النزوح الى جنوب وغرب البلاد ؛ أما بقية مناطق كوردستان فكانت تعاني من الضيق العام
فقد توقفت مناجم إستخراج النحاس وتنقيته في مادن وإنتشرت البطالة. والعاطلون عن
العمل في المناطق المجاورة بتدفقون على مادن لإيجاد ملجأً عند أقربائهم أو بهرعون الى
أماكن أخرى بحشاً عن عمل؛ وإزداد عدد المعوزين كل يوم رغم أنهم لم يكونوا يُظهرون
حاجتهم بدافع الإباء وحفظ الكرامة. وجرت العادة في تلك الفترة أن بحده الوجها
المحرومين. من مرضى ومعاقين وأرامل وأيتام. ويقدموا لهم المساعدة سراً.
فكان والدي (الذي عُرف عند الناس بالولي) يحمل عند حلول الظلام أكياس الطحين
وبضعها على أبواب الأسر الفقيرة والبائسة ولازم هذه العادة حتى يوم وفاته.
التقنيين لتوفير تكاليف إستخراج وسبك النحاس في مادن.
كان أبي في أغلب الأحوال هادثاً صموتاً لاببدي الإكتراث. لكنه كان ذا مشاعر إنسانية
للدراسة تتأثر بكل ما يأتي من أسطنبول وأوروبا ؛ كان والدي قلما يتأثر با
بفكره الناقد؛ كان مولعاً بالأدب الكلاسيكي الإتباعي والفارسي وشيء من الأدب الصوفي+
بعد ذلك قط وهو يركب سيارة. كانت الغرفة التي يشغلها في الطابق الثاني من المنزل تتمتع
لإشمئزازه من التخاصم ولأنه نادراً ما كان يوجه الكلام لأولاده. حتى أنه كان بأكل معنا على
المائدة لكن بصمت وسرعة دون أن بنظر الينا ليعود مسرعاً الى دار الضيافة ليرعى أمرهاء
المسافرون بطعمون ويبيتون عند من يرغب في إبوائهم من الأغنياء الذين لديهم دار ضيافة.
كانت دار ضيافتنا تبعد بضع مئات من الأمتار عن دارنا . كان في صدرها أربكة شرق
مغطاة بالسجاد » وكان والدي بجلس في أقصى اليمين منهاء ويمكث هناك ساعات بقضيها
كانت الفرش ممدودة على الأرض والضيوف يتبوأون مواقعهم حسب وضعهم الإجتماعي
يكن لدى الخدم وق يحون فيه؛ وكانوا بنشغلون بإعداد الشاي والقهوة والطعام بينما
والدي وضيوفه يتبادلون الأحاديث عن السياسة والفلسفة. وفي هذا الوقت كان النسوة بعمان
في المطبخ. ولمواجهة الأعداد الكبيرة من الضيوف (القادمين مع خدمهم وجيادهم) كان نساء
الدار يلجأن الى الإستعانة ببنات العم والجارات في أداء أعمالهن.
ثلاثة من الكورد عادوا من مصر بعد أن ذهبوا اليها لزراعة القطن؛ وكان يُخْيِلَ إلي أنهم
عائدون من كوكب آخر... وأذكر أن والدي سألهم عن ظروف المعيشة وعن سياسة الملك وعن
الشعب المصري.
حيث تستيقظ وتأخذه مني.
وقد سمعتها بوماً تقول لإحدى إن هذا الصغير بحبني كثيراً وسيموت حباً وشوقاً
فقد كانوا يسكنون الطابق الثالث. والخدم كانوا يبيتون في حجرة دار الضيافة.
وفي الشتاء حينما يكون الطقس شديد البرودة ولم تكن حرارة المدافي»
كل غرفة تكفي لتدة
بواسطتها. كما كنت أحب تنظيف السطوح من الثلوج المتراكمة. بإستخدام مجارف خشبية
واذا كان فصل الشتاء فصلي المفضل. فإنتي كنت أستقبل يوم (نوروز) بصيحات الفرح
رواية
لخشبية الموجودة في
نا كنا نجتمع حول المنقلة . موقد الجمر. التي لم أكن أحب حرارتها
بالعام الجديد في الريف... وكان الشتاء بدوم في بعض الأحيان حتى ١9 / آذار. لكن في ١
منه كان سقوط الثلج يتوقف حتماً وتشرق الشمس لتذيب الثلوج.
كان نوروز بالنسبة لنا نحن الصغارء وبعد شتاء طويل؛ فرصة للقاء الريف لاسيما الحمير
حول أرضنا لوحدها سبع مرات لتثبط عزيمة أي متجول غريب؛ وقد ذاع صيتها بحيث منعت
أي غريب من المجازفة بالإققتراب من أرضنا؛ وكانت تحب السجوال في الجبال وذات بوم
تشرد وآثر التسكع في شوارع مادن على حراسة أملاكنا. لكنه عاد يوم وذ
بخرج من فمه. أما نحن الصغار فقد بكينا بولات كما بكينا كوركين في السابق.
فطاردته عشرة أيام وفي مساء اليوم الأخير نزل القط منهك القوى من شجرة من الأشجار
المشهورة ذات الشعر الطويل الناعم.
كانت لدينا ابضاً حارسة رائعة ترافق جيراننا حتى عتبة بابهم قبل أن تعود الى الحقل
برشاقة. لكنها لم تكن محظوظة فقي ظهر يوم صيقي رأيناها تعود من البستان حاملة في
فمها حية صفراء لكن رغم صراخنا وطلبنا اليها أن ترمي بالحية جانباً؛ فإنها لم تسمع إلينا ء
صغارها أنفاسها الأخيرة.
الحياة في الحقول لم تكن تعني لي مجر أحداث حزينة متفرقة. بل كانت بالنسبة إلي:
نزهات في الجبال وصيد الحجل والإستحمام على ضفاف الأنهار (في البحيرات الصغيرة التي
تتشكل عن الأنهار) كما تعني لي الحربة.
إننا نعيش على الجنة الأرضية هذه بفضل آبائنا وأجدادنا » فقبل قرن من الآن استدعي جدنا
الذي كان حصراً على الأمراء والعلماء ثم أصبح المحافظ الإداري للمدينة. وما وصل الى مادن
والفارسية والسلجوقية وغيرها مجرد ضيعة صغيرة ببلغ عدد سكانها حوالي ثلاثة آلاف.
كانت المشكلة الأكثر إلحاحاً لدى وصول جدنا هي تشغيل مناجم النحاس غير المستثمرة منذ
قرون. فبحث جدنا عن العمال والمختصين في ضواحي مادن ومدن أخرى بعيدة جداً عن
كوردستان؛ ولكن عبثاً فالغزوات المغولية والتركمانية ومقاومة الولابات العنيقة للتدخل
بأن عائلات بونانية غنية من (تريبيزون) متحدرة من مستعمرة (سينوب) التي بنيت في
القرن الثالث عشر قبل الميلاد واششهرت بصناعة البحاس كانت مستعدة للهجرة الى مادن
والإستثمار في مناجمها الغنية. وممساعدة السلطات العثمانية أسرع الى هناك لينظم ترحيل
وإسكان ( 0 80) عائلة يونانية في مادن. وكان من بين النازحين مهندسون وبنا بون ومشيدو
جسور وطرق وخباطون وحذاؤون الى جانب المختصين في النحاس.
فعمروا على الفور منازل متينة من طابقين وثلاث طوابق على الطراز المادني القديم من
الحجارة والبلاط المرمري المخضّر. واستخدم إبراهيم أفندي معارف وقدرات العمال الكورد
القادمين من القرى المجاورة في بنا ء البيوت والمدارس والطرق والجسور»
وفي عام 1747 استخرج النحاس وصهر وبيع من خلال مشاربع خاصة؛ وخلال سنوات
آلاف الأطنان من النحاس الشديد النقاء فكبرت البلدة وز
عدد سكانها أربعين ألفاً بتمتعون بحياة إقتصادية وثقافية عالية المستوى»
وكرومها وبساتينها التي غطت سفوح الجبال الجرداء في السابق تلفت إنتباه اماج
لكن النجاح الباهر الذي حققه جدي أثار الحساد والمنافسين الذين سارعوا الى إنذار الباب
العالي. فأنذر إبراهيم أفندي عام 187١ رسمياً بالذهاب الى أسطنبول. ولتستعه بالدعم
الشعبي الواسع فإنه رفض التخلي عن منصبه فأصدرت السلطات مرسوماً بمصادرة أمواله
وتهديد عائلته فجاء الى مادن جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل مدججين بالمدافع, ولغرض
إفشال تلك المهمة غادر جدي مادن متنكراً في زي الدراويش ليفلت بذلك من أمر السلطان
ربطات العنق وأزرار الأكمام والقمصان التي كان بأتي بها من فرنسا ودعا معلماً لخدمة
والدي؛ ولم بكتف قط بأن يكون مجرد عضو فعال في مجلس الإدارة بل برع في فن
استخدام الأسلحة ونال شهرة واسعة في الفروسية. واستطاع جمع الطوائف الكوردية واليونائية
والأرمنية والتركية التي تعيش في مادن في وفاق وإزدهار . لكن لدى نشوب الحرب العالمية
الأولى حطمت سياسة الشباب الأتراك للسلطة في أسطنبول والمتحالفة مع سياسة الدول التي
عزمت على دك حصون الإمبراطوربة. الوحدة والتآلف بين طوائف مادن. وفي عشية الحرب
العالمية الأولى كان الأرمن قد قرروا مساعدة الروس على كسب الحرب. الأمر الذي أدى الى
أعد الألمان بمساندة الشباب الأتراك خطة لإبادة الأرمن الذين بعيشون داخل حدود
الإمبراطورية العثمانية. وبدأ العمل بالخطة في عام 1416 واستمر حتى عام 1818 حيث
لجأت سلطات أسطنبول الى مختلف السبل الشيطانية لإنجاح عملية إبادة جماعية لشعب
بأسره. وكان كل مرؤوس عثماني يظهر أقل كراهية لهذه السباسة بعد خائناً ويستحق أشد
العقويات... ورغم ذلك بذل الكثير من الكورد أموالهم وأنفسهم في سبيل حمابة الأرمن
ا موجودين في مدنهم أو مناطقهم أو قبائلهم.
كان أبناء مادن من بين الذين عملوا على حساية الأرمن في مدينتهم من وحشية الجنود
والعساكر والدرك ومجمي القانون العام الذين يطلق سراحهم في مثل هذه الظروف. وفي عام
8 ساعد الكورد الأرمن في اللجوء الى سورية. وفي ذلك التاريخ إحتضن أهلي الفتا
الأرمنية اليتيمة (جاجو) التي كان إسمها الحقيقي (ماجدة)؛ وبعد رحيل الأرمن عن مادن
على معاهدة (لوزان) التي بتت في إنتقال السكان بين تركيا - التي أصبحت كمالية-
ونتيجة لذلك التنسيق توجب على يونانبي مادن مغادرة منازلهم الجميلة وحقولهم
وبساتينهم الرائعة في ضاحية مادن الى جانب مغادرة أصدقائهم الكورد وراءهم.
ذهب البعض للعيش في اليونان بينما فضل آخرون التوجه الى أمريكا أو بلاد أخرى. وكان
- كوسما؛ كوسماء إبق معنا! إذهب واختبئ في الجبال حتى ينسوك؛ وسنخرج لك بطاقة
معنا يا كوسنا!
في عشية رحيل الطائفة اليونا عن مادن. ذهب كوسما متنكراً بزي كوردي الى أعالي
الحقول ليختبئ بين الأشجار حيث نقضي فصل الصيف. لكن رجال الدرك الأتراك ما لبثوا أن
ترك لنا جدنا ثلاثة بساتين إثنان منهما على ضفتي دجلة يمتدان حتى مجرى النهر وبلتقيان
في مسافة محدودة. والبستان الأقرب من المدينة بقع على الضفة اليمنى وبدعى بستان
الطاحونة. ويبلغ طوله كبلومترين وعرضه أكثر من مشتي مترء وكانت إحدى القنوات تفصله
عن الكروم وتسقيه بسخاء؛ وكان بصلح لمختلف أنواع المزروعات.
في كوردستان كانت أشجار الحورا*) مصدرا وفيراً للموارد بالنسبة للفلاحين والملاكين وتجار
الجملة. وأذكر أن غابة الحور كانت تقطع أشجارها وتقشر في الصيف؛ وفي الربيع عند فيضان
الماء كانت الأخشاب تنقل بواسطة الماء حتى بغداد ؛ فكانت مياه دجلة تمتلي» بالخشب في
شهري نيسان وآبار. وأحياناً كانت الجذوع تتجمع عند تعرجات النهر الضيقة لتشكل حواجز
في ذلك الحين كان العمال المختصون بهذا النوع من النقل يظهرون ويركضون على الجذوع
في تأمل الجذوع العائمة فوق النهر.
كان رجلا قصيراً وبديناً ذا لحية طويلة. شعره وكتفاه مغطيان بالطحين دوماً؛ وكان على الدوام
منهمكاً في العمل؛ له ثلاثة أبناء ذوي بنية قوب إنقطاع في قطف الشمار أو
بيعها في سوق مادن. وكان بستان الطاحونة بتباهى بتوته الأبيض !64
الجبل الذي ينبع مته النهر وتُسقى منه الحديقة وعرا جداً. وكان أجدادي قد نجحوا في تقسيم
النبع الى عشرات النوافير التي يبلغ إرتفاعها أكثر من متر. هذه التوافير كانت تزين حوضاً
مر ضيق بنوافير المياه فقد كان المسافرون في الصيف يسلكون الممر الضيق ليرتووا ويشفوا
غليلهم ويستربحوا نحت ظلال أشجار الدلب المحيطة بالتوافير.
قد أجر ايضاً ولكن بشروط خاصة جداً. فالى جانب الإيجار السنوي كان المستأجر مازماً بأن
كما كان بُسمح لنا نحن الأطفال بدخول الحديقة وقطف الشمار التي نرغب فيها ء هذه .١
أما الحديقة الثالثة فكانت مصيفاً لعائلتي وتقع على ثلاثماثئة متر شمال شرق حديقة نوافير
المياه؛ وتشرف على الطريق الرئيسي لمادن والحدائق الممتدة بين الطريق وبين نهر دجلة. في هذه
قسمين لتغذيتهما بالماء محاطا بالخضرة والأزهار. كانت أرض الحديقة وعرة جداً في بعض
كل أشجار الحديقة أحدث وأصغر من بقية الحدائق. وكانت تحتوي كل أنواع الأشجار المشمرة»
إحدى هاتين الشجرتين العملاقتين؛ وكان سريرنا نحن الأطفال خشبياً عالياً تستخدم سلما
لإرتقائه. ولدى سقوط المطر كان السرير يغطى بخيمة كبيرة. وكم كنت أتمتع بصوت قطرات
المطر الكبيرة وهي تسقط على نسيج الكتان...
وعلى بعد ماثة متر من المنزل كان دار الضيافة حيث كان والدي بقضي السهرة مع ضيوفه
على سطحها الفسيح. وعند موعد النوم تمد أسرة الضيوف هناك وفي بعض الأحيان تكون
الأسرة مجرد فرش بسيطة توضع على الأرض مباشرة. أما الضيوف الذين لم بكونوا يحب
أن تصيبهم الشمس بأشعتها فكانوا بستيقظون باكراً ليجدوا مأوى داخل الدار حيث الأشجار
أما دواب الضيوف فبعد أن تعلف من الشعير الممزوج بالتبن أو البرسيم المجفف كانت
تستربح قرب أشجار التوت. وبينسا كان الضيوف يتركون دوابهم في الحديقة للذغاب الى
ح عليهم نزهة على خيول جميلة سربعة. وبحجة إرواء الحبوانات في
لإخفاء الأثر كنا نغطسها في النهابة في النهر ونجففها وننظف بالفرشاة آثار الرشح والعرق
عنهاء
كما كنا نحب اللعب بالجمال التي كانت تأتي في الخريف من (كاوران)(") وهو سهل فسيع
بقع قرب دباربكر وكنا نملك فيه عشرة آلاف هكتار من الأرض؛ وكان فلاحونا بأتون كل سنة
بعد الحصاد لبيع جزء من المحصول في مادن. وبعد إفراخ حمولتها كان الفلاحون يأتون الى
الجمال ثم عندما وجدناها مسالمة ووديعة ذهب عنا الرعب واستطعنا ركويها مقلدين الصيحات
منزلقين على طول الردف. كان إنطباعنا الذي كان مزيجاً من الخوف وا الفرح مذهلاً
جداً. وكررنا العملية عشرات المرات... وذات بوم هاج أحد الجمال وحاول أن بعض ذراعي لكن
لحسن حظي لم يتمكن إلا من تقزيق جزء من قميصي وإقناعي بأن أتركه وشأنه.
كانت عندي إهتسامات أخرى من بينها (الكيلر) أو بيت المؤونة وهو نوع من القبو كنا
تحفظ فيه المؤن الضروربة لأشهر الشتاء القاسية التي ننقطع خلالها عن العالم الخارجي؛ وبا
له من مكان غريب! كانت الجرار والقوارير مرتبة فيه تر كانت الجرار تحتوي
الأبيض المغمور في الماء المالح. أما القوارير المصنوعة من التراب الرملي الوردي؛ فقد كانت
تحفظ الملبن والعقودة وبعض الأطعمة الكوردية الأخرى التي كنا نشتهيها. وكانت القواربر
توضع على رفوف خشبية على طول الجدار وبإرتفاع متر ونصف عن الأرض.
يق شديد فهل سأموت داخل الجرة دون أن يأتي
لم بكن مطبخنا المجاور لبيت المؤونة أقل سخرا وجمالاً أ. فقد كان أحد جدرانه مغطى اما
على شكل خزانة كتب. كنا نحفظ فيها آلاف الكيلوغرامات من الطحين في
تقدوره وما أن الحرارة المنبعشة من المواقد والمدخنة العالية لم تكن كافية لتدفئتنا فقد كنا
كثيرة كان صحن الأولاد بسحب فجأة ونحن نتأهب لتناول الطعام:
- لقد وصل بعض الضيوف.
أحد أيام الصيف وصل دارنا ضيف كبير معه ستة عشر رجلاً؛ فتسا ءلت والدتي:
- ماذا علينا أن تقدم لهم؟ فقد كان زادنا ذلك اليوم بلا دسم ولا دهن. تذكر أحدهم فج
الجدي الصغير الذي كان والدي قد أهداني. وحاولوا بمختلف الحيل إبعاده عني. فقال لي
لكن المؤسف أن دموعي وصراخي لم يغيّرا من الأمر شيئاً؛ وعندما وضع لحم الجدي أمامي
حتى بلغت السادسة عشرة. فقد كنت أنتظر بفارغ الصبر فصل الفواكه والخضار التي كانت
هناك ١ نوعاً من العنب والتوت الأسود والأبيض, والحلو والحامض. بالإضافة الى أنواع
أوقاتي بينها وأركض حول أشجار الدلب العريقة وأستنشق كل هذه الروائج العطرة وآكل
الكثير من الفواكه وأتلذذ بطعمها!
ولكن الجنة الأرضية لطفولتي بأشجارها وكرومها , بدروبها الصغيرة وسواقيها ؛ لم تكن
(80) بقرة و -6) من الماعزء وقطط وكلاب وبغال وحمير وخيل.
بن العناية بالمواشي. بينما كان الرعاة المختارون من بينهم يرعون الماعز
جدير بالإهتمام بحمار فأعطاني جحشاً صغيراً رائعاً أسميته (بوزو) بسبب لونه الرمادي؛
وأصبح بوزو منذ ذلك اليوم شغلي الشاغل. فقد كانت كل إهتماماتي ومشاعري تنصرف
نحوه؛ فقي كل مساء وقبل الذهاب الى النوم كنت أتأكد من أنه في مأوى جيد وأنه شرب