بسم الله الرحمن الرحيم
امد لولي كل نعمة .. اللهم لك الجد كالذي تقول وخياً مما
وإليك النشور . وأصلي وأسلم على نبيك حمد الذي أرسلته رحمة
عني راض » يارب العالين .
يتطلعون من جديد إلى الإسلام ؛ ويصغون بجدّ إلى أولشك الذين بوسعهم أن
والإسلامية » أو كانوا من الأجانب الذين لم تكن لهم علاقة بالإسلام من قبل ٠
ولست أعلم شيئاً عن مدى النجاح الذي حالفني في القدرة على اختيار
صياغة أو أسلوب يتناسب مع حاجاتم الفكرية ويجيب على تساولاتم أو
الحال أن تعالج قبل غيرها . فاني لأعتقد أنه طريق مستوعر إذا أريدت فيه
الدقة وابتغى السالك فيه بلوغ المأمول .. ولكن الذي أعامه أن هذا الفريق من
الناس » ربما كانوا بأمس الحاجة اليوم إلى أن نحاورم عن حقيقة الإسلام ونصور
الأولى من هذا الكتاب » راجياً من الله التوفيق +
قد يتصور بعض القراء ؛ أن هذا الاتجاه الذي اقتنعت به » دليل تشاو م من
واقع امسامين ويأس من صلاح حالهم ؛ وتجاهل للصحوة الإسلامية التي تنتشر في
سائر الآفاق والبلاد الإسلامية اليوم +
دولاب
لهم » ومهها دارت عليهم رحى المصائب والحن » فيلت الأمل بفضل الله أعظم من
كل تلك المصائب والعثرات . أليس هو القائل في محم كتابه : 3 إنه لا يناس مِنْ
ولكنا لانحصر الأمل بالحير في جهة بعينها ؛ ولاندري شيئاً عن سياسة
بم » وأن يظهر الخيرلهم من أرضهم » وأن تكون تباشير صحوتم بايقاظ ذاتي يتم
فيابينهم .
قد يتدارك الله هذه الأمة بإصلاح حالها , وإيقاظ ضيرها » وإعادتها إلى
رشد الاعتزاز بدينها ؛ ولكن ؛ لأمرمّا ؛ تقتضي حكته أن يكون المنبه إلى ذلك
والدافع إليه » يقظة الغرب من رقدة ضلاله , وصحوته الفكرية والنفسية إلى
تمائق الإسلام التي تخرّلها اليوم خاشعة جبهة المنطق والعام -
وإذا كان هذا هو سبيل رحمة الله بهذه الأمة » فإنه لسبيل أوسع فضلاً
الصادق المنير .
المسامين أقرب إلى الهدف المطلوب ؛ منه مع هؤلاء الناس ؟
٠ رواء الترمذي والدارقطني عن أنس مرفوعاً ١
والجواب : أن مقياس هذا الأمر هو الشعور الداخلي المهين على النفس »
وليس الواقع المادي المشاهد أمام العين . إن التائه عن الطريق ؛ الشارد عه في
الصحارى المهلكة » إذا شعر بأن من حوله - في مكان ما طريقاً آمناً يوصله إلى
غايته وأنه تائه ضائع عنه فإنه يخضع حتى لتذكرة طفل صغير » ويتعلق شاكراً
النهج السلم ؛ انحرف عنه إلى بستان ذي مناظر جميلة في العين آسرة للنفس +
استجابة لهوى وتحقيقاً لشهوة » ثم جنّ عليه الليل وهو تمل بلهوه غافل عماهو
بصدده ؛ لايصحو إلى تنبيه منبه ولايصغي إلى نصيحة ناصح ؛ إذ هوابن
الطريق ومن أهل المكان ؛ فليس بحاجة إلى من يرشده ويهديه . ثم إنه لم يصح
وهكذا ذهب ضحية رعونته واستكباره .
الطريق ؛ فلم يعودوا بحاجة إلى تذكرة مذكر ونصيحة ناصح ؛ وعلى واقع كثير
خارجها .. أولشك يحجبون عن الحق بعتوهم واستكبارم , وهؤلاء يصلون إليه
بتحرقهم على معرفة الحق وصدقهم في البحث عنه ٠
وهذا المقياس جزء من المعنى الواسع الكبير لقول ابن عطاء الله المسكندري
إن الصحوة الإسلامية التي تطوف اليوم برؤوس الشباب المسام في مختلف
البلاد العربية والإسلامية ؛لايحدق بها أي خطر من خارج المحيط الإسلامي »
كالخطر الذي يحدق بها من المسامين أنفسهم .. أعني بهم أولشك الذين يتقدون
ركوب الموجة ؛ أياً كانت وإلى أي جهة سارت ؛ ليظلوا دائماً في مستوى الإرشاد
والتوجيه » انظر إليهم كيف يحاولون أن يجعلوا من السبيل الإسلامي الواحد
طرائق شتى » وكيف ينبشون المشكلات الوهمية من قاع الأخيلة الفارغة »
ويتساءلون عن الحلول الإسلامية لمعضلات لم تقع » كل ذلك من أجل أن تتبدد
الرؤية الصافية أمام أبصار الجيل الجديد الذي استيقظ » ومن أجل أن تحب
غاشية من ضباب الاضطراب والهرج والخلاف ؛ على الصراط الإسلامي العريض
الذي أخذ يتجه إليه السواد الأكبر من هذا الجيل ؛ فتضيع عليهم معالمه
وإن هذه الجاهير المتكاثرة التي تقبل على الإسلام من خارج حدودة ؛
لا بثور الحنق عليها في صدور أعدائه التقليديين , ا يثور في صدور كثير من
بالجدل الباطل إن واتتهم الظروف وإلا فبالصت الآلم الذي هو أضعف
« الإيمان »
في ملتقى الفكر الإسلامي الذي عقد في الجزائر عام 1478 م ؛ ألقى
الدكتور موريس بوكاي العالم والطبيب الفرني ؛ محاضرة قية عن الإعجارز
العامي في القرآن , وقد كان فرغ آنذاك للتوّ من تأليف كتابه : ( دراسة الكتب
أوربا . وقد كان في قاعة المؤتقر أجانب ومستشرقون كثيرون + لم أذكر أن واحداً
منهم قام فعارض أو
غير أن العاصفة الكبرى من المجوم المقذع عليه إنما أقبلت إليه + من المسامين
التقليديين الذين كانوا في القاعة ؛ فقد اخذوا يتجاذبون منبر الخطابة فيا بينهم +
دراسته له ودفاعه عنه ؛ فا عليه الا أن بعود فيتفرغ لطبه وإدارة متشفاه .
عال
وليتهم خطؤوه في مسألة أو نبهوه إلى ضلاله .. إنما هو الغيظ من أن يلقى
الإسلام هذا التأييذ على لسان عالم فرنسي مشهود له بالعلم والموضوعية ! .. كل
هذا وزمرة العلماء الأجانب والمستشرقين ينظرون ( ولا أدري إذا كانوا
يستعون ) ويتأملون في هذا المشهدا" .
عن دخول المفكر اليساري الفرنسي ( روجيه غارودي ) في الإسلام , فأشاح
أمامي لفعل ٠
وتصغي إلى حديث هؤلاء المسامين الأجانب عن الإسلام وعن سعادتم
بالانقاء إليه » فترائم يتبرّمون بأوضار الحضارة الغربية وبلائها » ويعاتقون في
بلادهم غربة السلوك الإسلامي في نشوة بالغة ! .. ثم تصغي إلى حديث المسامين
التقليديين » أولفك الذين ن بتراث الآباء والأجداد ؛ فترام يتبزّمون
بالغربة التي يفرضها غليهم انتاؤم الإسلامي » وينتظرون بفارغ الصبرذلك
الإسلام مع الحضارة الغربية في شخصية واحدة متآلفة .
يعرّفهم على حقيقة الإسلام + وقد سمعوا الأقوال المتضاربة عنه ؛ ورأوا من حال
أهله ما يفطّر القلب أسى ؛ لوضع البنية الإجمالية المتكاملة لهذا الدين بين أيديم
الزمن ؛ فظهر بينها وبين القرآن التعارض المختلق +
لاع
وأمام أبصارم » ا تضع المظهر الموذجي لجمّع عمراني أو لموقع مدينة منبسطة
مترامية الأطراف أمام المشاهدين ؟
فن يدري ؟ .. ريما كان المفتاح الوحيد لتفتح أفئدة أبناء جلدتنا المسامين +
لقبول حقائق الإسلام , والعودة بصدق إليه » أن ينظروا فيجدوا الفتح الإسلامي
قد أقبل إليهم من الغرب » وأنه قد حيل بينهم وبين حمر الحضارة الغربية »
بالغرب نفسه .
وقديماً ومنذ أكثر من حمسين عاماً + قال ذلك العبقري الذي كان أعجوبة
الذكاء والفكر الإسلامي في عصره » بديع الزمان النورسي : « الخلافة الإسلامية
حبلى . وستدد الإلحاد يوماً ما والبلاد الأوربية حبلى وستلد الإسلام يوماً
على أنّ كل حوار يصلح أن يخاطب به أولئك المتطلعون إلى الإسلام ؛ يفيد
السامين ( لاسها الجيل الناشىء فيهم ) فائدة كبرى . ولكن ليس كل ما يملع
خطاباً لهؤلاء المسامين » يفي د أولك المتطلّمين إلى فهم حقيقة الإسلام من
جديد . فليكن حديثنا عن الإسلام إذن أشمل تفعاً وأوسع مالاً .
يدور حور هذا الكتاب على بحث أساسي واحد ؛ هو بيان أن الإسلام
الشهوات والأهواء .
وقد بسطت هذا البحث في عدة فصول ..
سبل تطبيق الإسلام .
أولها وأهمها مشكلات المذاهب الفكرية المعاصرة . والحديث عن هذه
المشكلات يهم الباحث الغربي كا يهم المسلم المعاص على السواء » فإن المسامين في
بلاد الإسلام إلا من رحم ربك ؛ أكثر ذلا وخضوعاً لهذه المذاهب الفكرية ؛ من
ثانيها مشكلات تتعلق بفهم القرآن وتفسيره . فإنّ المسامين ( التراثيين )
لا يزالون يتسلقون تسلقاً كيفياً على تفسير القرآن حسبا يروق لمهم ؛ وذلك ي
يتاح لهم أن يسيروا بالإسلام في الطريق الذي يحبون » دون أن يُتهموا بأنهم
خارجون على الإسلام ؛ شاردون وراء حدوده .
الثها مشكلات الاتباع والابتداع » وهي التي يثيرها من ينعتون أنفسهم
بالسلفية . فتأخذ أبعاداً سيشة وتترك أثاراً من الضياع والاضطراب في أذهان
أولئك المخضرمين أو حديثي العهد بالإسلام +
تعاقدوا مع حكوماتم للتفرغ من أجل أداء هذه المهمة . فعبثوا بالتاريخ العربي
والإسلامي عبثاً متكراً » وملؤوا جوانبه بما يشبه الألغام التي تزرع خفية في
الطرقات الآمنة . ثم لقي هذا - مع الأسف من المسامين التقليديين قبولاً
وأما المشكلات الاجتاعية » فن شأنها أن تتكاثر مع تطور الظروف
والأحوال » وهي بحدّ ذاتها ليست مشكلة ؛ وإا المشكل أن لا يعالجها المفكرون
وعاماء الإسلام » طبقاً للأحكام الإسلامية الشابتة التي أقامها الله في عباده لحل
هذه المشكلات وأمثالها .
وبدهي أنني لم أستقص جزئيات هذه المشكلات الموزعة في أنواعها الأربعة
- !الات
وقد كنت عالجت بعض هذه المشكلات ( معالجة ميدانية ) كا يقولون أي
في مناسبات حية إذ طَرَحَتُ هذه المشكلات نفسها , فاقتضت الحل والبيان »
إلا أن كثيراً من هذه الفصول تمت كتابتها مع تحضير أصول هذا الكتاب .
كل ما أرجوه , وقد أنجزت هذا العمل الأخير من سلسلة أعمالي العامية
والكتابية » أن يكون مثبتاً في صحائف أعمالي عند الله عز وجل ؛ وأن يتقبله
لاأعلم شيئاً عنه ؛ وهو ما ستبديه مقبلات الأيام . وإننا مردّ كل توفيق في أي
مل إلى الله .
دمشق ١8 ذي الحجة ١07 ه خمد سعيد رمضان البوطي
+ تشرين أول م١ م