يشكل استجابة له من خلال نشاطه الفردي الحر تلتقي مع ضوابط
النظام العام»؛ وتكون نبعاً معَذياً لحالة التقدم الإنساني.
لم يعد الفرد جزيرة مستقلة معتمداً على معرفته الشخصية؛
يستخرج منها طبيعة موجّهات سلوكه التي يحافظ بها على وجوده. و؛
يجعل التواصل محدوداً؛ ويتسم بسمات يقل فيها لون الحب للآخرء ويغلب
موقف العداء المرتكز إلى انغلاق الفرد على تصوراته المحدود:
لقد أطلق العلم الحديث صورة جديدة ووحيدة للوجود؛ أخذ كل فرد متا
يتلقاها بالتسليم تدريجياًء وهذا ما أخذ يضغط على أسوار الانفلاق التي
حددت كل فرد منا كجزيرة مستقلة؛ يعيش على تصوراته الخاصة المبنية
على معرفتة الشخصية. إن صورة الوجود التي ثتعامل معها تذهب لكي
تكون صورة واحدة؛ لم تعد خبرة الإنسان الفرد أساسهاء بل أصبح وجود
الخارج المرضوعي هو قاعدتها. لم يعد الفرد في مطلع القرن الحادي
والعشرين يتعامل مع ما هو موجود خارجه؛ كعالم يرسم صورته من
منطلق ذاتي؛ ويمتحه ألواناً تتبع من شخصيته الفردبة؛ بكل عناصر
الغموض التي تكتنفها. بل لقد أصبحت صورة الوجود خارج الإنسان ذات
فقواعد موضوعية؛ وتتجه إلى التخلي عن سمة الغموض؛ مما جعل
لقد أخذت الصورة الموضوعية للوجود؛ تنسرب في ثنايا الصورة
المنشأة بالمعرفة الشخصية للإنسان. لقد أخذ كل واحد من أبناء هذا القرن+
وحدة الصورة الخارجية؛ تزيح بالتدريج خصائص الألوان الذاتية؛ التي
مما كان يسمح له أن يتحرك في أمواجه المتلاطمة؛ حاصلاً على السلامة؛
هذا الانقلاب الجذري في رؤية كل فرد منا لكل ما حوله؛ أخذنا نحسه
في مطلع القرن الحادي والعشرينء وشرع ينسرب في نفوسناء فيقبله
بعضنا ويستسلم لتياراته؛ مما يجعلهم أفراداً ذوي وجود عالمي؛ ينظرون
إلى الإنسانية كلها على أنها وجود واحد؛ لا تفصل حدود بين مجتمعاتها.
إلى فريق عمل متجانس؛ يسعى لتحقيق عمل إنساني واحد. بينما يتردد
البعض الآخر بالانضواء تحت هذا التيار الطاغي؛ مؤسسين موقفهم
الرافض على منطق لا يتسم بإمكانية الشمول والإحاطة بكامل الإنسانية»
هذا الموقفء أن خصوصية تجربتهم؛ هي الأغلى وهي الأثمن؛ وأنهم
بشكل من الأشكال من فرديتهم.
انتمائهم !! زيل الحواجز
كل الحواجز؛ الناشئة من الجندر واللون والعرق والثقافة والدين والموقع
الجغرافي والطبقة الاجتماعية. وهم في دعوتهم هذه يحاولون أن ينشؤوا
خطاباً إنسانياً؛. يتجاوز كل آثار التصنيفات السلبية. ومازال مفكرو هذا
الاتجاه يجنُون في إزالة سحب غموضه وإبهامه؛ ولكنهم ما زالوا يجدون
التي تنمر
وتنتشر. بينما يؤكد أتباع الفريق الثاني على بقاء الجزر التي تتحصن فيها
السلبي لحدود التصنيف؛ فالاختلاف البيولوجي بين المرأة والرجل في
رأيهم حد فاصل لا يمكن تجاوزه؛ وألوان بشرتنا معيار تصنيف بين الناس
هذه الحجج تشكل مرجعية هذا الموقف الداعي للخصوصية؛ وتفرض على
المستسلمين لها الانغلاق ضمن حدودها.
تقف الحجج العملية للفريقين متخندقة ضد بعضها؛ ويحاول كل فريق
أن يدعم خطابه أدلته المقنعة؛ وتعزيز موقفه بكل عناصر الصورة
التي يرسمها منطقه للوجود. ولم ينحصر هذا التجاذب والتعارض في
الحجج والأدلة الفكرية- النشاط العملي؛ منتجاً بؤر حروب في مطلع
القرنء أخذت الإنسانية تكتوي بنارها هنا وهناكء فقد علا الضجيج
في معسكر من المعسكرين؛ لا يستطيع أحد أن يكون بمنأىٌ عن الخغورض
'جهود كل الأفراد نموّه وهيجانه؛ ويوضّح كذلك طبيعة مساره الذي يتحرك
فيه. إنه زلزال يصدّع كل حدود التصانيف التي ترسخت في زمن التجربة
لإنسانية”؛ قاسماً الإنسانية كلها إلى أطراف متنازعة على هذا المحور.
اوهو يكشف خلال رصد هذه الظاهرة أنها تشكل جزءاً من حدث كوني؛ لم
تعد آثاره محصورة في حدود الإنسان؛ بل أخذت تمتد لتلامس نظام
الطبيعة بغموض وخفاء.
سيبقى هذا الكتاب يؤكد على ما بدأت به هذه المقدمة؛ من أن التعامل
الإيجابي والمثمر مع كل الذي يجري الآن؛ إنما يرجع إلى أصل واحد؛
يظهر جوهره في مضمون الصورة التي يرسمها ال للكون من حوله؛
الوضع استراتيجيات عامة؛ تصلح أن
للمستقبل؛ تدفع بتطور الإنسانية في طريقه الإيجابي» ٍ
الجنس الإنساني في تاريخه الطويل على الأرض. إن العمل على تاج
مثل هذه الصورة؛ هو البؤرة أعلى الاهتمامات الدرسية؛ والتي
يحاول كل باحث- من موقع عمله الذي يعمل عليه- أن يساهم في تشكيلهاء
وأن يكون جهده أحد الألوان التي تشكل لوحتها البهية والمضيئة.
العمل على إنتاج صورة للوجود؛ ولطبيعة دور الإنسان فيه ليس ترفأً
القرنه وفي قرون الألفية الثالثة التي نعيش افتتاحيتها.
إن معاناة الإنسانية كما تؤشر لها أحداث السنوات الأولى من القرن
الحادي والغشرني
* يدل مصطلح "التجربة الإنسانية" على مرحلة تشمل كامل زمن وجود الجنس الإنساتي على
كظاهرة كونية بدات تؤثر في النظامالبيني للأرض.
تستطيع أن تقدم للبشر ما يحتاجونه من عناصر مادية لاستمرار وجودهم؛
وكذلك لا ينبع من انقسام البشرية إلى أخيار وأشرارء يسعى كل منهم إلى
القضاء على الآخر؛ وإنهاء دور نشاطاته العملية. ولا يتشكل هذا الشقاء
أيضاً من رعونة الإنسان وانحرافه عن الطريق؛ حين أخذت مخترعاته
نابعة من هذا كله! إن تحديد جوهرها يحتاج إلى صورة واضحة ومقنعة
تقدمها الدراسات الاستراتيجية عن طبيعة النشاط الإنساني المتشكل من
إن افتقاد صورة شاملة كهذه يظهر تلك التعليلات
نا في تيه لا نهاية له.
مساهمة كل فرد فينا. !!
غير مقنعة؛ وب
تقديم صورة كهذه؛ هو ما يعتبره هذا الكتاب هدفه. فهو يتوجه إلى
بؤرة هذا البحثء فيحاول أن يقدم صورة جامعة وكلية لوجود الإنسان عبر
زمن تاريخه؛ متجنباً النظر إليه كحادثة مقطوعة الصلة عن الكون
الفيزيائي» من غير الممكن الكشف عن طبيعة الروابط والعلاقات بينهما.
إن هذا الكتاب ينطلق من رؤية يلخصها على الشكل التالي: كون مادي
واسع؛ انطلق حضوره بانفجار كوني عظيم؛ يقدر زمن حدوثه تقريباً ب
5 مليار سنة. وكان جوهر هذا الوجود الفيزيائي هو عمل النظام
الحاكمة للكون الفيزيائي تعمل بانسجام. وكانت الأرض كوكباً برزت فيه
خلال المادة الحية التي اشتركت مع الكون الفيزيائي بظاهرة عمل النظام
جوانيآ تحقق كما لخيارات الحركة الحية خلال سلسلة التطور الحي.
مما سمج بانفجار للنظام؛ أطلق- لأول مرة- بدء عمل النظام الحي"
" الوجود الحي بارزآً في تنوع كل متجسداته هو وجود ماديء يفترق عن الوجود المادي الجامد
في الكون بمستوى تطور في محور الحركة. فالحركة اسلوب وجود الكون بكامل موجوداتة»
تبدت في الطبيعة الجامدة والطبيعة الحية بعملها الجواني. ومع وجود الإنسان أخذت تظهر بداية
أ. وهذا ما شكل بين الأحياء "الجنس الإنساني" 1
واقعة التوحيد الكوني. وبعد اكتمال عملية التوحيد بين كتل المادة الحية
(الاجتماع الإنساني)؛ ومن خلال مسار التطور البرّاني؛ انطلقت موجات
الانفجار لتأخذ في تشكيل المادة الجامدة لتستجيب لخط التطور الجديد؛
أنتج الكتاب تصوره؛ كاشفاً أن نشاط الجنس الإنساني شكل إطلاق
حركة موخْدة تمتلك قدرة تطوير الكون المادي من خارجه (إعمار
الكون)؛ بعد أن أكمل نظام الكون في زمنه السابق بناء مادة الكون
أ. وفي كل حركة أداها فرد أو مجموعة من جنسنا العظيم
عبر تاريخه؛ كان يتحقق إنتاج حركة موحّدة من موقعي النظام الحي
الخارجي والداخلي. لقد نُظِمَ عمل التوحيد بمحور اصطلح على تسميته
كان مستوى تطورهاء مُساهمة" في إنضاج عملية التوحيد المتجهة إلى
كمالهاء بتوسيع دائرة عملها من المادة الحية التي صدرت عنهاء إلى ساحة
مادة الكون الفيزياني؛ مركّزة تطورّه على فاعلية الموقع الخارجي للنظام,
نظام في مستوا الحيه لين حدور لظام الي للنشل الل
هذا الحضور مسار تطور جديد للكون أصبح بزانيا. وكان لالت بر افرته الأولى.
” سيستخدم الكتاب مصطلح "إعمار" لكل الإنشا:
الكون والحياة" الدلالة على متحقق مسار التطور الجواني المتشكل بالانفجار الكوني
عنها استعصاء الفهم جاعلا منها حقيقة علمية سهلة التداول.
الجنس الإنسانيء وكما بدا العلم يكشف عن مجرياته. إن اختراع
التكنولوجيا في القرن الثامن عشر يعتبر في سياق هذه الرؤية هو
البرهان التجريبي على واقعيتهاء الذي تم به توسيع دائرة عمل الحركة
الحية الموحّدة إلى ساحة المادة الجامدة. وبعد ثلاثة قرون من اختراعهاء
أخذت هذه الحركة الموحدة تؤثر في بنية الطبيعة؛ محدثةٌ بدء تطور جديد
تشكل مدخلاً لفهم نشوء الكون الفيزيائي كله.
وإذا كنت قارني العزيز ابن القرن الحادي والعشرينء تتحسس هذه
الإشكالية الناجمة عن عدم وجود تصور مشترك وشامل للوجود كما
الرحلة المشوّقة؛ التي سيحاول هذا الكتاب الدخول في عباب محيطها
المائج» جاذاً في تشكيل صورة واضحة ومضيئة؛ تمتلك الانسجام والجمال
قاعدة برمجية لرسم خطط مستقبله؛ من خلال كشفها لملامح الدور الكوني
للإنسانية؛ الذي يأتي منسجماً مع صورة الوجود المادي الفيزيائي الحاضن
إن صورة
لا يوجد فرد منا نحن أبناء البشرء يمكن أن يكون إنساناً دون أن يحمل
صورة شاملة لوجوذه ولمحيط الخارج الذي يحتضته. وهذه الخاصية هي
اجوهر الإنسانية التي أعطت جنسنا تميزه عن ياقي الكائنات الحية التي
نطلقها من أجسامنا للحفاظ على وجودناء تسير إلى إنتاج هدف زائد على
التأثير في الوجود الخارجي؛ وسمح بتراكم هذا التأثيرء حتى وصل عالمنا
بشري يتغذى من مجموع سلوكنا الفرديء ومن حركة التكنولوجيا متداخلة
خلال تاريخهم الماضي قبل العصور ال
إنشاء تصور عن الوجود المحتضن لناء محتوياً على وجود أجسامنا
وطبيعة حركتناء هو جوهر هذه الإنسانية التي تميزنا. إنه معدن فخارناء
إنها حركة حية جد من أجمام أبناء جنسناء أنتجت آليثُّها
قاعدة علاقات وجودية جديدة. فقد توحد أفراد هذا الجنس بها في ظاهرة
الاجتماع بنمط جديدء وصار نشاطهم للحفاظ على وجودهم معتداً ودقيقاً.
إن عملية الربط الضروري بين وجود الفرد؛ وبين المجتمع كوجود أكبر
بدء خط تطوري حي جديد براني؛ لم تعد البيولوجيا
هي ساحته التطورية؛ كما كان الشأن في تطور الحيوان. لقد أصبح تنظيم
الاجتماع هو ساحة تراكم هذا التطور؛ الذي يتغذى من نشاط كل فرد فيناء
حين يسعى للحفاظ على وجود جسمه على محاور الأمن والغذاء والتكاثر.
لقد أدت قوانين هذا التطور الجديد إلى إنتاج قاعدة بناء وجودي جديد؛ لم
إلى المادة الجامدة (التكنولوجيا)؛ وهو ما جعل تعالي هذا البناء واتساعه
نبع من أصل واحد؛ يمتلكه كل واحد من البشر باستعداد مشترك؛ ولم
يُخْرّمه فرد واحد من أفراد الجنس الإنساني على مر أزمنة وجودنا على
اسطج الأرض. وهذه القدرة قسمة مشتركة بينناء يمتلكها كل واحد منا
سلج محاور (الأمن»الغذام» التكاثر)؛ بي يحافظ بها على وجوده المادي.
ويلازم هذه الحركة المادية ولا يتفصل عنها قدرةٌ على رسم صورة
الوجود خارجناء وموقع الفرد في هذا الوجود. وهكذا نندفع حسبها في
ب ومحارك من خلال موقعنا أمام الوجود كله كآخرء ونقيم من خلال
هذا التقابل علاقة تسمح لنا أن نوثر فيهء ونؤسس لبناء لم تمتلك كل
الأجناس الحيوانية إنشاء مثيل له بحركاتها. بهذه شرك راتت جلى
خطوط الخريطة الكاشفة للوجود من حولنا؛ أنتجت الإنسانية ما أنتجت
وهو ضوء يسمح لكل فرد منا أن ينطلق في مسارب ومحارك دقيقة جداء
سمحت لعلاقة الفرد بالآخرين؛ الذين يتحركون معه في الساحة ذاتهاء أن
تكون إيجابية ومفيدة. لقد أثبت تعالي البناء الذي شيّده جنسنا الإنساني أن