0 جهود علماء الأتحلس في الصراع مم النحاريى
النصارى بشتى الوسائل .
ولم يكتف علماء الأندلس زمن المرابطين والموحدين بالدعوة إلى
الجهاد بالأقوال الجردة » وهم يمنأى عن ساحات الرغى ؛ وميادين الققال +
بل أتبعوا ذلك بتطبيق واقعي لما يدعون إليه » فشاركوا هم وغيرهم من حملة
الأرواح؛ وباعوا فيها الأنفس ؛ نصرة للدين » ودفاعاً عن المسلمين ؛ وقد
كتب لبعضهم القتل في سبيل الله » وتعرض بعضهم لذل الأسر ؛ وجاهدت
فعة ثالثة وعادت سالمة لتستأنف القيام بمسؤولياتها ؛ ولتمارس مهامها الملقاة
على عواتقها تجاه الجماعة الإسلامية في الأندلس .
ومن جانب آخر فإن جمعاً من رجال العلم في الأندلس كان لهم أثر
في النفقة لمصلحة الجهاد ضد النصارى كتجهيز الغزاة ؛ وإصلاح أسرار
بعض المدن المتعرضة للغارات » أو فك الأسرى المسلمين ونحو ذلك » فأنفقرا
ركان من المتوقع أن تتعاظم مسؤولية العلماء في بحال الصراع ضد
التصارى في السنوات الي ضعف فيها حكم المرابطين أو الموحدين في
الأندلس. ففي تلك السنوات العصيبة من حياة الأمة اجتهد المخلصون منهم
للوقوف في وجه الزحف النصراني المتدافع نحو الأراضي الإسلامية ؛ فشولى
بعضهم زمام السلطة في بعض المدن بعد أن بويع من قبل أهلها ؛ وقام
من العلماء قامت يجهود ملموسة لتلاني التفكك المريع الذي ضرب بأطنابه في
المقدمة هج
الأندلس حين اضمحلت دولة الموحدين .
ولم تقف جهود هؤلاء العلماء عند هذا الحد وكفى ؛ بل ظهرت
أكثر في أثناء حصار التصارى للمدن الأندلسية ؛ إذ قامرا بالسعي في طلب
النجدة من عمال الدولة المسيطرة على الأندلس ؛ أو من أهل المدن القربية
منهم ؛ وذلك عن طريق بعث الرسائل إليهم ؛ أو بالاتصال المباشر بهم +
كما أنهم لم يقتصروا على طلب المساعدة من داخل الجزيرة الأندلسية » بل
اضطروا في وقت من الأوقات إلى طلبها من الخارج ؛ وبخاصة من أهل
العُدوة المغربية
وحينّ آستنفذ العلماء شتى السبل لإنقاذ المدن من الخطر النصراني »
وأعيتهم الحيل لم يخنسوا عن المراجهة ؛ ويركنوا إلى الراحة ؛ فضلاً عن
الفرار إلى مدن آمنة ؛ ولكنهم لبثوا مع الداس يحرضون على قتال العدو »
والصبر على مدافعته حتى النهاية » فلا تكاد تسقط مدينة من المدن الأندلسية
إلا وتجد بعض العلماء من ضحاياها سواء من القتلى أو الأسرى . أما من
سلم منهم من القتل وأطلق سراحه من الأسر فقد عاش أكثرهم - بقية عمره
- يجول في البلاد يسدي النصح للمسلمين » ويحذرهم مغية الخلاف » وعاقبة
الشقاق » ويدعوهم للحفاظ على ما بقي من أراضٍ إسلامية في الأندلس أولاً
ولعلماء الأندلس في عصر المرابطين والموحدين نشاط من نوع آخر لا
يقل في أهميته للأمة وبقائها عما ذكرنا سابقاً - وهذا النشاط يتمثل في
التصدي للحملات النصرانية الفكرية المضادة للإسلام وما يرتبط بها سواء
3 جعودعلماء الأندلس الصراع مم النصاريى
أكانت بالمشافهة أر بالكتابة . فالنصارى إبان هذا العصر دعموا حروبهم
العسكرية السافرة ضد مسلمي الأندلس بما يمكن أن نسميه حرباً فكرية +
تشكيكهم في دينهم ؛ وإدخالمهم في الدين النصراني ؛ كما لجأت فئة من
رجال الدين النصارى إلى ترجمة القرآن الكريم والكتب الإسلامية للرد عليها
عاتقها تأليف كتب ورسائل تهاجم فيها عقيدة الإسلام وأحكامه وشرائعه
ورسوله و4 » بلهَ اللغة العربية لغة هذا الدين وأهله . ولمواجهة هذا التحدي
محكماً ؛ سواء بالللسان مباشرة أو في داخل كنب غامة ككتب التفسير
والفقه والفتاوى وغيرها » أو في كتب خاصة لم يؤلفها أصحابها إلا من أجل
بيان تهافت تلك الشبهات الي أثارها أولفك النصارى +
ولقد قام عدد من العلماء والمفكرين في ذلك العصر من خلال
دروسهم وخطيهم ومؤلفاتهم بجهد مشكور في بحال تميز الجماعة الإسلامية
وتحذيرها من عاقبة التمادي في الانحراف عن تعاليمه .
وهكذا نرى جهود علماء الأندلس في ميدان الصراع ضد النصارى
خلال عصر المرابطين والموحدين متعددة الجوانب ما بين حرص على وحدة
البلاد » وتأييد للحكام الذين رأوهم جديرين بحكم تلك البلاد ؛ وسعى
للإتصال بالقوى الإسلامية لمساعدة المسلمين في الأندلس إذا لزم الأمر +
ودعوة للجهاد ومشاركة فيه بالأنفس والأموال » وتصدٍ للحملات الفكرية
المضادة للإسلام ؛ ومحاربة لأية عادات وتقاليد غريبة عن المجتمع الإسلامي +
لعل العرض السابق أعطى فكرة موجزة عن الموضوع وبالعالي
اتضح - ولو بصفة بجملة - أهمية دراسته وال يمكن إبرازها في النقاط
- إنه يدرس صراع المسلمين في الأندلس ضد النصارى من منظور
جديد يختلف عن الدراسات المعروفة الي تناولته - فحسب - من خلال
النصرانية .
- إن دراسته تقدم لنا نماذج لرجال من مجتمعنا الإسلامي ساروا وفق
تعاليم دينهم » وعاشوا حياتهم من أجل نصرته والدفاع عن بيضته ؛ تارة
بالسنان » وأخرى باللسان » وثالثة بالأموال ؛ أو بذلك جميعاً . هذه التماذج
الي كادت أن تغيب عن أذهان الباحثين في تاريخنا الإسلامي بعد الصدر
الأول» وذلك في غمرة اهتمامهم بالحديث عن قيام الدول الإسلامية
وسقوطها ؛ والخلافات بين زعمائها ؛ والإشادة بمآثر حكامها وقوادها .
بشكل عام بين الأحداث السياسية والنواحي الحضارية ؛ فكلا الأمرين
البحث التاريخي ؛ وعدد من المورخين للوصول إلى أقرب تصور بمكن
للحقائق التاريخية ؛ ومن ثم قطف الثمرة المرجوة من دراسة التاريخ +
- كذلك فإنه يعرض للأدواء المستشرية في كيان الجتمع الأندلسي
ببعض الأسباب الحقيقية الكامنة وراء سقوط الأندلس » خصوصاً إذا كان
ذلك التشخيص صادرا من علماء الشرع العارفين بسن الله تعالى الثابتة
حول رقي الأمم وانحطاطها .
- وفي دراسة الموضوع -أيضاً- تعرف على جانب من وضع
المسلمين الذين وقعوا - بُعَيْدِ سقوط مدنهم - تحت السيطرة النصرانية في
وقت كان للمسلمين دولة في الأندلس ؛ وهو جانب لم يحظ بأهتمام
الباحثين في التاريخ الأندلسي - فيما أعلم .
- وني التعرض لجهود علماء الأندلس في الرد على الحملات الفكرية
النصرانية المضادة للإسلام خلال هذه الدراسة كشف لبعض الأساليب غير
العسكرية الي سلكها النصارى لاستعصال شأفة هذا الدين من الأندلس +
وإحلال النصرانية محله » لا سيما ونحن المسلمين اليوم أحوج ما نكون إلى
تفهم مثل تلك الأساليب » وإدراك أبعادها ؛ أو حتى لفت الأنظار إليها في
ظل هذا الاندفاع التنصيري على شعوب إسلامية كثيرة في آسيا وإفريقيا
وشرقي أوريا .
- ومما يكسب الموضوع أهميه أن دراسة أعمال أولتك الأعلام الذين
المقدمة )0
جاهدوا في الله حتقى جهاده » وقضوا زهرة حياتهم في مواجهة أعداء العقيدة
الإسلامية اتجاه بالغ الأهمية في عصرنا الشاهد ؛ إذ فيه استنهاض لهمم
المشخنة بالجراح » وال لا ينى أعدازها في توجيه الضربات القاتلة إليها كلما
وجدوا نهزة ؛ أو سنحت لحم فرصة .
قبل أن اتجاسر على دراسة هذا الموضوع استفرغت المجهود ؛ وبذلت
الوسع للتأكد من كونه لم يدرس دراسة علمية منسقة ؛ فقرأت ما وقع تحت
اليد من كتابات حوله » وتصفحت ما تيسر من فهارس مهتمة برصد عناوين
رسائل الماحستير والدكتوراه في تاريخ الأندلس وحضارتها ؛ واتصلت
بالمتخصصين فظهر - بعد كل هذا - أن نشاط رجال العلم في الأندلس ضد
القوى النصرانية إبان عصر المرابطين والموحدين لم يحظً بدراسة جامعة
في التاريخ الأندلسي مع أنهم درسرا هذا العصر بجوانبه السياسية والحضارية
وأثروه بكتابات محكمة إلا أن كتاباتهم في غالبها جاءت مرتبطة ارتباطاً
وشيحاً بالنظام الرسمي الحاكم للأندلس المتمشل فتزة بدولة المرابطين وفتزة
تالية بدولة اللوحدين . ولذا فإنهم لم يعنوا بنشاط رجال العلم في الصراع مع
النصارى الذي ما هو إلا ميدان واحد فقط من الميادين المتعددة الي كان
هؤلاء الرجال يجولون في مناكبها » ريشاركون بالعمل فيها . ومع ذلك كله
فلا أنكر أن عدداً من المؤرخين والكتاب قد مسوه مسا خفيفاً في معرض
حديثهم عن الأحداث السياسية أو النواحي الحضارية في مؤلفاتهم
)0 جهود علماء الأندلس في الصراع مم النحارى
أو رسائلهم الجامعية أو أبحاثهم المكتوبة عن المرابطين والموحدين .
المرسوم ب " شيرخ العصر في الأندلس " والذي درس فيه مشيخة العصر عند
الأندلسيين » حيث كان أهل العلم في الأندلس في كل جيل يخشارون شيخاً
ممن عرفوا بالصلاح والتقوى والإخلاص للعلم » فيتخذونه إماما لحم دون أن
يحفزهم على ذلك سلطان أو طمع » فيكون هذا الشيخ : المتكلمّ باسم
الجماعة الأندلسية » الذاب عن حقوقها ؛ الَفُرَع لها - بعد الله تعالى - عند
حلول الأزمات . ولما كان المؤلف قد درس هذا التقليد من الفتح حتى نهاية
عصر الموحدين فإنه تعرض لشيخ كل جيل في الفنزة الي قمت بدراستها ؛
ومن الباحثين من أشار أثناء حديئه عن الجهاد الحربي ضد النصارى
في عصري المرابطين والموحدين إلى مشاركة بعض العلماء في عدد محدود من
المعارك الي تعرض لحا ؛ واكتفى في أحايين كثيرة بذكر أسمائهم فقط دون
تعليق » ومن هؤلاء الباحثين الأستاذ محمد عبد الله عنان في العصر الثالث من
موسوعته ٠ دولة الإسلام في الأندلس ٠ بقسميه الأول والشاني » والدكتور /
العلمية في الأندلس في عصر الموحدين ٠ أعطى أمثلة للعلماء المساهمين في
الجهاد ضد النصارى إبان عصر الموحدين .
العلماء في الجهاد الإسلامي ضد النصارى » وذلك بإشارات عابرة وسريعة
ضمن أبحاثهم ودراساتهم الأندلسية .
وصفوة القول أن ما ورد عن الموضوع في المولفات والأبحاث الأندلسية
الحديئة لا يعدو أن يكون نتفاً متفرقة » أو تلميحات مبعثرة ؛ أو تعليقات
تمس فقط مشاركة العلماء بأنفسهم في الجهاد الحربي ضد القوى النصرانية.
هيكل البحت :
ولدراسة الموضوع دراسة علمية منظمة ؛ مُلمة بجوانبه كلها ؛ مغطية
محترياً على تمهيد وفصول خمسة وخاقة .
فحيث أن الموضوع يستغرق في زمانه عصري المرابطين والموحدين +
وينحصر في مكانه على الأندلس» ولا يُعنى إلا بجانب الصراع مع النصارى»
ولا يتعرض إلا لنشاط فئة واحدة من فئات مجتمع مسلمي الأندلس في ذلك
الصراع - أعي العلماء - حيث أن ذلك كذلك فقد كان من الضروري أن
يتقدم الدراسة تمهيدٌ يُعَرّف باختصار بأوضاع الأندلس السياسية في ذلك
فبدون هذا التعريف المختصر تبقى خلفيات كثير من الأحداث والقضايا
الواردة يي فصول الكتاب غير واضحة + وقد حرصنًا أن تركز عند التطرق
للأوضاع السياسية على اهتمام الحكام المرابطين والموحدين بشؤون بلاد
الأندلس » وبالأخص في حقل الجهاد العسكري ضد القوى النصرانية .
)0 جهودعلماء الأندلس في الصراع مع التحاري
أما الأحوال العلمية الي ترتبط بالعلماء المشاركين في الصراع المضاد
تطور أو تغيير في الحركة العلمية في الأندلس زمن المرابطين ثم الموحدين .
وأتى الفصل الأول بعنوان : ٠ العلماء المشاركون في الصراع مع
النصارى ومنزلتهم العلمية والاجتماعية ٠ فلقد كان من غير المناسب دراسة
المناشط المختلفة للعلماء في ميدان الصراع ضد النصارى دون التعرف عليهم»
والوقرف على أحوالهم ؛ ولذا احتوى هذا الفصل على أربعة مباحث ؛ أفرد
أولها لمعرفة ملامح حياة مشاهير هؤلاء العلماء خلال عصر الدراسة كله »
وتناول المبحث الثاني المكانة العلمية - بشكل عام - للعلماء المشاركين في
الصراع ضد النصارى » كما عالج المبحث الثالث منزلتهم الاجتماعية » ثم
اختتم هذا الفصل بالمبحث الرابع الذي يتمم المباحث السابقة » وهو أثرهم
العلمي في المجتمع الأندلسي .
أما الفصل الثاني فقد تعقب تحركات العلماء السياسية المتصلة
بالمجابهة مع العدو النصراني » فكان عنوانه ٠ أثر العلماء السياسي في مراجهة
التصارى» وقد أيرز - أولاً - نشاطهم المتضوع في دعوة الناس إلى بجاهدة
ذلك العدو » ثم درس - ثانياً - ما نسب إليهم من أقوال وأعمال في سبيل
إيقاء الأندلس في عصر الدراسة متوحدة الكلمة » متزابطة الأجزاء أمام الخطر
النصراني . وبعدها تتبع - ثالشاً - أثرهم السياسي وقت اضمحلال دولة
الموحدين والذي تمثل بالاستتجاد بالدولة الحفصية في المُّدوة المغربية لمحاولة
استتقاذ البلاد من زحف الجيوش النصرانية عليها .