3 مقلمة
© أن نشر مسائل الإجماع يؤلف بين قلوب أفراد الأمة الإسلامية على
اختلاف مذاهبها الفقهية؛ وبه يتبين أن نقاط الخلاف مسائل فرعية» وأن الاتفاق
حاصل بينهم على كثير من المساثل» كما أن الاتفاق حاصل في أصول الدين
الذي طرح الله عز وجل له من القبول ما قل أن يحصل لغيره» هذا العالم
الذي إذا ذكر اسمه اشرأبت الأعناق وشخصت الأبصار لمعرفة فتواه والاستنارة
بحجته؛ لما رزقه الله عز وجل من سعة تبحر في فقه الإسلام بأدلته» مقترناً
ذلك بصفاء عقل؛ وذكاء نفس» واستحضار خارق»؛ ونظر ثاقب؛ مع حضور
بديهة؛ ونور بصيرة؛ في تقوى وورع؛ وزهد وإخلاص؛ مع جهاد ومجاهدة؛
رحمة واسعة.
ولم أرد الترجمة لهذا العلم المعروف لأن شهرته تغني عن التعريف به»
وتصبح الترجمة حينها من التكاثر المذموم؛ وإنما يراد التعريف لمن لا يعرف
والله المستعان وعليه التكلان.
منهج الكتاب:
١ الكتاب جمع من مجموع الفتاوى» ومنهاج السنة النبوية وجامع
الرسائل لمحمد رشاد سالم”'"» ومجموعة الرسائل والمسائل - نشر دار الكتب
العلمية - توزيع دار الباز - نسخة مصححة على النسخة التي نشرها محمد رشيد
رضا""؛ التفسير الكبير لابن تيمية جمع وتحقيق/ د. عبد الرحمن عميرة.
7 رتبت المسائل على حسب الأبواب الفقهية ب
تيب مذهعب علماء
)١( مع العلم أن جزءاً منها موجود في مجموع الفتاوى.
() وقد تبين لي أنها كلها إلا نادراً موجودة في مجموع الفتاوى.
* - وضعت عناوين لكل مسألة؛ اجتهدت فيها بحسب ما يسر الله من
فهم المسألة؛ مستفيداً من دلالة السياق والسباق واللحاق.
؛ بلغ عدد المسائل بالمكرر (16060) مسألة تقرياً.
9 - وضعت مقدمة تعريفية يسيرة بالمسائل المهمة المتعلقة بالإجماع.
مقدمة في الإجماع 9
مقدمة في الإجماع
تعريف الإجماع لغة:
الإجماع لغة: مصدر الفعل الرباعي أجمع؛ يقال: أجمع يجمع إجماعاً»
فهو مجمع عليه.
وله في اللغة معنيان:
الأول: العزم والتصميم على الشيء ومنه قوله تعالى: تأترا نط0"
يا ليت شعري والمنى لا تنفع . هل أغدون يوماً وأمري مجمع
تعريف الإجماع اصطلاحاً:
ويعرف في الاصطلاح: بأنه اتفاق جميع مجتهدي أمة محمد كَل بعد
وفاته؛ في عصر من العصور؛ على أمر ديني!".
مكانة الإجماع بين الأدلة الشرعية:
تظهر مكانة الإجماع من خلال ما يلي:
/١( الإحكام للآمدي: (778/1) المسودة: (74©)؛ أصول السرخسي: ؛)١8
.)881/1( مناهج العقول: (478/7), الأحكام لابين حزم: .)©٠
سل مقدمة في الإجماع
١ - أنه أحد الأدلة الشرعية المتفق على الاحتجاج بها في الجملة.
- أنه مقدم على الكتاب والسنة عند التعارض نظراً لقوته المستمدة من
لا بد أن يتأكد من ثبوته أولأًء إذ ما أكثر ما يدعى الإجماع في مسائل لا يثبت
فيهاء
© أن الإجماع دليل على وجود دليل شرعي يعتمد عليه وإن خفي
عند كثير من العلماء.
؟ - أن الإجماع حجة قاطعة لا يدخله السخ
* أن الإجماع يشترك مع الكتاب والسئة في تكفير منكر القطعي منهاء
وبهذه الأمور كلها تظهر مكانة الإجماع بين الأدلة الشرعية؛ وأنه يتبوأ
الاهتمام به بما يليق بمكانته".
ألفاظ الإجماع:
كان السلف رحمهم الله تعالى من الصحابة والتابعين يعبرون عن
الإجماع على السليقة بالألفاظ الدالة على العموم؛ وذلك قبل أن يستقر
اصطلاح العلماء على اعتبار ألفاظ معينة في حكاية الإجماع؛ وعدم الاعتداد
بغيرهاء
وأقدم من نقل عنه حكاية الإجماع بألفاظ صريحة في الإجماع عمر بن
شرح اللمع: (9/ 387)؛ حجية الإجماع: (437)؛ د. محمد فرغلي؛ الإحكام
للآمدي: (177/1)؛ التقرير والتحبير: »)٠04/3( الوصول لابن برهان: (115/7)+
حاشية العطار: (174/7)؛ حاشية البناني: (148/7)؛ الإبهاج لابن السبكي: (7/
مقدمة في الإجماع ١
وورد عن ابن مسعود أنه قال لبعض التابعين: فانظروا في كتاب الله فإن
رسول الله فبما أجمع عليه المسلمون. . . رواه الدارمي.
وقد تلقى التابعون رضي الله عنهم هذه العبارات عن الصحابة؛ وأضافوا
لها ما شابهها .
قال ولي الدين أبو زرعة العراقي: ولا يحفظ عن أحد من التابعين حكاية
الإجماع في مسألة من المسائل» سمعت والدي - رحمه الله - يقول ذلك .ها"
والصحيح أنه قد ثبت عن جماعة منهم نقل الإجماع بل وبعضهم حكاه
بعبارات صريحة في الإجماع» وممن نقل عنه حكاية الإجماع بلفظ صريح:
عبد الرحمن بن أبي ليلى (ت87/ه)؛ إبراهيم النخعي (ت47ه)؛
والحسن البصري (ت١١١ه)؛ ومحمد بن سيرين (ت١١١ه)ء وميمون بن
مهران (ت/ا١١ه)ء ونافع مولى ابن عمر (تلا١١ه)ء؛ محمد بن شهاب
الزهري (ت174م)!".
ثم ما زال العلماء يتناقلون على ذلك حتى ظهر التأليف في علم أصول
الفقه» واستفاد العلماء مته في التواضع على اصطلاحات معينة تدل على
)١( انظر: إعلام الموقعين: (177/7): (83:89077/1) جامع بيان العلم وفضله:
( طرح الطريب: (74/0).
(1/ 100)؛ مقدمة الدارمي: (31/1) البيان والتحصيل: (47/1)؛ الاستذكار: (1/
»)4١ مصنف عبد الرزاق: (1/ 2371
"1 مقدمة في الإجماع
استخدم هذه العبارات في حكاية الإجماع؛ كما فعل العيني حين انتقد من عبر
بالاتفاق عن الإجماع!".
وسنعرض هنا لأقسام الألفاظ التي تستخدم في حكاية الإجماع مع شرح
يمكن تقسيم هذه الألفاظ إلى أقسام عدة مرتبة حسب القوة في الدلالة
على الإجماع:
القسم الأول:
العبارات الصريحة في حكاية الإجماع» وهي مادة الفعل الرباعي [أجمع]
وما تصرف منه مثل:
أجمع العلماء - أجمعوا إجماع الإجماع - إجماعهم - مجمع عليه -
مجمعون عليه.
وكل هذه العبارات تدل على الإجماع صراحة ما لم توجد قرينة تدل على
ومن هذه القرائن أن يعبر عن الإجماع في موضع آخر بقول يدل على أنه
قول الجمهور أو يذكر خلافاً في المسألة مع حكاية الإجماع مما يدل أنه لا
ثم هذه ألفاظ هذا القسم مراتب بحسب القوة:
١ - وأقواها: أجمع المسلمون كلهم؛ أجمعت الأمة من أولها إلى
آخرهاء أو قاطبة» أو كافة عن كافة أو طرآء أو أجمع أهل القبلة كلهم؛
ونحوها مما أكد بصيغ التأكيد المعروفة.
وإنما كانت أقوى العبارات لأنها تدل على إجماع الأمة كلها بما فيهم
الصحابة والتابعون ومن بعدهم إلى عصر ناقل الإجماع.
وقد أشار ابن تيمية رحمه الله إلى الفرق بين إجماع السلف وإجماع الأمة
.)88/7( انظر: عمدة القاري: )١(
مقدمة في الإجماع 1
فقال في سياق مناقشته للخصم: فهذا القول خطأ خالف نص الكتاب والسنة؛
وإجماع السلف» بل وإجماع الأمة اءه!".
فهذا يدل أن إجماع الأمة يتضمن إجماع الصحابة؛ وبناء عليه فيكون من
أقوى العبارات» لأن إجماع الصحابة من أقوى أنواع الإجماع.
- ثم تليها عبارة: أجمع المسلمون أو الأمة؛ إذا لم تؤكد.
* - ثم أجمع الصحابة؛ وما أكد منها أقوى مما لم يؤكد كقولهم أجمع
1 ثم أجيع العلماء أو أهل العلم.
وإنما كان إجماع الصحابة أقوى من هذه العبارة لأن إجماع الصحابة
محصور ويمكن العلم به؛ أو إمكان العلم به أقرب من العلم بإجماع من
بخلاف إجماع من بعدهم.
ثم إن عبارة [أجمع العلماء] لا يلزم منها أن تتضمن إجماع الصحابة؛
لاحتمال أن تكون المسألة المجمع عليها من النوازل التي لم تكن في عهد
الصحابة؛ أو أن حاكي الإجماع قصد به علماء عصره لمعاصرته لهم واطلاعه
بإجماع الإجماع» أجمعواء ونحوها.
+ - ثم أجمعوا فيما أعلم -+ أو بإجماع - فيما أعلم © وإنما كانت
أقل مما قبلها لأن العبارة توحي بأن العالم لم يجزم بالإجماع كما في العبارات
القسم الثاني:
التعبير بالاتفاق وما تصرف منه مثل:
.)104/17( مجميع الفتاوى: )١(
نِ مقدمة في الإجماع
اتفق العلماء - اتفقوا - باتفاق - بالاتفاق متفق عليه - وباتفاقهم»
وهذه العبارة في الجملة أضعف من القسم الأول لأنها ترد عليها
احتمالات كثيرة تخرجها عن الدلالة على الإجماع؛ كأن يكون مراد حاكي
أما الفرق بين الاتفاق والإجماع فهو محل بحث» فمن الناحية التطبيقية
هناك بعض العلماء يعبر بالاتفاق والإجماع عن مسألة واحدة: مرة بالاتفاق»
هذا عند ابن عبد البر - رحمه الله -؛ والقرافي» وشيخ الإسلام ابن تيمية
[أحياناً]؛ وابن حزم؛. وابن رشدء والنووي لكن لا يلزم أنه منهج له(
وهناك كثير من العلماء يفرقون بين الاتفاق والإجماع بفروق ومن هؤلاء
العيني حيث قال رحمه الله بعد أن حكى الاتفاق عن بعض العلماء؛ ثم
ذكر أن بعض العلماء انتقد حكايتهم للإجماع قال العيني: فيه نظر لأنهم
قالوا بالاتفاق دون الإجماع؛ فهذا القائل لم يعرف الفرق بين الاتفاق والإجماع
وقال العدوي في حاشيته: (قوله وبغيرها اتفاقاً) الأولى وبغيرها إجماعاً»
لأن الاتفاق اتفاق المذهب؛ والإجماع إجماع الأمة اه"
٠ 148)» وقارن بين كلامه في الموضعين في التطوع على الراحلة؛ مجموع
الفتاوى: (48/11)؛ شرح العمدة: (177/1)) الفتاوى الكبرى: (47/1) في مسألة
الكبرى: (377/1) في مسألة استظلال المحرم بغير المتصل به؛ المحلى: (78+0/1+
رقم 146)؛ مراتب الإجماع: (13)؛ بداية المجتهد: (1/ 0110 ١11)؛ المجموع:
(/111) وشرح مسلم: (9/4)
(9) عمدة القاري: (85/7)
© حاشية العدوي على الخرشي: (158/1).
مقدمة في الإجماع تن
ويحتمل أنه مذهب لابن حزم لأنه قال: وليعلم القاريء لكلامنا أن بين
كان الكتاب كتاباً مذهبياً خالصاً يعني بالمذهب؛ ولا يذكر خلاف غير
قال في مقدمة شرح الزركشي في سياق ذكر مراد الحنابلة بالاتفاق قال:
الاتفاق وهو موافقة العلماء بعضهم لبعض. وهو في الاصطلاح اتفاق الأئمة
الأربعة على مسألة معينة؛ ولو مع خلاف غيرهم» أو مع رواية شاذة عن
بعضهم ١.ه ثم ذكر مرادهم بالإجماع!".
وقال الحطاب في شرح قاعدة المؤلف: والمراد بالاتفاق اتفاق أهل
المذهب؛ وبالإجماع إجماع العلماء ١ءها".
وقال الخرشي: ومن الفوائد أن قاعدة المؤلف وغيره أن يريد بالروايات
أقوال مالك. . والمراد بالاتفاق اتفاق أهل المذهب» وبالإجماع إجماع العلماء؛
وإذا قالوا الجمهور عنوا به الأثمة اه(
ولكن ليس الأمر على إطلاقه بدليل أن بعض المالكية انتقد ابن رشد
الجد على اتفاقاته وحذر منهاء مما يدل أن الاتفاق قد يفهم منه الإجماع ولذا
على اتفاق أهل المذهب لموجود خلاف مذهبي*.
أما عبارة [اتفق العلماء] فالظاهر أنه لا يرد عليه احتمال أن يكون المراد
اتفاق المذهب»؛ ولأن ظاهرها يدل أنها غير محصورة بمذهب أو بلد معين»
وعليه فتكون مرادفة للإجماع.
9 مراتب الإجماع: (178)
انظر: مقدمة شرح الزركشي: (38/1).
(©) مواهب الجليل: (40/1)-
(4) حاشية الخرشي: ١/44)؛ وانظر المذهب المالكي» محمد المامي: (8؟4).
(5) انظر: المعيار: (1/17©؛ أصول فقه ابن عبد البر: (1/ 941