احتلت البطولة مكانا متميزا في قلوب ونفوس العرب واعتبروها قوة مادية صلبة لا تتاثر.وكان لها في مخيلتهم صورا تتجلي فيها معاني الشرف والكرامة والخلق السامي العفيف ، فلم تكن " البطولة " التى تأتي من ظلم أو غدر وإنما من شهامة وإباء وشجاعة ، وقد خلد هذا المعني في أشعار العرب كما خلد في أذهانهم ، فسجلوه في قصائدهم ومعلقاتهم العشرة او السبعة او الخمسة خاصة وقد امتلأت الجزيرة بالحروب التي هي أنسب الساحات لإظهار البطولة، فإذا قرأنا أبياتهم حتما ستشتم رائحة الإعتزاز بالنفس وبالقبيلة والتفاخر بالمغازي فطالما رأينا السيف والحسام والرماح جزءا لا يتجزأ من أشعارهم .. هذه " البطولة" هي ما بحث عنه " شوقي ضيف" في الشعر العربي ، تلقفه بحاسته المميزة وأودعه كتابه هذا .حيث تتبع هذا المعني في شعر الجاهلية والإسلام وما تلاهم من عصور تمتد لتصل إلي عصورنا الحديثة القريبة العهد ..تتبع البطولة متنقلة من حروب بين قبائل العرب والفرس أو بين بعضها البعض إلي ما قام من حروب في سبيل الإسلام واعلائه ... وصولا إلي حروب الصليبين والمغول وانتهاءا بحروب العرب مع الدولة اليهودية في عصرنا الحديث ، وهو في تتبعه هذا قدم شرحا وافيا لمعناها وأحداثها مفصل ومدعما بأبيات الشعر المتنوعة بين عمرو بن كلثوم وأبو فراس الحمداني وابن مطروح ومحمود درويش وسميح قاسم ...فقدم لنا بكتابه الصغير عملا كبيرا يبعثه رسالة طالما احتاجت إليها أمة العرب ، فكانمأ أراد تذكيرها بماض تليد وأصل عتيد فيكون بمقدروها مجابهة اعدائها في الحاضر والمستقبل

---