تمهيد #
وذ رسائل الدكتوراه والماجستير ؛ ولكني لا أعرف واحداً من هؤلاء عمل عملا
شاملافي فقه السلف ؛ غير استاذنا العلامة الفاضل السيد محمد المنتصر الكتاني عافاه
لله وام في حياته ؛ حيث أصدر معجم فقه السلف في تسعة أجزاء . كما أني لا أعلم
يرة ؛ وبقيت في ميدان فقه السلف وحدي فيما أعلم فقد جمعتُ فقه كل من له
فقه من فقهاء السلف رضوان الله عليهم وأخذت ادر فقه كل فقيه على حدة + مرتبً
هذا الفقه ترتيباً معجمياً - ومعرضاً عن الترتيب التقليدي - ليكون أقرب متناولاً ليد
الباحث .
ولما كان عمري لا يتسع لصياغة ما جمعته من فقه السلف » فإني سرت في
اتجاهين :
الأول : إعانة من يستعينني ممن يعدون دراسات في فقه السلف من طلاب العلم +
ومن الباحثين من أهل الفضل في أنحاء ديار الإسلام .
والثاني : تدريب بعض الأفاضل على البحث في فقه السلف بالطريقة التي انتهجتها في
تدوين هذا الفقه ؛ على أمل أن يتابع هؤلاء المتدربون الأفاضل مسيرتي
وقد درّبت الأخ الفاضل الدكتور كاسب بدران حفظه الله تعالى ورعاه ؛ وأنهى
دراسة قيّمة في فقه عطاء بن أبي رباح » وعرض فقهه عرضاً معجمياً جيداً على
طريقتي » وفرحت به ؛ ولكنه لم يلبث أن ترك فقه السلف ؛ وتوجه نحو فهرسة كتب
الفقه على الكمبيوتر » فخسرته ؛ ورجائي أن يعود » لأنه ذو نباهة وفطئة وفضل .
ثم دز صاحب الفضيلة الشيخ سعيد الدخيل وهو الذي أعدّ هذه الدراسة
طريقتي » وأرجو أن يتابع مسيرته بعد أن استمسك القلم بيده ؛ فهو من أهل العلم
والنباهة والفضل .
بمدى الجهد الذي بِذلّه ؛ ودقة فهمه ؛ وصدق محاكمته .
وقد بدأ الكتاب بالحديث عن أم المؤمنين عائشة ؛ حتى إذا ما انهى المعلومات
التاريخية عنها » شرع في دراسة تحليلية لشخصية هذه المرأة العظيمة رضوان الله عليها
7 السياسية والعلمية » ولم يغفل عن تقديم العناصر المكزنة لهذه الشخصية
ة . ثم أخذ في عرض فقه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مرتباً بحسب حروف
لب . وقد وجد باحثنا صعوبة كبيرة في وضع الرأي أو الفتوى المأثورة عن عائشة في
مكانها المناسب في بعض الأحيان ؛ لأن الرأي الواحد أو الفتوى الواحدة تبدو غامضة
أحياناً ؛ وغير محررة أحياناً أخرى ؛ ويمكن أن تخدم أكثر من موضوع في بعض
يضعها في مكانها المناسب ؛ وما علينا إّ أن نعذره إن خانه التوفيق في بعض هذه
الأمور » بخاصة أن كثرة الإحالات التي استخدمها تغطي هذه الناحية ؛ حيث يعشر
الباحث على إحالة إلى مكان وجود الحكم إن لم يجده في المكان الذي قصده فيه .
الباحثين ؛ والقاعدة عندنا أنه لا يقضى بمذهب على مذهب ؛ أعني لكل كاتب أسلوبه
واجتهاده والعرض » وكل موفق لما اقتنع به . فقد اختلف مع الباحث في كيفية ترتيب
المادة العلمية في مصطلح معين ؛ وقد أتفق معه ؛ ولكن اختلافي معه لا ب
وبعد أن أنهى الباحث عرضه لفقه السيدة عائشة رضي الله عنها أخذ في معالجة
من التابعين فمّن بعدهم من الأثمة الأعلام +
ثم عقد الباحث باباً قيّماً تحدث فيه عن فقه المرأة عند أم المؤمنين عائشة رضي
الله عنها .
ونحن نعلم أن المرأة هي أحسن من يفهم المرأة ؛ ويعرف ما يقسدها وما
يُصلحها ؛ وهي أكثر حفظاً لأحكام المرأة الصادرة عن المشرّع الحكيم » وأكثر فهماً
وتقواها ؛ بل وبخاصة إذا كانت هذه المرأة تعيش في بيت النبوة ومطلعة على خفايا
ودخائل وملابسات الأحكام ؛ ومشاهدة للتطبيق العملي الذي يمارسه النبي صلى الله
عليه وسلم لهذه الأحكام
ومن مطالعة هذا الباب نرى أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت مدرسة مستقلة
في فقه المرأة ؛ فنجد عندها من التيسير فيه ما لا نجده عند الفقهاء الرجال ؛ ونجد فيه
فهماً للعلل والمقاصد التي أرادها الشارع ما لا نجده في أذهان الرجال .
الاحترام
سعيد الدخيل يسشحق
وقد طلب مني حفظه الله على ضعفي وقلة علمي أن أراجعه له ؛ فراجعته +
ورجعتُ عن بعضها ؛ والعلم تحييه المذاكرة ؛ حتى استقام العمل علمياً - فيما
أعتقد ؛ فما كان من صواب فبتوفيق الله . وما كان من خطأ فذلك شأن العبد
والله سبحانه ول التوفيق .
د . محمد رواس قلعه جي
وأصلي وأسلم على رسول الهدى والرحمة نبيّنَا محمد وعلى آله وصحبه وسلم » وبع ٠
منزلة فقه السلف :
لقد أئز نزل الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم القرآن فكان هدى
ونوراً للإنسانية ؛ وآناه الحكمة فكانت مبينة للقرآن الكريم ؛ وجعل حوله أصحاباً
عنه مقاصد الشريعة وأهدافها + لما كانت لهم من الملازمة لرسول الله صلى الله
يفهمه المتأخرون » فكانوا هم حملة الدين إلى من بعدهم + وهم شارحوه لمن خفي
عليهم +
ومن هنا امتاز فهمهم على الأفهام , وعلمهم عن العلوم . لأنهم شربوا من
النبع الصافي قبل أن تكدره الدلاء » ووردوا المورد الأصيل فكان لهم صفاؤه قبل أن
تلوثه أيدي ضعاف العلم أو ضعاف الإيمان .
وكان أكثر هؤلاء الصحابة علماً أطولهم صحبة » وأكشرهم قرباً من
القدمة 6
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ ومن هنا كان الخلفاء الراشدون أعلم من
غيرهم ؛ لما لهم من قدم الإسلام وطول الصحبة » والقرب من رسول الله صلى
الله عليه وسلم - .
منزلة فقه أم المؤمنين عائشة :
وإذا ما تكلمنا عن طول الصحبة » وشدة القرب من رسول الله صلى الله
دسول الله ؛ فهي بنت أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه أقدم الرجال إسلاماً »
رضعت منه الإيمان مع لبن أمها » فكانت الفتاة المؤمنة المتفتحة الفكر على ما ينزل
من أحوالة ثما لا يراه غيرها » وتفهم عنه ؛ ما يطرق مسامعها من وحي سماوي أوسنّة
مطهرة .
.: ولذلك كان فهمها للدين فهماً متميّزاً لإتيانه على السّماع ؛ والقرب +
والاستتباط الفكري الواعي ؛ الذي ترعرع في بيت النبوّة ؛ وتحت كنف
توجّه الأنظار إلى فقه السلف :
لهذه الأسباب فقد توجهت الأنظار قديماً إلى فقه السلف » فلم يهمل ذكره
الفقهاء . ولكنه ما لبث أن خبا نوره بعد أن تمكنت العصبية المذهبية في النفوس في
عصور الانحطاط . ولكن ما أن استيقظت الأمة الإسلامية من نومها على صيحات
الإمام ابن تيمية ؛ وتلميذه ابن القيم - رحمهما الله المنادية بالعودة بالدين إلى
هدما للفقه الإسلامي » متمثلا بهدم المذاهب كما تصوره وحمل البعض الآخر
17 المقدمة
ثم كانت جهود الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالدعوة إلى
ما دعا إليه ابن تيمية من العودة إلى المنابع الأولى للإسلام , فكان فضله على هذه
الجزيرة عظيماً » بردّها إلى دين الله ؛ عزّ وجل بعد أن كادت تمرق منه مروق
السهم من الرمية .
وقد حمل لواء الدعوة إلى جمع فقه السلف وتدوينه في العصر الحديث
من المعاصرين كل من العلامة محمد المنتصر الكتاني » وتلميذه الدكتور محمد
صعوبة البحث :
والبحث في فقه السلف ليس كالبحث في فقه المذاهب » فالبحث في فقه
السلف لا يقدر عليه إَّ ذو صبر وجلد » بشهادة المختصّين في هذا العلم ؛ لأسباب
عديدة تذكر منها :
المسائل ليس بالأمر الهيّن .
- أنه لم يدلل عليه » لأن فقهاء السلف كانوا يفتون دون ذكر الدليل إل نادراً »
وهذا يربك الباحث في تحصيل مأخذ الحكم .
- أن مراجعه الأولى ليست فقهية ؛ وإنما هي حديثة ؛ وهي تفرض على الباحث
في كثير من الأحيان السير في منهج المحدثين في المعالجة ؛ وليس من السهل
على الباحث التحرر من منهج المحدثين ليقيم بحثه على مناهج الفقهاء .
م أن آرا فقهاء السلف منثورة في كتب الحديث والتفسير والفقه ولذلك فإن
الباحث لا بد له من تتبع هذه المراجع كلها » وهذا ما يأخذ منه وقتاً كبيراً في
الجمع والاستقصاء عدا عما يجده من التعارض بالروايات المنقولة عن
المقدمة 7"
الدخول في خضم ترجيح بعض الروايات على بعض » وهو ما يبعده عن
طريقة البحث :
فقد كان عليّ أن أجمع فقه م المؤمنين عائشة رضي الله عنها من المراجع
التي ذكرتها في ثبت المراجع » وإن استقراء هذه المراجع كلها . وسحب بطاقات
عنها ليس بالأمر السهل » ثم فرزت هذه البطاقات حسب موضوعاتها ؛ ثم رتبتها
بحسب ما اعتاده الفقهاء من الترتيب في موضوعاتها الفقهية
وبعد أن استقام لي ترتييها أخذت بصهر هذه البطاقات محاولاً بناء موضوع
فقهي متكامل منها
ولم يفتني أن أتلمس الدليل الذي أتصور أن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله
عنها استندت إليه فيما ذهبت إليه من اجتهاد في المسائل الفقهية المأثورة عنها
وإذا ما تعارضت روايتان عنها حاولت ترجيح إحدى الروايتين بوسائل الترجيح
المعروفة لدى العلماء » فإن لم أوفق في ترجيح إحدى الروايتين أثبت عنها روايتين
في المسألة الواحدة .
أقسام البحث :
وقد رأيت من المناسب أن أبدا فقه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
بمقدمة تتحدث عن العصر الذي عاشت فيه ؛ لما لهذا العصر من أثر على شخصية
7“ المقدمة
تنفيذاً لرغبة كثير من المؤتمرات الفقهية التي أفصحت عن رغبتها بوضع معجم للفقه
الإسلامي يسهل الرجوع إليه والاستفادة منه لغير المختصين به ٠
وبعد أن انتهيت من عرض فقه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كاملا -
وبعد عرض فقه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - ظهرت لي المصادر
إَّ انها واضحة لمن يستعرض تلك المسائل الفقهية + وكانت المصادر يتقدمها القرآن
الكريم ثم السنّة المطهرة ثم القياس والاستحسان والاستصحاب والعرف ؛ وسوف
يأتي الحديث عن تلك المصادر في بابها -
وقد لاحظت أثناء صياغتي لفقه أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها
كانت تتمتع بفهم خاص في فقه النساء ؛ ولذلك اخترت من فقه النساء بعض
المسائل » وخصصتها بالدراسة المقارنة لإبراز فهمها بين أفهام الصحابة في مسائل
النساء .
المصطلحات :
قد كان لي بعض المصطلحات في هذا البحث أذكرها تسهيلً لمن أراد
الاستفادة والاطلاع على هذا البحث وهي :
-١ إن الترتيب الذي التزمته هو التريب المعجمي مراعياً بذلك اللفظ الفقهي لا
اللفظ اللغوي ؛ فوضعت كلمة ( استحاضة ) مثلً في حرف « الألف » ولم
أضعها في حرف « الحاء » » كذلك كلمة ( استبراء ) لم أضعها في حرف
« الياء » وإنما في حرف « الألف » وهكذا ٠
المقدمة نل
في كل نهاية بحث ؛ وقسمت كل رقم من هذه الأرقام عندما يقتضي الأمر إلى
أحرف كبيرة متبوعة بخط هكذا ( ب - ) تنطفىء في نهاية كل رقم ؛ وقسمت
كل حرف من هذه الحروف عندما يقتضي الأمر إلى أرقام متسلسلة هكذا
١( . )؛ وقسمت كل رقم من هذه |
والغاية من هذا التقسيم دقة ضبط التعريفات الفقهية من جهة ودقة العزوفي
الإحالات من جهة ثانية .
ارقام عندما يقتضي الأمر إلى أحرف
الصلاة من حرف « الصاد » ؛ ثم تتبع أرقامه الكبيرة حتى تعثر على الرقم (©)
ثم تتبع فقرات الرقم المتبوع بخط حتى تعثر على الحرف الكبير المتبوع بخط
(أ-) » ثم تتبع فقرات الحرف ( ) حتى تعثر على الرقم المتبوع بنقطة ؛ ثم
تتبع الرقم المتبوع بنقطة حتى تجد الحرف المتبوع بنقطة ثم تجد المطلوب +
حرف « الصاد » ثم تتبع الطريقة السابقة في البحث عن المطلوب .
و أكتفي بموضوع الشاهد من الآية ثم أقول بعد نهاية الشاهد منها « الآية - 34 -
النساء » مث ؛ فإن هذا يدل على أن الآية غير كاملة .
أنه سيأتي في بحث
5 أقتصر أحياناً على موضع الشاهد من الحديث أو الأثر » وأتبع نهايته بنقط تدل
أن هناك بقية للحديث أو الأثر » هكذا ( ...)2
لا لم أترجم للشخصية عند أول ذكر لها وإنما أفرق التراجم حتى تتسع لها
الحواشي ويكون فيه تناسب بينها .
8- الآيات تكون بين قوسين مزهرين هكذا ف > ؛ أما الأحاديث