التقصير وملامح الفشل في الأيام الأولى من تلك الحرب قد نبعت فقط من
التقدير الخاطئ بأن احتمالات الحرب ضعيفة.
القرار؛ ولقد كان قراري أنا فورياً غير قابل للاعتراض : أن اعتزل الهيكل العام
في الجيش(كقائد لإحدى القيادات أو المناطق) وانتهاءً بمنصب رئيس مجلس
إدارة أحد البنوك؛ ولقد رفضت كل هذه العروض وبشدة.
ونسف أسطورة قومية ضعيف للغاية. ومن السهل ومن المريح للزعامة
التهمة. وهم يهمسون إلى الشعب الذي لم يفق بعد من صدمة الحرب
أن رئيس شعبة المخابرات العسكرية كان قد قال إن احتمال الحرب كب
لسار كل شيء على ما يرام».
وبعد ذلك بتسعة أعوام رفضت لجنة التحقيق الحكومية برئاسة قاضي
المحكمة العليا الدكتور إسحاق كهان والتي حققت في المذابح التي وقعت
المسؤولية على القيا
وطيلة عشرين عاماً حرمت على نفسي أن اتحدث علانية عن أحداث
حرب عيد الغفران. ولقد كانت هناك أسباب مختلفة لذلك ولكن السبب
الحاسم كان هو مصداقية الدليل. ولقد تصورت أنه بدون عرض الوثائق
المناسبة لن أحظى بالثقة وسوف يتقبلون كلماتي بكل الشك. ومن ناحية
المسؤولية الوطنية من الواجب ألا تنشر وثائق سياسية وعسكرية لآ بعد مرور
عشرين عاماً وحتى عند ذلك أيضاً لا يتم النشر إلا بعد إسقاط بعض الأمور
التي تعني الكشف عن أسرار للدولة الآن. والآن وبعد أن مر عشرون عاماً
أصبحت الأدلة قوية ومتيئة وسوف أترك الحكم للقارئ ٠
ويتضمن هذا الكتاب نقداً لاذعاً موجهاً إلى بعض الوزراء وبعض قادة
الكتاب تقديرات الموقف التي قدمها من يشغلون المناصب الرئيسية في هيكل
الدفاع في عام 1477» واعتباراتهم وقراراتهم بالتسبة لأمن دولة إسراثيل» وكل
هذا مدعوم بالوثائق الرسمية. والحقائق التي امتنعت عن ذكرها لأسباب أمنية
ولكن من المهم بالدرجة الأولى أن نعرض الأمور كما كانت بصورة
الدولة وقادة الجيش يعتبر أحد الأسس الرئيسية في أي نظام حكم
ديموقراطي . ولا يمكن توفير العدالة وثقة الشعب في زعمائه في ظل نظام
حكم تستطيع الزعامة فيه أن تتهرب من المسؤولية عن قراراتها تحت شعار
وفي عام 19773 بلور وزراء الحكومة وقادة الجيش تقديرات واتخذوا
الجميع أنهم قد قاموا بعملهم هذا بكل إخلاص وتفانٍ ومن خلال الرغبة والنية
في تدعيم أمن إسرائيل.
ومع تشكيل لجنة التحقيق الحكومية برئاسة رئيس المحكمة العليا
تصورت ومثلي تصور غالبية قادة الجيش أن اللجنة سوف تبذل قصارى
جهندما مين أجل تعرفة الحقيقة وين انجل أن شف حتن الأخطاء والعيوب
تحدد من هم المسؤولون عن التقصير. َ
وعندما نلقي نظرة على وثائق وتقارير اللجنة ومبرراتها ونتائجها
مستعيناً بمعرفتي للحقائق على ما كانت عليه؛ وبالتفكير السليم وبالجوانب
القانونية التي أحاطني بها علماً بعض الشخصيات من كبار رجال القانون. في
البلاد؛ كلما زاد تمسكي بهذا الموقف. وسوف أفصل وأوضح أسباب موقفي
اللجنة) بعدم الاستعانة بمستشار قانوني الأن هذا الأمر سوف يعقّد
عملنا. .0». وبكل بساطة وسذاجة تقبلنا هذه النصيحة من أكبر قضاة الدولة؛
يواجهون» فقد استعانوا بالمشورة القانونية الدائمة وخرجوا أبرياء.
في إعفاء القيادة السياسية؛ وهذا يعني رئيسة الوزراء جولدا ماثير ووزير الدفاغ
وكما ينضح من هذا الكتاب فإن المبررات الموضوعية التي ساقتها لجنة
التحقيق والتي دفعتها إلى إعفاء رئيسة الوزراء ووزير الدفاع من المسؤولية
المبررات القانونية بشأن المسؤولية الشخصية للقيادة السياسية؛ قد انبارت
تحت سهام النقد اللاذع الذي قدمه قضاة المحكمة العلياء اسحاق كهان
صبرا وشاتيلا. والتوصية المؤكدة بضرورة نقل وزير الدفاع أرييل شارون من
منصبه في أعقاب تلك المذبحة؛ تتناقض تماماً مع المبررات التي كانت تستند
جولدا ماثير ووزير الدفاع موشيه ديان من أي مسؤولية شخصية. ولقد كانت
مسؤولية أرييل شارون غير المباشرة عن المذبحة في لبنان لا تساوي شيئاً
بالنسبة إلى المسؤولية الشخصية والمباشرة لرئيسة الوزراء ووزير الدفاع عن
حرب عيد الغفران. .
وعندما شكلت الحكومة لجنة التحقيق برئاسة القاضي أجرانات
جاليلي» ويجيثال آلون ورئيس الأركان دفيد اليعازر. وبين الحين والآخر كانت
تتم دعوة مساعد وزير الدفاع الفريق (احتياط) تسشي تسور؛ نائب رئيس
العسكرية اللواء ايلي زاغيرا ورئيس الموساد اللواء (احتباط) تسشي زامير»
للاشتراك في المناقشات.
ولكن في الوقت الذي قدم فيه رجال الجيش بصفة عامة شهادتهم في
لجنة التحقيق بكل أمانة واستقامة وبدون إخفاء حقائق رئيسية؛ نجد أن رئيسة
الوزراء ووزير الدفاع قد وضعا نصب أعينهما هدفاً واحداً فقط: الحفاظ على
الوجود السياسي. وعلى هذا فقد كانت إجاباتهما موججهة لكي تثبت أن
الأخطاء الاستراتيجية التي سبقت الحرب والعيوب التي ظهرت في عملية
إعداد جيش الدفاع الإسرائيلي للحرب والخطأ في تقدير نوايا السادات
والأسدء رئيسي مصر وسورياء كلها كانت في حدود المسؤولية المطلقة
لرجال الجيش.
وفي أعقاب ذلك كانت هناك حقائق ذات أهمية كبيرة؛ كانت بلا شك
سوف تحتم فرض المسؤولية الشخصية على رئيسة الوزراء ووزير الدفاع»
أخفيت عن عمد عن علم لجنة التحقيق. ويبدو أن هذا فد تم بثاء على
توصية مستشارييما.
مع القيادة السياسية؛ وكذلك رفقاً للقانون الأمريكي الذي يرتكز هو الآخر
على القانون الإنجليزي فَإن إخفاء حقائق يؤدي إلى عرقلة مسيرة تحقيق
العدالة؛ يؤدي إلى المحاكمة والعزل من الوظيفة (0«ع:طمة»م00 وفي عام
6 بدأت مسيرة كهذه أو عملية كهذه ضد الرئيس ريتشارد نيكسون الذي
اتهموه بإخفاء معلومات نسبب في عرقلة مسيرة تحقيق العدالة. ولقد فضل
وجزء كبير من الحقائق التي أخفاها كل من رئيسة الوزراء ووزير الدفاع
عن اللجنة لا يمكن الكشف عنه حتى الآن. ولكن ما سيتم تفصيله وشرحه
الدفاع موشيه فيان للمحاكمة بسبب إخفاء حقائق أدى إلى عرقلة منيرة تحقيق
لجنة أجرانات للعدالة. وفي أواخر أيام القاضي أجرانات وعندما وصل إلى
في الوقت الذي كانت فيه اللجنة تبلور نتائجها وتوصياتها؛ لكان من الممكن
أن يصدر قرار مختلف بالنسبة للقيادة السياسية وهذا يعني رئيسة الوزراء ووزير
ولكن قرار لجنة أجرانات بإعفاء القيادة السياسية من أي مسؤولية لا
يمكن أن يرجع فقط إلى إخفاء معلومات حيوية وتزييف معلومات أخرى من
جانب رئيسة الوزراء ووزير الدفاع. ولقد قال كبار حكماثنا: «ليس للقاضي إلا
ما ترى عيناه» ولكن يبدو أن أعضاء لجنة أجرانات كانوا عُمياناً وهم يصدرون
وأنا أعلم جيداً أن نشر هذا الكتاب بعد الحرب بعشرين عاماً سوف يثير
الكثير من الدهشة والنقد. وسوف يقولون لي: لماذا التزمت الصمت حتى
عرض الحقائق على الجمهور بدون الرجوع إلى الوثائق والمستندات والتي لم
أسمح لنفسي بنشرها قبل مرور عشرين عاماً على حرب عيد الغفران. لم التزم
الصمت. وبعد عشرة أيام من صدور نتائج وتوصيات اللجنة سلمت سكرتير
لجنة التحقيق القاضي برطوف وثيقة شرحت فيها كل ملاحظاتي وتحفظاتي
على نتائج اللجنة وعرضت فيها كل الحقائق التي تدعم هذه الملاحظات
(راجع فصل الملاحق).
وطوال الأعوام التي مرت منذ الحرب ابتعدت بنفسي عن الهيكل
السلطوي الإسرائيلي الذي يجرص على مصدر رزق ومستقبل الألوية في جيش
هدفي هو أن أتحرر من هذا الهيكل وأن أعرف ما هو مدى قدرتي على أن
والمكاره دفعت بي وبأسرتي في مرحلة من المراحل إلى حالة من العوز
والضعف. ٠ ولكن في نهاية الأمر تحققت غالبية الأهداف التي وضعتها لنفسي .
إجراء مناقشات قومية جاهيرية حول الموضوعات المطروحة فيه.
وفي إسرائيل توجد أهمية قصوى لمناقشة كل الاعتبارات وأسلوب اتخاذ
الديموقراطية الوحيدة في العالم التي تتعرض لخطر الإبادة الحقيقي والمادي
من جانب أعداثها» ولذلك فإن وجود إسرائيل لا يزال مرهوناً بالسياسة الأمنية
ولقد كانت حرب عيد الغفران مواجهة بين دول عربية وبين إسرائيل.
ومثل هذه المواجهة من الممكن أن تتكرر في المستقبل وفي ظل ظروف أسوأ
من ظروف حرب عيد الغفران. ولهذا السبب توجد أهمية وقيمة كبيرة لتحليل
خلال الحرب ٠ وأنوي أن أثبت في هذا الكتاب أنه قبل الحرب ارتكبت
الزعامة أخطاء استراتيجية خطيرة وفادحة للغاية. وتحليل هذه الأخطاء وفهم
وصريحة حول المشاكل الاستراتيجية ذات الأهمية القومية.
وهذا الكتاب موجه إلى كل مواطني إسرائيل المعنيين بمشاكل أمنهاء
الموضوعات التي توجد بها صعوبة معيئة بالنسبة لغير الملم بالنواحي
العسكرية؛ ولذلك فقد شرحتها أكثر من مرة في العديد من الفصول ومن زوايا
وكتابي هذا موجه أولاً وتبل كل شيء إلى الجيل الذي حارب في
حرب عيد الغفران. لأنه هو الجيل الذي حوله صيغت تلك الأسطورة القومية
التي ألقت بتهمة التقصير في الحرب وفي الفترة التي سبقتها على كاهل جيش
الدفاع بصفة عامة وعلى كاهل شعبة المخابرات العسكرية بصفة خاصة.
وبمرور الأعوام نضج هذا الجيل واكتسب الحكمة؛ وإيمانه بزعمائه» وقادته
وقضاته ليس إيماناً أعمى وأتمنى أن يكون عقله مفتوحاً للدراسة المتعمقة
والموضوعية لكل الحقائق الواردة في هذا الكتاب.
بطاقة تعارف
هذا الفصل موجه إلى القراء المهتمين بمعرفة من هو مؤلف هذا الكتاب
ذلك هناك العديد من الأحداث التي وقعت في الماضي البعيد والتي حضرت
بقية فصول الكتاب ومن لا يسمح له وقته بذلك يستطيع أن يتجاهل هذا
ولدت في حيفا «مدينة العمال» في عام 14748 كان والدي مهندس
كهرباء وأمي ربة بيت. وكما هو واضح ومفهوم لم تكن لي سيطرة على
بلور مسيرة حياتي . إن من يولد في أرض إسرائيل كيهودي في هذه الفترة فإن
قدره قد حكم بأنه يستطيع . إذا أراد. أن يساهم بدور في حرب التحرير وفي
عملية إقامة دولة إسرائيل.
وأول حدث وقع لي في صباي ولا زلت أذكره بوضوح غريب هو زيارة
الباخرة هي وسيلة المواصلات الوحيدة.
إيطاليا. ومن بين ركاب الباخرة تصادقت مع مجموعة لطيفة من الشباب كانوا
في طريق العودة بعد زيارة للأرض المقدسة. ولقد كان هؤلاء هم أعضاء
«الشباب الفاشيستي؛» التابعين لموسوليني . ومن المعروف أنه في تلك الفترة
لم يكن قد تم عقد التحالف بين الفاشية الإيطالية وبين النازية الألمانية.
وعلارة على هؤلاء الشباب لفت انتباهي رجل منعزل؛ لم أعرف موطئه؛
ولكنه كان رساماً ممتازاً؛ ولقد رسم لي بورتريه سريع وأسفل الصورة كتب
البروتلايم؟ 0 . وفي بعض الأحبان يبدر لي أن كل ذكرياتي عن تلك
السفينة الإيطالية هي من نسج الخيال ولكن تلك الصورة تمثل دليلاً دامغاً
على أنني كنت على ظهر السفيئة في ذلك العام. وفي نفس الوقت تخلق هذه
الصورة مشكلة لي: المن من بناتي الثلاث سوف أثرك هذه الصورة بعد أن
صدق ووضوح .
في مدخل ذلك البيت الخشبي الكبير كانت تنتظرنا كل الأسرة.
ويتجمع حولي ستة أو سبعة من إخوة أمي. لا توجد بيننا لغة مشتركة ولكثنا
عمرهماء يطلبان مني أن ألعب معهما في الحقول المجاورة. ذهبنا لتلعب على
مقربة من البيت وفجأة ظهر لنا صبيَّان؛ كان شعرهما أصفر اللون وعيونهما
زرقاء وهما يجملان العصي . أخذا يقتربان منا بخطوة واثقة وهما يصرخان بشيء
ما باللغة البولندية؛ ويحاول أبناء أخوالي أن يقولا لي شيئاً ما وانطلقا عائدين
جرياً نحو البيت الخشبي.
وفجأة أجد نفسي في مشاجرة مع هذين الصبيين. ومن شدة » لم
أكن أعرف أن الصبي اليهودي يجب أن يهرب فور مشاهدة صبي بولندي.
ودارت رحى المشاجرة وفقاً للأصول المتعارف عليها في شوارع وحارات
البولنديين يهربان بجلدهما وأنوفهما تنزف دماً. وقد عدت إلى المنزل الصيفي