مقدمة
ب «الأحافير»؛ أي بقايا الكائنات الحية ول يحمل
هذا الممطلح معناه المتعارف حالياً إلا في القرن
الثامن عشر
كنا ندرك أن الأحافير هي بقايا لكائنات حية
عاشت في غابر الأزمان»ء فهذا ليس سوى مرحلة
أول تعفمها مراحل أخرى فمن شأن هذه الأحافير
أن تقول لنا أكثر من هذا متى عرفنا كيف نؤّلها
الكون» إذ إن مدار الأمر فيها تطور العالم الحي وإنّه
لمسعى لا يخلو من جدوى أن نكتشف كيف وصلنا
الأحافيرتحكي لنا قصة الطوفان
حسب الكتاب المقدس!"
في قديم الزمان؛ كانت العظام المتحجّرة المتبقية
من بعض الحيوانات الضخمة تعد في معظم الأحيان
بقايا لأبطال الأسطورة؛ وخلال فترة استمرت
بعض المفكرين مؤْذِّراً على أن البحر كان يغمر تلك
المناطق في السابق؛ ثم انحسر عنها والملاحظ في
الحالتين أن ثمة إقراراً بأن الأحافير هي بالفعل بقايا
طويل قبل أن ينعقد الإجماع حول هذا الموضوع؛
الأحافي رتحكي لنا قصة الطوفان حسب الكتاب ا لقدس
فحتى في القرن الثامن؛ كان لا يزال هناك من
الدارسين من يتصور أن الأحافير هي عبارة عن
«اطرائف من صلب الطبيعة» نشأتٌ داخل الأحجار
لكن» بدأ يتراءى للناس منذ العصور الوسطى أن
الأحافير قد تكون شواهدَ على تاريخ العالم؛ على أنه
أي تاريخ يجد تجسيدّه بأحرف بارزة في القصة
الواردة في الكتاب المقدس» قصة الطوفان بوصفه
أهمٌ ما حدث على وجه الأرض مُنذ لق الكون؛
حيث شكل كارثة عظمى أدت إلى فيضان كوني
وهذا ما يفسر بوضوح وجود ار بحري وأسماك
مستحاثة حتى في أعلى القمم الجبلية؛ وكذا وجود
إذ لم يُكتب لها أن تجد مكاناً على سفينة نوح
يتضح إذن أن الأحافير تحكي التاريخ المقدس ما
النفائس النادرة التي تونث خزائن العلماء ولا
غرابة؛ ففي بداية القرن الثامن عشر» انكبٌ الطبيب
السويسري جوهان جاكوب شوشزر 100800
:50607 18800 '"' على جمع مجموعة كبيرة من
ف مؤلفات بديعة ويرى هذا الباحث أن أصدق
نحجة وأبلعٌ دليل على صحة القصة المتضمنة في
كر التكرين من الهيكل الي الأحيد بنتحانا
الطوفان من «الاثمين المساكين» (غير أن «كوفي»
,ع(ن0" سيبَين بعد ذلك ببضعة عقود أن هذا
(4) جاكوب شوشزر» 162 - 1733 طبيب وعالم طبيعة من
سويسراء عرف على الأخص بتأويله للأحافير على أنها آثار
للطوفان (نظرية الطوفان)
(3) جورج كوفيي: عالم فرنسي (1832-1769) تخصص في
الطبيعة والحيوان بعد من مؤسسي علم التشريح المقارن
وعلم الحفريات
الأحافي رتحكي نا قصة الطوفان حسب الكتاب ا مقدس
«الشخص الشاهد على الطوفان» ليس سوى
حيوان ضخم من فصيلة السمندل)
لكنّ تأويل حقيقة الأحافير على هذا النحو
هو تأويل لا يؤمن به الجميع؛ فقد لاحظ ليوناردو
دافنشي» الذي أخذ على نفسه أن يتفحص تجلياتها
أحياناً في وضعية الحياة؛ وأنه ليس مجرد حطام
إن دراسة الصخور وما تحويه من أحافير راحت
تكنسي دقة أكبر فأكبر» بحيث تَبينَ معها شيداً فشيئاً
يزال يكتنفها الغموض هو بلا شك تاريخ أطول
وأعقد ما يرويه سفر التكوين من الكتاب المقدس؛
الذي لا يغطي سوى مدة تتراوح ما بين خمسة
وستة آلاف عام حسب مفّري تلك الفترة
:11001 :8008|" وهو عالم غرف بنهمه المعرفي
وممنافسّته لنيوتن 100«ع1ا إلى القول إن الأحافير
هي بمثابة «النقود والجرّات أو معالم الطبيعة الأثرية»
التي سيتستى بها ذات يوم استعادة تاريخ الكرة
القديم ونقوده تيان تاريخ الحضارات
(6) روبرت هوك (1703-1635) : من أشهر العلماء التجرييين
أقطاب الثورة العلمية الحديثة نبغ في حقول متنوعة كالفلك
والفيزياء وعلوم الطبيعة والهندسة
الأحافي رتحكي قصة الأرض
الأحافيرتحكي قصة الأرض
إلى العهود الغابرة (حيث أقبل على استكشاف
نفسه مضطراً إلى توخي الحذر احترازاً من الرقابة
الصارمة التي كان يفرضها آنئذ علماء الإلهيات
بجامعة باريس) لقد انطلق بوفون من فكرة
كون كوكب الأرض كرةٌ تندمج مكونائها وترد
تدريجياً؛ فافقرض وجود مراحل متعافبةٌ تجد ضمنها
الأحافيرٌ محلّها من الإعراب هكذاء فمن خلال
( مرج لويس الوكلي كرتت دي بوقون» 1788-1707 كاتب
فرنسي وعالم تخصص في حقول الطبيعيات والأحياء
والرياضيات وغيرها كان لنظرياته أثر كبير في جيلين من
علماء الطبيعة أتيا بعده خاصة جيل لامارك ؟18018:01
وجيل داروين
ييدو أن هذه المناطق عرفت في الماضي مناخاً أثر
دفاً وتجدر الإشارة إلى أن بوفون كان أيضاًء أحد
تكون انقرضت تماماً؛ وهذا كلام لا يخلو من جرأة
الانقراض يتنافى في ظاهر الأمر مع فكرة كمال
الخلق الإلهي
إن مفهوم انقراض الأنواع مفهوم جوهري؛
المهم أيضاً أن نلاحظ عدم وجود عالم واحد أوحد
قبل الطوفان» بل كانت ثمة ضروب وألوان من
الوحيش والنبيت© تعاقبت قبل ظهور الإنسان
وفكرة هذا التعاقب هي فكرة أعمل النظرّ فيها
(8 الوحيش :الثروة الحيوانية؛ النبيت :الغطاء النباتي
الأحافيرتحكي قصة الأرض
العالم الألماني بلومنباخ 8100080588 في نهاية
القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر بيد
في تلك الفترة بالوسائل القمينة بتحديد أوجه هذا
التعاقب تحديدا دقيقاء حيث وضع مبادئ علم
التشريح المقارّن؛ وهي مبادئ ستتيح بيان حقيقة
الأنواع المنقرضة من خلال مقارنتها بالكائنات
الموجودة حالياً؛ علماً أن الأجزاء المكونة لأجسام
هذه الكائنات لم تتشكل بنيتّها بالمصادفة وكيفما
0 عالم ألماني تخصص في الأحياء والإنامة واهتم
بالتاريخ الطبيعي من أهم إتجازاته في محال الإناسة تحديد
مفهوم العرق لدى الجنس البشري