وكان السلف والأئمة؛ يعلمون أن مرض التعطيل أعظم
من مرض/ التشبيه؛ كما يقال: المعطل أعمى» والمشبه أعشى؛
والمعطل يعبد عدماً ؛ والمشبه يعبد صنماً .
فكان كلامهم وذمهم للجهمية المعطلة أعظم من كلامهم
وذمهم للمشبهة الممثلة؛ مع ذمهم لكلا الطائفتين. وحصل بعد
ذلك من الأهواء والظنون ما اقتضى أن اعترض قوم على خفي
وأوصل إليّ بعض الناس مصنفاً لأفضل القضاة المعارضين؛
)١( هو نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث بن همام بن سلمة بن مالك
الخزاعي» أبوعبدالله المروزي؛ صدوق يخطئ كثيراً؛ فقيه عارف بالفرائض
انظر سير أعلام النبلاء ج١٠/940؛ والتقريب ج305/7»؛ والتهذيب
() أخرجه أبو القاسم اللالكاثئي في شرح أصول اعتقاد أهل السئة والجماعة
اج9/ 097 أخرجه بسنده عن تعيم بن حمادء قال : من شبه الله بشيء من
به نفسه ورسوله تشبيه
وأخرجه الذهبي في مختصر العلو ص84 بسنده عن نعيم بن حماد قال: من شبه الله
رسوله تشبيهاً. وحكم الذهبي على إسناده بأنه صحيح عن ثعيم بن حماد. وقال
الألباني فيه : وهذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات معروفون
استقلال شيوخ الفلاسفة *" والمتكلمين» فالاكتفاء بجوابهم
لايحصل ما فيه المقصود للطالبين» وآثار الكلام فيها الشبه
ماشاء الله من الفضلاء؛ أولي الألباب في هذا البابء وحصل
من الاشتباه والالتباس» ما أوجب حيرة أكثر الناس؛ واستشعر
المعارضون لناء أنهم عاجزون عن المناظرة» التي تكون بين أهل
العلم والإيمان» فعدلوا إلى طريق أهل الجهل والظلم والبهتان»
وبعض النسخ منه في أقل» وهو كتاب عزيز الفوائد سهل التناول».
قال شيخي الدكتور محمد رشاد سالم - رحمه الله تعالى - عن هذا الكتاب
كتاب الاستقامة لابن
ية ج174/1: «من كتب الأصول الهامة
تيمية؛ وهو كتاب مفقودء ذكره ابن “عبدالهادي في المقود
(؟) هم أرسطو وأتباعه من حكماء الروم واليونان.
انظر الملل والنحل للشهرستاني ج31/7 وجامع الرسائل لابن تيمية
مكانة الرازي
اوكنايه الأسيس
وإنما يعتمدون على ما يجدونه في كتب المتجهمة"؟
المتكلمين. وأجل من يعتمدون كلامه هو أبو عبدالله محمد بن
بالكلام على ما ذكره أبو عبدالله الرازي في كتابه الملقب
«بتأسيس التقديس» ليتبين الفرق بين البيان والتلبيس» ويحصل
بذلك تخليص التلبيس» ويعرف فصل الخطاب فيما في هذا
البابء من أصول الكلام» التي كثر بسببها بين الأمة النزاع
والقول على الله بغير علم الخطأ من الصوابء بل في أنواع
)١( هم أهل التجهم وهم أهل الكلام؛ وسموا متجهمة نسبة إلى رئيسهم الجهم بن
صفوان وانظر ما سبق من الكلام على الجهمية ص*
(؟) هو أبو عبدالله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين؛ التيمي البكري؛ فخر
الدين الرازي» ويعرف بابن الخطيب» أو بابن خطيب الري؛ ولد بالري سنة
7ه وقيل سنة 044ه» وتوفي بهراة سنة703ه. من أئمة الأشاعرة الذين
مزجوا المذهب الأشعري بالفلسفة والاعتزال» وله مصنفات كثيرة منهاه أساس
التقديس» في التوحيدء وهو الذي نقضه شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا
الكتاب+ وقد طيع «أساس التقديس» مراراً آخرها طبعة مكتبة الكليات الأزهرية
بالقاهرة سنة 83 14ه - 1483م بتحقيق أحمد حجازي السقاء
انظر ترجمته في :طبقات الشافعية ج7/ 173 - 2174 وفي لسان الميزات
اج171/4 - 174. والأعلام ج718/1. وجامع الرسائل لابن تيمية ص
النصوص]!"' “من البراهين العقلية المعارضة.
من)"“مذاهب أهل النفي والتعطيل» وما السبب الذي ضلوا به
المخالف من أهل الجهل والانحراف.
قال تعالى : ادغ ! سيِلٍ ري
الال ٠ 8" وقال تعالى ا
قصد من غير الح المبين» لكن كثرث في هذا الباب الشبه
)١( زيادة؛ وهي بياض في (ج) بمقدار كلمتين
وقع التلبيس» وقد ذكر أبو عبدالله مذاهب » ومعناه غير مستقيم؛ ورجحت أن
الصواب ما أثبته .
من محض العلم والإيمانء بل لايشك [ون]!'" في أنه مقتضى
صريح العقل والعيان» [ولا]'"يظنون أنه مخالف لقواطع
لأنكم من أهل الجهل بحقائق الدين» ولهذا كان السلف والأئمة
يكفرون الجهمية في الإطلاق والتعميم» وأما المعين منهم فقد
يدعون له ويستغفرون له لكونه غير عالم بالصراط المستقيم
وقد يكون العلم والإيمان ظاهراً لقوم دون آخرين”*"؛ وفي بعض
الأمكنة والأزمنة دون بعض بحسب ظهور دين المرسلين» فلهذا
ذكرت ما ذكره «أبو عبدالله محمد بن عمر الرازي» المعروف بابن
خطيب الري*» الإمام المطلق في اصطلاح المقتدين به من أهل
الأنام» القائم عندهم بتجديد الإسلام؛ حتى قد يجعلونه في زمنه
ثانيّ الصديق في هذا المقام؛ لما ردّه في ظنهم من أقاويل
)١( زيادة
(5) الرّيْ: بفتح أوله وتشديد ثانيه؛. وهي مدينة مشهورة من أمهات البلاد وأعلام
انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي ج4/ 358 - 377؛ الطبعة الأولى سنة
4 ها بمطيعة السعادة بمصر.
الفلاسفة بالحجج العظام؛ والمعتزلة!''ونحوهم؛ ويقولون: إن
ذلك من نهاية العقول والمطالب العالية» بما يعجز عنه غيره من
ذوي الإقدام؛ حتى كان فهم ما يقوله عندهم هو غاية المرام؛
التشكيك في الحقائق» وكثرة التناقض في الآراء والطرائق» وأنه
موقع لأصحابه في الحيرة والاضطراب» غير موصل إلى تحقيق
)١( المعنزلة: هم أصحاب واصل بن عطاء؛ويسمون أصحاب العدل والتوحيد»؛
ويلقبون بالقدرية؛ ويقولون بخلق القرآن وث
بين المنزلتين لا هو مؤمن ولا هو كافر وهم فرقا-
انظر الملل والنحل للشهرستاني: ج1/ 43 . والفرق بين الفرق للبغدادي 47
(7) هو محمد بن محمد بن محمد؛ الطوسي الغزالي؛ أبو حامد؛ الملقب بحجة
الإسلام من أئمة الصوفية؛ ولد بطوس سنة 460 ه وكانت وفاته بها سئة
انظر طبقات الشافعية ج؟/١١1 - 1١7 . وفيات الأعيان ج7176/4. والأعلام
ج// 17. وجلاء العينين في محاكمة الأحمدين ص 118
(©) هو عبدالملك بن عبدالله بن يوسف بن محمد الجويني» أبو المعاليء الملقب
بإمام الحرمين؛ ولد بنيسابور سئة 414ه + وتوفي بها سئة 4/ا5ه وهو من
كبار الأشاعرة؛ له مصنفات كثيرة.
انظر طبقات الشافعية ج147//1 - 148. وشذرات الذهب ج 388/9 - 713
والأعلام ج4/ 136
وكان له من العظمة والمهابة في قلوب الموافقين له والمخالفين
ما قد سارت به الركبان» لما له من القدرة على تركيب الاحتجاج
والاعتراض في الخطاب» وها نحن نذكر ما ذكره «أبوعبدالله
الباب الحجج التي للجهمية من السمعيات والعقليات» وبالغ
فيها بأعظم المبالغات» إذ صنف الكتاب مفردا في ذلك» مجردا
بما ذكره من أباطيل التأويلات» وذكر فيه ما ذكره من حجج
وعن رسوله َي وتسمى النقلية والسمعية؛ وهذه الصفات تنقسم إلى قسمين:
أ- الصفات الذاتية :هي الملازمة لذاته تعالى ولاتتفك عنه بحال ولا يوصف
بضدها كالوجه واليدين» والعين والحياة والقدم والساق وغير ذلك
كالنزول والاستواء والمجيء وغيرها وتسمى الصفات الاختيارية قال تعالى
وَرَيْكٌ بابسا يكار [القصص :18]
انظر في هذاادرء تعارض العقل والنقل» ج١/ ١77 - ١١ ج1/ هت فل
ومجموع الفتاوى لابن تيمية ج717/1» والصواعق المرسلة على الجهمية
والمعطلة لابن القيم ج8871/3» وكتاب التعريفات للجرجاني ص 138+
ودعوة التوحيد للدكتور محمد خليل هراس ص 13؛ والكواشف الجلية عن
معاني الواسطية ص14 والصفات الإلهية في الكتاب والسنة للدكتور محمد
مخالفيه؛ وأجاب عنها بما أمكنه من الجوابات فكان [عمدتهم في
هذا الباب]!"“فإذا عرف نهاية ماعند القوم”"من الدلائل
والمقالات» كانت معرفة ذلك من أعظم نعم الله على من هذاه
جاء به القرآن والبرهان» ويتمكن من ذلك من نصر الله ورسوله
ونحن ننبه عندما يذكره من أصول الكلام؛ على توصله إلى معرفة
وعادة أمثاله من المتفلسفة والمتكلمين في تصنيف الكتب لعظماء
الدنيا من الملوك والوزراء» والقضاة والأمراء» وذويهم ليُتقُقُوا بجاه
أوقصدوا به العلو في الأرض أو الفسادء وكان ملك الشام ومصر
)١( زيادة؛ وهي بياض في (ج) بمقدار كلمتين
(7) أي نفاة العلو والصفات.
© هو محمد بن أيوب بن شادي» أبوبكر سيف الدين» الملقب بالملك العادل أخو
السلطان صلاح الدين؛ وقد كان الملك العادل من خيار الملوك وأجودهم سيرة+؛
دا عاقلا صبوراً وقوراً» أبطل المحرمات والخمور والمعازف من مملكته كلهاء
وقد كانت ممتدة من أقصى بلاد مصر واليمن والشام والجزيرة إلى همدان كلهاء
كان له من الأولاد جماعة منهم: موسى الأشرف. ولد الملك العادل بدمشق سئة
6ه وتوفي بها سنة 116ه وهو يجهز العساكر لقتال الإفرئج
انظر البداية والنهاية لابن كثير ج17/ ١ 43 - ١ والأعلام ج7/ 47
وتعظيمه لأهل الإثبات؛ والله أعلم بحقيقة ما له في الدقائق
/ المشكلات» والمعروف عنه وعن أهل بيته من تعظيم الحديث
وأهله» والقيام بإحياء ذلك ينافي الطريقة التي نصرها الرازي في
يميل إلى النفيء وكان للرازي من الشهرة ما أوجب استعانة
النفاة به» والله أعلم [ب]"" أمشال هذه الأحوال» وقد ذكر
يخطب بمثلها أحمد بن أبي دؤاد”"» على طريقة بشر
)١( هو موسى الأشرف بن محمد العادل أبي بكر بن أيوبء مظفر الدين» أبو
وسياسته؛ وكان من أعف الناس وأحسنهم سيرة وسريرة؛ وكان له ميل إلى
لايشتغل أحد من الفقهاء بشيء من العلوم سوى التفسير والحديث والفقه ومن
اشتغل بالمنطق وعلوم الأوائل نفي من البلد؛ ومن آثاره دار الحديث الأشرفية
بسفح قاسيون.
انظر البداية والنهاية لابن كثير ج187//17 - 194 + والأعلام 77//9 -
() زيادة
© أحمد بن أبي دُؤَاد القاضي جهمي بغيض»؛ أحد القضاة المشهورين من -<