مراسلات المؤلف:
الشركة العربية للطباعة والنشر والتوزيع
4 ش بور سعيد - السيدة زينب
مقدمة الكتاب
لقد كتبت تلك المقدمة ألف مرة.. وق كل مرة أمزقها..
خطت سطوره الآولى.. ولم تزل دماء الشهداء ساختة.. ونين الجرحى المحتضرين
تملا أجواز الفضاء لتصل إلى الله تشكو إليه.. يتردد صداها فى أذتى كالمطارق الجبارة
كتب هذا الكتاب أول مرة على ضوء [لمبة جان] ضياؤها شحيح.. يتراقص في
ارتعاش مريض.. داخل خندق صغير اثناء حرب الاستنزاف.. فى منطقة كبريت.. على
الأوراق كعظام الموتى اكلت أطرافها الايام.. وإنمحت أحرفها..
وبعد وقف إطلاق التار.. وللغرابة زادت آلامى الجسمانية حتى احتار اطباء القوات
المسلحة ى تشخيص الحالة.. وامتدت بى ليالى العذاب والاغتراب بين مستشفى
لتشتعل نيران حرب أكتوير 7.. وانا لازلت أتوكا على عصا.. ولسبب خارج حدود
والدخان.. كنت اول.. وآخر ضابط فى تاريخ الجيش المصرى يقوم بهذا العمل.. يلقى
مفواراً.. كان الآلاف غيرى يجرون ويمرحون.. ويسوقون الأسباب والمعارف لنيل
معاش كبير.. أو تعويض مادى.. وكتت رب أسرة وآباً لطفلتين ولم افكر لثانية واحدة يق
مسبقة كان تحت ضغط طاقة من الالم والحزن والرغبة العارمة فى الثار.. رغبة
الأحباب اين ذهب محمود.. وشكرى.. وإبراهيم عثمان.. ورافت عطية.. وفيصل..
القتلة.. أو أصعد إلى الزملاء..
يوماً واحداً.. [ولن اصدق] أن إسراثيل تنشد السلام فعلاً.
-.. ماهذا الذى كتبته ونحن نسير فى مسيرة السلام.. إنك تكدر صقي السلام
وتقدمت للالتحاق بكلية القادة والاركان.. ورغم انف القوانين والذين يطبقونها..
الحرب انستنى المرض والمستشفى والعصا.. اصبحت سليماً قوياً واقفاً على قدمى
أعلى أكاديمية عسكرية عربية على الإطلاق..
ولاسباب عسيرة النشر.. لم أكن أرضى إلا بما هو صحيح.. فتذكر القادة مرضى
القديم وآحالوتى إلى المعاش.. محروماً من كل مزايا الزملاء.. التى يقررها القانون بل
وأخيراً اعترف أحد القتلة الإسرائيليون.. واخبر العالم بتفاصيل كيف تبحوا الاسرى
ابعث الميت من الادراج.. وأنفض الغبار عن الصفحات.. واشهر أوراقى بين يدى
قد تكون تلك أول مرة.. يكتب فيهبا عن الماساة.. من السفح.. سفع التنظيم
المفزع الملتاع..
لقد كانت حرب 37 هى نقطة الانقلاب فى حياتى بصفة خاصة.. وللمصريين بصفة
قبل الحرب كنت أعيش أيامى.. متفتحاً على الدنيا أنهل منها حظى.. وأسرف يق
والاقتصادى.. كتوابع مهولة.. لهذا الزلزال المروع.. ولازالت الدهشة تتملكنى
والسياسة.. وكل علوم الإنسانية عسانى أفهم وأستوعب.. وأستقر.. ولا آنا استقر..
أعظم ما خلق الله من عبقرية يجسدها المصرى لو اتيحت له الفرصة.. واجب على نشر
من الله.. أن يكون تذكره.. ورده.. وعودة إلى تصور المأساة..
كنت أتساءل ي غيظ وكمد عن كنه بعض قيادات مصر ق لك القترة السوداء
بالقوات المسلحة أو الوزارات والمجلس التشريعى.. أولئك الذين هم فعلاً أشباه رجال
ومارجال.. أقارن بينهم وبين قادة هزمت دولهم ىن حروب شرسة كاليابان والمانيا..
أما أشباه الرجال من قادتنا أصحاب الحتاجر الحميرية والاكف الغليظة والأعناق
اللناصب الرفيعة.. يتقلبون ن الحرير والكراسى الوثيرة..
بعد رحلة الحياة.. وجدت أن هؤلاء هم النتاج الطبيعى لنظام الحكم السائد.. ولم
يكن وارداً ف خاطرهم يوم خوض غمار حرب جدية.. تاهيك عن التخطيط والتنظيم لها
ثم قيادتها.. فهم بحكم التكوين والتلوين.. منسلخون تماماً عن مواقعهم شاخصه
أابصارهم دوما إلى ولى نعمتهم الذى تعطف عليهم بالمنصب والجاه والنفوذ.. يحققون
صديقاً مبقور البطن فظ انفاسه.. فقط سمعوا عنها.. كالمشاهدين فى قاعات السينماء
سكت عنهم النظام الذى افرزهم فلم يقدمهم إلى المحاكمة.. وأكاد أقسم بأن تلك المجزرة
الماساة لو وقعت في دولة أخرى.. لصلب الشعب قادته فى الميادين العامة..
ممن وردت أدوارهم.. لكن الأسماء مستعارة.. فقد تمس سطور زميلاً يعيش.. او
استشهد وواراه القراب..
والله ولى التوفيق
مستي محمد عد الله السيطار
متهدج الانفاس مشتت العقل بالكاد استطاعت اقدامى أن تحملنى إلى حجرة
الاستراحة الصغيرة.. بالكاد استطعت أن أمد أطراف اصابعى لاقبض على أكرة الباب.
فتحت الحجرة الصغيرة التى تتسع فقط لسزيران معدتيان صغيران لا يتجاوذ
انبعث شىء كالغناء من جهاز راديو عثيق ربط حوله زوج من حجارة البطارية
لازالت راسى تطن.. فلا اكاد أسمع إلا صدى التقريع الذى ثلته من الرائد ظلريف
--.. أبدا.. دخلت عظمت.. ولسة هاأقول ملازم محمود مختار.. وراح طالع فى طلعة
- إضرب المربوط.. يخاف السايب..
-.. عشان تبقى تسمع كلامى.. هو لو سمعت كلامى ماكانش ده حصل..
نفسى للقائد الجديد..
--.. يا اخى الغريبة إننا دفعة واحدة.. واصحاب.. وجينا الوحدة دى مع بعض
-.. من يوم ما جه الرائد ظريف وهو على الحال ده.. كل حاجة غيرها.. قائد السرية
اختفى صوت إبراهيم فجا: ت على صوت ارتطام كعب حتاؤه الثقيل ببلاط
فتحة الباب الضيقة.. وقد يكون من المناسب وصف الثقيب سمير..
قصير القامة بالنسبة لحجمه العام.. قمحى اللون.. يمتاز بكتلة شحم اسفل ذقنه..
لا تتناسب أيضاً مع نحول ساقيه وذراعيه.. فقي الثلاثين من عمره.. غزت جيوش الشعر
الابيض رأسه مبكراً.. حليق الذقن دائاً.. يفوح من خلاياه عطر (الأولدسبايس..)..
كان مرجم لا ياتيه الخطا من أمامه او من خلفه فى أسعار كل شىء قابل للبيع
والشراء.. وقد تكون أشهر صفاته على الإطلاق هى الصير.. وطولة اليال..
لس لبللبل ل ب لس ل سسحت
شار بيده أن أصمت بشكل رتيب كسول.. واخذ يفتح عيتاه ويغلقهما مع رفع يده
اليمنى وخفضها ف تتابع آلى..
-.. عيبك يا ح الضابط محمود.. إنك تبقى غلطان وتحاول تبرر غلطك.. كنت أعلم
أنه إذا ما بدا النقيب سمير فى الكلام مع ضابط صغير.. فلن يتوقف ايداً.. وكنت متعباً..
مهدودا من السفر.. ستة وثلاثون ساعة بلا نوم.. استعداداً للسفر ثم رحلة القطار من
القاهرة إلى العريش.. ثم السير حاملاً حقيبتى الثقيلة على الأقدام من محطة العريش إلى
معسكر الوحدة.. فقررت أن آتكلم أنا أولاً.. وليكن.. مايكون..
-.. أنا عملت إيه.. يزعل الرائد ظريف بالشكل ده؟!..
القى النقيب سمير علينا موعظة طويلة.. بينما إبراهيم يقف متململاً ضجرا وكلما
سمير وإبراهيم.. وأخذت أركز تفكيرى في لا شىء.. ومن خلال الانفصام عن الوجود
رقع يده اليسرى مفرودة الاصابع وبيده اليمنى اخذ يحصى أخطائى..
-.. أولاً.. حضرتك دخلت مكتب القائد دون التسلسل القيادى..
دخلت مكتب القائد بدون كاب.
الكاب اللعين قابعاً يكاد يسقط مابين السرير والحائط.. وحينما وجدنى صامتا انبرى