوف"" فم الصائم أطيب عند الله من ريح الك للصائم
عليه وسلم : (من صام يوما في سبيل الله بدت مثه الثنار مسيرة مائة
عام )9 .
وسلم : ( إن في الجنة بابا يقال له الريان » يدخل منه الصائمون يوم القيامة
لا يدخل معهم أحد غيرهم » يقال : أين الصائمون ؟ فيدخلون منه ؛ فإذا
دخل آخرهم أغلق ؛ فلم يدخل منه أحد ) !*"
( الخلوف : بفتح الخاء امعجمة » وضم اللام : هو تغير رائحة الفم من الصوم +
أخرحه البخاري (1805) » مسلم ١١١٠( ) » واللفظ للبخاري
قال المنذري : ومعئ الحديث : إن الصوم يستر صاحبه » ويحفظه من الوقوع في المعاصي +
انظر : « الترغيب والترهيب » ( 19 497) +
© حسن : أخرجه أحمد ( )16748 والطيراني في « الكبير » (4783) . انظر : «صحيح
"© صحيح : زواه النسائي ( 3724) ؛ والطيراني في « الأوسط » (744) 2 و« الكبو »
(187) . قال الفيشمي في « المجمع » (7/ 184) : رجاله موثقون . انظر : #صحيع
!"© أخرجه البخاري (1747) + ومسلم ( ١67 ) ؛ واللفظ له
فضل صيام النفل (التطوع)
وعن ابن عباس _ رضي الله عنهما. : أن رسول الله صلى عليه
وسلم بعث أيا موسى على سرية في البحر ء فبينما هم كذلك ؛ إذ رفعوا
الشراع في ليلة مظلمة » إذا هاتف يهتف"'"من فوقهم : يا أهل السفيئة !
نخبرا قال :( إن الله تبارك وتعالى قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه
له في يوم صائف ؛ سقاه الله يوم العطش )!" .
وفي رواية قال : ل إن الله تعالى قضى على نفسه أنه من عطش نه لله في
يوم حار ؛ كان حقا على الله عز وجل أن يروي يوم القيامة ).
قال : وكان أبو موسى يتوخى اليوم الشديد الحر الذي يكاد الإنسان يسلخ
والصيام والصدقة » والأمر والنهي )!*"
!"في «المصباح » : ( وهتف به هاتف ؛ سمع صوته وم ير شخصه )
قال المنذري في « الترغيب » ( 601/3 1 رواه البزار بإسناد حسن إن شاء الله » وال
الينمي في «المجمع » ( 187/7) : رجاله موثقونء
قال لمنذري : رواه ابن أي الدنيا من حديث لقيط؛ عن أي بردة » عن أبي موسى بنحوة.
قلت : وقد ضعفه الألباني انظر : « ضعيف الترغيب » ( 81/7) +
9 أخرجه البخاري ( 807) ؛ ومسلم ( ١ )١44 واللفظ للبخاري +
قال ابن ححر في « فتح الباري » ( 105/1 ) : والمراد بالفتة ما يعرض للإنسان مع من