يتم فيها مناقشة موضوع الذرات في التاريخ الإسلامي؛ كما أنما كانت أول مرة
تستخدم فيها أدلة تجريبية في نقاش علمي وقد كان ذلك بمنابة تدشين لحركة علمية
تتويرية؛ كان للمفكرين المعتزلة دور الريادة في نشوئها وتطورها؛ قبل أن يتم سحقها
بالقوة من طرف الخليفة العباسي المتوكل ( ناصر السنة!!!) بمباركة حلفائه من الفقهاء
والمحدثين أنصار مدرسة الحديث السلفية؛ العدر اللدود لمدرسة الرأي حاملة لواء العلم
والتشويو... سئة 4 71 هجرية بعد أن أصدر مرسومه الإرهابي؛ الذائع الصيت والسيئ
السمعة؛ بمنع التفكير والنقاش... وقد كان للنظام دور كبير في نشوء هذه الحركة
العلمية وتطورها بالرغم من أنه لم يعمر طويلاً فقد توفي مبكرًا وهو شاب لا يتجاوز
بالعشرات ( أزيد من 40 كناب حسب رراية الجاحظ ) ضاعت كلها إيان حملة القمع
والحصار التي نفذها المتوكل العباسي وخلفازه من بعده ضد كتب المعتزلة... روكانت
موسوعيًا كبيرًا. الشهرستاي يصف النظام بأنه " طالع كثيرًا من كتب الفلاسفة
رخلط كلامهم بكلام المعنزلة. وأند انفرد عن أصحابه "المعتزلة" بكلام...(9) * . أما
ابن الموتضى فيصفه بأنه " حفظ القرآن والإنجيل والتوراة والمزامير وتفاسيرها مع كثرة
حفظه للأشعار والأخبار واختلاف الناس في ١ ". رمكن فهم ذلك بالمناخ
الثقافي الذي كانت تعرفه البصرة في ذلك ال مر اا
معرض حديثه عن دور البصرة في نشوء حركة التنوير الإسلامية ( القدرية الأوائل
رخلفائهم المعنزلة ) بأنها كانت أشبه بمونغ كونغ اليوم؛ حيث تجد أناسًا من أعراق
رأديان ولغات مختلفة ... وهو ما دفع ببؤلاء المفكرين إلى محارلة تطوير الفكر
الإسلامي حتى يستطيع مواجهة التحديات التي يفرضها ذلك التعدد والتنوع الثقافي.
وقد كان النظام أحد هؤلاء الذين استطاعوا نقل الفكر الإسلامي نحو العالمية؛. حيث
متكلمًا كبيرًا لا يشق له غبار وأند كان يناظر ملاحدة الدهرية والمانوية والهندرس
واليهود... وما غلبه أحد في مناظرة طوال حياته (4). ولذلك يضعه المعتزلة على رأس
الطبقة الثائية من مفكريهم ويعتبرونه ثاني أهم شيوخهم بعد راصل بن عطاء ( الإمام
الغزال مؤسس المذهب الاعتزالي) (2). وهو لا يقل سشأنًا عن ذلك في مؤلفات الباحثين
لمتأخرين والمعاصرين. فقد قال عند المؤرخ الهولندي الشهير دي بور بأنه مفكر جدير
بالإعجاب...(1) في حين يصفه عبد الجواد ياسين بأنه يمخل لحظة التوهج الكبرى في
الفكر الاعتالي جميعًا (/1). وقد ذهب آخرون إلى اعتباره ذروة ما وصل إليه الفكر
الإسلامي عبر تاريخه الطويل (4).
رم تكن المسألة الذرية هي لمجال الوحيد الذي تكلم فيه النظام؛ فهو كان يملك
عقلية علمية فذة تميل نحو الموسوعية؛ وهو ما تجلى في تنوع القضايا الي اقشها... ونم
يكن من الغريب عليه طرح الأسئلة الوجودية الكبيرة كقضية وجود العالم؛ والتي
العالم خلق دفعة راحدة رأن مقدار ما فيه من المادة لا يتغير ( ومن هنا جاء المبدأ
الفيزيائي المعررف عن انحفاظ كمية المادة وكمية الطاقة...)؛ وفريق آخر يقول بنظرية
الخلق المستمرء أي أن الله يتدخل باستمرار لإيجاد أنواع جديدة من الكائنات... روقد
حمل لواء النظوية الأولى الفلاسفة الطبيعيون أنصار النزعة العلمية التجريبية؛ في حين
كان أنصار النظوية الثانية من رجال الدين ( بمن فيهم حاخامات اليهود رآباء الكنيسة
اللسيحية وبعض فقهاء المسلمين...) والفلاسفة الإهيين ( رعلى رأسهم أفلاطون...).
ولا بد من الإشارة هنا بأن العلم الحديث انتصو فالا لنظرية الكمون والخلتى دفعة
راحدة خصوصً بعد ظهور نظرية الانفجار العظيم في الفيزياء رظهور البيولوجيا
التطورية... وهو انتصار جديد يقدمه العلم الحديث لأبي إسحاق إبراهيم النظام الذي
كان واحذًا من أشد المدافعين عن الكمون في الفكر الإسلامي. حيث قال بأن* الله
يتقدم خلق آدم عليه السلام خلقى أولاده؛ غير أن الله أكمن بعضا في بعض. فالتقدم
والتأخر يقع في ظهورها من مكامنها دون حدوثها ووجودها...(4) ". أما كيف تظهر
الموجودات المادية من مكامنها فهو يتصور ذلك بطويقة الحركة... يقول بأن * أفعال
العباد كلها حركات فحسب والسكون حركة اعتماد. والعلوم والإرادات حركات
عنده مبداً تغير ماء كما قالت الفلاسفة؛ من إئبات حركات في الكيف والكم والوضع
في الكمون والظهور هي التي دفعته إلى تبني نظرية علمية أخوى هي مبداً السببية القائل
بأن لكل حدث علة أحدثه؛ مما يجعل الكون متصفًا بالاطراد السيي؛ أي أن لكل
ظاهرة سييًا مباشرًا ونتائج مباشرة؛ واطواد الطبيعة هذا هو الذي يدعم رجود القوانين
العلمية لأن مجرد التفكير في البحث عن قانون علمي يفترض قبلا أن الطبيعة مطردة
ومنتظمة تخضع لقانون ماء زمهمة العلم هي تعليل الظواهر والبحث عن أسبابا؛ أما
التسليم بحدث ما بدون سبب فلا يعني إلا إنكار العلم ذاته ( رهوما فعله حجة
الإسلام أبو حامد الغزالي حين نفى قانون السببية؛ مما أدى بد إلى نفي إمكانية العلم
بالظواهر الطبيعية.
فقد كان من أبرز أنصار السببية في القوائين الطبيعية؛ يقول الشهرستاني؛ * حكا الكجبي
أنه ( النظام ) قال إن كل ما جاوز محل القدرة من الفعل فهو فعل الله تعالى بإيجاب
الخلقة؛ أي أن الله تعالى طبع الحجر طبعًا وخلقه خلقة؛ إذا دفعته اندفع وإذا بلغت قوة
الدفع مبلغها عاد الحجر إلى مكانه طب
مواضيع دينية كثيرة كتفسير القرآن الكريم رجمع الحديث رحجية الإجماع ومعجزات
الرسول صلى الله عليه رسلم وموقفه من عدالة الصحابة... وهو ما تسبب في مأساة
الرجل زالتي تتجلى في كونه أكثر من تعرض في التاريخ الإسلامي الطويل لحملات
التكفير والسب والشتم والطعن في دينه؛ كما تعرضت مدرسته ركتبه لحملة حصار
طويلة؛ انتهت بفقدان جميع كنبه ضمن ما ضاع من كتب المعنزلة الأوائل ركتب
القدرية الأرائل وكتب حركة التنوير عمومًا... وتعرض اسمه لتشويد كبير قام به
أعداءه من التيار السلفي ( أتباع مدرسة الحديث وأنصارهم الأشاعوة والذين أعططوا
السنية ترى النظام كافرًا لأند أنكر حجية الإجماع وألف في ذلك كتابا اسمه " النكت *
() ضاع ضمن ما ضاع من كتبه... )؛ وتعد قوله برد الإججاع فضيحة من
الفضائح على حد تعبير البغدادي الذي يقول * أن النظام استثقل أحكام الشويعة في
فروعها فلم يجسر على إظهار رفعها. فأبطل الطوق الدالة عليها فأنكر حجة الإججاع
رحجة القياس في الفروع الشوعية...(17). ويبدو لنا من كلام البغعدادي ( رهو
أشعري متعصب...) أنه يتهم النظام بكونه شخصًا سيء النوايا لا هدف له إلا مواجهة
الشريعة الإسلامية و محاولة إبطالها...إننا هنا أمام محاكمة للنوايا أشبه ما تكون بمحاكم
التجيب؛ نفهم لاذا رفض حجية الإجماع؛ فهو يشكره لأند ينكر إمكانية الإجماع أصلاً
بسبب تفوق العلماء راستحالة تجمعهم في مكان راحد رفي رقت راحد؛ رمن جهة
أخرى يجوز إجماع الأمة في كل عصر في كل العصور على الخطأ ( بمعناه المعرفي رليس
الأخلاقي... ) من جهة النظر والاستدلال (16). إن النظام ينكر الإججاع لأسباب
علمية وليس بسوء نية كما تروج لذلك كتابات المدرسة السلفية والتي أثار هذا المفكر
ثائرتها بسبب مواقفه النقدية الجويئة تجاه البنية العقلية السلفية الخاملة والمريضة ونزعتها
ع (الانقهياد لموروث
الآباء والأجداد دون التفكير و إمعات النظر فيه ( رغم أن الله تعالى يقول في كتابه
الأمثلة الأخرى للزعة النقدية عند النظام رفضه للروايات التي تتحدث عن المعجزات
الخارقة للطبيعة واللي نسبت للرسول صلى الله عليه وسلم» كشق القمر وتسبيح
العصا بيده وتظليل الغمام له وانفجار الماء بين أصابعه... فهو يقول في رد رواية ابن
المناهضة للعلم ولأدواته النقدية؛ وإضرارها الشديد على الإتب
مسعود عن شق القمرء * زعم ابن مسعود أن القمر انشق له وأنه رآه وهذا من
ولكن يشقد زفي المستقبل رئيس في الماضي) ليكوت آية للعالمين رحجة للمرسلين»
إننا هنا أمام نموذج رائع في نقد الروايات؛ مبني على مجموعة من الأسئلة الاستكارية
التي تستخدم لرد رراية ابن مسعود ما دامت تخالف صحيح العقل ولنا أن نتساءل عن
الثمن الذي دفعناه في مجال الحديث النبوي بتغييب النزعة العقلية في تمحيص الروايات
هذا موضوع آخر له شجون...
ومن الأمثلة الأخرى للحاسة النقدية عنده؛ رأيه في الصحابة. حيث يعتبرهم
الوحي يصحح له أخطاءه ( كما يشهد بذلك القرآن في أمثلة عديدة كقوله. عبس
وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكوى... أو قوله؛ يا
أيها البي لم تحرم ما أحل الله تبغي مرضاة أزواجك الله غفور رحيم... أو في قضية
الوحي أخطائهم خصوصً بعد رفاة الرسول ردخول الصحابة من بعده في حروب
أهلية طويلة ( حرب الجمل بين علي وعائشة رطلحة والوبير... أو حوب صفين بين
من الخطأ (رغم أهم قتلوا بعضهم البعض!! ورجود كثير من الروايات المنسوبة
القاتل والمقتول في التار.
)؛ فالبغدادي يقول بأن * النظام تابع راصل بن عطاء في
ذلك رأخذ أعمال الصحابة بالنقد؛ ولم ينج مه حق
الأربعة الراشدون. راقم بعض الصحابة من رواة الحديث بالكذب الصريح كما ف
وامتدت حملة التكفير ضد النظام لتشمل حتى آراءه العلمية؛ فقد كانت نتيجة
مخالفته لنظرية الجوهر الفود ( النظرية الذرية ) أن ذهب أغلب المتكلمين إلى تكفسيرة؛
فأكثر المعتزلة المتأخرين متفقون على ذلك. يقول البغدادي واصقًا حالة العداء الكبير
الذي عا منها هذا الرجل ومدرسته الفكرية. "وقد قال بتكفيره أكثر شيوخ المعتزلة
عليه في الأعراض والإنسان والجزء الذي لا يتجزاً. ومنهم الجبائي؛ والإسكافي له
كتاب عن النظام كفره فيه في أثر مذهبه؛ ومنهم جعفر بن حورب صنف كتبًا في تكفير
النظام بإبطاله الجزء الذي لا يتجزاً. وأما كتب أهل السنة والجماعة في تكفيره فلا حد
ها فللشيخ الأشعري في تكفير النظام ثلاثة كتب. وللقلانسي عنه كتب زرسائل»
وللقاضي أبي بكر كتاب كبير في بعض أصول النظام؛ وقد أشار إلى ضلالاته في كتابه
إنكار المتأولين...(117) *.
لكن الإنسان ليدهش عندما يقرأ في كتب الذين كفوره اعتوافات منهم بأنه
رأتباع الديانات الشرقية القديمة ( الانوية. المردكية
يشكل خطرًا كبيرًا على الإسلام وأفكاره وقيمه... بل أنه كان وراء دخول عدد كبير
منهم إلى الإسلام يعدهم المؤرخون بالآلاف... إن هذا التناقض الصارخ في موقفهم من
النظام يعود بالأساس إلى غياب مبداً أساسي في الإسلام وهو مدا التسامح والذي تم
تغيييه لزمن طويل ليفسح لمجال أمام التعصب الطائفي والمذهبي وما يرافقه من اقامات
بالكفر والزندقة والطعن في دين الخصوم تمهيدا لتصفيتهم ماديا ومعنويًا
هناك أصوات كثيرة بدأات تدعو المسلمين إلى تبني مبداً التسامح مع الآأخر
والحق في الاختلاف معه؛ لكننا نقول بأنه صار من الضروري أن ندشن لمرحلة التسامح
محمد الكوخي
٠ 5 * البلخي؛ البدء والتاريخ ص )١(
ابن المرتضى. المنية والأمل ص" )©(
() الخياط, الانتصار ص81 .
(6) دي بورء تاريخ الفلسفة في الإسلام ص 856
()عبد الجواد ياسين. السلطة في الإسلام ص ٠١٠4
(/) حسين مروة؛ النزعات المادية في الفلسفة العوبية الإسلامية ص /58/ا-
. 587 المصدر نفسه ص )٠(
. 42 المصدر نفسه ص )١١(
)١( ابن أبي الحديد؛ شوح أمج البلاغة ج؟.
11١4 البغدادي. الفرق بين الفرق ص )١(
78١ الجاحظ؛ كتاب الحيوات ج١ ص )١٠(