حين ألقته في اليم (نيل مصر) بأمر الله سبحانه قال الله عز و جل :
سبب في تحقيق أمنيتي واحمد الله على ذلك ؛ فخالي
التزم الأخير من السنة الجارية في جامعة دار العلوم فيصل أباد مؤسسها
الشيخ المربي المشفق المفتي الداعية الكبير زيسن العابدين .. حفظه الله
وكانت تربط به علاقة محبة وصداقة وقرابة ؛ وتعتبر هذه الجامعة من
والحمد لله ؛ وكان يتحمل مصاريف دراستي : ويعطف علي وكأني من أحد
لقد صار جزءا من دعواتي من ذاك اليوم إلى الآن ؛ و( هل جزاء الإحسان
إلا الإحسان ) وإحسانه هذا قد جعل مشواه في قلبي ؛ وبلغ مبلغ النقش +
فصار لا يغيب ؛ ومثلي في ذلك كقول الشاعر :
فحق له أن أقول فيه كما قال احدهم : (وليس يوصف ما أخبرت عنه بالقيل)
خائنة الأعين وما تخفي الصدور -
وبدوري ومن قبيل الوفاء أهدي إليه وإلى جميع أساتذتي ومربي وجبي الشيخ
زين العابدين ثواب أحب الكتب إلي من أعماليٍ المتواضعة : (هم عطشى فمن
يسقيهم شراب الإيمان) . راجياً من الله الكريم أن يتقبلني وأعمالي , إنه سميع مجيب .
أبو طلحة محمد يونس عبد الستار
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطفاه الله رحمة للعالمين سيدنا
محمد وآله وصحبه أجمعين . أمسا كسد .
فحيدما تجلت رحمة الله تعالى على العالم ؛ وأراد الله له الهداية ؛ بعث
شمس الهداية بالدعوة الربانية : دعوة الخير والحق ؛ على يد هادي البشرية
ومنقذها من الضلال وهاديها إلي الدور والسعادة ؛ الذي كانت دعوته ورسالته
مباركة ؛ رحمة في الدنيا والآخرة .
بتبليغها على خير وجه . وسلك أصحاب رسول الله تن طريقه في تبليغ الدعوة
ودرج المسلمون في عصورهم الزاهية على ما كان عليه السلف الصالح رضوان
السعادة والسيادة ؛ وتكونت الأمة الإسلامية في أوج عظمتها وسيادتها وعزتها +
فقهرت الفرس والروم ؛ وزلزلت عروش الأكاسرة والقياصرة ؛ ودانت لهم ١ لبلاد
بفضل الله ونصره وتمكينه ثم بسبب دعوتهم إلى الله .
ولما ترك المسلمون دعوة الإسلام وأهملوها وابتعدوا عن مصدر عزهم
ومجدهم ؛ وأهملوا كتاب ربهم ؛ وفقدوا صلتهم بأخلاق القرآن وآدابه وهدايته
وتشريعاته المباركة مالت الراية الإسلامية ؛ وتمزقت الدولة العظيمة بسبب تهاون
المسلمين في دعوتهم وبمؤتمرات الأعداء من الصليبين الذين توصلوا إلى تحخطيم
الطود الشامخ وذلك إبعاد المسلمين عن دعوتهم وعن مصدر عزهم ومجدهم
وسيادتهم ؛ ثم جاء المستعمرون وأذنابهم من بعض المستشرقين يفسدون في
الأرض فسادا +
© فعلينا أيها اللسلمون ! العودة إلى مصدر عزنا وشرفنا ؛ وقد كان
من رحمة الله بالإنسانية أن جعل دعوته شاملة لسائر الناس ؛ ودائمة على مر
الزمان كله ؛ وبث فيها من التعاليم ما يضمن لهم تحقيق السعادة في الدنيا
والآخرة . (مقتبس من كتاب مستلزمات الدعوة في العصر الحاضر) ٠
الله هذه ؛ وبدونها لا استقرار ولا سيادة ولا سعادة » لا في الدنيا ولا في الآخرة +
لأنها وضع خالق البشر الذي يعلم مصالح عباده في الدنيا والآخرة : ألا يعلم
من خلق وهو اللطيف الخبير » الملك : ١6 . فالأنبياء والرسل الكرام - عليهم
السلام - أرسلهم الله لأجلها ؛ فهي دعوة وشريعة صالحة لكل زمان ومكان
ولكل عصر ومصر . يقول شاعر الشرق محمد إقبال رحمه الله تعالى :
بار م ل لان لا ال الا الله
© معناه والله أعلم : أن هذه الكلمة أي «لا إله إلا الله إكشجرة طيبة
أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها 6 إبراهيم :16
لا تحتاج إلى فصل من الفصول : الربيع والخريف والشتاء والصيف . بل مهما
«لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ تفلحوا . اه .
فرغم أن الإسلام دين ميسر مطهُّر مطهّر يطهّر الأبدان والأرواج من الأوساخ
الشركية والبدعية ؛ وهو على قدر طاقة البشر وفي مصلحتهم ؛ رغم ذلك » فإن
والدنيا والنفس والشيطان ؛ ولعب بهم الضلال فوقفوا من الدعوة الإسلامية
(دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام» موقف الترك أو المعارضة والمجادلة وامحاربة
وبعد ذلك عاشوا في اضطراب وتنازع وقلق وحيرة ؛ ونحن نتقدم بالدعوة
الإسلامية لسار البشر من أجل تحقيق سعادة أصيلة وشاملة للناس أجمعين »
لأنه لا خلاص في غيرها ولا سعادة في سواها .
© فيا إخوتي في الله ! لا يخفى على أحد من المسلمين اليوم أن تشتتهم
الحالي كفاية لخذلانهم ؛ فعلينا أن نرجع إلى ربنا » ونترك الاختلاف في المسائل
العلمية الفرعية ؛ لكى لا تتوسع الجروح والقروح في الأمة المجروحة
للأسف ! صارت حالة أكشر المسلمين اليوم : أنهم لا يعرفون حال من
يقودهم . ولا يدرون أين يذهبون ؟ بل كما يقال في المثل للجاهل : أين تذهب؟
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
فهذا هو حال أكثر المسلمين اليوم أنهم لا يدرون إلى أين ذاهبون؟ فبهذا السبب :
صار كلامهم ظلمة ؛ وعملهم ظلمة ؛ ومدخلهم ظلمة ؛ ومخرجهم ظلمة ؛ والله
أعلم بمصيرهم يوم القيامة ؛ عإلى وادي الظلمات والنيران؟ أم إلى وادي
الفردوس والجنان ؟
© هم عطشى فمن يسقيهم شراب الإيمان ؟ ومن يعين هؤلاء الغارقين
والأهواء ؛ بعضها فوق بعض ؛ وهم رافعوا أيديهم ورؤوسهم في بحر الظلام ؛ ولا
يظهر منهم إلا الأصابع يشيرون بها كأنهم ينادون : الغوث الغوث ! أيها
© إخوتي في الله ! فهل إلى رجوع من سبيل؟ بأن نترك الاختلاف
والمناظرة والمجادلة في الجزئيات ؛ ونلقيها في سلات الاختلاف ؛ فإن ظرفه واسع
؛ ونجتح للسلم » ونستبق إلى الخيرات » وتختار أسلوب الاستفسار والإستفهام
الذي تنحل به الاختعلافات ؛ وتذهب به الأسقام ؛ لكي نخرج نحن ؛ ونخرج
إخوتنا الغارقين في بحار الظلام والشبور ؛ إلى الدور والحبور والسرور ؛ بإذن الله
الودود الغفور , وما ذلك على الله بعزيز ٠
في السماء ؛ تحمل ماء الرحمة والوفاء ؛ وم نتم انظر إلى البلاد الميتة امحرقة
للمسلمين في أنحاء العالم ؛ ثم امطر عليهم مطر الخير والرحمة والبرد ؛ حتي
تُطفا الدار الموقدة من جهة أعدائنا وأعداء الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه .
لوكن شمساً كالتي تسبح في الفلك وتطلع على هذه الجهة في وقت
وتنور بنورها وضوئها أهل الشرق ؛ من كانوا وحيث كانوا في البر والبحر؛ ثم
تغرب عنهم لتطلع على جهة أخرى ؛ فتجري في الفلك ؛ وتنور بنورها وضوئها
أهل الغرب والشمال والجنوب في أوقات مختلفة ؛ حتى تعم بنورها جميع أهل
فهذا هو شأن المؤمن الذي نور الله قلبه بنور الإيمان , والذي محياه وتماته
لله رب العالمين ؛ يسيح في الأرض كالشمس :؛ و يطلع على هذه الجهة في وقت +
وينور بدور إيمانه أهل الشرق مَن كانوا وحيث كانوا في البر والبحر ؛ ثم يطلع
على جهة أخرى ؛ ويسيح في الأرض وينور بنور إيممانه أهل الغرب والشمال
والجنوب في أوقات أخر ؛ حتى ينور بنور إيمانه جميع أهل الأرض ؛ ليكون الدين
كله لله ؛ فهذا هو معنى قول الشاعرالذي يصف المؤمن من أهل الإيمان باللغة
الأردية ويشبههم بالشمس في جريها وإيصال نوره وضوئه إلى أهل الأرض ومن
عليها . يقول رحمه الله
© قال أبو طلحة : بل وشأن المؤمن أعلى وأولى وأبقى وأرفع وأدوم
وأخلد من الشمس ؛ لأن المؤمن الحقيقي يستفاد من نور إيمانه وتتدور به القلوب
المظلمة بعد موته وبعد إقباره في الأرض ؛ ويخلد في الجنة أبد الآباد بإذن الله
ورحمته ؛ ولايموت فيها قط بعد موتته الأولى . والشمس ليست كذلك +
الجنة بل ولا دخول لها وقد قال تعالى : بلا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً
الإنسان : 17 2 قال القرطبي رحمه الله : [فالمعنى لا يرون فيها أي في الجنة-
© وذكر صاحب «تنوير الأذهان من تفسير روح البيان» في تفسير قوله
تعالى : إإذا الشمس كورت » التكوير ٠: :
© وقيل : معنى «( كورت » ألقيت من فلكها في النار ؛ وقد ورد «إن
عن أبي هريرة مرفوعا انظر الدر المنشور : 918/95 ١)
الحر في جهنم ] اهما ذكره صاحب «تنوير الأذهان» ] . والله أعلم بالصوابب ٠
قال أبو طلحة : اتصل بي أحد الأمريكان بواسطة الهاتف قبل ثلاث سنوات من
كتابة هذه الأسطر ؛ وذلك بعد صلاة العصر إذ كنت بمقر عملي بمطابع الرشيد
بالمدينة النبوية ( على صاحبها أفضل الصلاة والسلام) , فبداً يتكلم معي - باللغة الإنجليزية
والعربية - بصوت فيه شيء من آثار البكاء والسرور كأنه وجد ضالته ؛ فبدأ
يسأل عن كتابي «جبال الذنوب وسيل الغفران» وغيره من مؤلفاتي
ائي وما أمرنا به المصطفئ صلوات الله
مولاي بتوفيق مده سبحانه - والحمد لله - بعد أن غصيته غشرين سئة وبارزته في
السر والعلن ولا أبالي » وذلك بعد قراءة كتابك «جبال الذنوب وسيل الغفران» ثم
كتابك «نور على نور في ذكر الله والصلاة والسلام على الرسول؛ ته
استعرتهما من أحد المسلمين في المسجد؛ ووجدتهما منبع الخير والصلاح
والطمأنينة والراحة ؛ وألفيت بعد قراءتي ليناً في قلبي القاسي المكدر ٠
© وقال : إن العالم الأمسريكي يمر بمرحلة حرجة في هذه الآونة بالرغم
من وجود ناطحات السحا ب ؛ والأموال الطائلة ؛ والدخل الكبير للفرد
الأمريكي ؛ فهؤلاء والله - وأنا منهم - يجدون جميع أنواع الروح والراحة
مالا يتوفر لغيرهم ؛ ومع ذلك كله لا يجدون الراحة ولا حلاوة الحياة
فكلهم في قلق وحيرة وشك ويبحشون عن الراحة والطمأنية ولا يجدونها +
ضالتي بعند قراءة كتابك الذي قد مُلئّ من رحمة البارئ الواسعة ؛ وكانت هذه
على غير المسلمين في أمريكا وغيره من البلاد ؛ يقبلونه كالمستلذ الأعظم دونه
كل مستلذ ؛ ويستفيدون منه كأحسن ما يستفيد أحد من شيء مرغوب ومطلوب
ومحبوب إليه ؛ ولا هدية أعظم منها لهؤلاء الحيارئ في حياتهم الذين يبحثون
عن السكون والطمأنينة ولا يجدونها قط ؛ وذلك حسب ما أرى في هؤلاء
وما أقصر نظري لأنني كدت واحداً من هؤلاء المرتكبين للفواحش ما ظهر منها
© ثم قال : أريد جميع مؤلفاتك يا أبا طلحة ! فكيف أجدها؟
حسبت أنه أحد الزائرين أو المعتتمرين نزل المدينة النبوية ؛ فسألته عن مقره في
الفندق ورقم الغرفة وعن اممه كذلك ؟ فقال : اسمي عبدالحميد وأتكلم
أمريكا ررقم هاتقه رهر : ( 7807 1-“ول7-حاق ١ )-
بيني وبين الأخ عبدالحميد ما يقارب 48 دقيقة على الهاتف ؛ وعطشه الشديد
إلى دين الله ورغبته فيه وبحثه عن رحمة الله عزوجل وكيف يحصل عليها؟
نحن من إبلاغ رسالات الله وقد قال تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس
تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر » آل عمران : ١ 1٠١
© وورد في الحديث الصحيح عن سيد الأنبياء َه «بلغوا عني ولو
آية» مع أن الأمة عطشها شديد إلى دين الله ؛ وترغب في أن ترجع إلى رحمة
الله ؛ ونحن جالسون في بيوتنا ؛ نائمون في نوم الغفلة ؛ واليهود والنصارئ
يهودون وينصرُون أمة محمد عل المسكينة الفقيرة في ديارهم المدمرة بإستعمال
المادة وبجنودهم المجندة المنتشرة في أنحاء العالم أجمع ٠
موضوع الدعوة وأهميتها في دين الله ؛ وواجب المسلمين والدعاة نحوها ؛ وغفلة
الأمة عنها مع عطشها إلى سلطان الأديان (الإسلام) وأسميسه:
(شم عطشى' من يسقيهم شراب الإيمان ؟)
فوفقني الله لهذا العمل السني بسبب أخي المسلم الأمريكي العطشان إلى رحمة
الرحمن . وبدأت فكتبت في المرحلة الأولى ما يقارب ١١١ صفحة في هذا
ثم توقف العمل بسبب انشغالي في غيره من المؤلفات ؛ ولم يتيسر لي
إتمام هذا الكتاب إلى فترة من الزمن ٠
© وهنا ينبغي أن لا أنسى ذكر أخي في الله «الشيخ عبدالقادر صادق»
جزاه الله جزاء الأبرار وأجر الأخيار وأطال المولى بقاءه بالعافية والمعافاة وهو
أحد الأخيار الوجهاء بطيبة الطيبة الذي مازال يشجعني على إتمام هذا الكتاب
وذلك بعدما قرأ قصة الأمريكي المذكور ؛ حيث أهدى إلي جهاز كمبيوتر
لإكمال هذا الكتاب خاصة ولغيرها من المؤلفات عامة ٠
فها هو الكتاب بين يدي القاري قد وفقني الله لإتمامه والحمد لله حمداً لا
انقطاع له.؛ وليس إحسانه عنا بمقطوع .
وأود لو يوفق الله أحد أهل الخير بطباعته على نفقته الخاصة ابتغاء
مرضات الله تعالى ؛ كما أتمنى أن يترجم كتابي «جبال الذنوب وسيل الغفران»
الأرض ومغاربها ؛ ولجميع الجماعات والمراكز الإسلامية والمكتبات بمختلف
أبواعها الإذن بطبع جميع مؤلفاتي وترجمتها للغات المحلية بدون الرجوع إلى
المؤلف مهما كانت تجارتهم مع الله أو مع الناس فلا مانع لدي من ذلك ٠
© نعم لو أراد أحد أهل الخير نشر بعض مؤلفاتي بسعر زهيد وقليل
فعليه أن يرجع إلى المؤلف لأن أفلام جميع الكتب واللرحات (التي تسبب السعر
الزهيد في نشر الكتاب مرة ثانية وثالثة) توجد لديه . والله الموفق ٠
© واعلم أن الكتاب مشتمل على خمسة أبواب رئيسية : فالباب الأول
مشتمل على أساليب أعداء الإسلام لطمس نور الإسلام على وجه الأرض +
والملشكلات الخارجية التي تنبع من خارج الدعاة ؛ وتأتي من قبل أعدائهم
لتعوق دعوتهم ٠
وذلك ليعلم الدعاة مدى اهتمام أهل الباطل وجهودهم لنشر أديانهم
الباطلة الضالة وكيدهم لطمس نور الإسلام من وجه الأرض ؛ ثم يقوموا
(أهل الحق) أهل الإسلام ضد هؤلاء الكفرة الفجرة بأموالهم وأنفسهم لنشر
دعوة الحق وإخراج الناس من الظلمات إلى الدور . فهل من مدكر ؟
هذا وأسأل الله سبحانه أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم ؛ وأن
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
أبو طلحة محمد يونس عبدالستار
المدينة النبوية
على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم