تيمم
إن الحمد لله » حمده ونستعين به ونستغفره . ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا
في أ ذا © وثيت أقدامنا ؛ وانصرنا على القوم الكافرين . وصل الله على
سيدنا محمد المبعوث رحمة لعالين + وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوتة
إلى يوم الدين .
وبعد + فهذه رسالة قيمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام تقي الدين
أحمد ين عبد الحلم بن عبد السلام بن أني القامم بن محمد تيمية + الحراني
الدمشقي » رحمه الله تعاى . سبق لما أن طبعت أكثر من مرة » ثم رات
دار القرآن الكريم » أن تعيد نشرها مع شيء من الشرح والتحقيق ؛ ستهلة
با حيانها الخديدة المديدة إن شاء الله . في خدمة القرآن الكريم وتفسيرة
دعلومه + راجية أن تكون هذه « القدمة » فائحة خير تسبق الكثير الطيب من
ذخائر التفسير وعلوم القرآن .
على هامش النهج :
والكلمة اني أحب أن أقدمها بين يدي تحقيق هذه الرسالة :هي أنه
وما أغنى به المكتبة الإسلامية من كنوز المعرفة - كا جرت العادة في مثل
هذا الموطن - وذلك بعد أن كتب في الشيخ وترائه الشيء الكثير +
في القديم والحديث » وبعد الدراسات المستفيضة عن آرائه ومنهجه في الإصلاح
شيخ الإسلام
وبحسبنا في هذه التقدءة السريعة أن نشير إل رأس الأمر في و منهج »
ابن تيمية الفكري بوجه عام ؛ والذي كان يصدر عنه - بحزم ودقة ونفاذ
إن هذا المنهج بلخص في و الاتباع» كطريق علمي مدروس » أو ني ١ ل
كدعوة واضحة المعالم ؛ تدعمها الشواهد والبراهين ... وإذا كان الأعلام
« المتبعون » في تاريخ الإسلام كثير ... منذ أن خط هذا المنهج أبو بكر في
الأعلام من كانله ذكاء ابن تيمية؛ وألمعيته؛ وإحاطته: وعجيب استحضارة؛
وقوة نفسه ؛ وشجاعته في الحق . وقدرته الفائقة على هذا المنهج متكامل
الحوائب . ثم عرضه وإقامة الدليل من دونه ... ذلك في وقت ضاءت على
المسلمين فيه معالم الطريق الذي رسمه القرآن الكريم في ركام المناهج اليونانية
والمنطق الأرسطوطاليسي الذي ظنه بعض العلماء طريق المعرفة الذي لا بخطىء! !
والواقع أن الفوضى الفكرية الي خلفها تطبيق مناهج البحث ل
في العالم الإسلامي + وما تبع ذلك من اتحرافات ومزالق خطيرة -- وبخاصة
بعد انقضاء القرن الخامس الهجري الذي خم بالإعجاب الشديد بهذه المناهج -
ووجدالهم الذي ترنى في ظل القرآن الكريم والسنة النبوية ٠ غرابة هذه المناهج
على الفكر الإسلامي ... ولكنهم لم يكونوا يملكون في حربها سوى إطلاق
الفتاوى في تحريم المنطتى ومنع الاشتغال به تل + والفوضى
تزداد ... حنى جاء « مفكر السلف ابن تيمية ؛ فوضع أ أسس النقد المنهجي
البعيدة عن روح الإسلام + وقد تم له ذلك - كا هو معروف من مواطن
كثيرة . على ضوء إدراكه الكامل لطبيعة المنهج الإسلامي في البحث +
ومنخلال اطلاعه المائلعلىعلوم السلف وآثارهم الغزيرة. بل ان ابن تيمية
لم يكتف بالقول بأن المنطق يخالف صحيح المنقول بل اعتبره كذلك مالفا
لصريح المعقول + فبين مناقضة هذا المنهج في ذاته . وظالفته لقضايا العقل
لم يكن الاتباع عند ابن تيمية إذن منهجاً سلبياً يحمل في طياته بذور الضعف
« القالب » اليوناني أداة يعرض من خلالها الفكر الإسلامي » ويقوم به الدليل
عل برحة ما الفكر ... يكون قد أوضح بجلاء الذكر:
َ تباط وثيقاً بين طبيعة ؛ الموضوع »
في قالب «يوناني أو غير إسلامي .
والكلام حول منهج ابن تيمية وما ينطوي عليه من يوادر الإصلاح
- وأسسه كذلك يطول" ... على أن المجال - في مواطن أخرى - يبقى
رحباً للحديث عن النقاط البارز يعجب بها الباحث أو الي يراها
في أكثر من مناسبة ؛ سواء أكانت هذه. أو تلك : في حياة
لله ؛ أو في « منهجه » وطريقته في التأليف +
والكلام ... وسائر فروع الثقافة الإسلامية الأخرى ؛ فقد برع فيها جميعاً
وتقدم فيها على علماء عصره ؛ كا يتضح ذلك من أقوال العلماء وكتّاب
التراجم ؛ وما وصل إلينا من ترائه الغزير - بل لعل ابن تيمية وقد كمر
قيد القرون وجمع علوم السلف وآثارهم + قد مهد الطريق لظهور مثل
ابن كثير وابن حجر وغيرهما من العلماء الأعلام قال فيه الإمام الذهي
رحمه الله (ت48/) : « كان آية في الذكاء وسرعة الإدراك » رأماً في
معرفة الكتاب والسنة والاختلاف ؛ بحرا في النقليات + هو في زمائه فرياد
عصره علماً وزهداً ؛ وشجاعة وسخاء » وأمراً بالمعروف ولبياً عن المنكر +
وكثرة تصانيف. وقرأ وحصل ؛ وبرع في الحديث والفقه ؛ وتأهل للتدريس
والفتوى وهو ابن سيع عشرة سنة . وتقدم في علم التفسير والأصول وجميع
علوم الإسلام ؛ أصولا وفروعها ؛ دقيقها وجليلها ... » وقال فيه في موضع
آخر : «وله خبرة تامة بالرجال وجرحهم وتعديلهم وطبقانبم + ومعرفة
يفنون الحديث » وبالعالي والنازل ؛ وبالصحيح والسقيم © مع حفظه المتونه
الذي انفرد به؛ فلا يبلغ أحد في العصر رتبته ولا يقاربه © وهو عجب في
استحضاره : واستخراج الحجج ويكتب في اليوم والليلة من التفسير +
أو من الفقه + أو من الأصولين ؛ أو من الرد على الفلاسفة والأوائل نحواً
من أربعة كراريس أو أزيد وما أبعد أن تصائيفه إلى الآن - قبل وفاة
شيخ بدهر طويل - تبلغ خمسمائة مجلدة 6 .
وقال العلامة كمال الدين بن الزملكاني (ت 777) : ١ كان إذا سثل
عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن ؛ وحكم
أحداً فانقطع معه ! ولا تكلم في علم من العلوم سواء أكان من علوم الشرع
التصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والنبيين 6 .
وي الواني بالوفيات : قال الشيخ شمس الدين «ما رأيت أحداً أمرع
انتزاعاً للابات الدالة على المسألة الي يوردها منه ؛ ولا أشد استحصاراً لمنون
وعلى طرف لسانه ؛ بعبارة رشقة حلوة ؛ وإفحام المخالف 6 .
أما الحديث عن مكانته في الفسير بخاصة ؛ فأمره كذلك يطول ؛ وقد
قال فيه الشيخ علم الدين البزرالي ات 61768 : « وكان إذا ذكر التفسير
بهت الناس من كثرة محفوظه ؛ وحسن إبراده ؛ وإعطائه كل قول ما يستحقه
من الترجبح والتصنيف والإبطال هذا مع انقطاعه إلى الزهد والعبادة +
والاشتغال بالله تعالى والتجرد من أسباب الدنيا ؛ ودعاء الخلق إلى الله تعالى - »
قال : «وكان يجلس في صبيحة كل جمعة على الناس يفسر القرآن العظيم
فانتفع بمجلسه وبركة دعاثه وطهارة أنفاسه ؛ وصدق ثيته + وصفاء ظاهرة
وباطنه ؛ وموافقة قوله لعمله .. خلق كير 6 .
وقال فيه الامام الحافظ أبو عبد الله الذهبي - وقد لقبه مع بعض العلماء
الآخر يختبر القرآن - « وأما التفسير فمسلتم إليه»ولدني استحضار الآباتمن
القرآن ؛ وقت اقامة الدليل بها على المسألة »+ قوة عجيبة ... ولفرط إمامته
في التفسير وعظمة اطلاعه يبين خطأ كثبر من أقوال الفسرين © ويوهي
خمسة عشر تفسيراً من تفاسير الملف : في أول كلامه على الخلاف الواقع
في التفسير من جهة الاستدلال + حيث ذكر أن مثل هذه التفاسير خالية من
هذا الوجه » وقد علقت على ذلك مشيراً إلى هذا الاطلاع الواسع من ابن
تيمية على آثار السلف ... ثم قرأت في « الوافي بالوفيات » لابن أبيك الصفدي
رت 264 ) ينقل عن بعض العلماء أن ابن تيمية رحمه الله « كان آية من
آيات الله في التفسير والتوسع فيه ؛ لعله يبقى في تفسير الآية الجلس
والمجلسين » وقوله ؛ ينقل عمن سمع ابن تيمية يقول إني وقفت على
مالة وعشرين تفسير أستحضر من الجميع الصحيح الذي فيها ؛ فعلمت
أي اطلاع كان لابن تيمية عل هذه التفاسير + وأي مكانة كانت له في
تفسير القرآن الكريم
ولقد كان له رضي الله عنه - مع هذا الاطلاع اعتناء وتدقيق في
الاختبار والترجبح ؛ والاستدلال + « وإنك لترى عقله المتفكر المتدير - كا
يقول أستاذنا الحليل الشيخ محمد أبو زهرة - يلمع وراء الروايات + وني
ماثة تفسير + ثم أسأل الله تعالى الفهم ٠ وأقول يا معلم آدم وإبراهيم علي .. »
وقال الشيخ أبو عبد الله بن رشيق - الذي وصفه ابن عبد المادي بأنه
كان من أخص أصحاب شبخه ابن تيمية وأكثرهم كتابة لكلامه وحرصاً
على جمعه - : « كتب الشيخ رحمه الله نقول السلف مجردة عن الاستدلال
على جميع القرآذ ؛ وكتب في أوله قطعة كبيرة بالاستدلال 8 أي أنه رحمه
الله جمع أقوال السلف في تفسير القرآن . تمهيداً لتفسيره . ثم ابتدأ تفسيرة
وجعل تلك الأقوال والنقول دليله لما يذهب إليه : فلم يخرج عن آراء الملف +
الي تدل عليها الآبات . أو العلوم النفسية والاجتماعية الي تفهم .
الكافرون ... الخ وكا يلمح ذلك من بعض رسائله القيمة : كالعبودية
وغيرها ...
في تفسير الآبات المشكلة على العلما + أو الآبات الي يفهم من تفسيرها
نظائرها الأخرى الكثيرة . دون بجرد ترداد ما قاله المفسرون في سائر القرآن +
قال الشيخ أبو عرد الله : «ثم لما حبيس في آخر عمره كتبت له أن يكتب على
جميع القرآن تفسيراً مرتباً على السور ؛ فكتب يقول : إن القرآن فيه ما هو
بنفسه؛ وفيه ما قد به المفسرون في غير كتاب . ولكن بعض الآبات
أشكل تفسيرها على جماعة من العلماء + فرمما يطالع الإنسان عليها عدة كتب
ولا يتبين له تفسيرها + وريما كتبت المصنف الواحد في آية تفسيراً ويفسر
غيرها ليره ! فقصدت تفسير تلك الآبات بالدليل لأنه أهم من غيره +
وإذا تبين معنى آبة تبين معنى نظائرها + .
ويبدو أنه بدأ في السجن يكتب في التفسير على هذه الطريقة - الي
ريما قربت من التفسير الموضوعي في بعض المواطن - وأدرك رحمه الله ما
فتح الله عليه من جديد في فهم القرآن في جو السجن - الذي اشتدت عليه
في هذه المرة من معائي القرآن ومن أصول العلم بأشياء كان كثير من العلماء
يتمنولها + وندمت على تضييع أكثر أوقاني في غير معاني القرآن » ..
رحم الله شيخ الإسلام ورضي عنه ... لقد أنفق أكثر وقته في السجن
من المعاني ما يتمنى أن يقف على مثلها كل عالم ... ولكن أتى لمن لم يعان
ما عاناه ابن تيمية أن يفهم مثل ما فهم من معاني القرآن و « أصول العلم 6 ..
قال ابن رشيق : « وأرسل إلينا - شيخ الإسلام - شيئا يسيراً مما كتبه
في الحبس ؛ وبقي شيء كثير في مسألة الحكم عند الحكام لما أخرجوا كتبه
من عنده . وتوفي وهي عندهم إلى هذا الوقت نحو أربع عشرة رزمة 6 !1
١ دخل ابن قيمية قلعة دشى سادس شعبان 1726 وتوتي بقاعتها صايراً ليلة الدج
تدل هذه المحاورة الأخيرة الي جرت بين شيخ الإسلام وتلميذه أي
عبد الله بن رشيق أن ابن تيمية لم يكتب تفسيراً كاملا” للقرآن ؛ وان كان
ابن بطوطة قد توهم في هذا المجال - أيضاً - فزعم أن ابن ثيمية صنف
تفسيراً للقرآن في نحو أربعين مجلداً سماه ب « البحر المحيط » !!
من ذلك : قول ابن عبد الهادي المقدبي ؛ وهو يتحدث عن تصانيف الشيخ :
ولكن إذا معنا عض لل الول ابي لان قي «كتب ايع
رحمه الله نقول السلف مجردة عن الاستدلال على جميع القرآن ؛ وكتب
في أوله قطعة كبيرة بالاستدلال » ثم لما حبس في آخر عمره كتبت له أن
ليدت من تفسير شيخ الإسلام ٠ ولكن.من نقول السلف اللي كان بول
عليها في تفسير ما فسر من كتاب الله تعالى ؛ كا أشر نا إلى ذلك من قبل +
باطلاقه منه الملك الناصر ! فكيف يتفق ذلك مع سؤال أبي عبد الله بن رشيق
لشيخ الإسلام أن يكتب تفسيراً كاملا" للقرآن في سجنه الذي توي فيه ؟1
ثم كيف يجيبه ١ بما أجاب ؟!
بل إن ما بين أيدينا اليوم من تفسير شيخ الإسلام رحمه الله يؤيد النصض
في أول بعض الآبات ااي عرض لتفسيرها من سورة النمل : « هذا تفسير
والشواهد على ذلك كثيرة.ولبسط هذا الموضوع محل آخر .
أما آثاره في تفسير مواضع من القرآن ؛ آبات وسوراً © فكثيرة +
وقد بلغ جملة ما بين أيدينا منها اليوم أربعة مجلدات ( الأجزاء 14 - 17
من بجموع فتاوى شيخ الإسلام : جمع وترتيب الشيخ عبد الرحمن بن
محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي : الطبعة الأولى بالرياض 1987) +
وقد وضعها أبن تيمية رحمه الله على شكل رسائل في تفسير بعض الآيات »
أو إجابة على سؤال حول آية أو بضع آبات ؛ إلى جانب تفسيزه لبعض السور
القصار الأخرى . ( انظر رسالة الإمام ابن القيم : أسماء مولفات ابن تيمية ).
دترى ناشر « بجموعة تفسير شيخ الإسلام » عبد الصمد شرف الدين +
اللي احتوت على تفسير ست سور هي : الأعلى .- الشمس - اليل - العلق -
هذا ؛ ولشيخ الإسلام رسائل أخرى في القراءات وعلوم القرآن ( كأمثال
القرآن © وأقسام القرآن .. ) إلى جانب وصفه ونقده لبعض التفامير +
ورسالتنا هذه - مقدمة في أصول التفسير تعتبر من أهم ما كتيه ابن
تيمية في الدلالة على منهجه في التفسير وأصوله عنده + بل تعتبر من أهم ما