الرشيد وصلى دون أن يعيد الوضوء بناء على فتوى مالك بعدم نقض
يقول بأنه مسنون - لما صلى خلف إمام حنفى ؛ ولم يعترض عليه »
وهكذا فالتقليد لأى إمام جائز مع البعد عن التعصب ؛ ولا مانع من أن
يأخذ المقلد لمذهب معين برأى غيره فى بعض المسائل إذا قوى الدليل
عند المذهب الآخر » أو من باب الترخيص والتيسير ؛ أو موافقة
الجماعة لأن هذا من التيسير فى الدين كما قال تعالى : * يريد الله
بكم اليسر ولا يريد بكم العسر » [ سورة البقرة : الآية 185 ] ؛ وقال ؛
وما جعل عليكم فى الدين من حرج 6 ( سورة الحج : الآية 18 ]
وقال َه ٠: إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ؛ وما خير
الرسول َه بين أمرين إلا اختار أيسرهما ؛ وأجمع الصحابة رضوان
هريرة ومعاذ ابن جبل وغيرهما ويعمل بقولهما من غير نكير ؛ وانعقد
الإجماع على أن من أسلم فله أن يقلد من شاء من العلماء ؛ وليس هناك
دليل من نص أو إجماع يدل على وجوب أن يتبع المقلد مجتهداً واحداً
لذا فإننا اخترنا ما تيسر لنا من المسائل التى تبين التهسير فى الدين عند
شيخ الإسلام ابن تيمية والتى يحتار فيها كثير من المسلمين ؛ وعلقنا
الأبواب على طريقة كتب الفقه ؛ ليكون الكتاب مكتملا إلى حد ما +
ولتزداد الفائدة ؛ وليعذرنا القارىء الكريم إذا قصرنا فى بعض الأمور +
وفى الطبعة القادمة إن شاء الله سنتلاشى ذلك قدر الإمكان » والله تسأل
أن ينتفع بما فى هذا الكتاب طلاب العلم خاصة والمسلمون عامة +
المؤلف
هو :تقى الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن ألى
القاسم بن الخضر بن تيمية الدمرى الحرانى ؛ ولد فى القرن السابع
الهجرى ؛ سنة 17١ ستمائة وإحدى وستين ؛ ومات فى القرن الثامن +
وبالتحديد عام 1/748 سبعمائة وثمانية وعشرين ؛ ونشأ فى الشام +
وشيوخه أكثر من مائة تلقى العلم عنهم » ولم يكن مقتصراً على فن من
فبجانب علمه بما جاء فى الكتاب والسنة كان عالاً بالطب والفلك
يناقش كل أهل فن من تلك الفنون بعلم غزير » وكان أعلم بمذاهب
أهل الباطل من أهل الباطل أنفسهم » لذا تمكن من الدخول فى صميم
دعاواهم حتى أبطلها بالعقل والنقل ؛ فكان العالم الذى لا يبارى وسيد
الحفاظ وحجة الله على عباده ؛ الذى يجمع بين العلوم العقلية والنقلية »
ومذاهب أهل الملل والتحل وآراء المذاهب الختلفة وترجيح أحدها » وكان
رأسهم : الإمام الجليل ابن القيم الجوزية ومما زاد من انتشار علمه تعرضه
يتعلق بزيارة المشايخ والأضرحة فلم يعجب ذلك العلماء ؛ فاروا عليه ٠
والحق أنه لا واسطة بين العبد وربه » لقول الله تعالى: « وقال
ربكم ادعونى استجب لكم . . . 6 ( سورة غافر : لآية 6٠ 1 » وقوله
الداع إذا دعاك . . . 6 1 سورة البقرة لآ 8 ؟ والتقرب إلى الأضرحة
شبيه بما كان يفعله المشركون حين سعلوا عن سبب عبادة الأصنام
بعد : فإنى .كنت دائما أعلم أن المنطق اليونانى لا يحتاج إليه الذكى ولا
صدق كثير منها ؛ ثم تبين لى فيما بعد خطأ طائفة من قضاياه »
4 حيث حبس فى سجن الإسكندرية اجتمع إلى من رأيته يعظم
المتفلسفة بالتأبيد والتهويل فذكرت له بعض ما يستحقونه من التجهيل
والتضليل واقتضى ذلك أننى كتبت فى جلسة بين الظهر والعصر من
الكلام على المنطق ؛ ما علقته تلك الساعة ؛ ثم تعقبته بعد ذلك فى
عليهم فى : الإلهيات » وتبين لى أن كثيراً مما ذكروه فى أصولهم فى
الإلهيات وفى المنطق » هو من أصول فساد قولهم فى : الإلهيات مثلما
ذكروه من الحدود » والأقيسة والبرهانيات » بل وفيما ذكروه من الحدود
التى بها تعرف التصورات ؛ بل ما ذكروه من صور القياس ؛ ومواد
اليقينيات ؛ فأراد بعض الناس أن يكتب ما علقته إذ ذاك من الكلام
عليهم فى المنطق » فأذنت فى ذلك ؛ لأنه يفتح باب معرفة الحق » وإن
كان ما فتح من باب الرد عليهم يحتمل أضعاف ما علقته تلك
وأربعين صفحة .
وقد حصل لشيخ الإسلام من الأذى ما توقعه أحد الأفاضل +
187 ص ٠١ مقدمة فتاوى شيع الإسلام ج ) ١١
ال بيم الدقى ؛ الذى قال فى حقه : إن تقى الدين - يقصد
0 + وهو على الحق » ولابد أن يعاديه الناس لأنه وارث علم
النبوة .أ ها" , وحدث لابن تيمية من الأذى الشىء الكثير ؛ ولكنه
يتنازل عنه قيد أنملة » وأفاد أيضاً فى سجنه - ورب ضارة ن
تاب معظم النجرمين ولم يعودوا إلى الإجرام مرة أخرى ؛ بعد أن .١
كثيراً من علم الشيخ ؛ بل كانوا دعاة إلى الدين الحق ؛ فأفاد.- رحمه
الله فى التأليف والعلم وتوبة كثير من العاصين +
ومن العجيب أنه لما سجن فى مصر » وحيل بينه وبين كتبه ؛ صنف
عدداً من الكتب الصغيرة والكبيرة ؛ وذكر فيها ما احتاج إلى ذكره من
الأحاديث والآثار » وأقوال العلماء وأسماء المحدثين والمؤلفين ومؤلفاتهم »
الكتب التى بها هذه المعلومات ؛ وفى أى موضع منها ؛ كل هذا من
ومحصت تمحيصاً فلم يوجد فيها خلل ولا تغيير بحمد الله تعالى + ولم
عموماً ؛ حيث قال عده الشيخ محمد رشيد رضا- رحمه الله - فى
أعقاب رسالة من الرسائل الكثيرة التى طبعها لشيخ الإسلام : وأما قيمة
كثيرة ؛ ومن الغريب أن هذه المسائل كان يكتبها شيخ الإسلام - قدس
الله روحه أو يمليها من غير مراجعة كتاب من الكتب » وهى من
الآيات » والبراهين الواضحات على أن هذا الرجل من أكبر آيات
أقوم . ٠ .6 3 سورة الإسراء : الآية 4 وسنة رسوله ننه وما كان عليه
١ ) المرجع السابق
السلف الصالح من فهمها والاعتصام بها أ ه(ا) ؛ كان قوى الحجة
حاضر الدليل ؛ متين البرهان فى إحقاق الحق » ونصر مذهب السلف
بهما زخرف المبطلين » لم يظهر من علم أحد ما ظهر من علمه ؛ حتى
لو أقسم إنسان بالله العلى القدير أن هذا الإمام الجليل » ليس فى
لا مخصر ؛ وذكروا أن له من المؤلفات أكثر من ستة آلاف مجلد ؛ منها
فتاواه فى الفنون المختلفة والتى نحن يصدد الانتقاء منها مما لا يعتبر قطرة
التيسير ؛ واضعاً صب عينيه قول الله تعالى : « ... وما جعل
عليكم فى الدين من حسرج . . . 6 1 سور الحج : الآبة .78 ) وقوله
سبحانه « ... يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العصر ...6 1 سورة
البقرة لآ ١8 ؟ + وأن الرسول نه ما حر بين أمرين إلا اختا أيسرهما
ما لم يكن إما ؛ وهذه الفتاوى استطاع جمعها أحد العلماء الأفاضل »
هو المرحوم الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدى بمشاعدة
ابنه محمد حيث سافر كل منهما إلى عدة بلاد لجمعها ؛ وقد بلغت
القصلة ندا كزين #ولاسيث لاك منقية لازال قن
من الفتاوى التى لم تخرج للوجود فجزاهما الله خيراً على ما قدما
للإسلام وامسلمين وجزى الله كل من ساهم أويسهم فى إظهار
فتاوى أو كتب شيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه +
ونور ضريحه يقول فى الحبس : إن فى الدنيا جنة من لم يدجلها لم
يدخل جنة الآخرة » وقال أيضا أى ابن تيمية - ما يصنع أعدائى بى +
77 رسالة غرش الرحمن لابن نيمية ؛ تحقيق الشيخ محمد رشيد رضا ص ) ١
سياحة وكان يقول فى حبسه : لو بذلت ملء هذه القلعة ذهيا ما عدل
عندى شكر هذه النعمة ؛ أو قال : ما جزيتهم على ما تسببوا لى من
الخير ؛ وكان يقول حين صار داخل سور القلعة # فضرب بينهم بسور
له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب 6 1 سورة الحديد :الآية
٠ ] هذه نبذة يسيرة عن تلك الشخصية الكبيرة ؛ ذكرناها ؛ وعلئ الناس
عموما والشباب المسلم خصوصا لا سيما العلماء أن يقرأوا ويتمعنوا ما
تناولته أيديهم من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن حجبت عن
شبابنا حقيقة ما جاء به الإسلام من عقائد ومبادىء ونظم وأحكام +
أفكارهم بعضا من الرواج بسبب بعد الناس عن فهم حقيقة ما جاءت به
الشريعة الإسلامية المطهرة من مبادىء وأسس هى أعلى ما وصل إليه
التفكير البشرى فى الحق والعدل ؛ ورفعة شأن البشرية » فما أحوجنا فى
عصرنا هذا لمثل شيخ الإسلام » ليقارع هذه الأباطيل المزيفة وبين للنا
حقيقة ما جاءهم من ربهم ؛ وليوضح لهم النعمة الكاملة التى وصفها
نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا 1 سورة الاقدة : لآية 3 لذا فإن من
واجبنا اليوم هو دراسة ما كتبه هذا العالم الكبير الذى تفرغ للعلم تفرغا
البزار : لم يرغب فى زوجة حسناء ؛ ولا دار قوزاء » ولا بسانين + ولا
عقار ؛ ولا شد على دينار ولا درهم » ولا رغب فى دواب ولا نعم ولا
ولا يسأل عن شىء من معيشتها » بل كان جل همته وحديثه فى طلب
الآخرة » وما يقرب إلى الله تعالى ليعكف شبابنا على فهم هذه الكتب »
لتكون حرزا لهم يتحصنون به ضد الأفكار الأجنبية التى غزت العالم
الإسلامى ولا حمل سوى السم الزعاف ؛ والشقاء فى الدنيا ولعذاب
الآخرة أشد ؛ ومن مؤلفات هذا الشيخ : مجموعة الفتاوى ؛ وهى خمسة
وثلاثون مجلداً كما ذكرنا وكذلك : اقتضاء الصراط المستقيم فى
هو مطبوع ومعروف ؛ وهناك امخطوطات أكثر لذا فإننا نناشد كل مسلم
ورجال الدين خصوصاً أن يلجأوا إلى هذا التراث ليفهموه حق الفهم +
الشريعة المطهرة ؛ حتى يفهموها جيدا من الكتب المعتمدة وعلى رأسها
والبراهين الساطعة +
فرحم الله شيخ الإسلام وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء »
فوالله ما وصل إلينا من علم أحد منهم ما وصل إلينا من علمه فى بيان
حقيقة هذا الدين ؛ وحقيقة عقائده ؛ وموافقة العقل السليم وعلومه
للنقل الصحيح من كتاب الله وسنة رسوله ث بل لا تعرف أحدا من
العلماء المشهورين ؛ أوتى مثل ما أوتى ابن تيمية من الجمع بين علوم
النقل وعلوم العقل بأنواعها مع الاستدلال والتحقيق ؛ دون محاكاة
د / أب و سريع عبد الهادى
دكتوراة فى الفقه الإسلامى المقان
جامعة الأزمر
١ ) انظر فى ذلك مجموعة الفتاوى الجزء الأول وانظر أيضا : الأعلام العلية فى مناقب
شيخ الإسلام ابن تيمية للحافظ أبى حفص البزار ورسالة عرش الرحمن لا بن تبمية تحقيق الشيخ
رشيد رضا
الباب الأول
الطهارة لغة : النظافة , وشرعا : ارتفاع الحدث وزوال الخبث فالحدث
هو المائع من الصلاة ونحوها ؛ ويختص بالبدن وهى ثلاثة أنواع : الوضوء
والغسل ؛ وما ينوب عنهما وهو التيمم ؛ أما زوال الخبث فهو إزالة
النجاسة ؛ والماء الطهور : أى الطاهر فى نفسه المطهر لغيره يشتمل على
ماء المطر وماء الثلج وماء البرد الندى وماء العين » وماء البشر وماء
زمزم وماء البحر .
أما الماء المستعمل فى عبادة كالوضوء أو الغسل فلا يجوز استعماله
أو ريحه » إذا كان كثيرا ييلغ قلتين من قلال هجر فأكثر أى ٠٠١ كيلو
السؤر :
السؤر هو الباقى فى الإناء بعد الشراب والطعام » وسؤّر الآدمى طاهر
من المسلم ؛ ولو كان جنبا أو كانت حائضا ونفساء وكذلك سؤر الكافر
طاهر فى القول الأصح ؛ وسور اللأكول لحمه من الحيوانات والطيور
طاهر » وكذلك سؤر الهرة طاهر فى الراجح ؛ وسور جوارح الطير »
طاهر ؛ إلا سؤر الكلب والخنزير فهو مجس"© .
ومن الأعيان الطاهرة :
الماء المسبل للشرب ؛ والماء القليل الذى لا يوجد إلا لطبخ أوعجن
أو نحو ذلك يحرم استعماله للطهارة ؛ ويجب التيمم إذا لم يوجد سواه »
17 المرجع السابق ص ) 9 ١ أحكام الطهارة للمؤلف ص ) ١9
رغم طهارة هذا الماء ؛ وجواز التطهر به » فإذا تطهر به المسلم جاز مع
الحرمة » وكذلك الماء المملوك للغير ولم يأذن فيه ؛ أو احتيج للماء فى
إزالة عطشه أو عطش إنسان آخر أو حيوان محترم +
ومن الأعيان الطاهرة الجامدات كالحديد والذهب ؛ وكذلك
المائعات كالمرق والزيت والخل والطيب . . لكن لا يجوز التطهر بها +
وميتة الآدمى طاهرة » ومنى الرجل فى القول الراجح ؛ وميتة الحيوات
البحرى مثل السمك ؛ وكذلك الجراد ولو كان ميتا ؛ وأوانى الذهب
والفضة من الأعيان الطاهرة » لكن لا يجوز استعمالها ؛ إلا آنية فضية
سنن الفطرة :
الفطرة هى : السنة القديمة التى اختارها الأنبياء واتفقت عليها
الشرائع لمواظبة الناس عليها » وسنن الفطرة هى : الاستحداد » والختان
© للرجال والنساء » وقص الشارب ؛ ونتف الإبط » ؛ وتقليم الأظفار »
ويضاف إليها : إعفاء اللحية ؛ والسواك ؛ واستنشاق الماء ؛ وغسل
البراجم ؛ والاستنجاء ؛ والمضمضة ؛ ويستحب حلق شعر الرأس وتقصيره
للرجال ؛ ويجوز صبغ الشعر » وترجيله - تسريحه - والاكتحال
فروض الوضوء وسننه ونواقضه :
أما فروض الوضوء ؛ فهى : النية عند غسل الوجه ؛ وغسل الوجه +
وغسل اليدين مع المرفقين » ومسح بعض الرأس ؛ وغسل الرجلين مع
الكعبين + والترتيب على ما ذكر .
وسننه : التسمية أول الوجوب + وقال الحنابلة بوجوبها » والسواك +
وغسل الكفين ؛ والضمضة ؛ والاستنشاق » وتخليل اللحية » وتخليل
أصابع اليدين والرجلين » ومسح الأذنين » والدلك والموالاة ؛ وقال
الحنابلة بوجوبها » وتثليث الغسل » أى فعل ذلك فى الواجبات والسنن
ثلاث مرات والتيامن +
73 أحكام العبادات للمؤلف ص ) ١ ١ ١ج فقه السنة ) ١
و أ مد الها ا ا اد