نور الدين بدمشق - في شهر صفر - والحديث يجري في طيب دمشق ورقة هوائها وأزهار
رياضها وكل منا يمدحها ويطريهاء فقال نور الدين: إنما حب الجهاد يسليني عنها فما أرغب
وكان يسأل الله أن يحشره من بطون السّباع وحواصل الطير؛ وبينت لوحات رائعة من
عبادته؛ فقد كان يصلي أكثر الليالي ويناجي ربه مقبلا بوجهه عليه ويؤدي الصلوات الخمس
الابتهال إلى الله عز وجل في أموره كلها وقد اشتهر بالإنفاق الواسع والكرم العظيم وكانت
له أوقاف في جميع مجالات الحياة الاجتماعية على المساجد والمدارس والمستشفيات» والأرامل
والأيتام.. إلخ. . وقد مدح الشعراء نور الدين على كرمه وجوده فقد قال أحدهم:
ياأيها الملك المنادي جوده يسائر الآفاق هل من مسر
ولأنت أكرم من أناس لؤهوا باسم ابن أوس واستخصوا البحتري
ذلت لدولتك الرقاب و إن تفز تغفت أو تقاتل تظفر
ومدحه أسامة بن منقذ بقوله:
ناران: نار قرى ونار جهاد
العام أججع ليلة المسيلاد
أبهى من الأطواق في الأجياد
وامدهم كفأيذل تلاد
ن غير مساة ولا يعاد
واشرت إلى أهم معال التجديد والإصلاح في دولة نور الدين محمود؛ وكيف اتخذ من
عمر بن عبد العزيز نموذجاً يقتدي به في دولته؛ فقد اقتتع باهمية التجارب الإصلاحية في
تقوية وإثراء المشروع النهضوي ودورها في إيجاد وصياغة الرؤية اللاز في نهوض الأمة
وتسلمها القيادة» فللتجارب التاريخية إسهام كبير في تطوير الدول وتجديد معاني الإيمان في
آنت معالم التجديد والإصلاح الراشدي في عهد عمر بن عبد العزيز ثمارها في الدولة
الزنكية وكانت أهم معالم التجديد في دولة نور الدين:
-١ الحرص على تطبيق الشريعة: فقد جعل من مقاليد الحكم في الدولة أداة مسخرة
لخدمة الشريعة وتطبيق أحكامها وقيمها ومبادثها في واقع الحياة؛ ودعا إلى تحكيم الشريعة
بحماس منقطع النظير وقال في هذا الصدد: ونحن نحفظ الطرق من لص وقاطع طريق
والأذى الحاصل منها قريب افلا نحفظ الدين ونمنع عنه ما يناقضه وهو الأصل. وقال: نحن
شحن للشريعة نمضى أوامرها. فقد جدد للملوك اتباع سنة العدل والإنصاف» وترك
المحرمات من المأكل والمشرب والملبس وغير ذلك» فإن م من الحكام قبله كانوا قرييين من
أفعال الجاهلية؛ همة أحدهم بطنه وفرجه لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً حتى جاء الله
أن يظهر عنهم ما كانوا يفعلونه. فقد اصدر أوامره إلى كل موظفيه بالالتزام باحكام الشرع
ومنع ارتكاب الفواحش وشرب الخمور» أو بيعها في جميع بلاده واسقط كل ما يدخل تحت
شبهة الحرام وإزالة كل ما يندّ عن محجة الشريعة البيضاء وينحرف إلى بؤر الظلام» وكان
ينزل العقاب السريع العادل بكل من خالف أمره وكل الناس عنده فيه سواء. وقد مدحه
الشعراء فقال فيه ابن منير:
امانهارك فهوليل جاه والليل من طول القيامنهار
أيها الأخوة الكرام يا أبناء الإسلام» يا من همهم النهوض الحضاري لهذه الأمة !.!
آثار تحكيم شرع الله في الشعوب التي نفذت أوامر الله ونواهيه
ظاهرة بينة لدارس التاريخ» ومن تلك الآشار: التمكين في الأرض والأمن والاستقرار
الاحترام والتقدير و١
والنصر والفتح المبين والعز والشرف وانزواء الرذائل» وقد رأيناها في دراستنا لدولة الخلفاء
الراشدين؛ ودولة عمر بن عبد العزيز» ودولة يوسف بن تاشفين» ودولة محمد الفاتح وهي
من سنن الله الجارية والماضية والتي لا تتبدل ولا تتغير؛ فأي ادة مسلمة تسعى لهذا المطلب
الجليل والعمل العظيم مخلصة لله في قصدهاء مستوعبة لسنن الله في الأرض فإنها تصل إليه
ذلك في سيرة نور الدين محمود وعصره بإذن الله تعالى.
وقال الشاعر أحمد رفيق المهدوي اللبي:
فإذا أحبالله باطن عبدذه ظهرت عليه مواهب الفاح
وإذا صفت لله نية تصلح مال العباد عليه بالأرواح
؟- ومن معالم التجديد بناء دولة العقيدة على منهج أهل السنة والجماعة: فقد جعل
من العقيدة الإسلامية الصحيحة العمود الفقري لدولته؛ وكان رحمه الله يملك رؤية نهوض
قائمة على إحياء | قمع البدعة» قال عنه ابن كثير: أظهر نور الدين ببلاده السنة وأمات
وجده وإنما كان يؤذن بجي على خبر العمل لأن شعار الرفض كان ظاهراً '"» وكان نور
الدين يتحرى سنة الني قي في أموره كلها ومن أعظم إنجازات دولته إسقاط الدولة الفاطمية
بمصر؛ وكان الفضل لله ثم للحملات المنوا بة التي أرسلها نور الدين محمود حتى خلص
المسلمين من شرورها واعلن تبعية مصر للخلافة العباسية السنية؛ وكان رأى نور الدين في
الدولة الفاطمية العبيدية يتلخص في رسالته للخليفة العباسي وهو يبشره بفتح مصر وسقوط
دولة الإلحاد والرفض والبدع '" ويقول فيها: وطا ائتين وثمانين سنة مملوءة بحزب
الإلحاد والرفض» ومن إقامة الفرض"". وسيرى القارئ الكريم بإذن الله فقه نورالدين
17١ البداية والنهاية نقلاً عن الجهاد والتجديد ص )١(
15+ الصدر ثفسه ص )١(
77١ (7)كتاب الروضتين نقلاً عن الجهاد والتجديد ص
واستفاد نور الدين من خريجي المدارس النظامية وتبناهم في مدارس الدولة النورية
وفتح طم الأبواب لدعم المذهب السني ومناهضة الفكر الشيعي الرافضي؛ وصبغ الدولة
ن بين علماء الشافعية والأحناف والحنابلة والمالكية وأهل الحديث وشيوخ التصوف
السني وغيرهم من أبناء الأمة؛ وتحرك بهم من خلال جبهة عريضة تنضوي تحت راية اهل
السنة والجماعة في مقاومة الأخطار الشيعية الرافضية؛ وقد تحرك نور الدين في مشروعه
الآنف الذكر من خلال مؤسسات المجتمع المدني؛ كالكتاتيب والمدارس والمساجده
والرباطات وأخذ بكل الأسباب المادية والمعنوية المعيئة على تحقيق الهدف المنشود من صبغ
إنشاء المؤسسات العلمية حتى محدث حلب بعد ترا يسيرة نسبياً مركزاً من مراكز الثقافة
السنية بعد أن كانت وكراً من أوكار الشيعة الإمامية والإسماعيلية. وقد أحصى المؤرخ عز
الدين بن شداد ات 184ه) مدارس حلب في آيامه فوجدها أربعا وخمسين مدرسة موزعة
بين المذاهب الفقهية الأربعة منها: إحدى وعشرون للشافعية واثتتان وعشرون للحنفية»
وثلاث للمالكية والحتابلة وثماني دور للحديث الشريف بالإضافة إلى واحد وثلاثين مقراً
الباطني في حلب في حدود عام 8 :1ه وأخفى الشيعة الإمامية معتقداتهم حتى انتهى بهم
الأمر إلى أن أخذوا يتنكرون وبأفعال السنة يتظاهرون. رقا لفل امام بيهيوة المساج
الكبير نور الدين وخلفائه الذين اقتدوا به في الإكثار من المدارس السنية وتعيين الأساتذة
الأكفاء لما والإنفاق عليها بسخاء حتى تراجع التشب تي هذه المدينة واصبحت النيادة فيهاً
لمذهب أهل السنة؛ وهذا يدل على أهمية التربية العقدية والفكرية والثقافية في التمكين
للإسلام الصحيح في نفوس الناس.
ومما ساعد نور الدين محمود على تحقيق برنامجه الإصلاحي أن جهوده جاءت تالية
لجهود المدارس النظامية» فانتفع بما حققته من نتائج وفي مقدمتها تخريج جيل يجمل على
عاتقه مهمة الدعوة للمذهب السني والانتصار له
*- ومن معالم التجديد ل دولة نورالدين حرصه على إقامة العدل: فقد كان قدوة في
عدله؛ أسر القلوب» وبهر العقول فقد كانت سياسته تقوم على العدل الشامل بين الناس
وسمي بالملك العادل ومدحه الشعراء على ذلك فقد قال العماد الأصفهاني في عدله:
4- ومن معالم التجديد لخ دولة نور الدين اهتمامه بالعلماء فقد فتح مؤسسات الدولة
للاستفادة منهم؛ فقدمهم على الأمراء وبذل هم العطاء وشجع المتميزين منهم إلى الهجرة
لدولته وقد شارك العلماء معه في الجهاد ضد الصليبيين بالكلمة والسيف والتأليف والوعظ؛
هذا وقد طور نور الدين النظام الإداري لدولته وحرص على صبغته بالصبغة
الإسلامية؛ واعتمد في إدارته على الشورى وابتعد عن الانفراد بالقرار بشكل كبير» وقدم
المصلحة العامة على الانفعالات» وكان مثالاً رائمًا في الزهد والتعفف وبذل المال في الصالح
العام» وحرصض على توفير الأمن للرعية وضمن لحم الحريات العامة» كحرية الرأي والمحافظة
مصادر دخل دولة نور الدين» كنظام الإقطاع الحربي» والزكاة والخراج والجزية والغنائم
وفداء الأسرى والأموال العظيمة التي خلفها أبوه عماد الدين» وأثر الأمانة الكبيرة التي تميز
بها نور الدين وحكومته الرشيدة على خزانة الدولة؛ وأثر الأمن والاستقرار على انتعاش
الحركة التجارية؛ ومساهمة الأثرياء والمعاهدات والاتفاقات التي الزم بها الخصوم لدفع
الأموال للدولة الزنكية؛ وتحدثت عن دعم الخليفة العباسي للدولة الزنكية؛ وأشر السياسة
الزراعية والصناعية والتجارية في تقوية اقتصاد الدولة؛ واهتم نور الدين بالشرائح النتجة
كالفلاحين» وأصحاب الأموال كالتجار؛ فقد حرص على إرضاء كبار التجار من أجل أن
الدولة ويدر الأموال الطائلة على ميزانيتها من عوائد الملكوس الشرعية لا أن تذهب إلى
كبار التجار في نور الدين قوة مهيئة لنشاطهم التجاري أكثر من ذي قبل. وعندما دخل نور
الدين مديئة دمشق حرص أشد الحرص على الاجتماع مع كبار التجار الدماشقة؛ من أجل
بعث الطمائينة في نفوسهم ولتوضيح معالم سياسته الاقتصادية المرتقبة وقد استفاد التجار من
هدنات الدولة النورية مع مملكة بيت المقدس ١! في صفقاتهم التجارية وكان من
سياسة نور الدين الاقتصادية والمؤيدة بالشرع الإسلامي إلغاء الضرائب»؛ وأخذ نور الدين في
تنفيذ هذه السياسة منذ فترة مبكرة؛ وكان حيثاً بعد حين يصدر الأوامر ويعمّم الكتب
والمناشير بإسقاط حشود الضرائب «اللاشرعية» التي كانت تأخذ بخناق المواطنين من جراء
عجيب في خط متواز مع مقادير الضرائب الني كانت يامر بإلغائها وهدد من لا يطبق ذلك
وسعى نور الدين محمود إلى تقديم أوسع الخدمات الاجتماعية لشعبه وجعل مؤسسات
الدولة أدوات صالحة في خدمة الجماهير وسعت الحاجات» ابتداء من قضايا
ا مسكن والملبس والمأكل وانتهاء بقضايا الروح ومروراً بالحاجات الفكرية والصحية
عن طريق التوزيع المباشر للمال وحيناً عن طريق (الإعانة) على تلبية حاجة معينة والفكاك
من الأسر وحيناً ثاثا عن طريق إنشاء مؤسسات ومرافق كالمستشفيات والملاجيء ودور
الأيتام والمدارس ودور الحديث والخانات والربط والجسور والقناطر والقنوات والأسواق
والحمامات والطرق العامة والمخافر والخنادق والأسوار» وحيناً رابعاً تجيء عن طريق نظم
عن طريق غلدة من الإجراءات التنظيمية التي استهدفت تحقيق الضمان الاجتماعي لقطاع ما
وفي الفصل الأخير من الكتاب تحدثت عن سياسة نور الدين الخارجية وعلاقته مع
الخليفة المقتفي لأمر الله والوزير يحبى بن هبيرة والخليفة المستنجد بالله ثم المستضيء بالله
وتكلمت عن جهود نور الدين واخيه سيف الدين في التصدي للحملة الصليبية الثانية
تعامل مع القوى الإسلامية والأسر الحاكمة في بلاد الشام والجزيرة والأناضول» وعن
سياسته تجاه القوى المسيحية؛ وعلاقته مع مملكة بيت المقدس؛» وإسارة الرهاء وأنطاكية
البيزنطية واستخدامه لفقه السياسة الشرعية في زعزعة الحلف البيزنطي مع مملكة
المقدس وأنطاكية ضده حتى لا يجعل دولته بيت عدوين الصليبيين في الجنوب وا
ومعلوم أن البيزنطيين كان لحم باعهم الطويل في شأن الدبلوماسية وكذلك الحال بالنسبة
للدولة النورية التي اتصلت دبلوماسياً بالعباسيين والفاطميين ومملكة بيت المقدس الصليبية
أي بجميع القوى الكبرى في المنطقة سواء الإسلامية أو المسيحية. والملاحظة المهمة في فقه نور
الدين جهده الكبير في المفاوضات مع الاستعداد العظيم لحشد الجيوش واستفار الأمة
والصليبيين؛ وهذا لم يات بدون دفع ثمن وإنما لتنازلات غير عادية؛ فقد اتخذ نور الدين
خطوة يصعب تقييمها إلا بوصفها من قبيل القرارات الصعبة المصيرية؛ فعلم نور الدين
الإطاحة بمشروعه الكبير على يد الحملة الصليبية البيزنطية وبين الوقوف ضد سلاجقة
الروم؛ فاختار الخيار الأخير» علماً بن سلاجقة الروم في تلك المرحلة كانوا كالدولة المستقلة
ولم تندمج في مشروع نور الدين؛ بل كانت تعتدي على حلفاء الدولة الزنكية وأملاكهم»؛
واستطاع نور الدين إيقاف الحملة بعد عقد معاهدة بين الدولة النورية والامبراطورية
البيزنطية؛ وكان من أعظم النتائج التي ترتبت على هذه الخطوة؛ حفظ المشروع الإسلامي
النوري من التصدع أو الضعف أو الزوال» وما كان للدبلوماسية النورية أن تنجح لولا الله
ثم مساندتها بقوة عسكرية ضاربة استطاعت مواجهة التحالف العسكري البيزنطي» الصلبيي
ومعه الأرمن في معركة حارم عام 004ه/ 1174م
إن مقاومة الغزاة لمشروع نهضوي على أصول الإسلام الصحيح؛ من عقيدة
سليمة؛ ومرجعية واضحة تعتمد على كتاب الله وسنة رسوله كيه وهدي الخلفاء الراشدين»؛
له القدرة على استيعاب طاقات الأمة؛ وعلى رأس ذلك المشروع قيادة ربانية واعية تستطيع
أن تستفيد من إمكانيات الأمة وتسترعب فقه المبادرة كي تفجر طاقاتها وتوجهها نحر
» فيأتي دور القيادة لتربط بين الخيوط والخطوط
والتنسيق بين المواهب والطاقات وتتجه بها نحو خير الأمة ورفعتها وفق رؤية نهوض شاملة
والتفاؤل بين الناس وتحضهم على التمسك بعقيدتهم وقيمهم ومبادثهم» والترفع عن حطام
الدنيا وإحياء معاني التضحية وشحن الحمم» وتقوية العزائم في نشوس النخب والجمهور
العريض في الأمة» وتاخذ بها رويداً رويذا نحو الأهداف المرسومة لمشروع النهوض وعلينا أن
تتذكر قول الله تعالى: إن نُكُونوا تَألَمُونَ َل َ ِ
هذا وقد تحدثت عن التفكير الاستراتيجي عند نور الدين؛ واهمية صلاح أولى الأمر في
باح المشروع المقاوم للتغلغل الباطني والغزو الصليبي وعن الاستراتيجية العسكرية لدور
الدين؛ كالتركيز على النوعية والفاعلية؛ والتعبئة العامة للأمة وانهاك العدو واستنزاف قوّاته؛
وتطبيق نور الدين لمبادئ الحرب الأساسية» كتحديد الهدف» والعمل التعرضي؛ والقدرة
على الحشد والمناورة؛ ووحدّة القيادة وعنصر المفاجأة؛ ودور الاستخبارات؛ ومبدا التقرب
غير المباشر» واستخدامه للحرب النفسية في رفع معنويات الأمة؛ وإضعاف همم العدو.
وأفردت اللبحث الأخير عن فقه نور الدين في التعامل مع الدولة الفاطمية؛ فوضحت جذور
الشيعة الإسماعيلية ونشأة الدولة القاطمية وتكلمت عن جرائمها في الشمال الأفريقي؛ كغلو بعض
دعاتهم كعبيد الله المهدي؛ وتسلطهم ,تسلطهم وظلمهم وتحريمهم الإنتاء على مذهب الإمام مالك؛ وإبطال
بعض السنن المتواترة والمشهورة» ومنع التجمعات» وإتلاف مصنفات أهل السنة؛ ومنع علماء أهل
السنة من التدريس» وتعطيل الشرائع وإسقاط الفرائض» وإزالة آثار خلفاء السنة؛ ودخول خيولهم
المساجده وتحدثت عن أساليب أهالي الشمال الأفريقي في مقاومة الفكر البدعي الشبعي الرافضي
التأليف» ومقاوسة شعرائهم» وأشرت إلى انتقال المعز لدين الله الشاطمي من الشمال الأفر؛
ودخوله مصر لكي ينخلص من المقاومة والثورات العنيفة التي قادها علماء أهل السنة في الشمال
الأفريقي لمدة خمسة عقود متتالية رافضين المذهب الشيعي الرافضي الإسماعيلي الباطني؛ معلنين
عقائد الإسلام الصحيح؛ فاستفاد المعز لدين الله الغاطمي من ضعف الحكم الأخشيدي التابع للدولة
لم يجد أي عناء في ضمها لأملاك العبيد وجوهر الصقلي هذا الذي بنى الأزهر الذي تم بناؤه سنة
١7*ه ليكون محضناً لإعداد دعاة المذهب الشيعي الرافضي الإسماعيلي وبعد الانتقال إلى مصر»
بدأت المقاومة السنية في الشمال الأفريقي تقوى مع مرور الزمن حتى استطاع المعز بن باديس
العنهاجي في 474ه عندما تولى الحكم أن يطهر الشمال الأفريقي من الشيعة الرافضة» وبدا في
حملات تطهير للمعتقدات الباطنية ولن يطعن ويسب أصحاب رسول الله وأوعز للعامة وجنوده
بقتل من يظهر الشتم والسب لأبي بكر وعمر رضي الله عنهماء فسارع أهل السنة في الشمال
الأفريقي للتخلص من الشيعة الرافضة الإسماعيلية وتصفيته من المعنقدات الفاسدة في ملحمة من
ملاحم الصراع بين الحق والباطل والهدى الضلال» واشرت إلى جهود السلاجقة في حماية العراق
ويلاد الشام من التشيع الرافضي» ودور المدارس النظامية في الإحباء السني وتقليص المد الشيعي
الرافضي وإعداد الكوادر اللازمة لقيادة حركة المقاومة ضد الغزاة الصليييين؛ وبينت جهود نور
الدين السياسية والعسكرية والفكرية للقضاء على الدولة الفاطمية وقد تم ذلك على يدي صلاح
الدين الذي تدرج في إلغاء الخلافة القاطمية وفق رؤية استراتيجية وضعها القاضي الفاضل بالتعاون
إن من الدروس المهمة من هذا الكتاب معرفة المشاريع المتصارعة في عهد الزنكيين؛ فقد
كانت ثلاثة تتطاحن على قدم وساق» وهي المشروع الصليبي والذ:
عهد أوربان الثاني والمشروع الشيعي الرافضي
تتزعمه الكنيسة من
الدولة الفاطمية بمصر والمشروع
الإسلامي الصجيح وحامل لوائه نور الدين زنكي؛ فكانت ا محاور التي سار عليها أهل السنة
حولة رتاه تعميق الحوية العقائدية السنية والإحياء الإسلامي الصحيح في نفوس الأمة؛
والتصدي لشبهات المذهب الشيعي» وإعداد الأمة لمقاومة ١ » وكانت ال محاور متداخلة
من حيث السير إلا أن تحرير بيت المقدس والقضاء على ١١ في معركة حطين لم يتم إلا
والفكرية والثقافية والتاريخية والحضارية للمذهب السني.
ذين استطاعوا تحرير بيت المقدس وانتزاع المدن والقلاع والحصون من الصلييين
هم الذين تميزوا بمشروعهم الإسلامي الصحيح وعرفوا خطر المشاريع الباطنية الدخيلة
وعلى كل من يتصدى لقيادة الأمة في المواقف السياسية والتصرمحات الإعلامية عليه ان
وهدى الخلافة الراشدة وحركة التاريخ الإسلامي وحقيقة الصراع
ينة؛ كي يسهم في توعية الأمة؛ وإزالة الجهل عنها ومعرفة أعداثها.
إن ما يحدث في العراق ولبنان من صراع بين المشروع الصليي والصهيوني والإيراني
الشبعي وعدم التركيز والدعم المطلوب للمقاومة الإسلامية في العراق وفلسطين يبرهن على أن
بين المشاريع في حركة التاريخ؛ ويدل على ذلك ما حدث في لبان من صراع بين الممشروع
الإيران ني الشيعي والمشروع الأمريكي الصهيوني حيث أهملت المقاومة الإسلامية العراقية السنية
والمقاومة الإسلامية الفلسطينية إعلامياً وسياضي ومادياً لصالح المشروع الإيراني الشيعي.
بين هذه المشاريع ال