الأحاديث التي وهم فيها الشيخ الألباني شارح
العقيدة الطحاوية. وردود الشيخ الأنصاري» وبيان
لقد أخذ فضيلة الشيخ إسماعيل الأنصاري على أستاذنا فضيلة الشيخ
ناصر الدين الألباني عدة ماخذ» رأى فيها الأنصاري أن الشيخ ناصراً أخطأً
فيهاء وذلك فيا يتعلق بالأحاديث» وتخريج الشيخ ناصر ها.
وأنا هنا أورد هذه الأحاديث التي انتقدها الشيخ الأنصاري» ثم أتبعها
بكلام الشيخ ناصر الدين الألباني» ثم أتبع ذلك بانتقاد الأنصاري. كل
ذلك ليقف القارىء على البحث بأكمله دون تحريف لكلام أحد.
ثم أعقّب بعد ذلك على كلام الشيخ الأنصاري» مين مدى صحته
وموافقته للصواب؛ دون تحيز للشيخ ناصر الألباني حفظه الله - ولكن
سأكون بإذن الله تعالى مع الحق أينها كان . متبعًا في نقدي الطريق العلمي »
حفظه الله تعالى - بل إحقاقًا للحق. وإبطالا للباطل» وإن أصاب الشيخ
الأنصاري في مسألة فلن أخفيهاء بل سأنشرها .
وليعلم القارىء أنني لا أتبنى يقفا مسبقاً + فلست والله أعرف الشيخ
رضيت ما قاله الأنصاري من فحش القول كما سبق وفهم ذلك بعض
كلا. فلست والله - أقبل فحش الكلام من أي شخص كائنا من
الخلق .
)١( انظر «ناسخ الحديث ومنسوخه» ص 444
الحديث الأول
قال صلى الله عليه وسلم : «مثليٍ ومثل الأنبياء. كمثل قصر أحسن
بنيانه؛ وترك منه موضع لبنة» فطاف به النظار يتعجبون من حسن بنائه؛ إلا
قال الشارح رحمه الله: أخرجاه في «الصحيحين».
قال الشيخ ناصر: «صحيح » غير أن عزوه بهذا اللفظ «للصحيحين»
وهم وإنما هو عند ابن عساكر في «تاريخ دمشق» من حديث أب هريرة كما
و/11©) ورواه أيضًا (©4/0) عن أبي سعيد الخدري؟.١. ه.
وقال الشيخ الأنصاري في نقده ما يلي:
أما حديث: «مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر. . .0 فالجواب عا أورده
)١( وفي طبعة مؤسسة الرسالة (156/1) التي علق عليها شعيب الأرنؤوط قال: «هذا
اللفظ الذي أورده الشارح ليس في «الصحيحين» ولا في أحدهماء وإنما هو في «تاريخغ
دمشق» لابن عساكر من حديث أبي هريرة كما في «الجامع الكبير» للسيوطي ثم ساق
الحديث من رواية أبي هريرة المتفق عليه وأورد لفظه . .
الوجه؛ لكان لذلك الإيراد وجه بعد التأكد من التفاوت بين لفظ الحديث
في الصحيحين)؛ وهذه اللفظة قد يراد بها أصل الحديث مع احتمال تفاوت
بعد أن ذكر أن الكتب المستخرجة على كتاب البخاري أو كتاب مسلم لم
يلتزم مصنفوها فيها موافقتهما في اللفظ من غير زيادة ولا نقصان قال بعد
أن ذكر ذلك : وهكذا ما أخرجه المصنفون في تنصانيفهم المستقلة كالسنن
أو مسلم؛ فلا يستفاد من ذلك أكثر من أن البخاري أو مسلا أخرجا أصل
ذلك الحديث مع احتمال أن يكون بينبيا تفاوت في اللفظ» وربما يكون في
قال: وإذا كان الأمر كذلك فليس لك أن تنقل حديثا منها وتقول: هو
على هذا الوجه في كتاب البخاري أو في كتاب مسلم إلا أن تقابل لفظه؛ أو
وقال ابن السبكي في «طبقات الشافعية» في كلامه على حديث الإسلام
من طريق معتمر بن سلييان» عن أبيه؛ عن يحى بن يعمر وفيه في الإسلام :
بل قال أبو الحسن الدارقطني : هذا إسناد ثابت صحيح أخرجه مسلم
بهذا الإسناد . قلت القائل ابن السبكي :- ومراده أن مسلما أخرج أصل
أن المحدث لا يعظم الخطب عنده في الاختلاف على هذا الوجه؛ وإن كان
ربا ره علة. ولكن العلة هنا منتفية لأن الحديث باتفاق جهابذة الفحول
وقال الحافظ شمس الدين محمد بن عبدالرحمن السخاوي في: «فتح
المغيث شرح ألفية العراقي في مصطلح الحديث».؛ بعد أن ذكر صنيع
أصحاب المستخرجات. قال: إن أصحاب المستخرجات غير منفردين
يوردون الحديث بأسانيدهم ثم يصرحون بعد انتهاء سياقه غالباً بعزوه إلى
البخاري أو ملم أو إليهماء مع اختلاف الألفاظ وغيرهاء يريدون أصله.
وقال الشيخ عبد الهادي نجا الأبياري في : «نيل الأماني على مقدمة شرح
إذا قالوا فيه: أخرجه البخاري أو مسلم فلا يعنون بذلك أكثر من أن
البخاري أو مسلما أخرج أصل ذلك الحديث. قال: فعلى هذا ليس لك أن
تنقل حديثا منها وتقول: هوعلى هذا الوجه من كتاب البخاري أومسلم إلا
الصغير عن الشيخين أو أحدهما فتفطن». اه .
وكلام أهل العلم في ذلك كثير.
تخريج أحاديث الهداية» عن تقي الدين بن دقيق العيد. وهو أن التزام
اللفظ في الحديث المعزو لا يجب إلا على من يقصد الاحتجاج بلفظة معينة
وإنما رواه مسلم بلفظ : «إذا دبغ الإهاب فقد طَهْر».
واعتذر عنه الشيخ تقي الدين في كتاب «الإمام» فقال : والبيهقي وقع
وذلك عندنا معيب جداً إذا قصد الاحتجاج بلفظة معينة لأن فيها إيهام أن
اللفظ المذكور أخرجه مسلم؛ مع إن المحدثين أعذر في هذا من الفقهاء»
لان مقصود المحدثين الإسناد ومعرفة المخرج. وعلى هذا الأسلوب ألفوا كتب
باختلاف اللفظ فلا ينبغي له أن يحتج
وتطبيقاً مده القاعدة التي ذكرها ابن دقيق العيد قال الزيلعي في كلامه
مسلم؛ مع أن لفظ مسلم «أبدا» بصيغة المضارع قال: إن بعض الفقهاء
عزا لفظ الأمر لمسلم وهو وهم منه. وقد يجتمل هذا من المحدث. لأن
المحدث إنما ينظر في الإسناد وما يتعلى به؛ ولا يحتمل ذلك من الفقيه لأن
وظيفته استنباط الأحكام من الألفاظ» فالمحدث إذا قال: (أخرجه فلان)
فإنه يريد أصل الحديث لا بتلك الألفاظ بعينهاء ولذلك اقتصر أصحاب
الأطراف على ذكر طرف الحديث. فعلى الفقيه إذا أراد أن يحتج بحديث على
حكم أن تكون تلك اللفظة التي تعطيه موجودة فيه . | ه. كلام الزيلعي .
فباعتبار الألباني نفسه محدثا لا فقيها ينبغي له الانتباه إلى هذه القاعدة .
«مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر. . » بنفس ذلك
اللفظ الذي أورده به شارح العقيدة الطحاوية وعزاه إلى الصحيحين أورده
الإمام الحسين بن مسعود البغوي في (باب فضائل سيد المرسلين صلوات
عنده: «لا يعيبون سواهاه» ونصه: قال عليه السلام : «مثلي ومثل الأنبياء
كمثل قصر أحسن بنيانه؛ ترك منه موضع لبنة» فطاف به النظار يتعجبون
(من الصحاح) الذي صرح في مقدمة ذلك الكتاب «مصابيح السنة» بإنه
إنما يعبر به عما أخرجه الشيخان أبو عبدالله محمد بن إسماعيل الجعفي
البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري رحمهما الله
في جامعيهما أو أحدهما. وقد فسر ولي الدين محمد بن عبدالله الخطيب
العمري | في «مشكاة المصابيح» مراد البغوي بكون هذا الحديث في
الصحاح بلفظ : (متفق عليه) وأقره العلامة على القاري في «مرفاة المفاتيح
شرح مشكاة المصابيح» على ذلك» ول يتعقب ذلك الألباني في تعليقه على
طبعة المشكاة التي أشرف عليها حينما مر على ذلك الحديث.
انتهى كلام الأنصاري .
وجوابي حول ما سبق يتلخص فيا بأتي :-
أولا: تسليم الشيخ الأنصاري بأن الحديث بهذا اللفظ ليس في
أقول: ولا أدري ما قيمة هذا القيد العجيب الذي أتى به الشيخ
الأنصاري مع اعترافه أن الحديث ليس في «الصحيحين» أفليس الأولى أن
ثانياً: اعتذاره عن صنيع الشارح بها صنع أصحاب المستخرجات
فقال: «وهذه اللفظة - أي : أخرجاه في الصحيحين قد يراد بها أصل
الحديث؛ مع احتمال تفاوت في اللفظ وعدمه كما نبه عليه كثير من أهل
كلام أهل العلم السابق في بيان طريقة أصحاب المستخرجات.
ولست هنا في حاجة لأن أزيد على ما نقل الشيخ + ولكن من كلامه
١ هل ابن أبي العز كأصحاب المستخرجات؟ له إسناد خاص به
الحديث من مستخرج ابن أبي العزء والذي هو «الشرح» ثم نقول: أخرجاه
ِ قد أجاب عن ذلك الشيخ الأنصاري فيا نقله؛ ولكن لم ينتبه
لذلك. فقد نقل قول ابن الصلاح:
«ليس لك أن تنقل حديثا منها: وتقول: هو على هذا الوجه في كتاب
قلت: ومفهوم هذا الكلام أنه حتى مع أصحاب الكتب المسندة التي
شرح السنة للبغوي لا يجوز أن ينقل أحد منها الحديث ويقول رواه البخاري
لان أصحاب هذه الكتب لم يلتزموا ألفاظ «الصحيحين» وإنما روا ما
فإذا كان الشيخ الأنصاري نقل هذا الكلام فلا أدري ما وجه اعتراضه
على صنيع الشيخ ناصر. وهو يعرف أن صاحب الشرح ليس من أصحاب
«الصحيحين» إلا بعد أن يقابل لفظه. ويظهر له تطابق لفظه مع لفظ