التجارة؛ وفتح قنوات الاتصال بين الوالى والرعية؛ ومحاسبته لولاة من قبله عن
أموال بيت المال» وتطرقت إلى مفهوم المركزية واللامركزية فى إدارة عمر بن عبد
العزيز واهتمامه بمبداً المرونة؛ وتوظيفه للوقت فى خدمة الدولة والرعية؛ وممارسته
مدأ تقسيم العمل فى الإدارة؛ وحرصت على بيان بواعث عمر ابن عبد العزيز فى
تنفيذ أحكام الشريعة على الدولة والأمة والمجتمعات والأفراد» وأشرت إلى آثار
التمسك بأحكام القرآن الكريم والسنة النبوية وهدى الخلافة الراشدة على دولته» من
التمكين والأمن والاستقرار» والنصر والفتح+ والعز والشرف وبركة العيش ورغده؛
وعشت مع الآيام الأخيرة من حياة هذا المصلح الكبير حتى وفاته.
إن ظهور عمر بن عبد العزيز فى تلك المرحلة التاريخية الحرجة من تاريخ الأمة
ومحاولته العظيمة للعودة بالحياة إلى تححكيم الشريعة وآفاق الخلافة الراشدة الملتزمة
بمعطيات القرآن والسنة» ظاهرة فذة تحمل فى دلالتها ليس على بطولة القائد
فحسب» وإنما على قدرة الإسلام نفسه على العودة باستمرار لقيادة الحياة السياسية
إن خلافة عمر بن عبد العزيز حجة تاريخية على من لا يزال يردد الكلمات
والأصوات القائلة: إن الدولة التى تقوم على الأحكام الإسلامية والشريعة عرضة
ولقد سار نور الدين زنكى المتوفى عام 7ه على منهج عمر بن عبد العزيز
وطهرت بيت المقدس على يدى تلميذه القائد الأشم» البطل المغوار صلاح الدين
(1) فى التاصيل الإسلامى للتاريخ» د. عماد الدين خليل» ص 350+
إن الإصلاح - كما يفهمه المسلمون الصادقون لا كما عا أعداء الامو
الغاية من إرسال الله تعالى الرسل إلى ل قال
الغارقين فى الضلال والفساد فى المي
وقد اضطلع بمهمة الإصلاح لشئون البشر بعد مصلح الإنساا الأعظم محمد
- صلوات الله عليه وسلامه وسار على منهاج النبوة خلفاؤه الراشدون» وعلماء
الأمة الأبرار كعمر بن عبد العزيز» والأمة الآن فى آشد الحاجة لمعرفة هدى
المصلحين ابتداء من النبى الكريم كي ؛ فقد أصابها التخلف والتيه والتفرق
والضعف والاستكانة.
فقه حركة التاريخ الإسلامى يرشدنا إلى أن عوامل النهوض وأسباب النصر
منها صفاء العقيدة؛ ووضوح المنهج؛ وتحكيم شرع الله فى الدولة؛ ووجود
القيادة الربانية التى تنظر بنور الله وقدرتها فى التعامل مع سنن الله فى تربية الأمم
وبناء الدول وسقوطهاء؛ ومعرفة علل المجتمعات وأطوار الأمم» وأسرار التاريخ+
ومخططات الأعداء من الصليبيين واليهود والملاحدة والفرق الباطنية» والمبتّدعة
وإعطاء كل عامل حقه الطبيعى فى التعامل معه» فقضايا فقه النهوض» والمشاريع
النهضوية البعيدة المدى متداخلة متشابكة لا يستطيع استيعابها إلا من فهم كتاب الله
عز وجل وسنة رسوله كي ؛ وارتبط بالفقه الراشدى المحفوظ عن سلفنا العظيم»
فعلم معالمه وخصائصه وأسباب وجوده وعوامل زواله واستفاد من التاريخ
لربها وني هاي » وعلم بأن الهزائم العسكرية عرض يزول» أما الهزائم الثقافية
فجرح مميت» والثقافة الصحيحة تبنى الإنسان المسلم؛ والاسرة المسلمة» والمجتمع
الخلفاء الراشدين» ومن سار على نهجهم؛ وعبقرية البناء الحضارى الصحيح هى
التى أبقت صرح الإسلام إلى يومنا هذا بعد توفيق الله وحفظه.
إن سيرة عمر بن عبد العزيز تمدنا بالمفهوم الصحيح لكلمة الإصلاح؛ المفهوم
لا المشهوم الغربى الحديث الذى تسرب إلى أذهان بعض المشكرين السياسيين
المقلدين للغرب فى حقه وباطله حتى أصبح من المسلم به عند كثير من أبنائنا اليوم
أن الثورة أعم وأشمل وأعمق من الإصلاح الذى يرادف فى الغرب معنى التغيير
الخفيف الذى يحدث بتدرج ودون عنف» بينما الثورة هى عندهم انقلاب جذرى
دون تدرج+ عنيف ومفاجىء» وما دروا أن الإصلاح بالمفهوم القرآنى الصحيح له
معنى أشمل واعمّ وأكبر من الثورة» فهو دائمًا نحو الأحسن والأكمل» بينما الثورة
قد تكون من الصالح إلى الفاسد أصلاًء ويتم ذلك بتغير سلطة بسلطة وحاكم
إن عمر بن عبد العزيز نموذج إصلاحى لمن يريد السير على منهاج النبوة وعهاد
الخلافة الراشدة» ولقد أخلص لله تعالى فى مشروعه الإصلاحىء فتولى الله
توفيقه وأطلق ألسنة الناس بمدحه والثناء عليه؛ قال الشاعر أحمد رفيق المهدوى
فإذا أحب الله باطن عبده . ظهرت عليه مواهب الفتاح
وإذا صفت لله نية مصلح مال العباد عليه بالأرواح
والفضل لله من قبل ومن بعد وأسأله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته
الجهد المتواضع» ونرجو من كل مسلم يطلع على هذا الكتاب أن لا ينسى العيد
(1) آثار الإمام محمد يشير الإبراهيمى 3/10
الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالين
على محمد محمد الصلابى
الأخوة القراء الكرام» يسر المؤلف أن تصله ملاحظاتكم حول هذا الكتاب
وغيره من كتبه من خلال دور النشرء ويطلب من إخوانه الدعاء يظهر الغيب
بالإخلاص والصواب ومواصلة المسير:
فى خدمة تاريخ أمتناء
عنوان المؤلف
عهد أمير المؤمتين عمربن عبد العزيز
الفصلالأول
هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد
شمس بن عبد مناف» الإمام الحافظ العلامة المجتهد الزاهد ادنابدء السيد أمير
أبو حفص القرشى الأموى المدنى ثم المصرى» الخليفة الزاهد الراشد
أشج بنى أمية(ا"» كان من أئمة الاجشهاد ومن الخلفاء الراشدين!""» وكان حسن
الأخلاق والخُلق. كامل العقل» حسن السمت» جد السياسة؛ حريصًا على العدل
حتيقًاء زاهدًا مع الخلافة؛ ناطق بالحتق مع قلة المعين» وكثرة الأمراء الظلمة الذين
وعد عند أهل العلم من الخلفاء الراشدين والعلماء العاملين!""» وكان رحمه الله
-١ والده: هو عبد العزيز بن مروان بن الحكم» وكان من خيار أمراء بنى أمية؛
أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح» فتزوج أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن
+ )114/0( سير أعلام التبلاء (144/8) (؟) الصدر نفسه )١(
)177/5( المصدر نفسه )8( . )17١//8( المصدر ثفسه )©(
)11( الطبقات الكبرى (3731/5)» الجوانب التربوية فى حياة الخليفة عمر بن عبد العزيزء تىء عمرء عن )5(
ليلى!'"» كما أن زواجه من آل الخطاب ما كان ليتم لولا علمهم بحاله وحسن
وغيره من الصحابة وسمع منهم؛ وقد واصل اهتمامه بالحديث بعد ولايته مصرء
فطلب من كثير بن مرة فى الشام أن يبعث إليه ما سمعه من حديث رسول الله
جل إلا ما كان من طريق أبى هريرة فإنه عندم!"؟» وقد كان والد عمر بن عبد
العزيز ذا نفس تواقة إلى معالى الأمور سواء قبل ولايته مصر أو بعدهاء فحين
قصار أجود أمراء بنى أمية وأسخاهم!*؛ فكانت له ألف جفنة كل يوم تنصب
حول داره؛ وكانت له ماا يطاف بها على القبائل تحمل على العجل!*»
عندى 8 عنده!". وقد أكثر المؤرخون من الثناء عليه لجودة؛ يخا
اللوت: وددت أتى لم أكن شيئًا مذكوراء؛ ولوددت أنى أكون هذا الماء الجارى أو
نبتة بأرض الحجاز"".
" أمه: أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضى الله عنه؛ ووالدها
عاصم بن عمر بن الخطاب» الفقيه» الشريف أبو عمرو القرشى العدوى» ولد فى
فصيحًاء شاعرًاء وهو جد الخليفة عمر بن عبد العزيز لأمّه؛ مات سنة سبعين»
فرثاه ابن عمر أخوه:
+668 ( عبد العزيز بن مروان وسيرته وأثره فى أحداث العصر الأموى» ص )١(
(1) سير أعلام النبلاء (40/4) + (©) الولاة وكتاب القضاة للكتدى» ص (54).
(4) معجزة الإسلام؛ خالد محمد خالدء ص (65)
(ه) الخطط للمقريزى (71/1) بدائع الزهوز (14/1) +
(2) عبد العزيز بن مروان» صن (88) + 0 الصدر نفسه؛ ص (85) ثقلاً عن البداية والنهاية.
وأما جدته لأمه فقد كان لها موقف مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه؛ فعن
الخطاب رضى الله عنه وهو يَكُْسً"" بالمدينة إذ أعيا فاتكا على جانب جدار فى
الخلاء؛ وعمر يسمع كل ذلك؛ فقال: يا أسلم عَلّم اباب واعرف الموضع؛ ثم
مضى فى عسه؛ فلما أصبحا قال: يا أسلم امض إلى الموضع فانظر من القائلةء
ومن المقول لهاء وهل لهما من بعل؟ فأتيت الموضع فنظرت فإذا الجارية أي لا بعل
عبد الله بوجهه شامة فحسبوه المبشر الموعود حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز!.
*_ولادته ومكانها: اختلف المؤرخون» فى سنة ولادته والراجح أنه ولد عام
١7هء وهو قول أكثر المؤرخين ولأنه يؤيد ما يذكر أنه توفى وعمره أربعون سنة
حيث توفى عام ٠١٠ه""؛ وتذكر بعض المصادر أنه ولد بمصرء وهذا القول
)١( سير أعلام النبلاء (47/4)
(؟) الس : تقصى الليل عن أهل الريية؛ معجم مقابيس اللغة (47/4)
() سيرة عمر لابن الحكمء ص (14+ 70)؛ سيرة عمر لابن الجوزى» ص .)1١(
(؟) الشين: العلامة (5) سير أعلام اللبلاء (177/8)
() المصدر نفسه (177/8) (0) البداية والنهاية (675/17) .
ضعيف لأن أباه عبد العزيز بن مروان بن الحكم إنما تولى مصر سنة خمس وستين
للهجرة؛ بعد استيلاء مروان بن الحكم عليها من يد عامل عبد الله بن الزبير رضى
الله عنهماء فولّى عليها ابنه عبد العزيز ولم يعرف لعبد العزيز بن مروان إقامة
بمصر قبل ذلك» وإنما كانت إقامته وبنى مروان فى المدينة!'"» وذكر الذهبى أنه ولد
بالمدينة زمن يزيد!",
4 أشج بنى أمية: كان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- يلقب بالاشج؛ وكان
يقال له: أشج بتى مروان؛ وذلك أن عمر بن عبد العزيز عندما كان صِغيرًا دخل
هذه الرؤيا لغير الفاروق حتى أصبح الأمر مشهور عند الناس بدليل ما قاله أبوه
# إخوته: كان لعبد العزيز بن مروان والد عمر بن عبد العزيز عشرة من الولد
وهم: عمر وأبو بكر ومحمد وعاصم وهؤلاء أمهم ليلى بنت عاصم بن عمر بن
الخطاب» وله من غيرها ستة وهم: الاصبغ وسهل وسهيل وأم الحكم وزبان وأم
("؛ وعاصم هو من تكنى به والدته ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب
فكنيتها أم عاصم !9
+ - أولاده: كان لعمر بن عبد العزيز رحمه الله أربعة عشر ذكرا متهم: عبد
الملك وعبد العزيز وعبد الله وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وبكر والوليد وموسى
)88/1( الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز فى العقيدة )١(
(1) تذكرة الحفاظ (118/1 - 170) +
عن فقه عمر بين عيد العزيز (1/+7)
(د) فقه عمر بن عبد العزيزء د. محمد شقير (1/ .)7٠١
(0) فقه عمر بن عبد العزيز 37/13
(1) العارف لابن
وعاصم ويزيد وزبان وعبد الله(01م وينات ثلاث أمينة وأم عمار وأم عبد الله؛ وقد
اختلفت الروايات عن عدد أولاد وينات عمر بن عبد العزيز» فبعض الروايات
تذكر أنهم أربعة عشر ذكرًا كما ذكر؛ ابن قتبية» وبعض الروايات تذكر أن عدد
الذكور اثنا عشر وعدد الإناث ست كما ذكره ابن الجوزى!"» والمتفق عليه من
الذكور اثنا عشرء وحينما توفى عمر بن عيد العزيز لم يرك لأولاده مالا إلا
الشىء اليسير قأصاب الذكر من أولاده من التركة تسعة عشر درهمًا فقط» بينما
أصاب الذكر من أولاد هشام بن عبد الملك ألف ألف (مليون»؛ وما هى إلا
سنوات قليلة حتى كان أحد أبناء عمر بن عيد العزيز يحمل على ماثة فرس فى
سبيل الله فى يوم واحد» وقد رأى بعض الناس رجلاً من أولاد هشام يتصدق
-١ زوجاته: نشأ عمر بالمدينة وتخلق بأخلاق أهلهاء وتأثر بعلمائها وأكب على
آخذ العلم من شيوخهاء وكان يقعد مع مشايخ قريش ويتجنب شبابهم؛ ومازال
وهى امرأة صالحة تأثرت بعمر بن عبد العزيز» وآثرت ما عند الله على متاع
ومعنى هذا البيت أنها بنت الخليفة عبد الملك بن مروان والخليفة جدها مروان
ابن الحكمء وأخت الخلائف فهى أخت الخلقاء الوليد بن عبد الملك وسليمان بن
عبد الملك ويزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك+ والخليفة زوجها هو عمر بن
عبد العزيز رضى الله عنهء حتى قيل عتها: لا نعرف امرأة بهذه الصفة إلى يومنا
هذا سواهلأ*". وقد ولدت لعمر بن عبد العزيز إسحاق وبععقوب وموسى؛ ومن
- فقه عمر بن عيد العزيز (1/ *؟) )١(
19 سيرة عمرة بن عبد العزيز لابن الجوزى» ص (ه57)؛ فقه عمر بن عبد العزيز 88/17
(الخيرة رين حب العزيز لمن الجووين» ع 5لا
(4) البداية والنهاية (17/ ده )1 (5) المصدر نفسه (286//17)