« أبو عبد الله الناتلى » وبعذ ذلك بدأ ١ ابن سينا » يتعمق فى
درس الآداب والعلوم الشرعية والهندسة والفلك وعلم النفس
والاجتماع والرياضيات والموسقى .
وكان أول ما درسه ١ ابن سينا » من العلوم الفلسفية أعمال
الفيلسوف اليونانى « أرسطو» + وأعمالَ عظماءٍ الفلسفة
)) العربية أمثال : ١ الفرابى » و 3 ابن رشد » » وقد برع « ابن سينا »
جيعًا بالتفوق والنبوغ والامتياز » وتنبأ له الجميُ بمكانة
سامقةٍ بين العلماء والفلاسفةٍ منذ صغره » وقد صدق ظن
أساتذة «ابن سينا» فى تلميذهم النابه » فقد حقق تقدمًا
بالعالم الصغيرٍ قبل أن يصل إلى مرحلة الشباب !
كان «ابن سينا» شغوقًا بالعلم والحكمة إلى أقصى
درجاتٍ الشغف والولع ولذلك فقد أكب « ابن سينا » على
كتب القدماء ينهل منها المعرفة» وراح يُبجر بين سواحلٍ
توافًا للإحاطة بكل أنواع المعرفة » وكأنَ العام الصغيرٌ كان
يأبى على نفسه أن يحمل لقب العالم الصغير ولا يرضى لنفسه
إلا بلقب ١ الشيخ الرئيس » !
لذلك لم يكتف ١ ابن سينا » بالتعمق فى ناحية واحدة من
المعرفة ؛ وراح يغوصُ فى أعماق ث شتى أنواع المعارفٍ والعلوم ©
وكانت الفلسفة وقتها هى جامعة العلوم © فلم يكن من
الممكن دراسةٌ الفلسفة دون دراسة الفلك والكيمياء والرياضيات
والطبٌ والمنطق وعلم الاجتماع والموسيقى » أى أن العالِمٌ كان
عليه أن يدرس كل هذه العلوم والمعارفٍ ويتعمق فيها حتى
يصبحَ من علماء أهلٍ الزمانٍ "٠
وعلى الرغم من أن دراسة الحكمة بكل علومها وفروعها من
المسائل والأمور التى لا تطيقها سوى العقول الجبارة النابغة » فإن
"ابن امنيا قد كن من الإبحار بين شواطئئ الحكمة نت زيل
والغوص فى أعماق معارقها وعلومها بشتى أنواعها .
العلوم الأخرى التى تعلّمها وأنقنها » وكان وله هذا سيبًا فى
نبوغه فى الطب ؛ حتى أصبح ١ علم أعلام الطب » فى غعصره
وهو لم يزل بعد فى سن الشباب .
بين العلماء » فواصل بحثه وتعمقة فى علوم الطب والحكمة
حتى تفجرت عبقريثةُ ؛ وساد أهلّ زمانه من العلماء فى فرع
المعرفة وشتى أنواع العلوم بون وال را لما اا
شتَّى ميادين المعرفة +؛ حتى لقب بلقب ١ الشيخ الرئيس» ٍ
النبوغ الملبكر
ولكى ندرك مدى اللبوغ المبكر الذى أبداه ١ ابن سينا »
علينا أن نعرف أنه قد حقق قدرًا عظيمًا من الشهرة بين
الأطباء فى عصرة » حتى أن سلطان «بخارى» نفسَةُ قد
استدعاة السلطانٌ رغم حداثة سنه ) لكن العجيب أن
ابن سينا » قد نجح فى علاج السلطان ؛ وحقق ما عجز عن
تحقيقه جميعُ أطباء السلطنة ! وفرح السلطان بهذا العالم الشاب
وسمح له بالدخول إلى خزائن كتبه التى نحوى الكثير من
مؤلفات القدماء وكتب العلم والحكمة » وكان إِذْنُ السلطان
لابن سينا » بدخول مكتبته الخاصةٍ هو الكنرٌ الثمين الذى
ومع ذلك لم يكتف « ابن سينا » بهذا الإنجاز العظيم الذى
بلقب كبير أطباء السلطنة + لكن طموح « ابن سينا لم يقف
١ جرجان » القديمة ( إيران الآن) +
وكان ١ ابن سينا » كلما سمع عن عَلَم من أعلام العلم ©
أو رمز من رموز الحكمة والمعرفة ؛ شد الرحال إليه ليتلقى العم
تعددت أسفازُ ورحلاتُ ١ ابن سينا ١ » وطالت به الغربة في طلب
مما وصل إليه من مكانة باهرةٍ بين أعلام عصره وزمانة ٠
حفظت القرآن كله ؟ فقال نعم . وطلب منه الأستاذ أن يتلو
عليه عدة آيات لاختباره » فنجح « ابن سينا » فى الاختبار »
من الشعر » وعشرين رسالةٌ من رسائل الحكماءٍ والعلماء !
ودهش الأستاذ دهشة بالغةٌ وحملق فى « ابن سينا » ملا » ثم رك
التفت إلى والده وقال : سيكون لابنك هذا مستقبل عظيمٌ » إننى
أتنبأ له بأنه سيكون من أعلم العلماء وأحكم الحكماء .
ابن سينا الفيلسوف
ا الأطباء » » لكن براعته فى الفلسفة أيضًا تكن تقل بحالٍ عن
أيضًا فيلسوفًا عظيمًا من أبرز فلاسفة العرب » ولم يكن * ابن
سينا » مجرد دارس للفلسفة أو شارح من شرّاحها الذين نقلوا
الفلسفة اليونانية إلى اللغة العربية » وقاموا بالتعليق عليها
وشرجها » إنما كان « ابن سينا » بحتٍ من الفلاسفة أصحاب
لقد قرأ ١ ابن سينا » كتاباتٍ الفلاسفة القدماءٍ » وخاصة
فلاسفة اليونان » وتعمق فيها » ولم يكتف بقراءة هذه الفلسفة
والردٌ عليها فى ضوءٍ الفلسفة الإسلامية © وقد وضع «ابن
الدرجة التى جعلت أوروبا فى عصر النهضة » تنبهرُ بابن مبينا +
اللغات الأوروبية » كما قامت بتدريسها لطلبة الفلسفة .
وقد وصف الذين اهتموا بأعمال «ابن سينا » فى الغرب
من الفلاسفة الذين يمتازون بالقوة والتمكن والوضوح
والإسهاب المفصل فى شتى القضايا الفلسفية التى تثاولها +
لمعنونّ باسم « الشفاء » كان من أدقٌ وأعمتي وأضخم كتب
الفلسفة فى التاريخ عمومًا ؛ ويقع هذا الكتاب الثمينٌ فى ثمانية
عشر بلدًا » بالغ الدقة والعمتقٍ والوضوح !
وقد ظلت آراء ١ ابن سينا » الفلسفية تحظى بالاهتمام البالغ
علينا أن نتعرف على نظرته الخاصة للفلسفة وأهم قضاياها .
* الفلسفة عند ابن سينا +
يرى «ابن سينا» أن الهدف الأسَاسَئَ ؛ الأول والأخير
للفلسفة هو : العلم بالوجود ؛ وهو يقصد الوجودٌ المطلق ©
الرئيسى من الفلسفة غايةٌ فرعيةٌ هى : تهذيبُ النفس بهدف
الوصول بها إلى بلوغ النضج والسعادة والكمالٍ : أى أن
الهدف الأول للفلسفة هو إدراك الوجود المطلق والهدف
ُ الثانى هو الأخلاق » ويعتقد ١ ابن سينا » أن تحقيق الهدف
الثانى يتوقف عل تحقيق الهدف الأول ؛ لأن تهذيبٍ النفس
وترقية الأخلاتي من الأمور التى يستحيل تحقيقها إلا بعد
تحقيت المعرفةٍ الوجودية الكاملةٍ .
والفلسفةً عند «ابن سينا» ترتكز على عدَةٍ دعائم ©
لاتقوم الفلسفة إلا بها ؛ وهى : المعرفة ؛ والمنطق ؛
والأخلاق .
* المعرقة :
فالمعرفة عند ابن سينا » تتقسم إلى ثلاثة أنواع © هى :
معرفةٌ بالفطرة + ومعرفة بالفكرة © ومعرفة بالحذس .
وأرقى أنواع المعرقة هى المعرفة الحذسية + والذين يعتمدون
على هذا النوع من المعرفة هم أرقى أنواع البشر © ومنهم
الفلاسفة والأنبياءً .
خلال الحواس المادية المعروفة كالسمع والبصر ؛ إلخ » كذلك
فإن أولى مراحل الإدراك هى : الإدراك الحسئ © ثم الإدراكٌ
العقل © وهو الأرقى .
* المنطق + ب
وكانت المعرقة الحدسيةٌ ( العقلية ) أرقى من المعرفة الحسية +
فليس من شكٍ فى أن أحد أهم أسباب هذا الرُقى هو اعتمادٌ
الإدراك العقل والمعرفةٍ الحذسية على المنطق السليم .
لذلك يرى ١ ابن سينا » أن المنطقّ » هو : الآلة القانونية التى 3
'تعصم الذهنَّ من الخطأ فيما يتصوره العقل ويصدته ؛ وهذه با
على أسباب وسبلٍ ومناهج المنطت .
* الأخلاق +
من الفلسفة » وهو يرى أن الأخلاق لا تعدو كونا انقيادٌ البدن
للنفسٍ الناطقة.» أى تغلب النفس وسيطرتها على البدن ويعتقذ
«ابن سينا » أن السعادة لا تتحقق إلا عندما ينجح الإنسان فى.
إصلاح الجزء العملى من النفس » وأن نجاح الإنسانٍ فى هذه
المهمّة الحيوية لا يتحقق إلا عن طريق اجتناب الراذثل » وتكتمل
دعائمُ الفلسفة عند ١ ابن سينا » بمعرفة النفس .
ويُعتبرُ ١ ابن سينا » من أعظم الفلاسفة العرب الذين تناولوا
النفسٌ الإنسانية عمومًا ؛ والوجود النفسئ خصوصًا ؛ وقد
تحدث « ابن سينا » عن النفس فى أكثر من مؤْلفٍ من مؤلقاته +
ابن سينا عالم النفس
قلنا : إن ابن سينا كان من أعظم الفلاسفة الذين تناولوا
النفس فى مؤلفَاتِهم ؛ والواقع أن معرفة « ابن سينا » بالّفس ؛
كان أغلبٌُ العلماءٍ والحكماءٍ والأطباءٍ لا يلتفتون إلى الأسباب
النفسية الكامنة خلفٌ الأمراض التى تهاجِمْ الجسم البشرئّ ©
أما ١ ابن سينا » فقد كان على خلافٍ سائِر الحكماء والأطباءٍ فى
استضافه الأميرٌ ١ قابوس » الحاكمُ على المدينة » » وقد تصادف
وقنها أن كان أحدُ أقرباء الأمير مريضًا » وأشرف المريض على
الموت بعد امتناعه عن الطعام والكلام » فدُعى « ابن سينا »
بدنيا ٠ عندئذٍ خطرت لابن سينا فكرةٌ + فأمسك بيد المريض
وطلب من أهله أن يذكروا له أسماء شوارع مدينة « جرجانٌ»