العاصفة
صفا الجو لسليمان بعد وفاة أخيه الوليد بن عبد الملك وانصرف الى
ما شأن الأمير؟
خنجر وعليه تاج أرى بصيص ما فيه من جوهر وهو رافع صوته بهذه
«ابني أمية قد دنا تشتيتكم . وذهاب ملككم وان لا يرجم
بعد الممات بكل ذكر صالح .يا ويله من قبح ما قد يصنم
وعجب النديم من حفظ سليمان الشعر ول يكن من اصحاب ذلك
فقال سليمان: «بعيد ما يأتي به الزمان قريب».
وما طال أمره حتى توفي وخلفه عمر بن عبد العزيز ثم يزيد الثاني ثم
هشام بن عبد الملك وامتد ملكه حوالي عشرين عاماً (1776 - 0/44
وخشي الغد وما يأني به فراح يستجلي الغيب فدعا أخاه مسلمة بن عبد
الملك ليكشف له الطالع. وغاص مسلمة في التفكير وصاح به هشام: ما
- الغد لا يبعث على التفاؤل؛ يا أمير المؤمنين
- لا أرى دولة ثابتة الدعائم» وليست ميمونة الطالع » وم يبق لنا فيها
رجاء يا أخي .
وراع هشام ما يسمع.
فتردّد مسلمة ثم قال: «أرى بحيرة تضطرب بالدم واني لأبصر بأيد
ضارعة وشفاه تطلب النصرة فلا يهفو اليها مغيث وكلما حاول منكوب ان
ينجو بنفسه من المستنقع القاني أهوى عليه سيف رهيف وطويل فيفلقه
الضفة الآمنة من البحيرة تجاهد في الخلاص وقبضت يدها على جذع
مجال الفرار.
- والى اين انتهى الفار يا مسلمة؟
- الى المغرب يا أمير المؤمئين. يعيد المجد المفقود ويؤْسّس دولة
تعادل بسئاها الدولة المشرقية
- وطلع الصباح في الحديقة على صبية يلعبون وما أبصروا الخليفة
حتى تحلقوا عليه وهم أبناؤه وأحفاده فابتسم لحم ورفع أحدهم اليه وراح
(1) - وما يروى عن مسلمة انه قال ذات يوم للشاعر نصيب: «امذحت فلانا؟؛ يعني واحذا
فاعجب مسلمة قوله فقال له: سلني.
: قد كان ذلك
«ابن من هذا يا أمير المؤمنين؟
فقال هشام: هذا عبد الرحمن ابن ولدي معاوية الذي توفي عن ثلاثة
فداعب مسلمة الغلام وهمس في اذن هشام :
«هذا هو الحارب من بحيرة الدم الحامل الى المغرب مجد الأمويين هذا
فصار هشام منذ ذلك اليوم يتعهد الصبي بالصلة في كل شهر دون
سائر اخوته
وكانت كلمات مسلمة دائمة الرئين في اذن الوليد عبد الرحمن لشهرة
مسلمة بالتنجيم
وكان هشام احول خشتاً يجمع الأموال ويعمّر الأرض ويستجيد الخيل
واقام الحلبة فاجتمع له فيها من خيله وخيل غيره أربعة آلاف فرس ولم
يعرف ذلك في جاهلية ولا اسلام. واصطنع الرجال وقوى الثغور واتخذ
القنى والبرك بطريق مكة. وفي ايامه عمل الخز فسلك الناس مذهبه ومنعوا
ما في ايديهم فقل الافضال وانقطع الرفد ولم يُرّ زمن اصعب من زمانه
وفي ايامه استشهد زيد بن علي
وكان زيد شاور أخاه أبا جعفر فأشار عليه بان لا يركن الى اهل
الكوفة اذ كانوا اهل غدر ومكر وقال له: دبها قتل جدك علي وبها طعن
عمك الحسن وبا قتل ابوك الحسين». فى الا ما عزم عليه من المطالبة
بالحق. فقال له: داني اخاف عليك يا أخي. ان تكون غدا المصلوب
بكناسة الكوفة».
وكان زيد قد دخل على هشام بالرصافة. فليا مثل بين يديه الم ير
«يا أمير المؤمنين. ليس أحد يكبر على تقوى الله ولا يصغر دون
تقوى الله .
الخلافة وانت ابن آمة.
احبيت امسكت غنه.
- ان الأمهات لا يقتعدن بالرجال عن الغايات وقد كانت ام
فأخرج من صلبه خير البشر محمد صلعم» فتقول لي هذا وأنا ابن فاطمة
وابن علي؟
. فليا قامت الحرب انهزم اصحاب زيد وبقي في جاعة
ا وحال المساء بين الفريقين فراح زيد مشخناً بالجراح وقد أصابه سهم
في جبهته فطلبوا من ينزع النصل فاتي بحجام من بعض القرى فاستكتموه
أمره فاستخرج النصل فمات من ساعته. فدفنوه في ساقية ماء وجعلوا على
قبره التراب والحشيش واجرى الماء على ذلك. وحضر الحجام مواراته فعرف
الموضع»؛ فلما اصبح مضى الى يوسف بن عمر الثقفي ودلّه على موضع قبره
وني ذلك يقول بعض شعراء بني امية يخاطب آل ابي طالب
وشيعتهم :
وكان هذا الصنيع بمثابة مسمار آخر يدق في نعش الدولة الأموية التي
اصبحت مكروهة عند الناس ملعونة مذمومة شديدة الوطأة مستهترة
بالمعاصي والقبائح .
وفي عهد هشام وصلت سارة القوطية الى دمشق تتظلم من عمها
«ارطباس». وقصتها ترجع الى الفتح العربي:
لطارق بن زياد:
فاستأذنوه باللحاق بمموسى بن نصير بأ ليؤكّدوا اسبيهم به
وساروا نحو موسى فتلتوه بانحداره الى الأندلس بالقرب من بلاد
البربر» وعرّفوه بشانهم ووقف على ما خاطبه به طارق في ذمتهم وسابقتهم»
به طارق من جيل أثرهم.
فليا وصلوا الى الوليد أكرمهم وانفذ لهم عهد طارق في ضياعهم
وضياع والدهم وعقد لكل واحد منهم سجلا وجعل لهم ان لا يقوموا
الداخل عليهم. فقدموا الأندلس وجازوا الضياع اجمع (ضياع والدهم)
غرب الأندلس فسكن لأجلها اشبيلية مقترباً منهاء
وصار «لارطباس» الف ضيعة وهو تلوه في السن وضياعه في موسطة
الأندلس فسكن من اجلها قرطبة.
وصار لثالثهم دايلة» الف ضيعة في شرقي الأندلس وجهة الثغر
فسكن من اجلها طليطلة.
بن عبد الملك
وتعديه عليها واحتجت بالعهد المنعقد لابيها واخوته على الخليفة الوليد بن
عبد الملك.
فاوصلها هشام الى نفسه واعجبه حزمها وصورتها. وكتب الى حنظلة
على منة الميراث فيا كان في يد والدها مما قاسم فيه اخوته.
فائفذ الكتاب الى عامله بالأندلس ابي الخطار بن عمه قتمٌ لا ما
عيسى بن مزاحم؛ فابتنى بها بالشام ثم قدم بها الى الأندلس وقام لها في
دفاع عمها ارطباش عن ضياعها فنال بها نعمة عظيمة. وولد له منها ولدان
بن معاوية فسألها عن احوال الأندلس فوصفتها له وخصب اراضيها وعليل
نسيمها وجودة فاكهتها وصفاء سمائها على حد قول الشاعر:
«يا حسن اندلس وما جمعت لنا . منبا من الأوطار والأوطان
تلك الجزيرة لست انسى حسنها . بتعاقب الأجيال والأزمان
نسج الربيع ناتها من سندس | موشية ببدائع الألوان
وغذا النسيم بها هائا . بربوعها وتلاطم البحران
ياحسنها والظلّ ينثر فوقها درراً خلال الورد والريجان
وسواعد الأنهار قد مدّت الى . ندمائها بشقائق اللعمان
فازداد شوق عبد الرحمن الفتى الى معرفة تلك البلاد النائية والحف
فاجابته متمثلة بقول شاعر آخر:
فكأنما تلك الديار كواكب وكأنما تلك البقاع سماء
وبكل قطر جدول في جنة. ولعت بها الأفياء والأنداء» ٠
فشطح به الخبال بعيداً وتصرّر الأندلس واسترسل في تفكيره
ورسخت في ذهنه اوصافها واشتاق للذهاب اليها ولم يكن في ذلك الحين
يعلم انه سيصبح سيد تلك البقاع النائية عن وطنه دمشق
الوليد بن يزيد
وجاء الوليد بن يزيد من فتيان بني امية فانهمك في اللهو والشراب
وسماع الغناء وكان هشام بن عبد الملك قد عزم على خلعه لا رأى استهتاره
بالمعاصي وعكوفه على الملذات وانهاك حرمات اللهء فغضب على هشام
وأضمر له الحقد ولكنه لم يكن قادراً على الاتيان بشيء في حياة الخليفة.
وما يحكى عنه انه استفتح فل في الصحف فخرج: «واستفتحوا
وخاب كل جبار عنيد». فألقاه ورماه بسهم وقال:
«تبددني بجبار عني نعم انا ذاك جبار عنيد
يزيد بن الوليد بن عبد الملك المسمى «الناقص» لانه نقص من اعطيات
أهل الحجاز ما كان قد زادهم الوليد بن يزيد. ولكنه ما لبث أن مات
واضطرب امره فمكث سبعين يوماً. وسار اليه مروان بن محمد بن
مروان الجعدي فخلعه وبويع له بالخلافة بعد حروب وفتن ووقا
واضطرب حبل بني امية والرياح الهوجاء تعصف بها فتهزها هزأً
قوياً.. فالضربات تتمبال عليه من كل جانب وكلها قاتلة والخليفة مروان
ثورة الحروزي في العراق فهبّت عليه فتنة نعيم بن ابت الجذامي في الأردن
فضرب عنقه فعلت صرخة ابي مسلم الخراساني في خراسان واظهر دعوة بني
«ارى بين الرماد وميض نار ويوشك ان يكون لها ضرام
فان النار بالعودين تذكى وان الحرب اوها كلام
فان لم يطفها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام
فقلت من التعجبليتشعري | ايقاظ أمية ام نيام؟
١ - سمي الخمار لصبره وغثاده.
فقرى عن رحالك ثم قولي . على الاسلام والعرب السلام»
هذا الداء الذي قد ظهر عندك».
فقال نصر بن سيّار لأصحابه: داما صاحبكم فقد اعلمكم انه لا
نصر عنده».
جواريه تجر مطارف الحسن الانور» فانتهرها داعرة: اغربي يا ابنة
بنصر بن سيار وقد امسك منه ابو مسلم الخراساني بالخناق؛ فكاد يصرعها .
وران عليها الشلل فرسخت في وقفتها لا تندفع في خطوة. واستبطأ مروان
انصرافها فنبض اليها متبرما بها ودفعها بجمع يديه وشفتاء تتدفقان بالقول
والله» ما اشتريت اجمل امرأة بفلس زائف ومملكتي على قضقضة وخاطري
فآنبارت كالصنم فركلها وصاح بحاجبه: ادفع عني مرأى الخبيثة
النتنة» ما انا بحاجة الى الفحش ودولتي مظلمة المحيًّا.
فانحنى الحاجب وتوارى في رفة عين.
وكان مع ما هو فيه يديم قراءة سير الملوك واخبارها في حروبها من
ترك النساء والطيب وغير ذلك من الملذات.
فقال له مروان: يمنعني منهن ما منع أمير المؤمنين عبد الملك. فقال