بمثة إلق لط
الأوربية ذات الأطماع الاستعمارية تتنافس على مد نفوذ لها على
أجزاء منها؛ خاصة في سواحلهاء لتؤمن طرق مواصلاتها إلى
مستعمراتها في شرق آسيا وجنوبها. وقد بدا ذلك التنافس في القرن
العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي. وكان لبريطانياء آخر
الأمرء قصب السبق فيه؛ إذ أصبح لها نفوذ كبير في سواحل الخليج
العربي وجنوب الجزيرة العربية . ثم ازدادت أهمّية الجزيرة العربية؛
بطبيعة الخال» إثرتدفق النفط من أعماق أراضيهاء واكتشاف أنها
ذات احتياطي هائل منه .
وللمملكة العربية السعودية» بالنسبة لجزيرة العرب» مكان
المكرمة والمدينة المنوّرة مهدي الحرمين الشريفين» وكونها ذات قيادة
لها جذورها الممتدة إلى أكثر من قرنين ونصف القرن ولها تاريخها
السياسي الواضح ؛ نهجاً وتطبيقاً . وبالإضافة إلى ماسبق فقد منحها
الله من الشروة النغطية بالذات ما ساعدها على تحقيق تقلم في جميع
جوانب حياة شعبهاء والإسهام بنصيب وافر في دعم العرب
ومنذ أن قامت أول دولة سعودية؛ متبنيّة دعوة الشيخ محمد بن
عبد الوهاب الإصلاحية» والكتابات عن قادة آل سعود تترى»
باختلاف الكتاب والمتحدئين؛ قدرة واتجاهاً. على أن كل كتابة يكن
أن تعين المؤرخ في عمله؛ وكل حديث يمكن أن يساعده في تحليله.
ومقارنته بين الكتابات والأحاديث المختلفة أحرى بأن تيس له طريق
ولفيلبي - والحديث عنه سيأتي فيما بعد - مواهب متعددة؛
وجهود كثيرة متشعّبة . لكن ما يأتي في الدرجة الأولى من الاهتمام»
ومجتمعاً. وللمرء أن يقول بدون تحفظ : إنه فاق غيره في هذا
عن البعشة التي رأسها إلى نجدء عامي -١3776 777١1ه/
1414-17م» أول كتابة يدوّها عن الملك عبد العزيز والبلاد
تقويم .
وكنت قد ترجمت ذلك التقرير - بتوجيه من صاحب السمو الملكي
الأمير سلمان بن عبد العزيز - قبل عامين تقريباً. ولاشتماله على ما
قد يفيد المؤرخ والقارئ أصبح لنشر تلك الترجمة ما يبرره . على أني
رأيت من المستحسن أن أَقَدُ لنص ذلك التقرير المترجم بلمحة
تاريخية عن المملكة قبل كتابة فيلبي تقريره المشار إليه؛ ثم بحديث
بعثة إل ند 7
الضروري - أن أعلّق على ما يحتاج إلى تعليق من ذلك التقرير؛
لهاء
ويسعدني» هناء أن قد الشكر الجزيل لأخي اللواء عبد الرحمن
ابن عبد الله المرشدء قائد كلية الملك عبد العزيز الحربية» الذي
توصت بمساعدته إلى معرفة الرموز العسكرية الواردة في التقرير»
كما يسعدني أن أعبّر عن تقديري لزميلي في العمل الأستاذ الس
مساعد الخليفة ما قام به من طباعة هذا العمل على جهاز الطباعة.
وإني لآمل أن يجد القارئ الكريم في العمل الذي بين يديه ما يشفع
لمن قام به من تقصير .
قبول لدى كثير من القراء؛ وأن أشكر» بصفة خاصة» شيخي حمد
واللّه ولي التوفيق
عبد الله الصالح العثيمين
لمحة تاريخية
للحكم السعودي» الذي ترج بقيام المملكة العربية السعودية على
يد الملك عبد العزيز - رحمه الله - جذوره التاريخية الممتدة إلى
منتصف القرن الثاني عشر الهجري» الثامن عشر الميلادي''". وكانت
بدايته تلك المبايعة التي شت في الدرعية بين الأمير محمد بن سعودء
والشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة /61١١ه/ 11744م. وتتكو
المملكة الحالية من مناطق متعدّدة كان لكل واحدة منها ظروفها
السياسية الخاصة قبل قيام الحكم السعودي .
كان الأشراف الحسنيون قد وصلوا إلى الإمارة في الحجاز مع بداية
القرن الرابع الهجري. وظلّت الإمارة في أيديهم قروناً؛ وإن انتقلت
من فرع إلى آخر مع مرور السنين. وكانوا يدينون بالولاء للدول
وفي عام 477ه/ 1017م أصبحت الحجاز تابعة رسمياً للدولة
العثمانية وظل الأشراف يتولُون إمارتها وشؤونها الداخلية. وقد ما
ولكن الزعماء المحليين ذ في السراة بالذات كانوا يتصركون بصفة
أفراد من نسله يتوارثون إمارتها إلى أن وليها محمد بن سعود سنة 4 117ه// 1777م
وأصبح نسله حكام البلاد
مستقلة إلى درجة كبيرة. وكان يتزعّم جازان - خلال القرن الثانفي
عشر الهجري - أناس من الأشراف الذين انفصلوا عن بني عمومتهم
في مكة؛ كما كان لنجران رؤساؤها المحليون؛ وفي طليعتهم
المكارمة؛ الذين لزعامتهم صبغة دينية!'". وكانت منطقة الأحساء
والقطيف تحت حكم آل حُمَيْد زعماء قبيلة بني خالد» الذين انتزعوا
أما منطقة نجدء التي تَثل قلب جزيرة العرب ومنطلق الحكم
بلدة فيها إمارة مستقلة عن غيرها متنازعة؛ في بعض الأحيان» مع
أشراف الحجاز على القيام بغزوات لبعض بلدانها وقبائلها في النصف
الثاني من القرن العاشر الهجري والنصف الأول من القرن الذي
تلاه؛ كما شجع زعماء بني خالد على بدء غزواتهم لها بعد استتباب
الأمور لهم في الأحساء والقطيف. ولم تكن الغزوات الشريفية أو
)١( لزيد من التفصيل يمكن الرجوع إلى مادونّه كاتب هذه السطور في كتابه : تاريخ المملكة
(1) من الواضح أنهم استولوا على إقليم الأحساء حوالى سنة 77١١٠هء لكن استكمالهم
الاستيلاء على كل منطقة الأحساء والقطيف كان كما ذكر في المتن. انظر عن ذلك
عبدالكريم المنيف؛ بنو خالد وعلاقتهم بنجد *7*/8-1078١ه الرياض» 4٠١ 1ه ص
الإمارات المشهورة فيها إمارة آل معمّر في الع وإمارة آل سعود في
الدرعية ولعل من غريب الصدف أن نشأة كل منهما كانت في سنة
بعيم/ تلم" . وكانت الأولى أقوى إمَّارة نجدية في عهد
عبدالله بن محمد بن معمّرٌ المتوفى سنة 8 117ه/ 1116م" . أما
الثانية فأصبحت» في عهد الدولة السعودية الأولى لى؛ أعظم دولة
شهدتها جزيرة العرب منذ صدر الإسلام؛ تبت لعقيدة التوحيد
كان ذلك هو ما وصلت إليه الأوضاع السياسية في مناطق البلاد
المختلفة خلال النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري. وما
غلبة الجهل في الجتمعات الإسلامية. ولم تكن جزيرة العرب
مختلفة؛ بصفة عامة» عن غيرها من الأقطار في تلك الأمورء وإن
هيا الأسباب وبِدٌ الأحوال.
(1) عشمان بن بشرء عنوان للجد في تاريخ نجد؛ طبعة وزارة المعارف الشانية» الرياض+
41 اهاج ص ص 140-144
(2) المصدر نفس ج١١ ص777.
(4) عن تلك الأوضاع يمكن الرجوع إلى العشيمين. تاريخ المملكة. 6٠ ج1١ ص ص
رك ول افعلاة
مع بداية العقد الخامس من القرن الثاني عشر الهجري كان الشيخ
محمد بن عبد الوهاب (3-1116 2 17ه/ “07 /47-11/ا1م )ل
عاد إلى نجد من أسفاره خارجها؛ مسلَّحاًبسلاح العلم الوافر» وعزيمة
وحده؛ ومحاربة البدع والخرافات بأنواعها» وتطبيق الشريعة في كل
جانب من جوانب الحياة . ويه من أيّده في الأصول العامة للدعوة؛
العيينة؛ مسقط رأسه؛ بعد أن قبل أميرها عثمان بن مُعمر دعوته.
يدعو إليه . فقام هو وأنصاره بإزالة كل مظهر لا يق مع أصول الدين
وعقيدة التو حيد . وكان ذلك التطبيق للدعوة مما كتف جهود معارضيه
من العلماء امحليين» لكن جهودهم لإيقاف مدٌدعوته فشلت.
فاستنجدوا بالعلماء غير التجديين للردعليه. غير أن كتابات هؤلاء
المنجدين ضده فشلت؛ أيضاً؛ في تحقيق أهدافها. لذلك لجا
المعارضون له من النجديين وغيرهم إلى الزعماء السياسيين يحتونهم
على وضع حدلتلك الدعوة؛ مدّعين أنها خطر على عقائد الناس»
)١( كانت وفاته آخر يوم من شوال سنة 7+ 7١ه. حسين بن غنَّام؛. روضة الأفكار والأفهام
لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام» طبعة أبابطين» القاهرة 18 1١هف
جص 154 . ويوافق هذا 1/18/ 1247م
ابن محمد» زعيم بني خالد حاكم الأحساء والقطيف» فهدّد ابن
َُمَر إن لم يتخل عن مساندة الشيخ محمد . وخاف ذلك الأمير من
تهديده؛ فأخبر الشيخ بأنه لا يقدر على حمايته؛ وأن عليه أن يرحل
وعندما أدرك الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنه لابد من الرحيل عن
البلدة التى شهدت أو تطبيق لدعوته رأى أن الدرعية أنسب مكان
في الازدياد؛ يوضّح ذلك صدُها لحملة بني خالد عليها سنة
١ه وتفكيرها في مهاجمة العييْنة بعد ست سنوات من ذلك
سئة 1151 هلا "» وامنتقرار الأمور قيهالمحمد بن سعود الذي تولى
بزعامة بني خالد لم تكن حسنة» فتعاطفهم مع من حاربته تلك
الزعامة أمر مرجّح . لكن ما هو أهم من ذلك كل أن دعوة الشيخ
محمد كانت قد لقيت قبولاً لدى عدد من الشخصيات البارزة في
الدرعية. وفي طليعة هؤلاء إخوة أميرها» محمد بن سعودء وابنه
عبد العزيز» وآل سيل .
)١( ابن بشرء ج7١ ص ص !؟؟ و741-
بعثة إل ند
أساس التوحيد في بعديه الديني العقدي؛ والسياسي الوطني”''؛ هي
الدولة السعودية الأولى .
ولقد شهد العامان الأولان من عمر الدولة السعودية الناشئة
انضمام عدد من البلدان النجدية إليها بطريقة سلمية. وفي مقدّمة
في المنطقة لصالحهاء وهيَّها لدخول مرحلة جديدة ذات طابع
عسكري مع خصومها؛ وهي أكثر ثقة وأملاً. على أن مجابهتها مع
أولئك الخصوم كانت طويلة وشاقة. ذلك أن التفكك السياسي»
مشاعر الاستقلال» أو كراهية الاندماج والوحدة» في نفوس كثير من
الأمراء والزعماء . ومن هنا لم يكن غريباً أن استغرق توحيد قادة تلك
الدولة لأقاليم نجد أكثر من أربعين عاماً.
ولقد كان من حسن حظ الدولة السعودية الأولى أن الخلاف قد
نشب بين زعماء بني خالد» الذين كان يتوق أن يفوا ضدها في
)١( لقد كتبت عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رسائل علمية وبحوث كثيرة. وما أله عنه
كاتب هذه السطور كتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب: حياته وفكره؛ ط» داز العلوم
الدكتوراه من جامعة أدثيرا في بريطانيا عام 87 17ه/ 4177م
جار اليد