مقاداسم
هذه المجموعة من الأحاديث لها عندى منزلة خاصة:؛ فلقد كانت مفترق الطرق بين
أول قبراير ١976
أى أنها سبقت بدء عمليات حرب أكتوبر بيوم واحدء ثم توقفت بعد إتمام الاتفاق
المبدئى على فك الارتباط الأول بأسبوع واحد.
مسافة أربعة شهور كانت حاسمة وفاصلة فى تأثيرها . ليس فقط على مستوى
قبل كتابة ونشر هذه المجموعة من الأحاديث كنت قريبًا من قمة السلطة فى
وقبل كتابة ونشر هذه الملجموعة من الأحاديث كنت أعيش وأكتب فى مصر؛
وبعد كتابتها ونشرها أصبحت أعيش فى مصر وأكتب خارجها وقبلت.
وأعترف أننى أثناء الكتابة والنشر . تلقيت النصيحة تلو النصيحة بأن أتوقف
ولم اك علي استعداك لشحمل مب نولي أن إلوائف» ولتي كن على استعناد
لتحمل مسئولية: دوإلاً».
تواجهه قى حياته لحظة يتحتم عليه فيها أن يقف دون تردد أو تلعثم ليجعل صوته
وكان الرئيس«السادات» يراهن فى الضغط علي بأوراق ثلاث ظنها رابحة:
© الورقة الأولى: أننى لن«أطيق البعاد» عن لعبة السياسة العليا فى مصر؛ وقد
كانت أصابعى فيها لاكثر من عشرين عامًاء والقرب من لعبة السياسة العليا فى أى
بلد فى العالم حالة يمكن أن تكون لها قوة الإدمان!
© والورقة الثانية: أننى لن«أقدر على الفراق» مع الأهرام بعد أن وضعت فيه
من ستوات عمرى ما وضعت أكثر من ثمانية عشر عامًا هى الشباب كله؛ وما بعد
© والورقة الثالثة : أننى لن«أجد ما أعمله» إذا ابتعدت. فالمهنة التى اخترتها
من آحد الأبواب فقد خرجت من كل الأبواب!
وأشهد ل «أنور السادات» أنه حاول أن يترك الباب نصف مفتوح بعد الخروج.
قلقد كان قراره الأول المنشور فى كل الصحف صباح يوم ؟ فبراير أن أنتقل من
عابدين . ولحظت موقفى فى تصريح نشرته صحيفة «الصنداي تيمس» فى عددها
الصادر يوم 9 فبراير ١91/4 وقلت فى هذا التصريح:
«أنتى استعملت حقى فى التعبير عن رأيى . ثم إن الرئيس السادات استعمل
وسلطة الرئيس قد تخول له أن يقول لى: «اترك الأهرام» ولكن هذه السلطة لا
تخول له أن يحدد لى أين أذهب بعد ذلك. القرار الأول يملكه وحده.. والقرار الثانى
إلى «مسرح العراكئس» فقد وجدتنى أمام لون من الفنون له بالتأكيد جمهوره؛
«السادات» بعد عروض أخرى بمناصب أكبر فى الدولة؛ بينها منصب مستشاره
للأمن القومى «كيسنجر بتاعى» على حد تعبيره بالنص أو منصب نائب رئيس
الوزراء . عاد فقال لى فى ربيع سنة 970 ١ «إننى أستطيع أن أعود إلى الصحافة إذا
أحببت وفى أى مكان أريده؛ على شرط واحد وهى أن «ألتزم»!
سيادة الرئيس, إننى لا أعرف ما هى بالضبط ما تطلب منى أن ألتزم به؟ ولا
آأتصور أنه فى مقدور أحد أن يلتزم خارج قناعاته, ولقد كتبت ما كنت مقتنعًا به وما
ثم إننى لا أظنك ترضى لى وأنا بالقطع لا أرضى لنفسى أن أخرج بقرار ثم
أعود بقرار... قد أخرج بقرار ولكنى أظل صحفيًا بالمعنى الذى أفهمه. ولكنى إذا
عدت بقرار فلن أعود صحفيًا بالمعنى الذى أفهمه».
مصدقًاء ومع ذلك ف إننى من المعجبين بقول مأثور له مؤداه: إن التاريخ لا يكرر
نفسه؛ وإذا فعل فإن المرة الأولى تكون دراما مؤثرة. وأما المرة الثانية فإنها تصبح
ملهاة مضحكة.
الأهرامء وكنت أفكر واكتب؛ وأقرر وأتحرك دون أن التفت خلفى. وإذا رضيت
قيما أفكر واكتب؛ وسوف أجدنى مهموما بما وراء ظهرى أتلفت إليه محاولاً تأمين
فى حاجة إليه».
ومن يومها من يوم كتابة ونشر هذه اللجموعة من الأحاديث في تلك الفترة
لا بد أن أقول إن أسبابًا للخلاق وقعت بين الرئيس «السادات» وبينى من قبل أن
تجىء حرب أكتوبر والملابسات التى أحاطت بها فى تلك الشهور الأربعة الحاسمة
والفاصلة؛ وقبل أن أكتب وأتشر تلك المجموعة من الأحاديث التى افترقت عندها
دون إلحاح.
الطريقة التى عالج بها مشكلة ما أسماه ب «الفتنة الطائفية». وحاولت معه بقدر ما
شباب الجامعات؛ الفى بهم فى السجون وقدمهم للمحاكمات؛ ومع جماعات من
اللثققين والصحفيين نقلهم بجرة قلم إلى مصلحة الاستعلامات؛ والتزمت بموقفى
وإن حاولت جاهدًا أن أتفادى ما يقترب من حد الاستقزاز.
أتجاوز الخط الفاصل بين دور الصحفى وبين مسئولية الحاكم؛ وردد بعض ذلك فى
خطب علنية. وحاولت مخلصا أن أشرح له موقفى:
العوامل المؤثرة عليه والمناخ المحيط به والنتائج التى يمكن أن تترتب بعدها».
وحده.؛ وكنت مستعدًا أن أوافقه فى ذلك عن معرفة بظروف العالم الثالث كله
ومرحلة التطور التاريخى التى تمر بها بلدانه. ولكن مسئولية إصدار القرار شىء؛
والحقيقة أنه كان من دواقعى لتجنب الصدام أنتى تمنيت ولعلى أردت أن أظل
قريبًا حتى تجىء معركة لإزالة آثار العدوان. كنت أعلم أنها قادمة كأحكام القدر
تفرض نفسها على الجميع أرادوا أو لم يريدوا... أقدموا أى ترددوا!
وقى بداية خريف سنة ١١77 أصبح واضمًا أن المعركة لم يعد ممكنًا تأخيرها.
ولسوف أظل إلى آخر العمر مديئًا ل «أنور السادات» بأنه أشركنى فى عملية
المعارك واحتدمت فى أكتوبر؛ وجدتنى أقرب الناس إليه. وكان يستطيع تجنبى لو
ولقد كنت طرقًا محاورًا بتجرد وإخلاص معه طوال أيام الأمل وآيام القلق...
أيام التخطيط وآيام التنفيذ. وكنت شبه مقيم فى بيته أو فى قصر الطاهرة الذى
انتقل إليه كمقر قيادة له قبل بدء العمليات بيومين.
ل 5 تكقينى للدلالة على عمق ما كان بيننا من ترابط فى تلك الأوقات وثيقتين هما
كانت خطة «جرانيت» )١( العبور بخمس فرق من غرب القناة إلى شرقها على
خمسة محاور والتمسك بخمسة رءوس كبارى فى الشرق قد وضعت فى حياة
«جمال عبد الناصد؛ الذى وضع عليها توقيعه بالاعتماد فى شهر مايو ١91٠ ثم
تصورت أن استمرار قربى من عملية صنع القرار حتى تجىء المعركة وأنا واحد من
أقرب التاس إليه مهمة مقدسة ربما يرضيه وهو فى رحاب الله أن أقوم بها.
«السادات» بتاريخ أول أكتوبر ١1717
(وقد ذكرت هذه الواقعة وسجلتها فى محاضر تحقيق المدعى الاشتراكى معى
ونشرتها كاملة فى كتاب (وقائع تحقيق سياسى أمام المدعى الاشتراكى!*'). وكنت
بذلك أرد على تهمة «الانهزامية» التى حاول غفر الله له أن يلصقها دون سند بى).
وترتب على هذا التوجيه تكليف مكتوب أيضًا للفريق أول «أحمد إسماعيل على»
بيدء العمليات. وقعه الرئيس «السادات» يوم © أكتوبر ١1/7 .
فيها مقترحاته لمؤتمر دولى فى جنيف يجرى فيه حل الأزمة فى إطار الأمم المتحدة
وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 5 ؟.
وجودى فى أجواء المعركة مهمة مقدسة... هناك بالطبع قداسة الواجب الوطنى لأى
نحو ما فقد كنت أشعر أن «جمال عبد الناصر» ربما يرضيه حيث هو فى رحاب الله
لتحقيقه و عاش من آجله ورحل قبل أن يحين أوانه.
ولسث أتكر أن تلك كانت أكثر فترة أعطيت فيها من نفسى ل «أنور السادات».
فقد بدا لى فى ثلك الأيام . بصرف النظر عن كل شىء وأى شىء حامل علم تنبض
مع خفقاته كل رموزالحياة والإرادة.. كأن التاريخ تجمع كله فى لحظة مجد
المفهوم يتحول أمامى إلى ما هو غير مقبول. ...
(*) الناشر شركة الطبوعات للتوزيع والنشر ص ب 8 717/ بيروت لبنان.
وفى البداية حاولت السيطرة على هواجسى. ولكن تطورات الساعة كانت تحول
هذه الهواجس إلى ظنون.
المعارك المنتظرة وقوة الجذب الكامنة فيها راحت تكتسح كل شىء.
في الوصول إلى جواب عليها.
ثم تأكد لى المجرى الجديد للآمور فى ملابسات القبول بوقف إطلاق النار؛
وحين جاء «كيستجر؛ إلى المنطقة والتقى بالرئيس «السادات» يوم ١ نوفمير
١7١ وجدتتى أمام لحظة يتحتم على فيها أن أقف دون تردد أى تلعثم لأجعل
ولقد اعتقدت, وما زلت أعتقد, أن السياسة فى حرب أكتوبر خذلت السلاح
ولا أقول خانته بمقدار ما أن السلاح فى سنة /9711 ١ خذل السياسة -ولا أقول
وأظن أن الخطأ الذى وقع فيه الرئيس «السادات» فى حرب أكتوبر وكان بعده ما
فيها الموازين الناشئة عن تيران ميدان القتال للوصول إلى نتائج سياسية.
ماثتى سنة حين قال: «إن الحرب هى مواصلة السياسة بطريقة أخرى».
وهكذا فإن الحرب هى عمل سياسي... تمهد له السياسة؛ وتدير جهده السياسة.
وتوجه نتائجه السياسة.
وفى الحرب المحدودة التى هى الحرب الوحيدة المتاحة الآن فى ظلال التوازن
المعارك.. فتلك هى الفترة التى يكون فيها على صاحب القرار أن يمسك بيد حازمة
كل عناصر موقفه بما فيها معارك القتال لكى يدير حركة هذه العناصر بمقدرة
وأقر آسفًا - أننى لا أعرف فى تاريخ الحروب الحديثة حربًا اختلفت فيها النتائج
ويكفينا هنا ثلاث نظرات محددة على ثلاثة مواقع بعينها:
)١( النظرة الأولى على الهدف التى حددناه لأنفسنا فى حرب أكتوبر, وأستشهد
فيها بنص التوجيه الإستراتيجى النهائي الصادر من الرئيس «السادات» إلى الفريق
أول «أحمد إسماعيل على» يوم * أكتوبر؛ وكان نصه:
توجيه استراتيجى من رئيس الجمهورية
والقائد الأعلى للقوات المسالحة
إلى : الفريق أول أحمد إسماعيل على
وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة
١77 بناء على التوجيه السياسى العسكرى الصادر لكم منى فى أول أكتوبر ١
وبناء على الظروف المحيطة بالموقف السياسى والإستراتيجى:
قررت تكليف القوات المسلحة بتنفيذ المهام الإستراتيجية الآتية: