تهدف إصدارات المشروع القومى للترجمة إلى تقديم مختلف الاتجاهات والمذاهب
فى ثقافاتهم ولا تعبر بالضرورة عن رأى المجلس الأعلى للثقافة .
إهداء
إلى ذكرى جيوردانو برونو
كلمة المترجم
عملت تقاليد الترجمة الحرفية - وربما الثقافات المنغلقة أو الضيقة أو المتحيزة -
تشويه مفاهيم مركزية تتصل بالعقائد؛ وكان من أخطرها ترجمة مفهوم (الكائنات
فى الترجمة الحالية للنص الإنجليزى» وقد ا,ستبدات بهذا المفهوم "الكائنات الإلهية"
اتساقًا مع عقيدة تحوت .
وقد بذلت بعض الجهد فى التوسع فى الحواشى كما بذل أصدقاتى. ولكنى
تراجعت عنها وقد اقتنعت بالرأى الذى أشار إليه المؤلفان - ونيهنى إليه بعض
الأصدقاء - من أن كثرة الحواشى كانت من بعض أسباب صعوية انتشار المتون "وقد
محملة بالحواشى بصورة يستحيل تنوقها”, ذلك بالإضاقة إلى أن كافة الإشارات
والتنويهات جاعت فى زمن لاحق حتى للترجمة اليونانية المنشوذ عنها .
وليس أحمل من هذه المتون للهوامش والحواشى, ولكنى اكتفيت بقلة تكاد تمثل
اختلاف التنوع الهائل حول فكرة التوحيد وفكرة التناهي . ٍ
تنويه بالفضل
بالرغم من ألفتى السابقة بالهرمسيات من خلال التصوف الإسلامى وما كتب
عن أعمال إخوان الصفاء كان لترجمة د. عطية عامرلا) الفضل قى جمع الرسائل
د. سحر الموجىء ف د. محمد عبد السلام حسنء والأستاذ محمد عبد السلام قطرى»
والأستاذ عبد المنعم عبد القادرء والأإستاذ عبد الصادق شعبان. والشاعر عفيفى مطر»
والدكتور محمد عيسوى أدين لهم جميعًا فى مراجعة النصوص والتنبيه إلى الصياغات
المستخدمة فى اللغة العريية والإشارات الصوفية. وتعتبر مساهماتهم التى لم تنشر
عمر الفاروق عمرء نوفمبر 7٠08١0
01179 مكتبة الأنجلو المصرية . إيداغ رقم ٠ رسائل توت فى الحكمة وا الفلسقة” د. غطية عامر )١(
آخر كلمات مثلث العظمة هرمس
ببلسم الأبدية الذى أبدعه المعلم الأكبر. لم تكشفها عيون العامة الرائحين الغادين
الجائلين فى خضم الحياة القفر.
وظلت خافية حتى خلق الرب قديم الإحسان الكائن الإنسانى الجدير
بفهم حكمته".
تعرف مجموعة المتون التى تضمتها هذا الكتاب فى الأدب والتصوف الإسلامى
باسم الهرمسيات» وتعزى إلى الحكيم الملصرى تحوت؛ والذى قيل عنه إنه تحول بحكمته
إلى كائن ربانى, وقد قَدَس تحوت فى مص القديمة قبل عام ٠٠. ٠ قبل ايلاد على أقل
المصرية والمقابر على شكل طائر تحوت. وقد كان رسول الآلهة وكاتب أعمال الإنسان.
ل الا - فى قاعة المحكمة العظمى لأوزير- ما إذا
كان المتوفى قد احتاز معرفة روحية وطهارة بحيث يستحق مكانا فى السماء. ويقال
أيضضا فى النصوص المصرية القديمة إن تحوت قد كشف للمصريين علوم الفلك.
والعمارة. والهندسة. والطب., والإلهيات. وقد كان البونانيون يبجلون المعرفة الروحانية
المصرية. ويعتقدون أن تحوت هو بانى الهرم, وعرفوا تحوت باسم إلههم هرمس ؛
رسول الآلهة. ومرشد الأرواح فى مملكة الموت. وقد أضفوا عليه لقبا لتمييزه عن إلههم
وهو "هرمس مثلث العظمة"!؟ «بنجاوة:7:15 160082 لتكريم معرفته المتسامية. وتسمى
وبالرغم من الجهل الفاشى حاليًا عن تحوت فقد كان بالغ الأثر على تاريخ الفكر
السادس عشر. وقائمة المفكرين الذين اعترفوا بفضل تحوت تكاد أن تشكل موسوعة
( 7 ) تتكون الكلمة من مقطعين: 0 بمعنى ماينتمى إلى هلوك مصره و 6707 بمعنى الشكل نو
الدلالة الكلية.
( ؟ ) ويعرف فى الهرمسيات الإسلامية بإسم مثلث الرحمات.
كاملة من أكبر مفكرى العالم الغريى وعلمائه وفنانيه. ومن بينهم ليونارنى دافنشى,
وجون دون. وكل الشعراء الفلاسفة الذين أحاطوا ببلاط الملكة إليزابيث الأولى»
والأعضاء المؤسسين للجمعية الملكية فى لندنء وبلغ نفوذه حتى قادة الإصلاح
البروتستانتى فى أوروبا. والقائمة لا تنتهىء حيث أثرت تعاليم هرمس على الحكمة
والتصوف الإسلامييّن, كما حفظها التراث التنسكى اليهودى موحداً بين هرمس ونبيهم
وتعتبر الهرمسيات حجر الزاوية للفكر الغربى؛ وتوازى - من حيث المادة والأهمية -
وقد كان الهدق من هذه الترجمة البسيطة هو نشر الحكمة القديمة بشكل أسهلء
وهى تقدم تلك النصوص المختارة من الهرمسيات بعناية. ويلغة مبسطة؛ ظهرت -
فى شكلها الأخير- ملهمة, كاشفة مذاق تلك الحكمة الكلإسيكية المنسية .
للعهد القديم . (المترجم)
تاريخ الهرمسيات
يقلف الغموض الأصول المبكرة للهرمسيات. والدلائل تشير إلى أنها اتحدرت
مباشرة من الحكمة المصرية القديمة, ولكن النصوص القليلة الباقية من تعاليم هرمس
الفكرية فى العالم القديم. وكانت الإسكندرية فى ذلك الحين مركزًا عظيمً للدراسة تفوق
"المديئة العالمية" (عناممه»08© »8) أفواج من الرجال والنساء من كافة الأمم والطوائف:
ليتعايشوا مع فى سلام تسبى ٠ ٍ
وقد عرف السكندريون بتهمهم للمعرفة فى ظل الحاكم اليوناتى المستتير بطليموس
الأولء والذى أتشاً مكتبة ومتحقًا شاسعيّنء حيث جمعت حكمة الإنسان بنظام لأول مرة
فى تاريضه؛ وقد ضمت مكتبة الإسكندرية إِبّانَ ازدهارها حوالى نصف مليون
علوم الهندبسة والرياضيات والجغرافيا حتى القرون الوسطى, كما كان بها أيض أعمال
أريستارخوس الساموى الذى أثبت أن الأرض كوكب يدور حول الشمس, وإيراتوسثينز
الذى حسب محيط الأرض بما لايتجاوز خطاً طفيقًا, وقد كان علماء المكتبة يعرفون
التغير البطىء فى اتجاه محور دوران الأرض فى الاعتدالين. وأن القمر يحكم إيقاع
وتاقشوهاء وقارنوها بغيرها .
وقد غريت شمس عصر الإسكندرية الذهبى مع مولد ما يطلق عليه الإمبراطورية
الرومانية المسيحية "المقدسة” التى كانت متعصبة بشكل لم يسمح ببقاء التنوع الفكرى.
وقد أطلق السيحيون فى ذلك الوقت اسم “الوثنيين" (ده«هوة) على كل ما ليس مسيحيًً
(وكانت تعنى تقريبًا بسكان الأرياف) بالرغم مما كانت تمثله من فكر متعال وإتجازات
ثقافية كبرى للقدماء. وفى عام 41١ م قبضت طغمة من المسيحيين المتعصبين على
هيباتيا - وهى عالمة وقيلسوفة من أكبر علماء وفلاسفة ذلك العصر - والتى كانت تعمل
فى مكتبة الإسكندرية ومزقوا لحمها وأحرقوهاء وقد كان زعيمهم القحّص كيرلس الذى
عرف فيما بعد باسم القديس كيرلس. ودمرت مكتبة الإسكندرية فى النهاية تمامًا
باعتبارها خرافات وثنية؛ وألقيت ثروة محتوياتها فى مهب الرياح, وأغلق الإمبراطور
الرومانى المسيحى ثيودوسيوس كافة معابد الوثنيين فى الأقاليم؛ ويد تقليد حرق
الكتبء الذى لم يكن معروقًا من قبل. وقد أصبح القرن الخامس الميلادى بالنسبة للغرب
بداية الألف عام التى أسميت صدقا بالعصور المظلمة.