الفصل الأول
مقدمة
المادة والحركة: الثورة العلمية المستمرة
سديم و الفرس في برج الجوزاء
(الصورة مهداة من مراصد جبل ويلسون وبالومار)
الثورات السياسية أنه باستبعاد النظام القائم فإنهم يتحررون من الأغلال ببسالة
ويحققون قدرًا من الحرية الجديدة بشجاعة وتحمل الثورات العلمية بين طياتها
أفكار سبع هزت العالم
سحرًا فكريًّاء وتمثل الإطاحة بطريقة فهم محددة للعالم الفيزيائي الذي نعيش فيه؛
كما أن التحرر من الأغلال قد تداخل بشكل ما مع المنظور السليم للعالم المادي
الفكري يعرض هذا الكتاب مقدمة لسبعة من أهم الأفكار وأكثرها ثورية في علوم
الفيزياء
الثورات والعلم
من الممكن اعتبار المشاركين الأفراد في تطوير وتوضيح التفكير العلمي على مدى
عام مضت ضمن أعظم الثوريين وأكثرهم نجاحًا في العالم لم تقع الثورات
جديدة عن العالم والكون ومكانة البشر فيهما وقد أثر نجاحهم بعمق على أساليب
التفكير كما عزز الاعتقاد بأن العقل والمنطقية أدوات فعالة لفهم الكون
ما استُخدم العلم سواء أكان ذلك مبررًا أم لا م لتأييد أو دحض المفاهيم المختلفة
للفكر الديني؛ واعتبر الكثيرون أن «المنهج العلمي» طريقة للتعامل مع كل مشكلات
البشر تقريبًا ويصف هذا الكتاب تطور الأفكار الفيزيائية الكبرى التي ساهمت في
تشكيل النظرة الحديثة للكون وفي القبول العام للمنهج العلمي
تعد الفيزياء أقدم العلوم وأكثرها تطورًاء كما أنها نموذج لجميع العلوم الأخرى
تختص الفيزياء بمناقشة التساؤلات الأساسية المتعلقة بطبيعة الكون الفيزيائي فهي
تطرح بعض الأسئلة مثل ما أصل الكون؟ كيف نشاً الكون الفيزيائي وإلى أين
الفيزياء تهتم بدراسة هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة الأساسية؛ فإنها تقدم الأسس
التي تقوم عليها جميع العلوم الفيزيائية وفي الواقع جميع العلوم البيولوجية أيضًا
ويقوم الوصف الأساسي لكل الأنظمة الفيزيائية على قوانين الكون الفيزيائي التي
يشار إليها عادةٌ باسم «قوانين الفيزياء»
مقدمة
ولأن الفيزياء هي أكثر العلوم أساسية فإن أي استنتاج علمي يناقض مبادئ
وُجهت إلى أفكار تشارلز داروين عن التطور البيولوجي في البداية كانت قائمة على
فرع من الفيزياء معروف باسم الديناميكا الحرارية (الثرموديناميكا) فقد بينت
الحسابات الأولية لطول الزمن الذي ربما تكون قد استغرقته الأرض لتبرد من الحالة
المنصهرة حتى تصل إلى درجة الحرارة الحالية أنه لم يتوفر الزمن الكافي لحدوث
ومع إدراك أن النشاط الإشعاعي من المكن أن يمد الأرض بحرارة داخلية إضافية
في أواخر القرن التاسع عشر فقط؛ صار من الممكن إثبات أن الأرض ربما انخفضت
حرارتها ببطء أتاح الوقت اللازم لحدوث عمليات التطور وفقًا لمفاهيم داروين
والآن تقدم تقنيات التأريخ باستخدام النشاط الإشعاعي - والمشتقة من الفيزياء
وفي الواقع يقال إن كل العلم يتكون من جزأين؛ هماالفيزياء وباقي العلوم
الأخرى التى لا تعدو أن تكون أشبه بمطاردة الفراشات* وتؤكد هذه المبالغة على
جانبين من الجوائب المتعلقة بالمساعي العلمية: جمع وتصنيف المادة الوصفية؛ وفهم
أسباب الظواهر المتنوعة في ضوء المفاهيم الأساسية وتتضمن كل العلوم؛ ومنها
الفيزياء هاتين السمتين ومع ذلك تختص الفيزياء عن غيرها من العلوم الأخرى
بأن التقدم الحقيقي لا يحدث إلا عند التوصل إلى فهم للظواهر
لقد انتقينا المفاهيم الفيزيائية المهمة الملطروحة في هذا الكتاب نظرًا لطبيعتها
الأساسية والجانبية المتأصلة فيها وهي تمثل نقاط تحول كبرى في تقدم علم
القتوياة تقب هدة للعاقي باستخداء مصطلاعات لجامعة لوتمَهَيدية على أمل
أن يكتسب القارئ بعض الفهم لموضوعاتها الرئيسية وكيفية تطورهاء إضافة إلى
ما تتضمنه من تأثير على فهمنا للكون وسيتعلم القارئ كذلك بعض الأمور عن
المصطلحات المستخدمة في الفيزياء أما المناقشات المحددة حول المنهج العلمي وفلسفة
العلوم» فستكون بالأحرى مناقشات سطحية غير متعمقة على الرغم من أن مثل
هذه الاهتمامات مهمة في إثبات صحة المفاهيم العلمية علاوة على ذلك ثمة قدر
*قال زترفورد قولا شبيهًا: «العلم الحقيقي هو الفيزياء» وما عداه جمع طوابع» على الرغم من أنه حصل بعد ذلك على
جادزة نوبل في الكيمياء (المترجمان)
أفكار سبع هزت العالم
ضئيل نسبيًا من المناقشات المعنية بالثمار العملية أو النتائج المترتبة على المشاريع
العلمية على الرغم من أن تلك النتائج - بدءًا من اختراع ألعاب الفيديو والآلات
الحاسبة مرورًا بالحفاظ على الحياة وإطالتها ووصولاً إلى الرعب الذي تثيره الحروب
النووية -- هي التي تحفز الاهتمام البالغ بالعلوم الفيزيائية في كل أنحاء العالم
الحديث
الموضوعات المهيمنة في علم الفيزياء
هناك موضوعان رئيسيان يغلبان على تطور الفيزياء: )١( المادة والحركة (؟) البحث
عن الترتيب والنسق يمثل الموضوع الأول محاولة فهم؛ أما الثاني فيمثل محاولة
يبحث علم الفيزياء في المادة والحركة وأحيانًا ينصب التركيز على واحدة منهما
دون الأخرى والعكس إلا أنه من المهم أيضًا دراسة التفاعل بين الاثنين وفي الحقيقة
لا يتضح التمييز بين المادة والحركة في النظريات الحديثة للنسبية وميكانيكا الكم
وتعتبر المادة في بنيتها الدقيقة النهائية في حالة حركة دائمًا حتى في ظل الظروف
التى تتوقف فيها مسببات الحركة عن العمل فإن المادة تظل في حالة حركة تسمى
حركة نقطة الصفر أو طاقة نقطة الصفر
لا تهتم الفيزياء بفكرة «العقل فوق المادة» -- أي استخدام العقل للتحكم في
الفيزيائيون أنفسهم ب«الطبيعة الحقيقية للواقع» إلا أن مثل هذه الاعتبارات تُترك
غالبًا للفلاسفة وهناك حدود للفهم العلمي؛ وأحد أهداف هذا الكتاب توضيح بعض
هذه الحدود؛ على الأقل عند هذه النقطة من تطور العلوم
وكفرع من المعرفة البشرية يهتم العلم بتصنيف وتقسيم الأشياء والظواهر
وهو يبحث عن العلاقات بين الأشياء والظواهر ويسعى دائمًا إلى وصف هذه
العلاقات باستخدام التمثيل الهندسي؛ سواء في صورة رسوم بيانية أو مخططات
شجرية أو خرائط تدفق أو غير ذلك وغالبًا ما تلاحظ أوجه التناظر والتكرار في
الظواهر موضوع هذه العلاقات يتوق العلم دائمًا إلى إيجاد أبسط العلاقات العامة
وأكثرها عالمية ويؤدي ذلك بالطبع إلى التوصل إلى نماذج ونظريات تبسط وتمثل
وتوسع نطاق العلاقات المختلفة
مقدمة
تمثل النواة فيها الشمس بينما تمثل الإلكترونات الكواكب ووفقًا لنموذج المجموعة
الشمسية ذلك يمكن الإشارة إلى احتمال دوران النواة والإلكترونيات بالطريقة نفسها
التي يدور بها نظيراتها في المجموعة الشمسية وبذاء يصبح من الممكن استكشاف
المدى الذي يصل إليه تطور العلاقات نفسها في الذرة كما في المجموعة الشمسية
فإنها تساهم في فهمنا للذرة
التطور المستمر للمعرفة العلمية؛ الأفكار السبع
تقوم المعرفة العلمية على التجارب التي يقوم بها البشرء حيث لا تتحقق في لحظة
المعرفة العلمية المتاحة وقد تكون النتيجة التراكمية لهذه التجارب فهم أنساق جديدة
في مخزون المعرفة العلمية أو الإقرار بأن الأنساق التي اعتبرت شاملة في يوم ما
لم تكن كذلك في نهاية الأمر وقد نستغني عن الأفكار التي كانت مؤكدة سابقًاء
أو نعدّلها بقدر كبير نتيجة اكتشاف أنساق جديدة أو مختلفة للظواهر إن اللغط
والقلق والمراجعة والتحديث الذي يعتري المفاهيم العلمية بصورة دائمة هو ما أدى
إلى تطور الأفكار السبعة الرئيسية في الفيزياء والتي سنناقشها في هذا الكتاب
وسوف يوضح الاستعراض الموجز لهذه الأفكار الموضوعات الرئيسية الخاصة بها
-١ الأرض ليست مركز الكون: علم الفلك الكوبرنيكي
منذ 7000 عام تقريبًاء بدءًا من زمن أرسطو إلى ما بعد رحلات كولومبوس إلى
العالم الجديد بقليل كان يعتقد أن الأرض تقع في مركز الكون حرفيًا ومجازيًا؛ في
الواقع وفي المفهوم اللاهوتي وتتضمن أول الثورات العلمية الرئيسية التي سنناقشها
إحياء وترسيخ وتوسيع نطاق فكرة مناقضة لهذا الاعتقاد؛ وهي أن الأرض ليست
سوى كوكب صغير ضمن كواكب عديدة تدور حول الشمس التي هي الأخرى ليست
سوى نجم واحد بعيد عن مركز مجرة محددة (ثمة العديد منها) في كون شاسع
ما لاقته من رد فعل داخل وخارج نطاق العالم الفكري بل كذلك لأنها تضمنت
أفكار سبع هزت العالم
دافعًا وراء ظهور أفكار ثورية أخرى ولم ينقح كوبرنيكوس علم الفلك فقطء بل
إنه استفاد من الأفكار الخاصة بالحركة النسبية ومن بساطة النظريات العلمية
"- الكون آلية تعمل وفقًا لقواعد راسخة: الفيزياء النيوتونية
تخضع كل الأشياء الموجودة في الكون لقوانين الفيزياء فإسحاق نيوتن - في عرضه
لقوانين الحركة وقانون الجاذبية الكونية -- نجح في توضيح الأساس الفيزيائي
الراسخ والمضمّن في الأفكار الخاصة بعلم الفلك الكوبرنيكي وقد بين نيوتن ومن سار
على دربه من العلماء أن هذه القوانين والقوانين المماثلة الأخرى تشكل أساس عمل
الفصل الثالث فإن هذه الفكرة الثانية -- والتي تربط السبب بالنتيجة (السببية)؛
بعيدًا عن تحكمها في الظواهر الطبيعية والاصطناعية وفي الآليات والوسائل - لها
*- الطاقة تحرك الآلية: مفهوم الطاقة
على الرغم من طبيعتها الشمولية إلا أن الفيزياء النيوتونية -- علم الميكانيكا - لا
تقدم وصفا مقبولًا تمامًا للكون؛ فنحن في حاجة إلى معرفة السبب وراء الحفاظ
على سير هذه الآلية الرائعة اعتبر القدماء أن الآلهة هي التي تحرك كل شيء في هذا
الكون أما الفكرة الثالثة فتشير إلى أن الطاقة هي التي تحافظ على سير الكون
وتظهر الطاقة في صور مختلفة يمكن تحويل أي منها إلى الأخرى وفي الواقع؛ تعبر
أزمة الطاقة التي تحدث بين الحين والآخر والتي تسبب حالة من الذعر عن وجود
عجز في أحد أشكال الطاقة هذه وعن المشكلات الناتجة من الحاجة إلى تحويل الطاقة
من صورة إلى أخرى ويمكن استيعاب ماهية الطاقة من خلال مقارنتها بالنقود
فالنقود وسيلة للتبادل والتفاعل بين البشر بالمثل كثيرًا ما يتم تبادل الطاقة في
التفاعلات التي تحدث بين الأجسام المختلفة في الكون وكما أن هناك عادةً حدًا
مبداً الحفاظ على الطاقة على أن «الطاقة لا تستحدث ولا تفنى ولكنها تتحول من
صورة إلى أخرى») وكما سنناقش بالتفصيل في الفصل الثامن هناك كميات أخرى
غير الطاقة يتم تبادلها أثناء التفاعلات بين الأجسام المادية وتخضع كذلك لمبادئ
الحفاظ على الطاقة
؛- الآلية تتحرك ف اتجاه محدد: الإنتروبيا والاحتمالية
على الرغم من إمكانية تحويل الطاقة من صورة إلى أخرى بدون أي فقد فيهاء
فإن هناك قيودًا على درجة القابلية للتحول وإحدى تبعات هذه القيود المفروضة
على إمكانية تحول الطاقة من صورة إلى أخرى تحديد نظام مسلسل زمنيًّا وشامل
للأحداث الماضية في الكون ويتم التحكم في القيود المفروضة على قابلية التحويل من
خلال القواعد نفسها التي تحكم عملية إلقاء النرد (زهر الطاولة) في لعبة مقامرة
نزيهة وهو ما يعرف باسم قوانين الصدفة (علم الإحصاء) ويشير ذلك إلى إمكانية
تعديل الثورة المتأصلة في فكرة الحتمية على الأقل بواسطة ثورة مضادة وتدل هذه
الاعتبارات على أن الحرارة إحدى الصور الممكنة للطاقة لا بد أن يُنظر إليها على
أنها صورة «متناقصة» من صور الطاقة وهو استنتاج يتحتم تذكره بصفة خاصة
في الأوقات التي تثار فيها مشاكل الطاقة الخطيرة
0- الحقائق نسبية؛ لكن القانون مطلق: النسبية
تمتد جذور مفاهيم نظرية النسبية إلى بعض الخلافات التي أثيرت أثناء تطور علم
لم يبتدع الفكرة التي تقول إن معظم ما نراه يعتمد على وجهة نظرنا (أو بتعبير أكثر
دقة على إطارنا المرجعي) وفي الواقع طور أينشتاين نظريته في الأصل ليكتشف تلك
العالمية التي تتشابه من جميع وجهات النظر وبالرغم من ذلك وبدءًا من الفكرة
التي اعتبرت ثورية حينئذٍ والتي تقول إن سرعة الضوء لا بد وأن تكون ثابتة بغض
النظر عن الإطار المرجعي للمُشاهد فإنه تمكن من إثبات أن كثيرًا من الأشياء التي
كان يُعتقد أنها غير متغيرة أو مطلقة مثل المكان والزمان هي نسبية أعاد أينشتاين
اختبار المفاهيم الأساسية للزمان والمكان وأوضح أن هذه المفاهيم متداخلة إلى حد
بعيد وقد كان عمل أينشتاين في الواقع جزءًا من إعادة الاختبار العام للمفاهيم
أفكار سبع هزت العالم
أنه بين للفيزيائيين أنهم لا يستطيعون إهمال الاعتبارات الفلسفية والميتافيزيقية
كلية
+- لا يمكن معرفة أو التنبؤ بجميع الأشياء: نظرية الكم وحدود السببية
نشأت هذه الفكرة - التي ترفض مبدأ الحتمية المطلق والذي ظهر نتيجة
الفيزياء النيوتونية -- دون أن تشوبها محاولة التوصل إلى صورة أدق للبنية
تحت الميكروسكوبية للذرة وفي بداية القرن العشرين اكتشف العلماء أن الذرات
تتكون من الإلكترونات والأنوية؛ حيث أُجَرَيْتَ محاولات للحصول على معلومات أكثر
ومن الضروري أن نمعن التفكير فيما يمكن معرفته مادًاء وكذلك في الطبيعة الفعلية
للواقع وعلى الرغم من أنه لا يمكننا الحصول على صورة دقيقة للغاية للبنية الأساسية
للذرة فإن لدينا بالفعل صورة واضحة إلى حد بعيد وبذاء يصبح من الضروري
استخدام طرق جديدة لوصف الذرات والأنوية: يمكن أن تتواجد الأنظمة فقط في
تتيح هذه الصورة الجديدة وغير الواضحة إمكانية الفهم التفصيلي للكيمياء وإنتاج
واتصالات الرادار والسبائك فائقة القوة, واللضادات الحيوية؛ وغيرها
-١ الأشياء لا تتغير مطلقًا: مبادئ الحفاظ والتماثلات
ما زالت الفكرة الثورية السابعة - التي تتعارض مع الفكرة العامة القائلة إن كل
أنها تظل ثابتة ودون تغيير وعلى الرغم من القيود التي تفرضها الفكرة السابقة
فإن الفيزياء تواصل استكشاف البنية النهائية للمادة والتى تتضمن كميات هائلة
وربما تتضمن هذه الوحدات جسيمات مثل الكواركات التي تتكون منها البروتونات
والنيوترونات وهنا يثار تساؤل بديهى عن القواعد التى تحكم البنية الأساسية؛
وعما تكشف عنه هذه القواعد من حقائق بشأن طبيعة العالم الماذي وكما أشرنا
مقدمة
تحدث بين المكونات الأساسية للمادة وذلك وفقًا لقواعد محددة أو لمبادئ الحفظ
ورياضيًا تمثل كل قاعدة من تلك القواعد تماثلًا معينًا وقد نتج كل هذا التقدم
الحديث في تحديد وحدات بناء المادة مباشرة من إدراك العلاقة الوطيدة بين قوانين
الحفاظ والتماثلات في عالمنا الفيزيائي وحيث إن تلك الفكرة ما زالت قيد التطوير؛
فإن أسئلة أخرى تطرح نفسها: هل يمكن فصل المادة والطاقة عن الزمكان (الزمان
على مبادئ الحفاظ المتنوعة التي تبدو فاعلة على مستوى العالم أجمع؟ وبالنسبة
لهذا الأمر هل هناك بالفعل بنية أساسية أو مبدأ توحيد أساسي في العالم المادي؟
ربما لن نعرف الإجابة النهائية أبدًا لكن الفيزيائيين يسعون باستمرار لإيجاد نظام
ضمن السّواش الذي يقع خارج حدود فهمنا
وليس هناك من سبب يدعو لافتراض أن هذه الأفكار الثورية السبع هي الوحيدة
التي ستتطور في الفيزياء ومن الممكن مقارنة الفيزياء بسيمفونية غير مكتملة بمعنى
السابقة على سبيل المثال لا يختلف البحث عن تماثلات في أكثر المجالات تقدمًا في
فيزياء الجسيمات الأولية اختلافًا كبيرًا عن البحث عن الكمال في العالم المادي الذي
ميز العلم الإغريقي وبسبب كل من الموضوعات المتكررة والجديدة والتفاعل بينهاء
يمكن وصضف الفيزياء بأنها «جميلة»؛ تمامًا مثلما نصف السيمقوتيات والأعمال الفنية
بأنها جميلة من الناحية الفكرية (وكثيرًا ما تكون البساطة الشديدة التي تتميز بها
وهناك طرق عديدة يمكن من خلالها تقديم المقطوعات السيمفونية إلى الجمهور
فأحيانًا يتم عزف حركة واحدة أو حركتين فقط؛ أو يعاد ترتيب القطعة الموسيقية
لتختلف عن الترتيب الأصلي وفي هذا الكتاب سوف تتناول الحركات الخاصة
بسيمفونية الأفكار السبع وفقًا للترتيب الذي تطورت به خلال فترة امتدت من مائتي
وخمسون إلى ثلاثة آلاف سنة وعلى الرغم من أن هذا الترتيب الزمني ليس الأفضل
بالضرورة من وجهة نظر التطور المنطقي من المبادئ الأساسية فإنه مع ذلك يؤدي
إلى تيسير فهم الأفكار وإلى التعرف على السياق الذي تطورت فيه بصورة أفضل
كذلك فإنه يتيح إمكانية التبصر بالتطور المستمر في علم الفيزياء على مستوى أعمق