إثباتهم لما أثبتوه أو إنكارهم لما أنكروه مما له تعلق بقضية وجود الخالق المناقشة
مناقشة عقلية تبدأ بالتسليم للفيزيائيين بما يقررون من حقائق؛ وما يرجحون من
نظريات؛ لترئ مدئ عقلانية الحجج التي استخدموها في استنتاج ما استنتجوه أو
ترجيح ما رجحوه مما هو ذوصلة بموضوعنا هذا
لقد كان بإمكان الملحد قبل مقدم الفيزياء الحديثة أن يتعلل في إنكاره
يزعم أولاً : أن المادة في ذاتها أزلية؛ وأن العارض الحادث إنما هو الأشكال التي
الذرات مثلاً؛ فقد وجدت الوقت الكافي لتتجمع بمحض المصادفة لتأخذ تلك
الأشكال العارضة التي يتكون منها عالمنا هذا مما فيه من حياة وعقل
بوجود الخالق» أعني (دليل التكوين» ودليل العناية) لم يكن هذا الموقف الإلحادي
الحديثة أبطلت تينك الحجتين باكتشافها أن الذرة نفسها تنقسم » وأنه لا شيء يمنع من
تحويل المادة إلى طاقة أو تحويل الطاقة إلى مادة» ثم بتبنيها لنظرية (الانفجار العظيم)
التي يلزم عنها حدوث هذا الكون المشهود كله بما فيه من زمان ومكان
سأحاول أن أبين في هذا البحث أن القول بالاستغناء عن الخالق لم يكن له ما
يُسوغه حتئ في فيزياء نيوتن» ثم أفصل القول في مناقشة الحجج التي يتعلل بها
بعض الفيزيائيين المعاصرين في إنكارهم لوجود الخالق » رغم قولهم بنظرية
الانفجار العظيم
بعد - قلة قليلة من الناس؟
إن الإلحاد ليس موقفاً عقلانياً لكنه سوء خلق؛ إن سببه الأساس هو
يكسوه ثوب الحجة العقلانية إنه يبدأ بتقرير حقيقة مهمة لا مراء فيهاء لكنه يبدأ
بها لا ليقرها بل ليتمرد عليها
التمرد علئ هذه الحقيقة ؟ ماذا يجديه أن يعيش في وهم كونه مستقلاً؟
مدين بوجوده لغيره كل ما هنالك أنه جعل هذا الغير إنساناً آخر بدلاً من أين
يعترف بأنه الله تعالى؟ لكن النتيجة واحدة من حيث كون الإنسان الفرد المعين
لا يوجد نفسه بل يوجده غيره لكن (ماركس) يلعب بالالفاظ فيريدنا أن نتصور
الإنسان هم أناس آخرون؛ فإن هذا لا يعني ألبتة أن الإنسان هو الذي يخلق
الاعتراف بأنه لم يوجد نفسه بل أوجده غيره ؛ وإذن فقد ذهب عنه الاستقلال
الذي دفعه إلئ إنكار خالقه الحق
006 مك ع0 د 15 11 عتسمعط برام
مشروعاً هو : من الذي خلق الرجل الأول والطبيعة كلها؟ لم يستطع خلاصاً إلا
عن خلق الإنسان والطبيعة فإنك تفترضهما غير موجودين» ولكن إذا كانا غير
موجودين فأنت أيضاً غير موجود لأنك إنسان وطبيعة؛ وإذا كنت غير موجود فلا
وقال بعضهم : تسلسل الحوادث يغتني عن الخالق -
قالوا : لماذا لا يكون سبب الشيء الحادث شيئاً آخر حادثاً» وسبب هذا الثاني
ثالث حادث؛ وهكذا إلئ ما لا نهاية له ؛ وبهذا نستغنى عن الحاجة إلئ الانتهاء
«"وباختصانء ماد ام كل فرد من أفراد السلسلة قد فسر؛ فإن السلسلة
تكون بهذا - قد فسرت ومادام كل فرد في السلسلة مديناً بوجوده إلئ فرد
قبله ؛ فإن كل فرد من أفراد السلسلة اللانهائية يكون قد فسر فالسؤال عن سبب
للكون كله له وضع منطقي مختلف عن السؤال عن شيء أو حادث في داخل
نقول أولاً إن مثل هذا الكلام مع زيفه الذي سنبينه كان يمكن أن يقال قبل
تعدا عاتماكم غط آه معطصعتم طاعم كمعد له عمد مستلضه سم عحدصهفة ما ععصها كتلاه
نظرية الانفجار العظيم » أما مع القول بها فلا مكان له ؛ لأننا إذا سلّمنا معها بأن
للكون بداية مطلقة ؛ فبأي حق علمي نتحدث عن إمكانية علل ومعلولات
لانهاية لها؟! ثم نقول : حقاً إنه إذا أمكن تفسير وجود كل فرد من أفراد سلسلة
الموجودات الحادثة ؛ فإن وجود السلسلة لا يحتاج بعد ذلك إلئ تعليل» وحقا
أيضاً أنه ما كل ما ينطبق علئ أفراد السلسلة يلزم أن ينطبق علئ السلسلة نفسها
لكن المشكلة التي غفل عنها القائلون بهذا الرأي » أن العلة التي تحتاج هي
يخلطون بين التسلسل في الحوادث أي حادث قبله حادث » قبله حادث » إلى ما
أخطؤوا في ظنهم أن التسلسل في العلل والمعلولات هو من النوع الأول » مع أن
الحقيقة كما يبينها أصحاب النظر من المسلمين هي أنه من النوع الثاني
يقول (باسمور) : «قارن بين ما يلي :(1) لكل حادث سبب (7) لكي نعرف
علتهاء وهكذا إلى غير نهاية موجز القول أنه إذا كان للنظرية أن تفي بوعدهاء
فلا بد للسلسلة من أن تقف عند حد ماء لكن النظرية نفسها تقتضي ألا تقف
السلسلة عند أي حد - إلا إذا قيل بصحة الدعوىئ بتميز حادثة من نوع معين؛
ذلك قول باسمور أما شيخ الإسلام ابن تيمية تيمية فيقول :
«والتسلسل نوعان : تسلسل في المؤثرات» كالتسلسل في العلل والمعلولات؛
وهو التسلسل في الفاعلين والمفعولات؛ فهذا ممتنع باتفاق العقلاء ومن هذا
اليا تبلل الغ اعلين والحالقين والتحدتين: مكل أن يقول : هذا المحدث له
أعلم على امتناعه ؛ لآن كل مُحدث لا يوجّد بنفسه فهو معدوم باعتبار نفسه؛
وهو ممكن باعتبار نفسة فإذا فُدر من ذلك ما لا يتناهئ لم تصر الجملة موجودة
واجبة بنفسها ؛ فإن انضمام المحدث إلى المحدث» والمعدوم إلئ المعدوم؛
تزيد حاجتها وافتقارها إلى الفاعل » وافتقار المحدثين والممكنين أعظم من افتقار
أحدهماء كما أن عدم الاثنين أعظم من عدم أحدهما؛ فالتسلسل في هذا والكثرة
لا تخرجه عن الافتقار والحاجة؛ بل تزيده حاجة وافتقاراً فلو قدر من الحوادث
والمعدومات والممكنات ما لا نهاية له؛ وقدر أن بعض ذلك معلول لبعض أو لم
75 الحجاج الفلسفي؛ ص )١(
يقدر ذلك ؛ فلا يوجد شيء من ذلك إلا بفاعل صانع لها خارج عن هذه الطبيعة
المشتركة المستلزمة للافتقار والاحتياج ؛ فلا يكون فاعلها معدوما ولا محدثا
وأما التسلسل في الآثار كوجود حادث بعد حادث؛ فهذا فيه الأقوال
الثلاثة المتقدمة: إما منعه في الماضي والمستقبل» كقول جهم وأبي الهذيل وإما
منعه في الماضي فقط » كقول كثير من أهل الكلام وإما تجويزه فيهماء كقول أكثر
أهل الحديث والفلاسفة»!
إن صدْق ما يقوله ابن تيمية يتضح إذا تذكرنا أننا إتما نتحدث هنا عن العلل
أشياء هي الشرط الضروري والكافي”"' لإخراجه إلى حيز الوجود؛ وجعله
فعلياً سلسلة متناهية أو غير متناهية من أمثال هذه العلل التامة؛ لماذا؟
)١( الشروط ثلاثة: شرط ضروري غير كافء وشرط كاف ليس بضروريء وشرط ضروري
وكاف الشرط الضروري هو الذي لايكون المشروط إلابه؛ لكن وجوده لايكفي لوجود
المشروط » كالأاوكسجين للحياة مثلاً؛ فإنه ضروري لوجودما واستمرارهاء ولكنه قد يوجد
ولا توجد الحياة ولا تستمر الشرط الكافي هو الذي يكفي لوجود المشروط لكن المشروط قد
يوجد بدونه؛ كقطع الرأس؛ فإنه يكفي لقتل الإنسان لكن الإنسان قديموت من غير أن يُقطع
رسف وأما الضروري الكافي فهو الذي يجمع الأمرين معاًء وذلك كإرادة الله تعالى ؛ فإنها شرط
ضروري لحدوث الأشياء فالشيء لا يحدث إلا إذا أراد الله حدوثه» وهي في الوقت نفسه شرط
كاف؛ لأن الشيء يحدث بمجرد إرادة الله لحدوثه ؛ ولذلك نقول : «ما شاء الله كان وما لم يشا لم
لنفتعرض جدلاً أن السلسلة المتناهية التالية موجودة فعلاً:
أحدثت نفسهاء أو تكون قد جاءت من العدم؛ لكن كلا هذين الأمرين مستحيل
فنقرر أنها غير موجودة لأن علتها ما كان يمكن أن توجد
وإذن فالسلسلة التى افترضناها سلسلة واقعية من العلل والمعلولات ليست
فى الففرقة الاسلسلة وحجية سن الحتونات:
إذا كان من المستحيل علئ مثل هذه السلسلة أن تكون غير متناهية » أفلا يمكن
وهكذا إلى ما لا نهاية له ؛ أي أذح لن توجد حتئ يوجد عدد غير متناه من العلل
والمعلولات قبلها ولكن هذا معناه أن وجودها عُلّْقَ علئ شرط يستحيل أن
يتحقق» فهي إذن لن توجد أبداً إن مثل هذا كما كان يقول بعض المتكلمين
الحوادث أمر مشاهد؛ فلا بد أن السبب الحقيقي لوجودها شيء من غير طبيعتها
م الفيزياء و جود اإخالق
الحادثة» أي شيء أزلي ليس لوجوده بداية ولا له نهاية هذا الفاعل المحدث
بعد شيئاً غير الخالق الذي دعانا إلى عبادته أنبياء الله عليهم السلام فوجود
تحكماً؛ وإنما هو أمر يستنتج استنتاجاً عقلياً قاطعاً من طبيعة هذا الواقع المشاهد