الإغريق الصلاة نشاطا للقلب (2:018»), لكن تلك التسمية لم تُضمر أن
الصلاة تجربة عاطفية فقد كان «القلب» يمثل مركز الإنسان الروحى, ما
فقد يبدو تحريم إيفاجريوس ل «الأحاسيس» نزقا مستغربا بيد أنه؛ وفى
جميع الموروثات العظمى أعلن المعلمون على الدوام أن الرؤى الأصوات
ومشاعر الورع والتفانى قد تكون إلهاء بعيدة كل البعد عن كونها ضرورية
طقوس العبادة صاخبة وغير مقيدة: ويزعم إلهام من «الروح القدس» كان ثمة
أحاديث بلغات غريبة وحالات غشية ونبوءات تلقائية لكن القديس بولس أبلغ
بحزم أهل كورينثوس ممن تنصروا؛ أن حالات الانتشاء تلك لابد أن يُبِقَى
عليها داخل الحدود المقبولة؛ وأن الإحسان كان يفوقها أهمية بكثير فالقاعدة
الراسخة فى كل الديانات الكبرى هى وجوب إدماج التجربة الدينية بنجاح؛
فى الحياة اليومية إذ إن الروحانية المشوشة تجعل من ممارسها إنسانا حالماء
غريب الأطوار لا يمكنه التحكم فى نفسه وكل تلك دلالات سيئة حقا
المركزية هدف الكثير من نظم التامل مثل اليوجاء أو السكيئة الباطنية فو
فطام العقل والقلب عن أساليب الإدراك المبتذلة المعتادة والمساعدة على
الككشاف مدئ لتجارب جديدة: كان تثمية المشاعر واللخاسيس الغانية
والاستغراق فيها يعنى أن المتأمل يظل أسير مدئ عقلى من المفترض له
التسامى عليه كما أنه لا يجوز للمتأمل الاضطلاع بهذه الرحلة فى أعماق
العقل من دون توجيهات معلم أو مرشد روحانى فالفوص فى اللاوعى
مخاطرة وبإمكان المرشد الجيد توجيه تلاميذه عبر تقلبات المزاج الخطيرة إلى
حالة السكينة الباطنية الصمت المتجذر لدى مستوى من النفس أكثر عمقاً من
كانت حياة رهبان الضصحراء بالغة الرتابة وليس من قبيل المصادفة أن
نظّموا حياة تنسكية ترعى احتياجاتهم تختلف التفاصيل من ثقافة إلى
أخرى لكن التماثلات لافتة وُجد أن الانعزال عن العالم؛ الصمت التنظيمات
يوم - وُجد أنها تدعم الممارس للتأمل خلال رحلته التى كثيرا ما يكون فيها
وحيدا؛ تُجِذّره فى الحقيقة وتفطمه عن الاستثارة والدراما التى تتعارض مع
الخبرة الدينية كانت تلك الممارسات تزود المتأمل بالاستقرار اللازم لمجابهة
الحالات الوجدانية المتطرفة التى يتعرض لها دائما الراهب اليوجىء أو
الباحث عن السكينة الروحية 1168011854 حينما يُنظر إلى التجربة الروحية
إلى فقدان الصلة مع الإيقاعات النفسية للحياة الباطنية لم يكن السعى إلى
من الصلاة تسمه رؤى تحوز على الإعجاب غير متاح سوى لنخب من
الممارسين من المؤكد أن الرهبان كانوا هم الملتخصصين لأنهم كانوا يكرسون
أنفسهم لهذا النشاط الروحانى طوال الوقت بيد أن عامة الناس كانوا
يمارسونه أيضا كان من المفترض أن يكون جوهر كل الممارسات المسيحية -
اللاهوتية, الشعائرية نشاط التأويل الأفعال الأخلاقية والإحسان - هو
التوجه الصامت المتحفظ المتنسك لم يكن هذا حصرا على المنعزلين بل كان
بالإمكان خبرته فى العبادات العامة والصلآت الإنسانية كان جريجورى
-77١( 7408) من مدينة نيسا هو أحد أشهر الداعين إلى لاهوت الصمت
الجديد كان متزوجاء وعمل خطيبا محترفا إلى أن أصبح أسقف نيسا
شارك على مضض, فى الجدل السياسى حول توجه آريوس شعر بالقلق من
تلك الخلافات اللاهوتية؛ إذ إنه رأى أن من المستحيل حسم الخلاف حول
التعاليم المسيحية من موقع سلطوى متباعد فاللاهوت يعتمد على الممارسة؛
رأى أيضا أننا لا نستطيع مناقشة الله عقلانيا بأسلوب مناقشتنا للكائنات
العادية لكن هذا لا يعنى التخلى عن التفكير فى الله علينا الدفع بأنفسنا
قدما ويعقولنا إلى حدود ما بإمكاننا معرفته ثم الهبوط إلى أبعاد أكثر عمقا
حتى ظلام اللامعرفة والاعتراف باستحالة وجود وضوح نهائى ويعد الإحباط
البدئى ستدرك الروح «أن الإرضاء الحقيقى لرغبتها يتكون من الاستمرار
الدائم فى مسعاهاء وعدم التوقف أبدا فى صعودهاء حيث ترى أن كل تحقيقر
لرغبتها يولّد باستمرار رغبة فى الوصول إلى الأعلى المتسامى» على المرء أن
يترك خلفه «كل ما يمكن إدراكه من خلال العقل» بحيث يصبح «الشىء الوحيد
المتبقى للتأمل هو غير المرئى المستعصى على الفهم»
كان بإمكان جريجورى أن يرى أن تلك المسيرة كانت فاعلة فى حياة
موسى كان لقاؤه الأول مع الله هو الكشف لدى الشجرة المتوهجة حيث عرف
ُبّقَى عليه كل لحظة بعد هذا الكشف الاستهلالى مضى موسى مثل كبار
الفلاسفة يشغل نفسه بتفحص متهجى للعالم الطبيعى لكن وفيما أن
بإمكان الطبيعة أن تقودنا إلى التوصل إلى «الكلمة» الذى من خلاله صنع
العالم فليس بإمكانها أن توصلنا إلى الله ذاته بيد أنه حينما تسلق موسى
الجبل وولج الظلام الدامس على قمته؛ كان فى المكان الذى به الله هذا على
الرغم من عدم رؤيته أى شىء كان قد ترك فى نهاية المطاف أساليب الإدراك
المعيارية خلفه ووصل إلى نوع من الإبصار مختلف تماما حدس بعد أن
الموجودة أبعد من متناول الألفاظ والمفاهيم وحينما يفهم الساعى إلى تلك
السكينة الباطنية 1165011856 هذا ء يدرك أن أية محاولة لتعريف الله بوضوح
كان جريجورى يعرف أن بيان نيقيا قد أدى إلى تشوش مسيحيين كثيرين
كيف يتأتى أن يكون للابن طبيعة الأب ذاتها دونما أن يصبعح إلها ثانيا؟
ولأنهم لم يكونوا على معرفة بالمصطلحات اليهودية التقليدية شعروا بالحيرة
إزاء هوية الروح القدس قضى باسيليوس شقيق جريجورى الأكبر وأسقف
أن يتوقف المسيحيون على التفكير فى الله على أنه مجرد «كائن» أكبر من
أنفسهم وأكثر قدرة ليس هذا هو الله كان المبدأً الجديد للخلق يوضح أنه لا
سبيل إلى معرفة الله فلا تستطيع عقولنا سوى التفكير فى الكائنات الموجودة
فى الكون؛ ليس بوسعنا تخيل «العدم» الذى منه تشكل العالم لأننا لا
إن كل حركة أصولية درستّها سواء كانت يهودية؛ مسيحية أو إسلامية
هى حركة متجذرة فى مشاعر عميقة بالخوف بالنسبة لديكسون وزملائه
فى العصور الحديثة كان التوجه الأصولى تنويعة دينية على انعكاسات حالة
القلق والخوف التى تفشت فى أعقاب الحرب العظمى والتى جعلتهم يشوهون
العقيدة التى كانوا يحاولون الدفاع عنها كانوا مستعدين لخوض المعارك
لكن كان من المحتمل لهذا الصراع أن يظل داخل أذهانهم المشوشة لو لم
ينتقدوهم على أساس إنجيلى وعقائدى قاموا بتوجيه الضربات إليهم؛ وبدون
فى فترة ما بعد الحرب وكانت ضربات موجعة محسوية فى زمن الصدمات
والرضوض القومية الأليمة أثارت الحنق؛ والغضب الجامح والتصميم على
الثار
- كحركة دفاعية قعادة ما تكون تلك الحركات ردود أفعال على حملات يشنها
أناس من نفس الدين؛ أو مواطنون لهم ويشعر من توجه ضدهم أنها عدائية
فى عام 1917 وأثناء فترة قاتمة من الحرب؛ شن اللاهوتيون الليبراليون
بكلية اللاهوت بجامعة شيكاغو هجوما إعلاميا ضد معهد موودى الإنجيلى
بالجانب الآخر من المدينة اتهموا من يؤمنون بالقراءة الحرفية للإنجيل بأنهم
يعملون لحساب الألمان وشبهوهم بالبلاشفة ال"ملحدين وفقا لما ذكرته مجلة
كريستيان رجيستر فإن لاهوتهم «أكثر فكر دينى زيغا وضلالا» رد
للحرب هو السبب فى تآخر أمريكا عن سباق التسلح؛ كما أنهم هم من
أدى إلى انهيار القيم فى ألمانيا لعقود عدة ظل النقد الأعلى محاطا بهالة
من الشر سنجد أن هذا النمط من الرمزية؛ الذى يدقع بالجدل خارج نطاق
رسمياً جمعية الأصوليين المسيحيين العالمية «للقتال من أجل بقاء المسيحية
والعالم أيضا» وقى نفس العام وأثناء انعقاد مؤتمر المعمدانيين الشماليين
استراد مناطق استولى عليها «المسيح الدجال» و«يخوض معركة ضخمة فى
سبيل أصول العقيدة» انتشرت الحركة ويعد ثلاثة أعوام؛ حقق الأصوليون
نجاحا كبيراء ويدا الأمر وأنهم فى سبيلهم لأن تكون لهم اليد العليا قى غالبية
الطوائف اليروتستانتية لكن حدث وأن استولت معركة جديدة على اهتمامهم
تسببت فى وصم الأصولية لبضعة عقود على الأقل
فى عام 1967٠ شن رجل السياسة الذى ينتمى للحزب الديمقراطى ويليام
جنينجز بريان (140- 14705) حملة صليبية ضد تدريس نظرية التطور
استبعاد «النقد الأعلى» من قمة أجندة الأصوليين ووضع الداروينية مكانه
رأى المسألتين مرتبطتين عن كثب لكنه اعتبر التطور أعظم خطرا بكثير كان
ثمة كتابان «ليالى مركز القيادة» (/1411) للكاتب قرنون إل كلوج, و«علم
قرار ألمانيا بإعلان الحرب أقنعت تلك «الأبحاث!» بريان بأن نظرية التطور
حملت معها نذر انهيار الأخلاق والحضارة السليمة وعلى الرغم من أن
تساور الناس من العلم»؛ ومن ثم وجد جمهورا راغبا فى الإنصات إليه حينما
جماهير عريضة وحازت على تغطية إعلامية واسعة لكن تسبب تطور غير
متوقع فى الجنوب فى أن تحتل الحملة مكانة أعظم أهمية ولفتا للأنظار
الشمالية لكن الجنوييين أصبحوا يهتمون بالتطور الذى أثار قلقهم عام
ولويزيايا قوانين تحظر تدريس نظرية التطور بالمدارس الحكومية وكرد فعل
على هذاء قرر مدرس شاب بولاية تنيسى؛ اسمه جون سكويس توجيه ضرية
لصالح حرية الكلام؛ واعترف أنه خرق القانون وقام بتدريس نظرية التطور,
وفى يونيو 19705 مثل أمام المحكمة أرسل ١اتحاد الحريات المدنية الأمريكية»
دارو (/1801- )١974 وحينما وافق بريان على أن يتحدث دفاعا عن القانون
المعادى لتدريس التطور تحول موضوع المحاكمة عن الحريات المدنية وغدا
مناظرة بين الدين والعلم
ومثل كثير من الجدالات الأصولية العنيفة, كانت محاكمة سكويس صداما
بين وجهتى نظر متناقضتين لا مجال للتوفيق بينهما كان كل من دارو وبريان
المتعلمين وليس لديهم فهم صحيح للعلم ويشعرون أن النخب المثقفة كانوا
يفرضون قيمهم على عامة الأمريكيين لكن الذى حدث فى واقع الأمر هو أن
الضرورية للمشاريع والأبحاث العلمية خرج دارو فى نهاية المحاكمة بطلا
للفكر السلس الواضح العقلانى, فيما نُظر إلى بريان على أنه شخص أخرق
متلعثم ظاهرة خارج سياق التاريخ لا علاقة له تماما بما يحدث فى العالم
ضاعف من رمزية ما يمثله بأن توفى بعد بضعة أيام من المحاكمة أدين
سكويس, وتكفل اتحاد الحريات المدنية الأمريكية يدفع الغرامة نيابة عنه لكن
المنتصرين الحقيقيين فى تلك المحاكمة كانا هما العلم ودارو
أثناء المحكمة ويعدها نشطت أيضا الكتابات الصحفية وتألقت كان من
بين أكثر الكتابات اللافتة هى مقالات وتقارير الصحفى إيتش إل منكن
)١503 -1/84( الذى هاجم الأصوليين بصفتهم محنة ابتليت بها الأمة لفت
الأنظار بشماتة إلى أن بريان الذى كان يحب سكان الريف الأجلاف بمن
فيهم «الرئيسات من القردة والبشر البدائيين البلهاء» قد قضى آخر أيامه؛
كل مكان: موجودون «بكثافة فى الشوارع القذرة خلف مصانع الغاز
موجودون فى كل مكان به التعليم يمثل عبئا ثقيلا لا تستطيع العقول أن
تتحمله حتى التعليم البسيط المزرى المتاح قى المدارس الصغيرة الحمراء»
رأى أنهم أعداء العلم والحرية وأنهم ليس لهم مكان مشروع فى العالم
الحديث أما الكاتب ماينراد شييلى فذهب إلى أنه لو تمكن الأصوليون من
التحكم فى جميع الطوائف وفرضوا آراهم المتعصبة على الشعب الأمريكى»
فسيدفعون بأمريكا عودة إلى العصور المظلمة
شعر الليبراليون آثناء المحاكمة التى جرت فى دايتون, بالتهديد حينما
تعرضت حرية التعبير والبحث الحر للخطر كانت تلك الحقوق مقدسة ليس
وبصفتها هذه؛ فهى غير قابلة للانتهاك أو التجاوز أو التفاوض أما
فصاحة قد أقسموا على القضاء على الدين فقد رأوا المبدأ الجديد القائل
بعصمة الإنجيل مقدساء ليس فقط بسبب مصداقيته الربانية؛ بل لأنه كان يمد
الناس بالضمان الوحيد لليقين فى عالم غدا غير يقينى بتزايد سنرى أنه
ستقع؛ فى المستقبل صدامات مماثلة فى المراحل المختلفة لمسيرة التحديث
بين من يعتقنون أفكارا متضادة عن المقدس كان المتدينون قد وجهوا
ضربتهم من أجل القيم التى شعروا أنها معرضة للأخطار ورد الليبراليون
بتوجيه ضربة أكثر عنفا فى البداية بدت الهجمة الليبرالية وأنها انتصرت
عن النفس, كما سيفعل الأصوليون من الديانات الأخرى فى المستقبل وأقاموا
فى معازل للأتقياء والصالحين وسط عالم بدا معاديا للدين وأقاموا كنائسهم
وفى نهاية السبعينيات وحينما اكتسب مجتمع الثقافة المضادة هذه القوة
أما أثناء سنوات التيه السياسى التى قضوهاء فقد غدا الأصوليون أكثر
راديكالية وأضمروا مشاعر الأسى والظلم العميق المتنامى ضد ثقافة التيار
مكتية الأسرة - الله لماذا 5 - ٠7١٠١ ا الع