عالم الدنيا جاهل الآخرة: عالم الدنيا جاهل الآخرة هو الذي يعلم أمور معيشته
فيه عن أمور الآخرة وشؤونها والعمل لها غافل جاهل أعمى
وإذا كان العلم بالأمور الدنيوية المباحة غير مذموم على ألا يكون على حساب
الآخرة؛ فكيف بمن يمعن في تحصيل العلوم والأشياء الدنيوية المحرمة والمذمومة
فالعلم شرف لازم لا يزول دائم لا يمل؛ ومن قدر على الشريف الباقي أبد
الآباد ورضي بالخسيس الفاني في أمد الآماد فجدير بأن يُبَغْض لشقاوته وإدباره؛
السلاطين بالعزل لكفى فكيف وهو بشرطه المتكفل بسعادة الدارين؟!"
يبغض الله الجعظري الجواظ
جيفة بالليل؛ حمار بالنهار, عالم بالدنياء جاهل بالآخرة"""
وينفخ بما ليس فيه أو عنده
الجَوّاظ: هو الضخم كثير اللحم المختال في مشيته والكثير الكلام والجلبة
في الشرء؛ والجموع المنوع؛ والصيّاح والضجور والعاجز والمتكبر الجافي؛
(3) المناوي: فيض القدير 180/7
(+) صحيح الجامع الصفير؛ رقم: 1878
والفاجر والفظ الفليظ والأكول قال رسول الله كَيةٍ: «لا يدخل الجنة الجوّاظ:
السخاب: هو الصخاب؛ كثير الضجيج والخصام؛ خشبة بالليل سخاب بالنهار إذا
فلا قيام ليل ولااصلاة فجر حتى إذا ما اقترب موعد العمل هب من نومه ولبس
ثيابه على وجه السرعة وانطلق إلى عمله
الحمار: هو الذي يعمل كالحمار طوال النهار لدنياه على حساب آخرته؛ والأسوأ
من ذلك أن يعمل كالحمار لدنيا غيره على حساب آخرته حتى إذا ما جاء موعد
النوم ارتمى على فراشه كالجيفة
يبغض الله الفاحش المتفحش
قال سول الله كَةٍ: «إن الله تعالى يبغض الفاحش المتفحش»" وقال ل
«إن الله لا يحب كل فاحش متفحش"
الفاحش المتفحش: الفاحش هو المجبول على الفحش الذي يتكلم بما يكره
سماعه أو الذي يرسل لسانه بما لا ينبغي من السباب والشتائم والتعيير وبذيء
الكلام؛ ويعبّر عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة والمتفحش المتعاطي لذلك
المستعمل له وقيل الفاحش المتلبس بالفحش والمتفحسش المتظاهر به؛ لأنه تعالى
)١( تيح الجامع الصفين رقم 58717
1/6 ٠ صحيح الجامع الصفير؛ رقم: )١(
وقيل: هو كل من يعمل أعمالا شديدة القبح من ذنوب ومعاصي؛ وكل خصلة
قبيحة فاحشة من الأقوال والأفمال, وكل ما نهى الله -عز وجل- عنه والمتفحش هو
الذي يتكلف الفحش ويتعمده ومصدر الفحش الخبث واللؤم؛ والباعث على الفحش
إما قصد الإيذاء وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق وأهل الخبث واللؤم
يبغض الله السائل الملحف
قال رسول الله كة: «إن الله تعالى يبغض السائل المُْلْحفٌ"
السائل الممحف: هو المتسول الذي يُلح ويسرف في المسألة من غير اضطرار
ويكلف الناس ما لا يحتاج إليه؛ فإن من سأل وله ما يفنيه عن المسألة فقد أالحف
في المسألة؛ قال رسول الله كةٍ: «من استغنى أغناه الله؛ ومن استعف أعفه الله؛
عن الإلحاف في المسألة,؛ فقال :١لا تُّلحفوا في المسالة!"
فالإلحاح في المسألة والإلحاف فيها مع الغنى عنها منهي عنه؛ وقال رسول الله
وقال عليه الصلاة والسلام: «ما يزال الرجل يسأل الناس حتى ياتي يوم القيامة
وليس في وجهه مُزْعَةُ لحم," وفي هذا تنبيه على سوء حالة من يسأل الناس
١ 113١1 صحيح سنن الترمذي رقم: )١(
(7) صحيح الجامع الصغير؛ رقم: 14971 +
(7) صحيح الجامع الصغير؛ رقم: 73517
(4) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة؛ باب: النهي عن المسألة
(ه) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة؛ باب: النهي عن المسألة
(7) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة؛ باب: النهي عن المسألة
يوجر
يبغض الله البليغ المتخلل بلسانه'"
قال رسول الله كي «إن الله عز وجل يبغض البليغ من الرجال, الذي يتخلل
بلسانه تخلل الباقرة بلسانها,'
قال النبي كَيةٍ: «إن من أبغضكم إليّ وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون
البليغ: البليغ هو المبالغ في فصاحة الكلام وبلاغته؛ الذي يتخلل بلسانه؛ أي؛
يأكل بلسانه أو يدير لسانه حول أسنانه مبالغة في إظهار بلاغته وبيانه تخلل
الباقرة وهي البقرة بلسانهاء أي؛ يتشدق في الكلام بلسانه ويلفه كما تلف البقرة
الكلاً بلسانها لفّا وخص البقرة؛ لأن جميع البهائم تأخذ النبات بأسنانها وهي
وهو المظهر للتفصح تيهًا على الغير وتفاصحًا واستعلاء ووسيلة إلى الاقتدار
على تصغير عظيم أو تعظيم حقير أو بقصد تعجيز غيره أو تزيين الباطل في صورة
الحق أو عكسه أو إجلال الحكام له ووجاهته وقبول شفاعته
والمتشدق هو المتوسع في الكلام من غير احتياط واحتراز ويفتح به فمه؛
والشدق جانب الفم؛ فهو يتكلم بملء شدقه تفاصحًا وتعظيمًا لكلامه واستعلاء على
غيره؛ قيل: وهذا من الكبر والرعونة فالتقعر في الكلام بالتشدق وتكلف السجع
والفصاحة والتصنع فيه بالتشبيبات والمقدمات وما جرى به عادة المتفاصحين
المدّعين للخطابة كل ذلك من التصنع المذموم ومن التكلف الممقوت ومن العمل
7717/17 وعون المعبود للعظيم آبادي 147/١ وفيض القدير للمناوي ١7١-١١١ راجع: إحياء علوم الدين للغزالي ؟/ )١(
171/71 118/8 وتحفة الأحوذي للمباركفوري
(7) صحيح سنن الترمذي رقم: ١1147
الكلام التفهيم للفرض وما وراء ذلك تصنع مذموم ولا يدخل في هذه تحسين
ألفاظ الخطابة والتذكير من غير إفراط وإغراب, فإن المقصود منها تحريك القلوب
فأما المحاورات التي تجري لقضاء الحاجات فلا يليق بها السجع والتشدق
والاشتفال به من التكلف المذموم, ولا باعث عليه إلا الرياء وإظهار الفصاحة والتميز
بالبراعة وكل ذلك مذموم يكرهه الشرع ويزجر عنه قال رسول الله كَةٍ: «هلك
المتنطهون» قالها ثلاث ' والمتتطعون هم المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في
فلا ينافي كون الجمال في اللسان ولا أن المروءة في البيان ولا أنه زينة من زينة
جعله من نعم الوهاب آية أن موضع البغض ما كان على جهة الإعجاب والتعاظم
يبغض الله ثلاثة رجال
قال رسول الله كَل «ثلاثة يَشُنْوَهُمْ الله التاجر الحلاف والفقير المختال:,
التاجر الحلف: هو التاجر الذي يُكثر من الحلف أثناء البيع؛ وقد نهى النبي
السلعة إلا أنه قد ينقص أو يمحو أو يبطل بركة الريح, إما بخسارة تلحقه في ماله
)١( أخرجه مسلم في كتاب العلم؛ باب: هلك المتنطمون
(7) صحيح الجامع الصفيره رقم؛ 70174
(+) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة؛ باب: النهي عن الحلف في البيع
في غير ما يعود نفعه إليه في العاجل أو ثوابه في الآجل أو بقي عنده وحرم نفعه؛
أو ورثه من لا يحمده؛ أو غير ذلك مما شاء الله تعالى
والمراد الحلف الصادق وهو مكروه من غير حاجة فإن كان الحلق كنا فهو
ودراهم معدودة؛ وقال النبي كَكةٍ: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة؛ ولا ينظر إليهم؛
الفقير المختال: هو الذي لا مال له ومع ذلك يتكبر؛ وقد التزم معصية الكبر مع
بُمدها منه وعدم ضرورته إليها وضعف دواعيها عنده؛ وإن كان لا يعذر أحد بذنب
لكنلما لم يكن إلى هذه المعصية ضرورة مزعجة ولا دواعي متعادة أشبه إقدامه
عليها المعاندة والاستخفاف بحق الله تعالى وقصد معصيته لا لحاجة غيرها؛ فهو
قد عدم المال والثروة في الدنيا التي هي سبب الفخر والخيلاء والتكبر والارتفاع
يستكبر ويحتقر غيره؟! فلم يبق فعله إلا لضرب من الاستخفاف ب بحق الله عَالىا"
البخيل المنَّانا": البخل هو أن يمنع الإنسان الحق الواجب عليه وهو ضد
الكرم والجود قيل: أجود الناس في الدنيا من جاد بحقوق الله؛ وإن رآه الناس
)١( سورة آل عمران الآية: 177
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمانء باب: تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتتفيق السلمة بالحلف
(7) راجع: شرح صحيح مسلم للنووي ١
(+) سورة الحديد الآية: 7
(0) راجم: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ؟/١٠٠؛ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير "1/١ ؟؛ وروضة المقلاء لابن حبان
7 »؛ وكتاب الأربعين في أصول الدين للفزالي 47-47
الناس كريمًا جوادًا بما سوى ذلك والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس :وَأضل
البخل حب المال؛ وحب المال يلهي عن ذكر الله -عزوجلٌ- ويصرف وجه القلب
والمن: ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها؛ مثل أن يقول: قد أحسنت
والبخيل لنَّآن هو الذي يعطي الشيء فيمنّه بالقول أو الفعل قال الله تعالى:
من الأذى فالصدقة نفسها تبطل بما يتبعها من المنّ والأذى فما بقي ثواب الصدقة
بخطيئة المنّ والأذى كما تبطل صدقة من راءى بها الناس فأظهر لهم أنه يريد وجه
الله وإنما قصده مدح الناس له أو شهرته بالصفات الجميلة ليشكر بين الناس؛ أو
يقال: إنه كريم ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى
وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه
يبغض اللّه أربعة رجال
قال رسول الله كة: «اربعة يبغضهم الله تعالى: البياع الحلاّف؛ والفقير
وقال جَثيةٍ: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم
عذاب أليم: شيخ زان؛ وملك كذاب؛ وعائل مستكبر!"
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب: ثلاثة لا يكلمهم الله تعالى يوم القيامة ولا يزكيهم )3(
دناب اه ددايد 1
البياع الحلاف: تقدم الكلام عليه؛ وفيه أنه التاجر الذي يُكثر من الحلف أثناء
البيع وإنما أبغضة الله تغالى؛ لأنه انتهك ما عنظم الله من أسفائه وجملة سَببًا
وحيلة لدرك ما حقره من الدنيا لعظمها في قلبه؛ فبفضه ومقته؛ هذا في الحلف
الفقيرالمختال: تقدم الكلام عليه؛ وفيه أنه الذي لا مال له ومع ذلك يتكبر
وإنما أبغضه الله -عزّ وجل ؛ لأنه تعالى قد زوى عنه أسباب الكبر بحمايته له عن
الدنيا قابى لوم طبعه إلا التكبر ولم يشكر نممة الفقر
الشيخ الزاني" ': الشيخ الزاني هو الرجل الكبير السن العجوز الذي ضعفت
عنده؛ وإن كان لا يعذر أحد بذنب لكن لما لم يكن إلى هذه المعصية ضرورة مزعجة
ولا دواعي متعادة أشبه إقدامه عليها المماندة والاستخفاف بحق الله تعالى وقصد
معصيته لا لحاجة غيرها؛ فإن الشيخ لكمال عقله وتمام معرفته بطول ما مز عليه
من الزمان وضعف أسباب الجماع والشهوة للنساء واختلال دواعيه لذلك عنده
دواعي ذلك الشباب والحرارة الفريزية وقلة المعرفة وغلبة الشهوة لضعف العقل
وصفر السن ولكن أبى سوء طبعه إلا التهافت في معصية ربه
الإمام الجائرا": الإمام الجائر هو الذي أنعم الله تعالى عليه بالإمارة أو الرياسة
أو القيادة أو المنصب أو المسؤولية ونحو ذلك فأبى شوم شح طبعه إلا الجور وكفر
النعمة فالإمام راع ومسؤول عن رعيته ويجب عليه حياطة الشريعة بإقامة الحدود
1117/7 راجع: شرح صحيح مسلم للنووي )١(
174 115/١7 راجع: شرح صحيح مسلم للنووي 117/7 713/17؛ وفتح الباري للمسقلاني )7(
زوال الشمس إلى غروبهاء وذلك للجهاد في سبيل الله والمراد أن هذا القدر من
الثواب خير من الثواب الذي يحصل لمن لو حصلت له الدنيا كلها لأنفقها في طاعة
الله والحاصل أن المراد تسهيل أمر الدنيا وتعظيم أمر الجهاد وأن من حصل له
من الجنة قدر سوط يصير كأنه حصل له أمر أعظم من جميع ما في الدنيا فكيف
بمن حصل منها أعلى الدرجات, والنكتة في ذلك أن سبب التأخير عن الجهاد الميل
إلى سبب من أسباب الدنيا فنبه هذا المتأخر أن هذا القدر اليسير من الجنة أفضل
من جميع ما في الدنيا
فيل »"
ما لم » ((ما)) حرف استفهام ممناء التقرير والتوبيخ؛ التقدير: أي شيء
اثاقلتم إلى نعيم الأرض, أو الإقامة في الأرض وهو توبيخ على ترك الجهاد
وعتاب على التقاعد عن المبادرة إلى الخروج وهو نحو من أخلد إلى الأرض
الآخرة إلا بنصب الدنيا
الل علَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ »'" وهذا تهديد شديد ووعيد مؤكد في ترك النفير
ووجب بمقتضى هذه الآية النفير للجهاد والخروج إلى الكفار لمقاتلتهم على أن تكون
كلمة الله هي العليا وإلا فالعذاب الأليم هو في الدنيا باستيلاء العدو وبالنارفي
الآخرة ف وَيَسْتَبْدلَ قَوْمَاغَيْرَكُمْ» توضّد بأن يبدل قومًا لا يقعدون عن الجهاد عند
74 سورة التوبة الآية؛ )١(