ولادة الوضعية المنطقية . ذلك الطفل المدلل والمشاغب لفلسفة القرن العشرين . وكان ذلك حوالى
سئة 1877 ؛ نتيجة لقاءات واجتماعات لمجموعة من الفلاسفة والعلماء والرياضيين ؛ عرفت
دائب تصاعد إلى الذروة فى الفترة من 1879 إلى 879 . ثم لم يليث أنصارها أن انقرط
عقدهم إما إلى الموت أو التفرق خارج البلاد . وأثناء هذه الفترة الوجيزة نجحت هذه الحركة فى
أن تجر العالم الفلسفى إلى مجادلات حادة ؛ ومناقشات حامية ؛ لا تزال أصداؤها على الرغم
1١١ - 1887 ١ ) الذى عين استاذا لفلسفة العلوم فى جامعة فينا سنة 1577 . وكان
تعييئه هذا مستهلاً لتجمع العديد من العلماء حوله , وكان على رأسهم هانزهان 110118
الضوء " تحت إشراف أستاذه الشهير صاحب نظرية الكم ؛ ماكس بلانك 10101616 1/1076 . ولقد
استاذه بلانك ٠ ويصاحب نظرية النسبية الأشهر
إينشتين ؛ والعالم الرياضى المعروف هيلبرت . ونشر فى عام ١9117 كتابه " المكان والزمان فى
الفيزياء المعاصرة " . كما نشر فى عام ١918 كتابه الهام * النظرية العامة للمعرفة * ولم يليث
أرنست ماخ ؛ وبولتزمان ٠. فكان ذلك بداية لمولد الفلسفة الوضعية المنطقية . فقد احتشد حول
رأس الفلاسفة هيريرت فيجل [1188 116708171 ؛ وفيكتور كرافت 165011 .17 ؛ وفريدريك
عقد شليك روابط صداقة شخصية
كان أتونيوراث 118008800 0110 الذى اعتير نفسه فيلسوفاً اجتماعيا ؛ من أبرز أعضاء
ثم انضم كارناب إلى الجماعة فى سئة ؛ فكان لانضمامه هذا أكبر الأثر فى تطور
هائز ريشتباخ 181010601508211 11005 فى برلين . والتقت أهداف الجماعتين فى ازدرائهم
للفلاسفة الذين يجهلون العلم ٠ ولا يتورعون فى إصدار الأحكام التى تتعلق بالمعرفة بصفة
عامة ؛ والعلم بصفة خاصة . فيدأت الاتصالات بينهما ؛ وكان من نتيجة هذه الاتصالات العمل
المشترك بين الجماعتين فى مؤقر فلسفى خصص للبحث فى نظرية المعرفة المتصلة بالعلوم
الدقيقة , وكان ذلك فى سنة 147١ .
٠١١ ؛ وهو عبارة عن عرض لفلسفة الذرية المنطقية 00011118117 :081011 التى تؤكد وجود
بسائط تنحل إليها اللغة وتتكون منها العبارات المختلفة ؛ وأن ثمة علاقة بين هذه البسائط وبين
وقائع العالم الخارجى ؛ وعلى الرغم من أن فتجنشتين كان يمكث بالقرب من فييتا بعد الحرب
العالمية الأولى ؛ إلا أنه لم يلعب أى دور فى اجتماعيات جماعة فيينا » بيد أن معظم أعضائها
انتهزوا فرصة الاتصال به » ودرسوا رسالته بعناية فائقة ؛ فقد كان لها تأثير قوى فى تشكيل
الملامح الرئيسية لآراء رمعتقدات الوضعية المنطقية , بل ان معظم أعمال كارناب فى الفترة من
٠١١ إلى 1874 ؛ كانت فى الحقيقة محاولة لجعل الذرية المنطقية فى توافق وانسجام مع
* مانيفستو " يعنوان " وجهة نظر علمية إلى العالم " " 3/1 1/010 6!10ال1
تحدد فيه موقعها من المشكلات الفلسفية والمنطقية والرياضية والفيزيائية والاجتماعية ؛ وتبين
الفلاسفة والمناطقة والعلماء الذين تعتبرهم الجماعة رواداً فى الوضعية أمثال هيوم وكونت ومل
وماخ ٠ وبيرسون وافيناريوس من الفلاسفة ؛ وهيلمهولتز وريمان وبوانكاريه وبولتزمان وا
من العلماء أو فلاسفة العلم ؛ وليبنتز وبيانو وفريجه ورسل ووايتهد وفتجنشتين من المناطقه
كما أورذدت أسماء علماء رياضيات أمغال جوس ؛ وبيانو وهيلبرت ٠ وأسماء علماء اجتماع
أمثال اييقورس وينتام وكونت وماركس وغيرهم ؛ ولم يلبث أن نظم أعضاء الجماعة المؤقرات +
وأجروا الاتصالات مع الفلاسفة القريبين منهم فى الرأى فى يولندا وبريطانيا والولايات المتحدة +
فسا كارناب وريشتباخ معاً فى إصدار مجلة ياسم " المعرفة * " 12810600115 " فى سئة
سنة ٠874 فى سلسلة المنشورات فى وحدة العلم +
ترفى فى سنة 874 ؛ قبل سنتين من الفاجعة التى ألمت بالجماعة وهزتها هزاً عنيفاً بتتل
مؤسسها وباعث حركتها موريتز شليك الذى قتله طالب معتوه كان قد تقدم بأطروحة فى علم
50108 لم تكن تطيق نشاط الجماعة واتصالاتها , فكانت تلاحق أعضاءها وتراقب
نشاطهم فلم يليث أن انفرط عقدهم ؛ فتوجه ويسمان إلى أكسقورد
ومينجز ؛ وفيجل ؛ وزعيم الحركة الأكبر رودلف كارناب
ترفى عام 1444 ١
والحقيقة أننا لا نكون مغالين إذا قلنا أن رودلف كارناب ( 1841 - ١47/١ ) يعد من أهم
رائدها والمترجم الحقيقى لأهدافها ؛ كما أنه يعتبر زعيمها الذى حافظ على مبادثها . وحاول
وحده أن يحقق بتفصيل ؛ وبشكل متماسك ومتكامل مذهبها . وعلى الرغم من أن كارئاب لا
للحركة ؛ والأمين على أهدافها الرئيسية ؛ وأكثر شخصياتها أصالة وإبداعاً .
ولد كارناب فى سئة 1841 فى رونز دورف 13011 - 140118 بالقرب من بارمن 138711161
الفترة من 8٠١ إلى 9٠6 متخصصاً فى الفيزياء والرياضيات والقلسفة ؛ وقد تتلمذ فى ينا
على يد جزكلرب فريجد 178886 .0 الذى كان له أكبر الأثر هو وبرترائد رسل - فى تفكير
* عملت فى ألمانيا , وبشكل كامل فى مزرعة صغيرة كانت ملكى حتى العام 1417 +
فى ذلك الوقت فى تحليل المفاهيم العلمية مستعيناً فى ذلك بتطبيق المنطق الحديث » من أجل
تنقية المشكلات الفلسفية . ولم يكن يدور فى خلدى فى ذلك الوقت على الإطلاق العمل من
أجل حركة فلسفية . فقد كانت منشوراتى المبكرة تتعلق بموضوعات فى أسس الفيزياء ؛ حيث
كانت أطروحتى للدكتوراه بعنوان ( المكان : محاولة للاسهام قى نظرية العلم ) ٠ ربعض
الكتابات الأخرى المتعلقة بالمنطق الرمزى ١ مشدداً بصفة خاصة على تطبيقاته ) أما الشطر
الأكير من وقتى فى هذه الفترة المبكرة ؛ فقد خصصت لإنجاز كتابة مؤلقى ( البناء المنطلقى
والحقيقة أنه قد أثر بعمق فى شليك وويسمان ؛ أما فيما يتعلق بى ٠ ونيورات ؛ فقد كان
أقل . وقد سبق لى القول بأننى مدين أكثر بكثير لرسل منه إلى ذ
والواقع أن انضمام كارناب إلى حلقة فيينا . كان له أكبر الأثر فى نشر الا
الجديدة . إذ بجانب النشاطات التى اضطلع بها مع زملائه الآخرين - والتى سبق
من قبل كان له إنتاج ضخم يكاد يستوعب كل فروج " الممرفة العلمية * واستمر هذا ١
العلمى مستمراً حتى بعد انحسار نشاط الجماعة وانفراط عقدهم ٠ وتزوح كارتاب إلى الرلايات
المتحدة فى ديسمبر من العام ١0 . فقد قبل كارناب عرضاً تقدمت به جامعة شيكاغو لشفل
منصب استاذ الفلسفة فى عام 1477 ؛ وظل يقوم بالتدريس فيها حتى عام 887 . وقد
أصدر أثناء وجوده فى شيكاغو بالاشتراك مع أوت نيورات الذى استقر أخيراً فى أمريكا -
وتشارلز موريس المنطقى الأمريكى الشهير ( الموسوعة الدولية للعلم الواحد ) ١ ثم اتصرف
كارناب إلى دراسة علوم اللغة ؛ فكان له عدة مؤلفات هامة فى هذا الموضوع من أهمها " مقدمة
فى علم المعانى * الذى ظهر لأول مرة عام 1847 ؛ و ” الصياغة الصورية للمنطق ” عام
١8٠ ؛ و" المعنى والضرورة " عام ١467 . ثم تغير اهتمامه بعد ذلك تدريح. آ باه مشأكلات
الاحتمال والاستقراء . قأصدر مؤلفه الهام * الأسس ١ للاحتمال " يعارض فيه النظرية
التكرارية للاحتمال عند كل من ميزس وريشنباخ . ثم قبل كارناب كرسى الفلسقة بجامعة
كاليفورنيا عام 1802 ؛ الذى أصبح شاغراً بعد وفاة صديقه ريشنباخ ؛ وظل يقوم بالتدريم
فيها حتى اعتزاله عام 185١ ؛ ثم توفى عام 187١ .
وبعد عرضنا بشكل موجز لتاريخ الحركة عامة ؛ وحياة كارناب خاصة ؛ نعرض الآن أيضاً
وبشكل موجز ؛ لأهم أهداف الحركة وعقائدها الرئيسية عامة ؛ وإسهام كارناب الأعظم فى إرساء
هذه العقائد خاصة .
تعد الوضعية المنطقية نموذجاً متطوراً للمذهب التجريبى ؛ وقد اختار الوضعيون المناطقة
المصطلح * منطقى " لكى يوضحون أنهم معئيون أساساً بالتحليل المنطقى أكثر من إعلانهم عن
أطروحات تدور حول الحقيقة النهائية أو المطلقة . أو اعطاء اعتبارات سبكولوجية لأصول
أفكارنا وقوانين ترابطها ؛ وطبقا لكارناب فإن وظيفة التحليل المنطقى هى تحليل كل المعرفة +
وكل تأكيدات العلم والحياة اليومية . لكى توضح معنى كل تأكيد من هذ؛ التأكيدات والروابط
التقليدى . والمسألة الرئيسية عند التجريبية التقليدية هى التأكيد على أن كل القضايا الهامة إنما
النظرى . بيد أن هناك فئة من القضايا الصادقة ؛ ألا وهى قضايا المنطق والرياضيات ينظر إليه
التجريبى بوصفها جديرة بالاعتبار ؛ ولكنهم أخفقوا فى إخضاعها وبطريقة معقولة إلى معيارهم
الخاص بالوضوح النظرى . إذ أن نظرية مل التى تذهب إلى أن صدق المنطق والرياضيات إنما
يرتكز تماماً ويشكل غبر عادى على تعميمات استقرائية تأتى من التجربة الحسية ؛ لم تقنع معظم
والرياضبة . وكان المخرج من هذا المأزق الذى تعلق به الوضعيون المناطقة ؛ هو تبنى الأطروحة
ادها من المنطق ؛ وعزز من ذلك الموقف الإضافة التى أتى بها لودقيج
فى كناب الرسالة ؛ والقى تذهب إلى أن الحقائق المنطقية ؛ إنما هى مجرد تحصيلات
حاصل ؛ وكان ذلك لنجنب المشمون الواقعى للقضايا . والآن أصبح فى مقدور الوضعيين
تحصيلات الحاصل النى بعد فارغة من المضمون الواقعى ٠ وهى تلك القضايا التى تستنفد بل
والعى استنفدت الفعل حشائق الرباشيات والمنطق جميعاً .
أما العقيدة الخاصة التى تدين بها الوضعية المنطقية فهى معيار تحقق المعنى الواقعى -1/08151
108 لمناعه؟ "اه 11610 /ا؛ااطة1] وطبقاً لمعيار التحقق هذا ؛ لا يتحدد المعنى
الواقعى لعبارة ما إلا من خلال طريقة تحقق هذا المعنى . وبكلمات أخرى ؛ لكى نعرف ماذا
تعنى جملة واقعية ؛ علينا أن نعرف ما هى الواقعة التى تدعمها ؛ وما هى الواقعة التى تخفق
فى تدعيمها . بشرط ألا يسمح بادعاء واقعه لا يمكن ملاحظتها عن طريق الحواس ٠ ويمكن
للتحقق أن يتم بشكل مباشر ؛ وذلك فى حالة قولنا هذا المربع أزرق اللون ٠ أو بشكل غير
مباشر وذلك فى حالة قولنا * تتكون الغازات من تجمع الجزبيّات " بيد أن الفكرة المحورية فى
معيار التحقق لا تعتبر اختراعاً خالصا للوضعية المنطقية ٠ وإنما هى مفهوماً براجاتياً لمعنى
:ه8000 قال به الفيزيائى الأشهر أينشتين قبل أن تأخذ به الوضعية المنطقية . أما
المصطلح ذاته فهو من صياغة فيلسوف العلم بريدجمان 138108111001 وعلى الرغم من أن مفهوم
به فى الفيزياء إلا بعد أن أدخله أينشتين فى نسيج نظريته فى النسبية . ولقد فعل أينشتين هذا
عن طريق تعريفه لمفهوم التزامن ؛ ومن ثم نجد أن معيار الوضعى لمعنى " واقعى " قد ارتبط
وبيرس - استخدموا هذا المعيار كسلاح رئيسى ضد كافة المذاهب والأفكار المبتافيزقية .
فقد جعل الوضعيون المناطقة معيار التحقق جز*ا لا يتجزاً من نظرية المعنى عندهم . ونظرية
فرعية :
١ - الخلو من المعنى ( أى الكلام غير المفهوم كلية ) مثل الكلام الذى يتفوه به الطفل
متظاهراً بالحديث .
- أساليب الكلام التى تخل بقواعد السنتاكس 901110 ( أى قواعد بناء الجملة
الصحيحة ) مثل عبارة وردت فى كتاب الفيلسوف الوجودى ضيدجر " ما هى الميتافيزيتا * والثى
تقرر أن ” العدم يعدم نفسه " فهذه العبارة تخطىء مرتين . الأول هى أنها تستخدم فل
" يعدم ” وهو فارخ من المعنى ؛ والثانى أنها تتعامل مع الكلمة " عدم ” يوصفها اسما ؛ وهى
فى الحقيقة مشتقة من فعل ٠
٠ التعبيرات * الانفعالية " . ويدخل تحت المعنى ” الانفعالى " كل الجمل الميتافيزيقية
بالإضافة إلى الشعر والأخلاق المعيارية ؛ والدراسات الدينية +
أما الذى يتصف بالمعنى النظرى عندهم فهو ينقسم إلى قضايا تخضع إلى معيار التحقق من
جهة ؛ وتحصيلات الحاصل (١ أو نفيها ) من جهة أخرى . ولا يسمح بالصدق الضرورى فى
النسق الوضعى إلا لتحصيلات الحاصل . فقد جعل الوضعيون - وهم تابعون فى ذلك
لفتجنشتين الضرورة فى تحصيلات الحاصل تنتمى إلى البنية الضرورية التى تتجنبةالمضمون
الواقعى + مثل " اما قى أو لا ق " فهى ذات صدق ضرورى ؛ لأن هذه الواقعة يمكن البرهنة
عليها عن طريق الإحصاء الرياضى .
والحقيقة أن من أكثر أعمال كارناب أهمية وإثارة أثناء السنوات الأولى من تكوين الوضعية
المنطقية هو المحاولة التى اتطلع بها لتكوين تصور للفلسفة يتسق مم اعتقادات الوضعية
المنطقية . فقد انتهى فى كتاب ” الرسالة * إلى أن مهمة الفلسفة هى توضيح الأفكار
ومبادىء العلوم من دون أن يكون لها الحق فى بناء الأفكار والمبادىء العلمية . ومن ثم فقد
حصر فتجنشتين مهمة الفلسفة فى دا جداً ؛ واكتفى بتحديدها فى التوضيح والتحليل
من دون أن يكون لها واجب إضافة أية معرفة جديدة . فشرع كارناب فى بيان المهمة التى لا
تزال الفلسفة تضطلع بها ٠ مؤكداً على أن هذه المهمة ليست بالتأكيد الميتافيزيقا . ولا العلوم
الطبيعية ؛ ولا المنطق الرياضى . وإنما مهمة الفلسفة هى تحليل مختصر على غمط الذرية
اله ٠ ولكنه يختلف عنها فى نا. : الأولى هى أن الذريين يرون فى التحليل أن التزود
بلغة ” واضحة ” تكافىء قضايا اللغة العادية بشرط أن يكون معناها وصدقها خاضعين للفهم
من قبل الحس المشترك . وكان يعتقد أن المرادفات فى هذه اللغة " الموضحة ” أرفع منزلة +
لأنها تصور الوقائع بشكل أكثر ملاءمة . فإذا اختزلت إلى المسترى الذرى النهائى . لكانت
صوراً مثالية للوقائع . فى حين رأى كارناب ؛ ومعه بقية حلقة فيينا أن هذه الطريقة للوصف
وتبرير التحليل لا تنسق ووجهة نظر الوضعية المنطقية . إذ أن القضايا تتحدث عن علاقة اللغة
بالواقعة التى كان بعتقد أنها لا تخضع للاثبات أو التحقق . والثانية ٠ هى أن الذريين يرون أن
القضايا التى لا تنتسى إلى المنطق الصورى ؛ لا يكون لها معنى " معرفيا * ؛ فى حين يرى
فالقضايا الفلسفية تتحدث عن العلاقات المنطقية ( السيمانطيقية ) وخواص التعبيرات اللغوية .
ومن ثم تتماثل الفلسفة مع المنطى ( السيمانطيقا ) ؛ بحيث يتسع هذا المنطق , وبشكل مناسب
لتغطية سيمانطيقا لغة العلوم الراقعية . بالإضافة إلى سيمانطيقا الرياضيات . وبهذه الطريقة
يمكن للفلسفة أن تكون أكثر من مجرد منطق للرياضيات ؛ وهى فى نفس الوقت تظل الفلسفة
مغايرة تماماً للعلوم الواقعية ؛ لأن العلوم الواقعية إنما هى بحث فى الطبيعة ؛ بينما الفلسفة
بحث منطقى فى لغة العلوم الواقعية ٠
الوضعى أن الهيكل المنطقى للغة المثالية نظرياً ؛ هو ذلك الهيكل الذى أتى به كتاب رسل
ولقد صرح كارناب بأنه يمكن تحديد صورة هذه اللغة عن طريق نوعين من القواعد : يشتمل
النرع الأول على قواعد التكوين 10168 1011101100 ؛ أى قواعد لتكرين قضايا اللغة +
ويشتمل النوع الثانى على قواعد التحويل 110108 110118]01111011010 أى قواعد لاشتقاق
وعن طريق السيمانطيقا يمكن اخضاع قضايا الرياضيات البحتة أو العلوم الواقعية إلى
التحليل المنطقى ؛ ومن ثم يقال أن للفلسفة مهمة نظرية دون أن فاثل بينها وبين العلوم الواقعية
أ المنطق الرياضى . فهى لا تتماثل مع العلوم الواقعية كالفيزيقا مثلاً ؛ لأن الفيزياء فى
الأساس نظام يتحدث عن الطبيعة ؛ بينما تتحدث الفلسفة عن لغة الفيزياء . ولا تتماثل الفلسفة
أيضاً مع المنطق الرياضى ؛ لأن الفيزياء أغنى من الرياضيات البحتة
ولكن لأن تطور العلم قد أدى إلى زيادة كبيرة فى قضايا وقوانين العلوم الواقحية ؛ فقد
أصيح من مهمة التحليل المنطقى للمعرفة فهم الأسس والمبادى» التى تقوم عليها مفاهيم العلوم
الراقعية . لذلك نجد كارناب , وبعض أعضاء جماعة فيينا أمثال تيورات وشليك يقترحون
مفهوماً جديداً لتفسير المعرفة العلمية ألا وهو مفهرم القضايا أو الجسل البروتوكوليسة
وحيث أن اللغة والراقع مرتبطان ارتباطا وثيقا ؛ وأن العلاقة بينهما يشار إليها فى قضايا
فلسفية . فقد استخدم كارناب التمييز بين المادى الصورى فى اللغة البروتوكولية . ففى المظهر
المادى تشير القنايا الأبسط فى اللغة البروتوكولية إلى الخبرة أو الظواهر المعطاة بوصف
مباشر ؛ فهى الحالات الأيسط للمعرفة التى يمكننا أن نتلقاها . ويمكن لنفس الشىء أن يقال فى
مظهر صورى ٠ فتصبح القضايا الآبسط فى اللغة البروتوكولية ٠ قضايا ليست فى حاجة إلى
تبرير ٠ وإنما هى تستخدم بوصفها أساسا لجميع قضايا العلوم الأخرى 5
والمعتقد الآخر الذى التفت حوله الوضعية المنطقية هو وحدة العلم 5816:1086 أ براتوا ١
ولهذا المعتقد جانبان : الأول هو أن جميع العلوم التجريبية مثل الفيزيا ء والكيمياء والأحيا
البروتوكول الفيزيائية ؛ ولكنها لا تتماثل مع لغة الفيزياء الجارية . لأن الفيزياء يكن أن تتعدل
من برنامج وحدة العلم أن كل القوانين التى نجدها فى جميع العلوم التجريبية إنما يمكن اشتقاقها
كارناب بأن ننتظر حتى نرى كيف تتطور العلوم فى الواقع +
ومن أجل توشيح أطروحة المذهب الفيزيائى 810:0178117ا1ا”1 هذا ٠ والبرهان على أن هذا
الموقف يمكن تعقله مبدثيا ؛ يحاول كارتاب تطبيقه على علم النفس . فنراه يقترح طريقة لتحويل
قضية؛ سيكولوجية مثل ” بعانى جون ألما " إلى قضية تدور حول حالات يمكن ملاحظتها الجسم
جون ؛ ويتضشمن هذا الأصوات التى تتسدر عن جون . والحقيقة أن فكرة التحويل هذه تعد فكرة
* جسم جون فى الحالة س " يكفى أن يكون ثمة قانون فيزيانى يزثر على شخص ما فيجعله
يتألم ؛ إذا وفقط وإنما كان جسه فى الحالة س ” ومن وجوده فى الحالة س مع القانون ؛ ييكثنا
أن نستنبط كونه في حالة ألم ؛ ويهذا المعنى تتحول القضيتان " يعانى جون ألما " و * جون فى
الحالة س " كل منيما إلى الأخزى على الرغم من أنهما لا تتكافثان منطقياً ؛ ريستشهد كارناب
بمعيار تحقق المعنى المعرفى لإقناعنا بإمكانية هذا التحويل من حيث المبدأ لأنه إذا استحال
التحقق بشكل مباشر أو غير مباشر من قعنية سيكولوجية مثل " يعانى جون ألما * فلا يمكن أن