5 القول علي
يريد ذكره الحافظ المذكور. وقال الحافظ عماد الدين ابن كثير الشافعي''"» وبالجملة كان-
رحمه الله تعالى- من كبار العلماء وممن يخطئ ويصيب؛ ولكن خطؤه بالنسبة إلى صوايه
كنقطة في بحر لمي وخطوه أيضًا مغفور له لما صحفي صحيح البخاري"" (إذا اجتهد الحاكم
يوخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبري). وما قاله في غاية الحسن والحافظ المذكور
ثقة حجة باتفاق» وقد ترجمه الحافظ ابن حجر بترجمة جليلة جدًا فلا التفات إلى ما نقله عنه
الشيخ تقي الدين الحصني!".
نعم كان يقول بقول الشيخ ابن تيمية في مسألة الطلاق فأوذي بسببه. ومع أنه خالف
الأئمة الأربعة في ذلك فلم يتفرد به كما هو مبين في موضعه وهو إن كان خطاً فاحشًا فلا
يوجب التفسيق فافهم. (فإن قلت) ما ذكره الإمام الحافظ ابن كثير مبني على أن الشيخ قد
بلغ رتبة الاجتهاد؛ وأتى له بهذه المرتبة؛ وقد انقطع الاجتهاد من زمان طويل؟ (قلت) قاد
نص على أنه قد بلغ رتبة الاجشهاد جمع من العلماء منهم الشيخ الإمام أبو عبد الله الذهبي!*"
)١( ابن كثير؛ إساعيل بن عمر بن كثير بن صفر بن درع القرشي البصروي الدمشقي» أبو الفذاء» عماد
الدين. حافظ ومؤرخ وفقيه. ولد في قرية من أعمال بصرى الشام سئة +١ لاه وتوفي بلمشق سنة
4 الدرر الكامئة (1/ 777 البدر الطالع ))١57/1( شذرات الذهب (171/5» البداية
والنهاية 4 374/1 الأعلام .)77١/1(
() البخاري؛ محمد بن إساعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري؛ ابو عبد الله. حبر الإسلام والحافظ
لحديث رسول الله 8 » ولد سئة 44 اه وتوفي سنة (9ه اه). تذكرة الحفاظ (؟/7؟١)؛
تهذيب التهذيب (47//4)) الوفيات (455/1)) الأعلام 4/١( 3؟).
(©) الأمام مالك» مالك بن انس بن مالك الأصبحي الحمدي» أبو عبد الله إمام دار المجرة
الأربعة عند أهل الحجرة وإليه تنسب المالكية
مولده ووفاته بالمدينة؛ ولد سئة 47ه؛ وتوفي سنة 1/4 1ه.
رأحد الأئمة
(4) تقي الدين الحصني» أبو بكر بن محمد بن عيد المؤمن بن حريز بن معلى الحسيني الحصني فقيه ورع
في اسنة (875ه). فوات_الوفيات (9/
٠4 1)» الدرر الكامنة »)١١5/4( النجوم الزاهرة (177/4)؛ الأعلام (4/5 1ع).
(5) سبق ذكرة.
(1) سبق ذكرة.
من أهل دمشق؛ ولد سنة لاه
القول الخلي 7
فيما احفظ» ولم يتفرد بمسألة منكرة قط» وإن كان قد خالف الأئمة الأربعة في مسائل فقد
وافق فيها بعض الصحابة أو التابعين؛ ومن أشنع ما وقع له مسألة تحريم السفر إلى زيارة
القبورء وقد قال به قبله أبو عبد الله بن بطة الحنبلي”'" في الإبانة الصغرى وسنذكره عن قريب
وقال الحافظ ابن حجر فيما كتبه على الرد الوافر لشيخ الإسلام الحافظ الحمام ابن ناصر
الدين الدمشقي الشافعي ما نصه: ولقد قام على الشيخ تقي الدين جماعة مرارًا بسبب أشياء
أنكروها عليه من الأصول والفروع وعقدت له بسبب ذلك عدة بجالس بالقاهرة وبدمشق»
ولا يحفظ عن أحد منهم أنه أفتى بزندقته ولا أفتي بسفك دمه مع شدة المتعصبين -:
رحمة الله- من أهل الدولة حتى حبس بالقاهرة ثم بالإسكندرية. ومع ذلك فكلهم معترف
بسعة علمه وكثرة ورعه وزهده ووصفه بالسخاء والشجاعة وغير ذلك من قيامه في نصر
الإسلام والدعاء إلى الله في السر والعلانية فكيف لا ينكر على من أطلق عليه أنه كافر بل من
الإسلام بلا ريب؛ والمسائل التي أنكرت عليه ما كان يقولا بالتشهي ولا يصر على القول بها
بعد قيام الدليل عليه عنادًاء وهذه تصانيفه طافحة بالرد على من يقول بالتجسيم والتبري منه.
ومع ذلك فهو بشر يخطئ ويصيب» فالذي أصاب فيه وهو الأكثر يستفاد منه ويترحم عليه
بسببه والذي أخطأ فيه لا يقلد فيه أي كمسألة الزيارة والطلاق بل هو معذور؛ لأن أئمة
إيصال الشر إليه وهو الشيخ كمال الدين الزملكاني'"" يشهد له بذلك» وكذا الشيخ صدر
ومن أعجب العجب أن هذا الرجل كان أعظم الناس قيامًا على أهل البدع من الروافض
والحلولية والاتحادية وتصانيفه في ذلك شهيرة وفتاواه فيهم لا تدخل تحت الحصر فيا
)١( ابن بطة؛ عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان؛ أبو عبد العكبري. عالم بالحديث؛ فقيه من كبار
الحنابلة من أهل عكبرا مولدًا ووفاة؛ ولد سنة (4 730 هع» وتوفي سنة (7:10هم. صفات الحنابلة
)١ 4/1 الأعلام (147/4).
(1) الزملكاني» عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف الأنصاري» أبو المكارم» كمال الدين. ويقال له ابن
الخطيب الزملكاني ولي قضاة صرخد ولد سنق وتوفي سنة 1فه.
() ابن الوكيل» محمد بن عمر بن مكي» أبو عبد الله صدر الدين بن المرحل. ولد بدمياط وانتقل مع بيه
إلى دمشق وأقام مدة في حلب وتوفي بالقاهرة. ولد سنة 135ه# وتوقي سنة 6 لاه
٠ القول الخلي
من تلبس بالعلم» وكان له عقل أن يتأمل كلام الرجل من تصانيفه المشتهرة أو من السنة من
يوثق به من أهل النقل فيفرد من ذلك ما ينكر فيحذر من ذلك على قصد النصح ويشي عليه
المناقب إلا تلميذه الشيخ شس الدين بن قيم الجوزية'"" صاحب التصانيف النافعة السائرة
التي انتفع بها الموافق والمخالف لكان غاية في الدلالة على عظم منزلته. فكيف وقد شهد له
بالتقدم في العلوم والتميز في المنطوق والمفهوم وأئمة عصره من الشافعية وغيرهم فضلاً عن
الحتابلة"» فالذي يطلق عليه مع هذه الأشياء الكفر أو على ما سَمَّاهِ شيخ الإسلام لا يانفت
للصواب. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل حسبنا الله ونعم الوكيل.
(وقال) شيخ الإسلام صالح بن شيخ الإسلام عمر البلقيني"- رحمه الله تعالى- فيما
كتبه على الكتاب المذكور ولقد افتخر قاضي القضاة تاج الدين السبكي!"" في ثناء الأئمة
)١( سبق ذكر
(1) ابن قيم الجوزية؛ محمد بن أبى بكر بن ايوب بن سعد الزرعي الدمشقي» أبو عبد الله شس الدين. من
أركان الإصلاح الإسلامي واحد كبار العلماء؛ تتلمذ لشيخ الإسلام ابن تيمية مولده ووفاته في
دمشق؛ ولد سنة 741ه وتوفي سنة 1دلاه. الدرر الكامنة (؟/400)) شذرات الذهب (+/
(ي) ومما وجد في كتاب كتبه قاضي القضاة أبو الحسن السبكي إلى الحافظ الذهبي في حق الشيخ تقي الدين
ما صورته وأما قول سيدي في الشيخ فالمملوك متحقق كبر قدره وزخحارة بحره وتوسعه في العلوم
الشرعية والعقلية وفرط ذكائه واجتهاده وبلوه في كل من ذلك المبلغ الذي يتجاوز الوصف
والمملوك يقول ذلك دائمًا وقدره في نفسي أكبر من ذلك وجل مع ما جمع الله له من الورع
والزهادة والديانة ونصرة الح والقيام فيه لا لغرض سواه وجريه على سنن السلف واخذه من ذلك
بالماخذ الأونى وغرابة مثله في هذا الزمان بل من أزمان انتهى من شرح الفية الحافظ ابن ناصر الدين
الدمشقي الشافعي في التاريخ له- رحمهم الله تعالى- كذا نقلته من خط الإمام ابي الطيب العلامة
الرئيس السيد صديق حسن خان أبقاه الله تعالى. كاتبه الحقير الفقير أبو الشرف محمد ابن الشيخ
(©) اليلقيني» صالح بن عمر بن رسلان البلقيني الشافعي. شيخ الإسلام؛ قاض» من العلماء بالحديث
والفقه. مصري ولي قضاء الديار المصرية سنة 8 07/-/1؟ اده ولد سئة (91لاه)ء وتوي 474
ه. الضوء اللامع (317/7)-4 ١ الأعلام .)١96/4(
القول الجلي ٠
عليه بأن الحافظ المزي”" لم يكتب لفظة شيخ الإسلام إلا لأبيه وللشيخ تقي الدين ابن تيمية
وللشيخ شس الدين أبي عمر”". فلولا أن ابن تيمية في غاية العلو في العلم والعمل ما قر ابن
يكون أبوه قريثًا له. نعم قد ينسب الشيخ تقي الدين لأشياء أنكرها عليه معارضوه وانتقصب
3 مارده :0 البدع والأهواء أو غير ذلك مما يظن به براءة الرجل وعلو مرتبته في العلم
العلماء والكبار وأهل الفضل متعين قال الله تعالى كل هَل يَكَرِي الذي
صغيرناء ويعرف شرف كبيرنا"» وفي رواية (حق كبيرنا"). وكيف يجوز أن يقدم على رمي
يكون صريحًا في تنزيهه عما نسب إليه من التشبيه والتجسيم؛ وقال القاضي عبد الله التغهني
(1للاه)» وتوفي سنة (71/ه). الدرر الكامنة (478/7)» حسن المحاضرة )١87/1( الأعلام
)١( سبق ذكره.
(1) أم يعثر له على ترجمة.
)27١/4( - ج (4 »)١ 4١ وأبو داود (245/4) اج (©444). والربيع في مسنده (371/1) -
-ح (17/1/8))» والصيداوي في معجم الشيوخ (48/1 7). والإمام أحمد في مسنده (188/7) اح
(©) أم يتم العثور على ترجمة.
٠ القول العلي
متمكنًا من إقامة الأدلة على الخصوم وحافظًا للسنة عارفًا بطرقها عالمًا بالأصلين: أصول
الدين وأصول الفقه قادرًا على الاستنباط في تخريج المعاني لا يلومه في الله لومة لاثم على
أهل البدع المخسمة والحلولية والمعتزلة والروافض وغيرهم. قال فمن كان متصفقًا بهذه
الأوصاف كيف لا يلقب بشيخ الإسلام بأي معنى أريد منه؟ قال: وإضا قام عليه بعض
من أصول الإيمان» وإنما هما من فروع الشريعة التي أجمع العلماء على أن المخطئ فيها مجتهدًا
وقال شيخ الإسلام العيني الحنفي”'؟ فيما كتب على الكتاب المذكور وما هم- أي
قلمعة وهيان بن بيان. وهي بن بي وضل بن ضل. وضلال ابن التلال. ومن الشائع المستفيض
أن الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين ابن تيمية من شم عرانين الأفاضل ومن جم براهين
الأمائل. قال وهو الذاب عن الدين طعن الزنادقة والملحدين والناقد للمرويات عن النبي سياد
على الزيغ والشقاق؛ وأم يكن بحثه فيما صدر عنه في مسألتي الزيارة والطلاق إلا عن اجتهاد
سائغ بالإنفاق والمجتبد في الحالين مأجور مشاب» وليس فيه شيء مما يذم أو يعاب قال ولا
ريب أنه كان شيحًا لجماعة من علماء الإسلام ولتلامذة من فقهاء الأنام؛ فإذا كان كذلك
وقال شيخ الإسلام البساطي المالكي!'": وأما قول من قال إنه يعني ابن تيمية كافر» وإن من
كبار المحدثين أصله من حلب ومولده في عينتاب اقام مدة في حلب ومصر ودمشق والقلس. ولد سنة
لاه وتوفي سنة # ديه شذرات الذهب 85/10 ؟)» أعلام النبلاء (ه / 5 *1)» الأعلام (0/
() البساطي» محمد بن أحمد بن عثمان الطائي» أبو عبد الله شس الدين. فقيه مالكي من القضاة ولد في
بساط من الغبية بمصر. تولى القضاء بالديار المصرية سنة 7ه واستمر 3٠ سنة لم يعزل إلى أن
مات. ولد سئة 6 9لاه)؛ وتوفي سنة 47 /ه. شذرات الذهب (170/ 45 7 الضوء اللامع (8/1)
الأعلام (ه/37).
القول الحلي 7
قال في حقه أنه شيخ الإسلام كافرء فهذه مقالة تقشعر منها الجلود وتذوب لسماعبا ال
ويضحك إبليس اللعين برها كنض ازتفرعيلا اق ادافين ت ثم يقال له لو
شرعًا عن العبدة بان كان واهيّا برح به تبريحًا يردع أمثاله عن الإقدام على أعراض المسلمين.
(قلتُ) فتأمل - رحمك الله- كلام هؤلاء الأعلام في مدح هذا الإمام» فكيف ينسب إلى
بدعة التجسيم» أو يعاب بشيء غير ذلك أو يلام.
فصل في ذكر شيء من كلام الشيخ فيما يتعلق بالعقيدة
الله به نفسه في كتابه؛ وبما وصفه به رسوله 8 من غير تحريف ولا تعطيل» ومن غير
تكييف ولا تثيل. (قلت) وتفسير كلامه أنه يجب الإيمان بجميع المتشابهات الواردة في
منهاء ولا يمثل بصفات المخلوقين كما هو مذهب السلف ومن تبعهم من الخلف. فلا يقال
يد كبدنا أو وجه كوجهنا أو استواء كاستوائنا أو نزول كنزولنا بل يداه صفته بلا كيف وكذا
وجبه وهكذا فَقِسْ في سائر الصفات والأفعال فقوله من غير تكييف ولا شثيل ينفي كل
وقال الشيخ في المجالس الثلاثة المعقودة للمناظرة في أمر الاعتقاد اعتقاد السنة والجماعة
الإيمان بما وصف الله به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف
ولا تمثيل وأن القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود والإيمان بأن الله خالق كل شيء
ورضيها؛ ونهى عن المعصية وكرهها. والعبد فاعل حقيقة والله خالق فعله وأن الإيمان والدين
قول وعمل يزيد وينقص وأن لا نكفر أحدًا من أهل القبلة بالذنوب» ولا نخلد في النار من
أهل الإسان أحدا وأن الخلفاء بعد الرسول يه أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي - رضي الله
تعالى عنهم - ومرتبتهم في الفضل كمرتبتهم في الخلافة ومن قدم عليًا على عثمان فقد أزرى
من أفعال العباد وغيرهاء وأنه ما شاء كان وما لم
"1 القول الجلي
بالمهاجرين والأنصار.
فهذه ١! بعينها عقيدة السلف والأئمة الأربعة والماتريدية والأشاعرة» إلا أن
الفوه في قوله يزيد وينقص والأشاعرة أثبتواً بعض الصفات كالسمع والبصر
وأولواً الكلام في نحو اليد والوجه وسنذكر- إن شاء الله تعالى- كلام أصحابنا في حكم
وقال الشيخ فيما نقله عنه الحافظ ابن ناصر الدين”'" في الرد الوافر ومذهب السلف
والأئمة الأربعة وغيرهم إثبات بلا تشبيه؛ وتنزيه بلا تعطيل» وليس لأحد أن يضع عقيدة ولا
الناس والجلس غاص بأهله في رجل يقول ليس إلا الله ويقول الله في كل مكان هل هو كفر أم
إيمان فاجاب على الفور من قال إن الله تعالى بذاته في كل مكان فهو مخالف للكتاب والسنة
واجماع المسلمين بل هو مخالف للملل الثلاث بل الخالق- سبحانه وتعالى- باثن من
البائن بنفسه منهاء وقد اتفق الأئمة من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وسائر أئمة الدين
أن قوله تعالى وهو معكم أينما كتتم والله بما تعملون بصير؛ ليس معناه أنه مختلط بالمخلوقات
ونحو ذلك فالله سبحانه وتعالى مع العبد أينما كان يسمع كلامه ويرى أفعاله ويعلم سره
ونجواه رقيب عليهم مهيمن عليهم بل السموات والأرض وما بينهما كل ذلك منلوق الله
غير تكييف ولا ثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل فلا تمثل صفاته بصفات خلقه ومذهب
السلف إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل. وقد سل الإمام مالك -رضي الله عنه- عن قوله
تعالوالرَحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ استّوّى) فقال: الاستواء معلوم والكيف بحبول والإيمان به
فمن كان على هذه العقيدة كيف ينسب لله الحلول والاتحاد والتجسيم أو ما يذهب إليه أهل
)١( سبق ذكره
(1) سبق ذكره
القول الجلي 1
وقال في كتاب "الرد على النصارى” وهو من كتبه المشهورة: إن الله تعالى إذا أضاف إلى
من فهم من هذه ما يختص به المخلوق قاد أتى من سوء فهمه ونقص عقله لا من قصور ي
بيان الله ورسوله؛ ولا فرق في ذلك بين صفة وصفة؛ فمن فهم من علم الله ما يحتص به
المخلوق من أنه عرض محدث باضطراب أو كتاب فمن نفس أتى وليس فوق قولنا علم الله
ثم استوى على العرش من فهم من ذلك ما يختص بالمخلوق كما يفبم من قوله تعالى فإذا
يحمل العرش وحملة العرش لم يلزم أن يكون إذا كان الفقير محتاجًا إلى ما استوى عليه الغني
كلام الله ما يدل على ما يختص به المخلوق من حاجة إلى حامل وغير ذلك. بل توهم هذا
من سوء الفهم لا من دلالة اللفظ لكن إذا تخيل المتخيل في نفسه أن الله مثله تخيل أن يكون
كعلمه وقدرته ورضاه وغضبه وما بين الأسماء من المعنى العام الكلي كما بين قولنا حي حي
وعالم عالم وهذا المعنى الكلي العام المشترك لا يوجد عامًا كليّا مشتركًا إلا في العلم والذهن؛
به ليس بينهما اشتراك ولا بين مخلوق ومخلوق. وقال في موضع آخر من الكتاب المذكور:
والذي عليه الرسل وأتباعهم ما جاء به القرآن والتوراة من أن الله موصوف بصفات
الكمال وأن ليس
الصفات ولا يدخل في صفاته ما ليس منها ولا يخرج منها ما هو داخل فيها وقال في موضع
6 القول الحلي
آخر من الكتاب المذكور مخاطبًا للتصارى أن المسلمين أطلقواً الفاظ النصوص وآتتم أطلقتم
وأنتم لم تقرنوا بالفاظكم ما ينفى ما ألبتموه من التثليث والاتحاد. وقال في موضع آخر من
الكتاب المذكور إن غلاة المجسمة الذين يكفرهم المسلمون أحسن حالاً منكم عقلاً وشرعًا
بمن هو خير من هؤلاء من أهل السنة في المسلمين الذين لا يقولون لا بتمثيل ولا تعطيل.
وقال بعد كثير من أسطر: وأما كفار المجسمة فهؤلاء أعدل وأقل كفرًا من النصارى, ثم قال
وتقول الغلاة من هؤلاء الذين يكفرهم أئمة المسلمين وجمهورهم الذين يحكي عنهم أن الله
تعالى ينزل إلى الأرض عشية عرفة فيعائق المشاة ويصافح الركبان» وأنه يتمشى في الأرض
منها الدم؛ وهذا كفر واضح فانظر - رحمك الله تعالى- إلى هذه النصوص الصريحة في تكفير
المجسمة فكيف ينسب التجسيم إلى من يكفر المجسمة قوله غلاة المجسمة وهم الذين يقولون إن
الله جسم كالأجسام وأما من قال إن الله تعالى جسم لا كالأجسام فليس بكافر عند الجمبور
بل هو ضال مبتدع.
(فصل) إذا عرفت كلامه في العقيدة مما يتعلق بالصفات فلا بأس بأن نذكر لك من
كلام غيره من السلف والخلف ما يوافق كلامه فنقول وبالله التوفيق: قال الإمام الحافظط
ذكر بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة أبي حنيفة النعمان بن ثابت
الكوني”" وبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري" وأبي عبد الله محمد بن الحسن
)١( الطحاوي؛ أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي» ابو جعفر. من صعيد مصرء تفقه على مذهب
الشافعي ثم تحول حنفيًاء رحل إلى الشام سئة 778ه. ولد سنة 774هس وتوفي سنة 7١ 7ه.
البداية والنهاية (14/11)» الأعلام -)7١5/1(
(7) أبو حنيفة؛ النعمان بن ثابت؛ التيمي بالولاء الكوفي» إمام الحنفية؛ أصله من أبناء فارس ولد ونشاً
بالكوفة. ولد سنة 80 ه وتوفي سنة ٠٠ ١ه. النجوم الزاهرة (؟/7١)) البداية والنجاية /٠١(
٠7 الأعلام (37/8).
(©) أبو يوسف؛ يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوني البغدادي. صاحب الإمام أبو حنيفة
وتلميذه وأول من نشر مذهبه ولد بالكوفة سنة ١١3 ١ه وتوفي سنة 187ه. النجوم الزاهرة (؟/