من الرضى عن نتائجها. كما قد تكون الحكاية ذات فائدة لبعض القرّاء» ممن
يشاركونتي القلق لما أقلق له» والرغبة في البحث عن تاريخنا الضائع المجيد »
بوصفه خطاً ونهجاً وولاة تمايز ف عدي الات الاسلام الأولين» في حياة
الرسول صلوات الله عليه وآله . ثم ان «الحجاز» كان المقام الطبيعي لأئمة الشيعة
لكن قاعدة التشيع البشرية الاساسية» والأكثر أهمية ف تاريخ انتشاره؛ هي
«الكوفة» بوصفها مركز أكبر تجمع شيعي في «دار الاسلام» حتى نهاية القرن الثاني
للهجرة / الثامن للميلاد . ومنها انتشر الى «ايران»» في أواخر القرن الأول للهجرة /
السابع للميلاد . حيث أسس المهاجرون الأشعريون أول حاضرة شيعية خارج
مركز علمي شيعي . أنبت الى جواره رصيفاً هو «الري»؛ في ضواحي «طهران؟
اليوم . ومن اقم! و«الري؟ المعارف الشيعية؛ من حديث وفقه وكلام؛ بعد
ان نُظمت وبُوبت» باتجاه «بغداد»» وبالتحديد الجانب الغربي منها حاضرة العالم
الاسلامي يومذاك. ومن هذه انطلقت مسيرة التشيع الفكرية» ولم تتوقف بعد ذلك
المهيية في تاريخ التشيع وأهله ؛ أتساءل عن سر انتشاره في «بلاد الشام» اي تلك
ول اف يهاه وأعذ مات من كلاق . فلا عجب ان رسول الله صلوات الله
التعمجب؛ ان هذه البلاد كانت» بعيد ان دخلت بالفتح في «دار الاسلام؟»
موضوعاً مشروع سياسي خاص» يختلف تماماً عن المشروع الاسلامي» وان أخذ منه
عناوينه الكبرى وبعض زيّه؛ اعني مشروع مغاوية للحكم» الذي خطّط له وعمل
عليه منذ وني على «الشام» في عهد الخليفة الشاني» ومعلوم ان مشروع معاوية
اعتمد» بل تأسس على؛ نشر العداء للتشيع وأفكاره ورموزه» في التكوين الفكري
الذي نشره بتمكن ومهارة عجييين؛ بحبث تجاوز «الشام»؛ قاعدة ملكه وموضع
عمله. ومع ذلك؛ ويا للغرابة؛ فقد رأيناه»؛ أي «الشام)ء بعد زمن غير بعيد من
سقوط الحكم الأموي+ وقد غدا شيعي الوجه سكاناً وفكراً . وهو لغز لم يعالج أحد
ولقد علق في ذاكري منذ زمن بعيد» كلمة تبت الى أحد السياسيين اللبنانيين
السياسيين؛ لطول معالجتهم لمشكلات بلدنا السياسية المستعصية» التي تعود في
ياسين» المقيمين حتى اليوم في ن التحتا»؛ غربي مدينة «بعلبك». خرج
منها فرع اتقجه الى «جبل عامل» على أثر نزاع نشب بينهم وبين آل الحرفوش» امراء
حيث ما نزال . وانتساب آل ياسين الى مدان أمر معروف عندهم وعند الناس.
وكذلك آل عبد الساتر» المقيمين في قرية «ايعات» المجاورة ل «بعلبك» ٠
ثم انني أثناء عمل على سيرة واعمال بهاء الدين العاملي» لاحظت انه ظل يذكر
نسبةٌ إلى الحارث بن عبد الله الهمداني» صاحب الامام امير المؤمنين عليه السلام في
«الكوفة». وم يتخ عن هذه النسبة ؛ حتى حين كان يعمد الل حذف أجزاء أخرى
من أسمه» بقصد التخفي» اثناء رحلته الواسعة | .. ويجدر بنا هنا ان نذكر ان
المجاورة؛ من «جبل عامل ٠
من مجموع هذه الانطباعات والملاحظات والمرويّات انطلقت فكرة الكتاب .
وأهل البحث» بمختلف ميادينه» يعرفون أن أجل الأبحاث قد تبدا من فكرة
غامضة» تبرق في الذهن من ملابسة او عدة ملابسات» لا شأن لا ولا اعتبار في
المقابيس المنهجيّة؛ لكن وظيفتها ان تكون بمثابة الدليل الهادي» في مرحلة تجميع
يمكن للباحث ان يلاحظ الجامع المشترك بين المعلومات المنثورة التي يصادفها +
ولكن بعد ان تتكامل المعلومات وتُركّب؛ ان تكاملت» تفقد تلك الفكرة الباعثة
تشق طريقها وتنطلق الى العلاء» تاركة البذرة؛ التي تدين لها بالحياة » تتحلل في
ظلمة الارض ٠
عشرت على أول معلومة حقيقية» مؤيدة او مشجانسة مع الفكرة الباعشة +
وبفضلها طبعاً؛ في كتاب (نهاية الأرب في معرفة انساب العرب) للقلقشندي . وان
وتحليلهاء في الفصل المخّص ل «طرابلس» من الكتاب. واتذكر ايضاًانني» وانا
» ورفعت رأسي عن الكتاب لأزى أمامي
أحد زملاني» وهو أيضاً صديق قديم ورفيق دراسة في «النجف الأ ف» ولست
كان العشور عل تلك الرواية تحلاً نوعياً؛ وعلى أكشر من مستوى» في مواجهة
مشكلة البحث . فقد لمست في ملابسة العثور عليها لس اليد توفيق الباري سبحانه
يعثر على جزء من كنز ضائع يبحث عنه» في مكان بعينه؛ ستنبعث همته الى مواصلة.
البحث عن أجزاثه الباقية؛ في المظان القريبة او المشابهة . وقادني تتبّع أصول رواية
القلقشندي الى كتابه الآخر الأكثر شهرة (صبح الأحشى)» والى 0 أأنساب
العرب) لابن حزم الأندلسي» وهو أوفى كتاب في بابه . ومنهما الى (مسالك الأبصار)
لابن فضل الله العمري» وهو أهم وأوثق مصدر عن القبائل العربية القاطئة في
سجلوا فيها من ملإحظات ومعلومات عن مختلف البلاد وأهلهاء وخصوصاً إل
اليعقوبي في كتابه الصغير الحجم والثمين (البلدان). والحقيقة التي سيكتشفها
القارىء؛ ان هذا الكتاب ذو فضل عميم على بحثنا +
تاريخ جديد تماماً لدينة اطرابلس؛ ينسخ كل ما كُتب من قبل في هذا الموضيع +
ومعلوم على نحو الإجمال» ان تاريخ
امرائها المتنؤرين بني عار لكن ما كتب فيه حتى الآنء لم يلامس المشكلات
الحقيقية؛ التي تطرحها محاولة التأريخ لها؛ وبالتحديد نهوضها الغامض وهويتها .
بالبحث؛ كلا بدا لي أوضح فأوضح+ ان اطرابلس»؛ على مجدها وعظمتهاء لم
تكن الا بمثابة الواجهة لوضع سكاني ي وثقاني أوسع بكثين بحيث تشمل بقاعاً كثيرة
والتنقيب» الى أهمية المعلومات التي تقدمها كتب الحديث الشريف ورجاله.
واجتمعت لديّ من مراجعتها ثروة ثانية من المعلومات» تتعلق بأجزاء لم يمتها أحد
تاريخ الشيعة والتشيع في «الشام». فرأ ت ان الألى ان أنصرف عن الخاص الى
العام» لآن هذا يأني قبله في المرتبة معرفاً. وهكذا تخي ت مؤقتاأعن مشروع كتابة
«طرابلس» طبعاً. ومن مجموع تواريخ تلك المدن والبقاع » تشكّل بين يدي ما رأيت
بعد التأمل ان أسمّيه:
(التأسيس لتاريخ الشيعة في لبنان وسورية)
مطابقاً للمسمى .
ورب قارىء عارف؛ سيأخد على الإسمء انه كان من الأولى ان يكون
(. .. . . . . في الشام)ء فهو الاسم التاريخي الشامل لكل ميادين بحث الكتاب»
ثم ان من فصول الكتاب ما يعرض مدن وبقاع خارج «لبنان» واسورية؟
ن . وهو نقد صائب من دون أدنى شك . ولكنني رأيت ان اسم «الشام؟
مسي . هذاء فضلاً عن اننا وان عرضنا في الكتاب لتاريخ مدن وبقاع خارج
وأول . وهي المديئة التي أعطى التشيع فيها من خير ما عنده؛ على صعيد الجهاد
والفكر والأدب . وا رت في شلنهاء فرأيت ان انتشار التشيع فيها يعود الل
زمان وأسباب وظروف مختلفة تماماً» فييا يبدو لي حتى الآن. ثم ان «منارة الشام)
هذاء وقد عرّفت با يلزم التعريف به؛ من المصادر التي أخذت عنهاء ف
مطاوي الكتاب؛ كلا في موضعه . كما اني لم لجأ لل طريقة الحواشي المعروفة في
إسناد المعلومات؛ بل مزجت السند بالمتن . ومّزت السند بوضعه بين هلالين
مفردين كبيرين» لأن هذه الطريقة تبدو لي أبسر على القارىء» فلا تكلفه ان يقطع
لقراءة؛ ليبحث عن السند في أدنى الصفحة او في نهاية الفصل . ثم انها اكثر أصالة
+ درج عليها أهل الحديث الشريف وما يزالون» وكذلك عدد من كبار
المؤرخين الأولين . ويجد القارىء مواصفات نشرة المصدر» في ثبت خاص ملحق
بعلبك في ا شعبان 617١ه
٠ شباط 1447م
ان وجود الشيعة الامامية في غرب ابلاد الشام»» اعني «جبل لبنان؟ واجبل
المعروف ب البفاع البعلبكي»» يعتبر من الألغاز التاريخية؛ التي لم يقدم لها تفسير
مقنع حتى الآن.
فمن المقطوع به ان أغلب المناطق» التي صارت داخل الحدود السياسية لما صار
ومنطقة «الضتّية» وجوارها في شمال «لبنان»؛ كانت معمورة بأكثرية شيعية على
الاقل» حتى القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي .
معمورة بهم حتى ما يُعرف ب «فتوح كسروان»» في أوائل القرن الشامن الهجري /
الرابع عشر الميلادي.
اما «البقاع البعلبكي» فلا نعرفه الا شيعياً» باستثناء مدينة «بعلبك» التي كانت
حتى حوال القرن التاسع المجري / الخامس عشر الميلادي مركزاً حنبلياً؛ بالاضافة
امبر الليطاني)+ الموصل مابين «سهل البقاع» واجبل عامل ٠ اما وجودهم في
اعالي «الجليل» فقد استمر حتى سقوط «فلسطين» سنة 1448م
وعلى الرغم من ان التغصيلات المتعلقة بحجم وجودهم في هذه المنطقة او تلك
مما ذكراء هو موضع سجال بين كُتَّاب التاريخ؛ تُباعد بين ا ترص النكاثر
تكن النسبة؛ هو أمر مقطيع به.
مشكلتنا في هذا البحث هي : كيف حدث ذلك؟
انه مشكلة بالمعنى المنهجي للكلمة؛ لانه سؤال نطرحه» وفي سبيل الإجابة عليه
لكنه ايضاً مشكلة بالمعنى المعرني؛ لأن الواقع الذي وه
تبيّء اطلاقاً لصورة كالتي وصفناها قبل قليل . فالتشيع الذي تطوّر ال إمامي ار
الني عشري هو حجازي عراقي؛ او بالاحرى حجازي ثم عراقي» مديني - نسب
مخاض طويل ومؤلم؛ استمر اربعة قرون» حافلة بالثورات الدموية والبناء الفكري+
مجتازاً كل ما يخطر بالبال من أزمات وانشقاقات» لأسباب فكرية اووسياسية او
بقصة عجيبة؛ يزعم راويها ان امرأة عاقراً أنجبت من مل أخرى .
سيامي شامل. » عمل بدهاء ومقدرة عجييين؛ على بناء مركب ثقافي سلطوي»
نجح في اغلاق المنطقة فكرياً ووجدانياً؛ ومضى» من موقع المتمكن» يبني عناصر