تفكيره هذا بآراء الشيخ محمد عبده الذي أدّى زيارة أولى إلى
تونس في سنة 1884 وكان التعالبي آنذاك صغير السنء ثم
أصدر في سنة 1896 جريدة «سبيل الرشاده المماثلة في اتجاهها
لمجلة «العروة الوثقى» التي أصدرها الشيخ جمال الدين الأفغاني
في تلك الحقبة من الزمن.
على ما كان يتميّر به صاحبه من تفكير سليم وشجاعة فائقة؛ وقد
المرحلة الثانية من حياته: تتمثل في انتماثه إلى «حركة
الشباب التونسي»؛ اعتبارا من سنة 1907 وهي حركة إصلاحية
فقد آزر الشيخ التعالبي طلبة جامع الزيتونة المعمور في
تضالهم من أجل تحسين حالتهم المادية وإصلاح التعليم الزيتوني
(1910). وساهم مساهمة فمّالة في تأسيس «جمعية الآداب»
الرامية إلى نشر التمثيل باللسان العربي الفصيح» والجمعية
كما أشرف على تحرير النشرة العربية من جريدة «التونسي»
التي أسّسها علي باش حانبة في سنة 1907. وقد كانت النشريّتان
نون الحملات الصحافية لغرس مركب النقص في أذمان
ت شملهم وإقصائهم عن ميدان التعليم.
وكان الشيخ عبد العزيز اللعالبي من أعضاء اللجنة التونسية
إلى اللجنة التي تأسست سنة 1912 لمدّ يد المساعدة إلى عملة
إبعاد الشيخ إلى خارج البلاد التونسية» فارتحل إلى فرنسا ومنها
إلى الآستانة» وأوفده «حزب الاتحاد والتري» إلى الشرق الأقصى
إلى تونس إلا سنة 1914 إثر اندلاع الحرب العالمية الأولى +
المرحلة الثالثة: تبتدىء بظهور الحزب الح الدستوري
التونسي في سنة 1919» وقد كان باعثهء بدون نزاع» الشيخ
الصباح إلى غروب الشمس» يقتبل الوفود ويزوّدها بتعليماته
ونصائحه؛ ويفتح الرسائل ويملي الجواب عليها. وتيجةً لهذا
النشاط الفيّاض» فقد انتشرت الشعّب الدستوريّة في جميع المدن
والقرى والأرياف وسرعان ما تجاوز عددها الماثة شعبة. كما قام
الشيخ» ابتداء من سئة 1919, بدعاية واسعة النطاق في فرنسا
لفائدة القضية يّة وألف كتابه الشهير «تنونس الشهيدة»
الأغلال وزجّت به ف السجن العسكري (1920). بتهمة التأمر
على أمن الدولة. ثم أفرج عنه في السنة الموالية» بعدما ثبت
براءته؛ وخرج من تلك المحنة مرفوع الرأس موفور الكرامة.
ولقد انفصلت عن الحزب الدستوري في آيامه الأولى كتلة
الخلاف تفاقم بين أعضاء اللجئة التنفيذية نفسهاء يوم ضعف
الحزب وقلّت موارده» من جرّاء سياسة التعضّف والترهيب التي
سلكها الحاكم الفرنسي (المقيم العام) لوسيان سان (10560
+«نة8). فقد كان يغض الطرف عن زعماء الحزب”" ويبطش
الفرنسية»» المعادية للشعب التونسي» يسمي الدعاة «أعوان
الدستوره ويوصي حكومة الحماية بالتتكيل بهم. وممًا زاد في
بلّة مؤازرة الجالس على العرش «محمد الحبيب باي»؛
للمقيم العام الفرنسي .
صاحب المقهى ذات يوم : ياسيّي إن الشرطة قد أعلمتني بان وجودك هنا غير
تسبّب في غلق المقهى الذي هو مورد رزقي» وأنا
أوحدثي المرحوم البشير المتهني أن الشيخ التعالبي كان يجلس في مقهى
فصولها على الصادق الزمرلي.
() قرات بجريدة دلسان الشعب» أن الطاهر الحداد حلّ يوماً بقرية رأس الجبل
فاقتبله شرطي عند نزوله من السيارة وقاده إلى مكتب شيخ القرية (العملة)؛
فقد أرسل المقيم العام لوسيان سان إلى الباي» للتوقيع
عليهاء ثلاثة معاريض (أوامر عليّة»؛ تسلب من الشعب كل
ماكان قد أحرزه من حرية القول والصحافة والاجتماع وفتح
النوادي وجمع المال» كما تنتزع من المحاكم التونسية القضايا
السياسية وتحيلها إلى المحاكم الفرنسية التي كانت تدين
التونسيّين بلا شفقة ولا رحمة. وممًا يذكره التاريخ أن محمد
الحبيب أخذ تلك الأوامر وأخفاها. وقد التمس منه المقيم العام
طلب الصاثغ من الباي إرجاع تلك المجوهرات أو دفع ثمنهاء لم
يجبهء فاشتكى أمره إلى المقيم العام. وفي الحين أدرك لوسيان
المجوهرات وأخذ باليد اليسرى المعاريض الثلاثة المشار إليها
أعلاه مختومة بطابع الباي» وقد أصبحت أوامر عليّة قابلة للتفيذ.
وأطلق عليها التونسيّون اسم «الأوامر الأثيمة».
وفي تلك الظروف الحرجة والمؤلمة من الناحية السياسية
والحزبية؛ غادر الشيخ أرض الوطن للمرة الثانية للقيام بجولة
. دعائية في المشرق ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم ©
(3) قال لي الشيخ التعالبي بنفسه ما يلي: «كان الحبيب باي يطلب مني تحرير
الرسائل ذات الأهمية إلى الحكومة الفرنسية ووعدني بأن يكون إلى جاني
لتحرير الشعب التونسي . ولما ارتقى إلى العرش أرسلت إليه نديمه وجليسه <
المرحلة الرابعة: ارتحل الشيخ خلال هذه المرحلة إلى
المشرق» حيث مكث أربع عشرة سنة بدون انقطاع» فتحزّل أل
إلى إيطاليا ومنها إلى اسطنبول»؛ يوم إقالة السلطان العثماني
بتركياء إذ سرعان ما تحوّل إلى مصر التي أقام بها سنة واحدة»؛ 8
انتقل إلى فلسطين ومنها إلى الحجاز واليمن والحج؛ حيث
العراق (1925) فأوفده الملك الحسين لحضور المؤتصر
الإسلامي بالقدس (1931) الذي سيتناول بالبحث قضيّة الخلافة.
كتابه «تاريخ الدولة الأمويّة»؛ وانتدبته الحكومة العراقية للتدريس
بجامعة آل البيت» حيث ألقى دروساً حول التشريع الإسلامي
والفلسفة والتاريخ» ومن العراق انتقل إلى الهند حيث مكث ثلاث
سنوات وألف كتاب «تاريخ الهندهء ثم تحوّل إلى الصين
وستغافورة وعاد إلى مصر ومنها إلى تونس سنة 1997
المرحلة الخامسة والأخيرة من حياته:
لقد رجع الشيخ عبد العزيز الثعالبي إلى الوطن لوضع حدّ
للانقسام الذي حصل في سنة 1994 داخل الحزب الحرّ
الدستوري التونسي الذي أنشأه سنة 1920 وحرّر قانونه الأساسي
الموعد الذي قطعه على نه
أن أتدضّل لدى المقيم العام
فلك ذلك؛ وإلا فالزم بيتك وكفى !6
بخط يده» ولإصلاح ذات البين بين شقّيه الجديد والقديم
ثم اندلعت الحرب العالمية الثانية وابتعد عن الشيخ البعض
من أصدقائه وتوف نشاط الحزب واستولى اليأس على الثعالبي.
فقد قال لي ذات يوم: «إن كان هنالك رجال آخرون فات بهم
إل لأعمل معهم!).
لقد فقد من تبقّى من رجال الحزب الدستوري القديم
النشاط والاندفاع والجسارة. وأشرف الشيخ على السبعين من
يؤمن برسالته الرامية إلى توحيد كلمة الوطنيين التونستّين؛ فلم
ينجح. والواقع أن الوطنيّة هي ملك للجميع. وقد أدى الشيخ
عبد العزيز الثعالبي واجبه على الوجه الأكمل» فله منّا بالغ الشكر
وجزيل الثناء.
لقد علّم فافاد. وخطب فأجاد» وراسله الأمراء والزعماء
واستضافته الشعوب والعظماء» فقام برسالته في سبيل العروبة
والإسلام» أحسن قيام.
قيل للطبيب القيرواني «إسحاق بن سليمان» إنه سيموت
عن غير عقب» فقال له أحد أصدقائه: دمن يخلّد ذكرك يا اب
يخلّدان ذكري».
مات الشيخ عبد العزيز الثعالبي (أكتوبر 1944)؛ وكتبه
الكثيرة والمتنعة ستخلّد ذكراه: كتاب «تاريخ شمال إفريقياه»
وكتاب «الدولة الأموية»؛ وكتاب «تاريخ الهنده. و«الرحلة
.. . لقد كسّر الأصنام ورفع عالياً راية العروبة والإسلام.
تونس في 20 مارس 1987
الدكتور أحمد بن ميلاد
الله الاجم
كلمة الناشر
لقد اعتزمنا منذ إنشاء «دار الغرب الإسلامي» نشر آثار المغفور
له الشيخ عبد العزيز الثعالبي» سواء منها ما بقي إلى الآن في عداد
لكثرة الإقبال عليه.
الشهيدة (الترجمة العربية - 1984) و (الطبعة الفرنسيّة
3- معجز محمّد كَل (الطبعة الثائية 1984).
5- محاضرات في تاريخ المذاهب والأديان 1985,
6- مقالات في التاريخ القديم» 6
ومن بين مؤلفات الشيخ التعالي المخطوطة التي يحتفظ بها
الوطني الغيور والباحث المقتدر الدكتور أحمد بن ميلاد» أمدّ الله في
أنفاسه» كتاب «تاريخ شمال إفريقياء. وقد وافانا في المدّة الأخيرة
بنسخة منه. بعدما سهر على جمع فصوله والإحالة على أهمٌ مراجعه.
المهتمّين بتاريخ المغرب العربي الكبير.
كما وعد بإمدادنا في فترة لاحقة ببقيّة المخطوطات الأخرى
جزيل الشكر والثناء؛ وقابل الله سعيه بالإحسان والجزاء الأوفى.
والله نسأل أن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير والصلاح .
دار الغرب الإسلامي