وتفهّمه: حينئذ يعلم مقداره»”'"» «وصاحب البيت أدرى بالذي فيه».
ولايفِي هذ المقامٌ للإفاضة في الحديث عنه وعن كتابه» وتكرارٌ المعلوم
المشهور لايجدي. ولذا سأقصر الحديث هنا عن ثلاثة جوانب:
الجانب الثاني: الأصول التي اعتمدتها في إخراج السنن.
الجانب الثالث: منهجي في خدمة السنن.
)١( «رسالة أبي داود» ص 758 49 45 من الطبعة التي صدرت بتحقيق شيخنا سنة
17 بعد وفاته رحمه الله تعالى؛ بنحو شهرين .
الجانب الأول
رواة سنن أبي داود عن مؤلفها
لا ريب أن الذين سمعوا كتاب السنن من مصنفه عدد كبير من أهل
الحديث وطلابه خلال فى ة أقذرها نحو خمسة وثلاثين عامآ إن صح
الخير -.
ذلك أن الخطيب قال في «تاريخةه!":
على أحمد بن حنبل فاستحسنه واستجاده» فإن صح هذا: فوفاة الإمام أحمد
سنة 74١ ووفاة أبي داود سنة 775؛ عن ثلاثة وسبعين عامآًء فبين وفاتيهما
أربع وثلاثون سنة؛ يضاف إليها الفترة القي قبل وفاة الإمام أحمدء ليتستّى له
الاطلاع فيها على الكتاب.
وعلى هذا: فيكون عُمُر الإمام أبي داود حين فراغه من تأليف كتابه نحو
وفي السنن مواضع يسيرة جداً يقول فيها أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل
رحمه اللهل"؛ فقد يُستأنس بها أيضاآً على عدم صحة هذا الخبرء ولاسيما أن
)0 4م وبعضهم ينقل هذا الخبر بصيغة الجزم؛ وقد وقع هذا للإمام أبي طاهر
في «مختصرها» 141:7» والعلامة الأمير في «لَتَ
جطة» ص 787» والمباركفوري في «مقدمة تحفة الأحوذي» :١
الخطيب مرّض الخبر بكلمة «يقال»؛ وبأن أيا داود صانف «سئنه»
بطرسوس عشرين سنة؛ وعُمره يوم وفاة الإمأم أحمد تسع وثلاثون
الموضعين المذكورين في أوائل السنن. ويعكّر على هذا الاستثناس باحتمال
الحديث: مناسيةٌ زمنية حصلت في السنوات الأخيرة من عمره المبارك رحمه
الله تعالى.
قال الذهبي في «الشير»'": «سكن البصرة بعد هلاك الخبيث طاغية
الرّنج؛ فنشر بها العلم؛ وكان يتردد إلى بغداد».
وفي «تاريخ بغداده”"": «خرج من بغداد آخر مراته في أول سنة إحدى
في النصف من شوال سنة 1779
وقصةٌ سكناه البصرة رواها الخطابي في مقدمة شرحه «معالم السنن؟”"
قال: «حدثني عبدالله بن محمد المسكي قال: حدثتي أبو بكر بن جابر خادم
خادم يقول: هذا الأمير أبو أحمد الموفق يستأذنء فدخلت إلى أبي داود
خدِّها وطن ليرحلّ إليك طلبة العلم من أقطار
الأرض فتعمر بك» فإنها قد خربت وانقطع عنها الناس» لما جرى عليها من
قال وتُفردٌُ لهم مجلساً للرواية فإن أولاد الخلفاء لايقعدون مع العامة! .
قال ابن جابر: فكانوا يحضرون بعد ذلك في كم حبري”'" ويُضرب بينهم
وبين الناس بيترء فيسمعون مع العامة».
دامت فتنة الرَّنْج السوداء خمسة عشر عام من يوم الأربعاء 77 من شهر
رمضان سنة 168 ه إلى 7 من صفر سنة 770 هل" وكان القضاء عليهم
على يد الموفق أبي أحمد هذاء رحمه الله تعالى وجزاه عن الإسلام خيراً "".
وتكون زيارة الموفق هذه لأبي داود في السنوات الخمس الأخيرة من
وموفقاً في اختيار الإمام أبي داود ناشراً للعلم وللسنة الشريفة.
وقد أدرك دوو العقل والنّل والبصيرة النافذة أثر الإمام أبي داود في هذه
الفترة الوجيزة خمس سنوات على البصرة وأهلها. منهم أبو محمد سهل
ابن عبدالله ي صاحب الخبر المشهور مع أبي داود؛ وذلك أن سهلاً
وهذا كما قلت خبر مشهور لكن أفادنا الإمام الحافظ أبو طاهر السّلفي
٠ لعله يريد: في مكان منعزل مستورين فيه مبيّض بالجصنّ؟ )١(
() «الكامل» لابن الأثير 97:5
(4) آخر «معالم السنن» للخطابي 4: ١7170
داود الحديثٌ والشرع الشريف بالبصرة عقيب ماجرى عليها من الزنوج
الحقّ المستحقٌ. والله تعالى يثيب الجميع».
ومن حكاية الموفق أبي أحمدء ومن قول الذهبي الذي ذكرته قبلها ييدو
أن أبا داود استوطن بغداد والبصرة في السنوات الأخيرة من حياته؛ ويتأكد لنا
١ - أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي البصري؛ المتونى سنة
1 ه وروايته آخر الروايات عن أبي داود"؟
7 - أبو بكر محمد بن بكر بن محمد بن عبدالرزاق بن داسَهُ التمار
البصريء؛ توفي سنة 745 هم("
© - أبو الحسن علي بن الحسن بن العبد الأنصاري؛ المتوفى سنئة
؛ - أبو سعيد أحمد بن محمد بن سعيد بن زياد ابن الأعرابي البصري
(741-4)؛ وترجمته في مقدمة «معجم شيوخه».
© أبو علي إسحاق بن موسى بن سعيد الرملي الوراق+ وراق أبي داود؛
سكن بغدادء وتوفي بها سئة 7٠١ هم(
701:16 «السَيّر»؛ 707:16 وخاتمة عون المعبود» )١(
78 ووالتقييد» لابن نقطة 44:1 . ولداسه» بتخفيف السين وسكون
1 تحفة الأحوذي؟ 173-178:1.
(©) «تاريخ بغدادة 181:11
(4) «تاريخ بغداد 746:7
ترجمة» ولانسبة إلى بلد.
-١ أبو عمرو أحمد بن علي بن حسن البصري»
أبو الطيب أحمد بن إبراهيم ابن الأشناني البغدادي» نزيل الرحبة!"".
- أبو بكر أحمد بن سَلْمان النجّاد البغدادي «عنده عن أبي داود أحاديث
من السنن» وجزء الناسخ والمنسوخ» (193 - 348)» وهذا آخر تلامذة أبي
وأقول: إن مشاهير رواة السنن هم: أبو علي اللؤلؤي» وأبو بكر ابن
داسه؛ وأبو سعيد ابن الأعرابيء وأبو علي إسحاق بن موسى الرملي. هؤلاء
أربعة؛ يضاف إليهم أبو الحسن ابن العبدء فإنه مشهور عند المشارقة كذلك؛
وإن كان القاضي عياض قال في «الغنية»" بعد أن ذكر أسانيده بالأربعة
وسادسهم أبو أسامة الرواس الذي أكمل به ابن الأعرابي تحمّل سنن أبي
قال ابن غَيْر في لف رسته00): «وليس في رواية أبي سعيد ابن الأعرابي
كتاب الفتن والملاحم والحروف والخاتم» وسقط منه من كتاب اللباس نحو
نصفهء وفاته من كتاب الوضوء والصلاة والنكاح أوراق كثيرة وأحاديث
(©) صفحة 48 118
(4) صفحة 101-100
خرّجها من روايته عن شيوخه؛ وروى أكثرها عن أبي أسامة محمد بن
عبدالملك الرواس؛ عن أبي داود».
ترجمة أيضاًء إنما رأيت لهما ذكراً أحياناً نا ة في كلام الإمام الحافظ المزي
الأربعة الأوّل.
١ - أما أبو علي اللؤلؤي: فقد نقل ابن نقطة"" عن القاضي أبي عمر
الكتاب على أبي داود عشرين سنة؛ وكان وراقه؛ والوراق عندهم : القارىء»
وقال الحافظ السيوطي في «مرقاة الصعود حاشية سنن أبي داود»!":
وقال العظيم آبادي في خاتمة «عون المعبوده”": «رواية اللؤلؤي هي
المروّجة في ديارنا الهندية وديار الحجاز وبلاد المشرق من العرب» بل أكثر
البلادء وهي المفهومة من السنن لأبي داود عند الإطلاق. وهذه النسخة
لحصها المنذري وخرّج أحاديثهاء وعلى هذه النسخة شرح لابن رسلانء
والحافظ [أبي زرعة] العراقي» وحاشية لابن القيم والسندي والسيوطي
وغيرهم» وهذه الرواية هي المرادة في قول صاحب «المنتقى؛ و«جامع
() خاتمة اعون المعبودة 1:14
(©) المصدر السابق.
ذهبي في «السيرة 709:16
القاسم علي ابن الحسين المعروف بابن عساكر الدمشقي في كتابه الإشراف
على معرفة الأطراف».
وأنبّه إلى أربع نقاط حولها:
النقطة الأولى: ثناء بعض العلماء عليها .
قال الإمام أبو محمد ابن عطية الأندلسي رحمه الله في «فهرسهء!":
«الذي أعتمده من هذه الروايات رواية أبي بكر بن داسه» فهي أكمل الروايات
وقال تلميذه ابن خَيْر الإشبيلي في «فهرسته»”"": «رواية أبي بكر بن داسه
أكمل الروايات كلها»؛ وتوارد مّن بعدهما على نحو هذا القول.
لايزيد عليها بعضّ أحاديث؛ وبعضٌ كلام على تعليل بعض الأحاديث ونقد
بعض الرواة؛ فهي أكمل الروايات من حَيثُ المجموع لا الجميع.
وقد تبه الكوثري في مقدمته لرسالة أبي داود أنه يوجد في بعض نسخ
رواية ابن داسه سقط من حديث (0117-0037)؛ وأفاد شيخنا العلامة
المسند الشيخ محمد ياسين الفاداني رحمه الله في تعليقاته على «َبّت الأمير؟
«المعجم المفهرس». الله أعلم . وانظر التعليق على (907/4).
ثانيهما: تقدِّم في الكلام على رواية اللؤلؤي كلام القاضي أبي عمر
جاء في خاتمة «عون المعبود» و «مقدمة تحفة الأحوذي؛"
اه عبدالعزيز الدّعلوي في «بستان المحدثين» أن رواية ابن داسه
في المشرق غير العربي؛ واستمرث شهرتهاء
بكر الرازي الجصاص (771)؛ والخطابي (788)؛ وأبا علي الحسن بن داود
السمرقندي (748) صاحب الأصل الذي اعتمدته ورمزت له (م)؛ وأبا بكر
ابن لال الهَمَذَانِي (/4*)؛ وأبا علي الحسين بن محمد الأوذّباري (407)»
وأبا نعيم الأصفهانفي صاحب «الجلية» (430)؛ وهو آخر من حدث عن ابن
ولاريب أن رواية هؤلاء الأئمة متداولة في بلدانهم؛ فالجصاص من
مترجم في «المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور»”"» وابن لال مَمَذَانِي؛
وكذا الروذباري من ملحقات طوس.
وقد روى عن الخطابي شرحّه «معالم السنن» وهو شرح لرواية ابن
داسه : الإمام أبو نصر محمد بن أحمد بن سليمان البلخي الغَزنوي*؟
(فهو أفغاني أيضاآً) . وأما الراوي الاخر عنه المذكور أول كتاب
(©) رقم الترجمة (483).
(4) ص ٠١١7 من مقدمة «معالم السنن».