الأدباء والبلغاء» المتوفى سنة تسع عشرة ومائتين (718ه) كتاب
الصبر”'"» وهذا الإمام عبدالله بن محمد بن أبي الدنيا المتوفى سنة
إحدى وثمانين ومائتين (1/1ه)؛ أفرد الصبر بكتاب؛ والشكر بكتاب
وما زالت أقلام الأدباء والفصحاء والعلماء والوُمَّاظ لا تكاد تجف
من التأليف في هذا الباب إلى عصرنا هذا .
الإمام محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية في كتابه الذي عملت على
تحقيقه وهو : «عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين».
وقد قدمت بين يدي الكتاب بعددٍ من المباحث» وبالله وحده الإعانة
والتوفيق .
() انظر: الفهرست ص177.
المبحث الأول: اسم الكتاب؛ وضبطه:
عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين».
إلا أنه وقع في المخطوط الأصل اسم الكتاب على ورقة العنوان
هكذا: «كتاب عُدَه"'" الصابرين وذخيرة الشاكرين في الصبر والشكر».
أما النسخ الثلاث الأخرى»؛ فقد جاء اسم الكتاب فيها على صفحة
عن بِيانٍ وتوضيح لمضمون الكتاب ومحتواه» والله أعلم.
بل قد تكون لهذه الزيادة فائدة في بيان سبب وهم الحاج خليفة في
جعله هذه الجملة كتابًا آخر لابن القيم حيث قال:
في كشف الظنون 1437/1 ما يلي : «كتاب الصبر والشكر لشمس
الدين محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية المتوفى سنة 101 إحدى
مع أنه ذكره باسمه التامٌ «عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين» في
أما ما ذكره إسماعيل باشا في كتابه هدية العارفين 158/7 ضمن
مؤلفات ابن القيم بعنوان: «كتاب الصبر والسكن». وتبعه عليه جماعة
ممن كتب في ترجمة ابن القيم» منهم: أحمد غُبيدا"؛ ومحمد
الفقي”""؛ ومحمد مسلم الغنيمي”""» وغيرهم . فيظهر أنَّ كلمة «السكن»
وهذا يعني أنه هو الكتاب السابق الذي ذكره حاجي خليفة بعنوان
«الصبر والشكر»؛ وهو بالتالي «عدة الصبابريج وذخيرة الشاكرين»؛ والله
وقد يختصر العلماء اسم الكتاب فيقولون: «عدة الصابرين»
حسبُء وقد ذكر عنوان الكتاب مختصرًا ابن رجب*'» وتبعه
أما ضبط اسم الكتاب:
فقال الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد في كتابه «ابن قيم الجوزية:
حياته؛ آثاره؛ موارده»: «والمستفيض في ضبط عين (عدة) هو كسرها
في مقدمته لكتاب إغاثة اللبفان (اص؟3) )9(
(8) في ذيل طبقات الحتابلة 464/7
(ه) في طبقات المفسرين 43/7
في شذرات الذهب 176/3
انظر: التاج المكلل (ص414).
وهو ههنا بمعنى : ما وعده الله عباده الصابرين من الأجر الجزيل
والثواب العظيم. وهذا يتناسب تمامًا مع الفصل الثاني للعنوان «ذخيرة
ويصح أن يُقال: (غُدَّة) بضم العين وفتح الدال المشددة؛ لأنه يُقال
والأسباب التي بموجبها يتسلح الصابرون؛ والله أعلم!اه.
متناسب مع الفصل الثاني من العنوان» فالذخيرة هي: : واحدة الذّخائر
وهي ما لخر .
صفحة عنوان النسخة الأصل» كما سبق.
العُدد والأسباب التي بها يتسلحون» الله تعالى أعلم.
المبحث الثاني : تاريخ تأليف الكتاب:
لم أقف على نصنّ لابن القيم أو لأحد تلاميذه يحدد تاريخ تأليفه
ولم أجد ما يُساعد على ذلك أثناء تحقيقي للكتاب إلا ما كان من
نقوله عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى» التي ستأتي الإشارة
إليها في المبحث التالي .
فمن خلال هذه النقول نجزم بأن ابن القيم إنما ألفه بعد لقائه بشيخ
الإسلام والاستفادة منه.
المبحث الثالث: إثبات نسبة الكتاب لمؤلفه:
لا ريب في صحة نسبة هذا الكتاب للإمام ابن القيم؛ وذلك لأدلة
-١ نصنّ عدد ممن ترجم لابن القيم على نسبة هذا الكتاب له كما سبق
في المبحث الأول.
"- النقول التي قلت عن الكتاب تُؤكد أن هذا الكتاب الموجود بين
*- ورود نسبة الكتاب إلى المؤلف في صفحات عناوين الأصول
© النقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية بعباراته المعروفة؛ ومن ذلك قوله
في الباب السابع عشر: «أنكره شيخنا»؛ وقوله في الباب التاسع عشر:
«وهذه طريقة شيخنا»» وقوله في الباب الثاني والعشرين: «وقد سُثل
شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذه المسألة فقال؛ وقوله في الباب الرابع
والعشرين: ١وسمعت شيخ الإسلام يقول».
© التوافق والتطابق بين بعض مباحث الكتاب» ومباحث ابن القيم في
للمسائل ظاهرة في الكتاب لا تخفى.
المبحث الرابع : أهمية الكتاب:
لما كان صاحب الكتاب هو أعلم الناس بحقيقته وأهميته ومكانته؛
لذا فإن ما يذكره المؤلف من ذلك هو أولى من بالاعتماد بدلاً من
وسأنقل ما ذكره مفصلاً في النقاط التالية:
على من نصح نفسه وأحب نجاتها وآثر سعادتهاء أن لا يهمل هذين
الأصلين العظيمين» ولا يعدل عن هذين الطريقين القاصدين» وأن يجعل
سيره إلى الله بين هذين الطريقين ليجعله الله يوم لقائه مع خير الفريقين»
فلذلك وضع هذا الكتاب للتعريف بشدّة الحاجة والضرورة إليهما».
7 أن فيه «بيان توقف سعادة الدنيا والآخرة عليهما» الصبر والشكر -.
١ وكذلك فمن أهميته وجود «دقائق سلوكية على سواء السبيل؛ وذكر
أقسام الصبر ووجوهه؛ والشكر وأنواعه؛ وفصل النزاع في الت جل بين
الغني الشاكر والفقير الصابر» وذكر حقيقة الدنيا وما مَثَلهَا اللَهُ ورسوله
والسلف الصالح به والكلام على سِرّ هذه الأمثال ومطابقتها لحقيقة
8 «وغير ذلك من الفوائد التي لا تكاد تظفر بها في كتاب سواه».
والصوفية والفقهاء».
المبحث الخامس : العلوم التي حواها الكتاب:
العلوم التي حواها كتاب عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين متعددة
ومختلفة؛ كما يلوح ذلك من خلال ذكر أهمية الكتاب في المبحث
بالأسباب والعدد وما يمكن أن يدّخره السالك إلى الله والدار الآخرة؛
ليكون على أتم استعداد لمواجهة المحن والابتلاءات التي يمكن أن
يواجههاء أو ليُعرفه بما وعده الله تعالى وما أعدّه له من جزيل الثواب
وعظيم الأجر.
هذاء ولم يَخْلُ الكتاب من التطرق إلى علوم أخرى أراد بها المؤلف
تحقيق ما يذكره؛ أو تأكيد ما يرجحه؛ أو توجيه ما يخالفه؛ ساعده في
ذلك سعة علمه؛ وكثرة اطلاعه» ودقيق فهمه واستتباطه.
7 فتجد في هذا الكتاب من دقائق التفسير وفهم التنزيل» ما لا تجده في
فانظر في الباب الثالث والعشرين قول المصنف: «وقد حام أكثر
المفسرين حول معنى هذه الآية وما أوردواء فراجع أقوالهم تجدها لا
تشفي عليلاً ولا توي غليلاً؛ ومعناها أجل وأعظم مما فسروها
به. .0». وراجع فهرس الآيات التي فسرها المصنف.
.731//4 قاله الصفدي في مدحه لابن القيم في ترجمته من أعيان العصر )١(
٠ وفيه من فقه السنة وتفسير الأحاديث والاستنباط منها مالا يكاد يوجد
وخير الذكر الخفي»» قال: «وتأمل جمعه في هذا الحديث بين رزق
القلب والبدن» ورزق الدنيا والآخرة وإلخبارة أن خير الرزقين ما لم
صاحبه الرياء والتكبر به على الغافلين» وكذلك رزق البدن إذا زاد على
المؤلف راجع الفهارس.
© - وفيه من علوم الحديث طرفٌ لا بأس به من تصحيح أحاديث
وتضعيف أخرى. وانظر في ذلك فهرس الأحاديث التي صححها أو
9 كما حوى الكتاب بعضًا من مسائل الفقه مُستدلاً لها بالدليل .
7 كما ذكر فيه مؤلفه بعض مذهب السلف في التوحيد والعقيدة «فذاك
ل َتُ الخادر ودخل وخرج؛!".
١ وبعض مسائل العربية؛ التي تدل على سعة اطلاع المؤلف ومعرفته
بهذا الفن» كيف لا وهو الذي «تبحر في العربية وأتقنهاء وحرر قواعدها
717/4 قاله الصفدي في أعيان العصر )١(
المصدر السابق. ©