ترجمة المؤلف
هو العلامة والبحر الفهامة صاحب التصانيف العظيمة المولى محمد باقر بن
محمد تقي المعروف ب المجلسي رضوان الله عليه.
ولد في أصفهان سنة ٠١7 وتوفي فيه سنة 11٠١
ذُكر في كتاب دار السلام: أنه لم يوفق أحد في الإسلام مثل ما وفق هذا الشيخ
المعظم والبحر الخقضم والطود الأشم من ترويج المذعب بطرق عديدة أجلها وأيقاها
التصانيف الكثيرة التي شاع ذكرها في الأنام وانتفع بها الخواص والعوام والمبتدي
والمنتهي ثم حكى عن الآغا أحمد حفيد المحقق البهبهاني في كتاب مرآة الأحوال
أنه قال: كان شيخ الإسلام من قبل السلاطين في أصفهان وكان يباشر جميع
من كثرة ضيافته إن رجلًا كان يكتب أسماء من أضافه فإذا فرغ من صلاة العشاء
مجلس درسه جماعة كثيرة من الفضلاء داه .
وعن تلميذه الفاضل الميرزا عبد الله الأصبهاني في كتابه رياض العلماء إنهم
بلغوا ألف نفس قال وحج بيت الله الحرام وزار أئمة العراق مكرراً وكان يباشر أمور
يؤتيه من يشاء؛ قال : وبلغ في الفصاحة وحسن التعبير الدرجة القصوى ولم يفته في
تلك التراجم الكثيرة شيء من دقائق نكات الألفاظ العربية وبلغ من ترويجه الدين إن
قبله'" «انتهى» قال صاحب كتاب دار السلام بعد نقل هذا الكلام: ولا يخفى أن آية
جهة أن أغلبها مطالب نظرية ومسائل فكرية تحتاج إلى زمان أزيد من زمان جمع
المتشحات وإن كان عندي فيه نظر يعرف ذلك من عثر على شروح المجلسي وبياناته
وتوضيح سوى ما اختص بالتحقيق والتهذيب إلا أن كتب العلامة لم يشتهر منها إلا
الشيخ عبد الحسين الطهراني عمن حدثه عن بحر العلوم إنه كان يتمنى أن تكون
جميع تصانيفه في ديوان أعمال المجلسي ويكون واحد من كتبه الفارسية التي هي
ترجمة متون الأخبار الشائعة كالقرآن المجيد في جميع الأقطار في ديوان عمله
وقال العلامة الأمين في أعيان الشيعة: فضل المجلسي لا ينكر وتصائيفه |
وترتيب وقد حوت الغث والسمين وبياناته وتوضيحاته وتفسيره للأحاديث وغيرها
كثير منه كان على وجه الإستعجال الموجب قلة الفائدة والوقوع في الإشتباه وكلمات
القوم في حقى المجلسي مشوبة بنوع من العصبية مع ما للرجل من فضل لا ينكر
والإستشهاد بكلام الدهلوي الذي قاله في مقام تنقيص مذهب الشيعة وإنكار ما
لعلماتهم السالفين من فضل غريب والمنصف يعلم إن الذين شيدوا مذهب الشيعة
ووطدوا بنيانه وتعلمت منهم الشيعة طرق الإحتجاج وإقامة البراهين بعد عصر الأئمة
)١( ليس هنا مكان الرد على الدهلوي ولكني أقول باختصار: إن دين الشيعة هو دين الإسلام دين رسول
الله يا دين أئمة أهل البيت لل والمجلسي هو أحد أعلام هذا الدين العظيم الذي كان عظيماً
أبناء الملوك ثم استشهد بقول القائل:
الطاهرين تلهث#: من العلماء ثلاثة: المفيد والمرتضى والعلامة الحلي مع ما للجم ١
الغفير من علماء الشيعة في كل عصر وزمان من الأيادي البيضاء في نصرة الحق
وتشييد مذهب أهل البيت ل . وفي إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة
الله الجزائري: سمعت والدي عن جدي رحمة الله عليهما إنه لما تأهب المولى
محمد باقر المجلسي لتأليف كتاب بحار الأنوار وكان يفحص عن الكتب القديمة
ويسعى في تحصيلها بلغه أن كتاب مدينة العلم للصدوق يوجد في بلاد اليمن فأنهى
ذلك إلى سلطان العصر فوجه السلطان أميراً من أركان الدولة سفيراً إلى ملك اليمن
بهدايا وتحف كثيرة لتحصيل ذلك الكتاب وإنه كان قد أوقف السلطان بعض أملاكه
الخاصة على كتاب البحار لتنسخ منه نسخ وتوقف على الطلبة ومن هنا قيل العلماء
الى الزمان بنوه في شبيبته قسرهم وأتيناه على هرم
فهم على كل حال ادركوا هرماً ونحن جثناه بعد الموت والعدم
أشهرها وأكبرها (بحار الأنوار) 30 مجلداً كبر" كل مجلد منها يبلغ عشرات
المجلدات الصغار والمتوسط وهو على ما فيه دائرة معارف شيعية لا مثيل لها أثبت
فيه جل آثار الشيعة وأخبارهم وعلومهم وقد طبع غير مرة في بلاد إيران وكتاب (مرآة
العقول) في شرح أخبار آل الرسول شرح على الكافي. وله حلية المتقين وحق اليقين
وحياة القلوب وتحفة الزائر ومفاتيح الغيب وغيرها كثير من الكتب والرسائل والأدعية
وأهمها كتابه زاد المعاد الذي بين يديك.
في اصطلاح الكتاب عبارة عن خمسين حرفاً وإذا وزعت على عمره لحق كل يوم !|
نقله فينقلونه فيكون له الإختيار والترتيب وعليهم النقل غالباً ومما أعانه على تأليف
البحار إنه كان جمَاعاً للكتب مولعاً باقتنائها حتى إنه حكى إن كتاب مدينة العلم
للصدوق ولم تكن له نسخة على عهده فبلغه أن نسخته توجد في اليمن فحمل الشاه
رحم الله العلامة المجلسي ورحم الله جميع علماثنا الأعلام الذين أخذوا
علومهم من علوم أهل بيت محمد يَف والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام
على أفضل الخلق وأشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد صلّى الله عليه وعلى آله
الطيبين الطاهرين -
بيروت في /7/١8 1007م
الموافق ١ جمادى الأولى 1577ه
علاء الدين الأعلمي
)١( اقنبسنا أكثر الترجمة من كتاب أعيان الشيعة للعلامة السيد محسن الأمين (قدس سره)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله الذي جعل العبادة وسيلة لنيل السعادة في الآخرة والأولى والصلاة
على سيد الورى محمد وعترته أثمة الهدى.
أما بعد» فإن العبد الخاطىء محمد باقر بن محمد تقي عفى الله عن جرائمهما
يكتب على ألواح الأرواح الصافية للإخوة الإيمانيين والأخلًاء الروحانيين:
حيث إن الله تعالى شأنه - شرّع طريق الصلاة والصوم والدعاء والعبادات -
وهي أشرف الطاعات وأقرب الطرق لنيل السعادات - من أجل هداية الحاثرين في
وادي الجهالة والضلالة؛ وتُقل عن الرسول الكريم وأئمة الهدى صلوات الله عليهم
أجمعين أدعية وأعمال كثيرة مشحونة بها كتب الأدعية؛ وقد ذكرت أنا - خادم
الأحبار الأئمة الأطهار عليهم صلوات الله الملك الغفار - أكثرها في كتاب «بحار
الأنوار»» ولما كان تحصيلها والعمل بها ليس ميسّراً لأغلب الناس بسبب انشغالهم
بأنواع المشاغل الدنيوية وغيرهاء أحبيت أن أورد في هذه الرسالة منتخباً من أعمال
وطلب المغفرة.
وحيث إن هذه الرسالة وبدء وانتهاء هذه العجالة كان في زمان دولة العدالة
وأوان سلطة السعادة دولة سيد سلاطين الزمان ورأس خواقين العصر» مثبت أوراق
الملة والدين» نقاوة أحفاد سيد المرسلين» بهجة الرياض المصطفوية» وقرة عين
الأسرة المرتضوية؛ السلطان ذي الخدم الجم» والخاقان ملائكي الحشمء سليل
الشجاعة الذي لم يضطرب سيفه البتار في حزٌ رؤوس الكفار وسوقهم إلى دار
أعتابه الرفيعة البنيان بالكف الخضيب للشركاء وصراخ المتصوفة الصفوة بترنيمة
دعاء الخلود لدولة الأبدء عنادل أغصان سدرة المنتهى» ومن لو جرد أحد سيف
الحقد مرة غمده في وجهه ارتعش كالصفصاف» ومن لو أتاه أحد بأربع مرايا التفاق»
لرأى فيها المنافق صورة موته» ومن جبين غضبه وقهره فاتح لعقد المغاليق؛ وكرمه
وجوده البحرء ونواله سحائب مزارع أمل الذابلين» مؤسس قواعد الملة والدين»
مروّج شريعة آبائه الطاهرين» حياض ساحة مأوى الخلائق» وملجأه من تقبيل
سلاطين الزمان مليء» ومن ما زال خواقين العصر يرددون في الصرح الممرد لعزته
وجلاله بنداء: «أيها العزيز قد مسّنا وأهلنا الضر»”""؛ أعني السلطان الأعظم
الأعدل الأكرم ملجأً الأكاسرة وملاذ القياصرة محيي مراسم الشريعة الغراء
ومشيد قواعد الملة البيضاء السلطان بن السلطان والخاقان بن الخاقان الشاه سلطان
وهامات أعداثئه مقموعة»؛ طمعتُ في أن تقع هذه التحفة مورد قبول ذلك الطبع
الأشرف» وأن ينتفع به ذلك العالي الشأن» بمحمد وآله الطاهرين» والله الموفق
وهو مشتمل على أربعة عشر باباً وخاتمة:
الباب الأول
في فضيلة وأعمال شهر رجب المبارك
الفصل الأول
في بيان فضائل هذا الشهر وعباداته
اعلم أن هذا الشهر وشهر شعبان وشهر رمضان أفضل شهور السنة؛ قال رسول
الله تلق : إنَّ من عرف حرمة رجب وشعبان ووصلهما بشهر رمضان شهر الله
الأعظم شهدت له هذه الشهور يوم القيامة؛ وكان رجب وشعبان وشهر رمضان
شهوده بتعظيمه لها وينادي مناد: يا رجب يا شعبان ويا شهر رمضان كيف عمل هذا
العبد فيكم وكيف كانت طاعته له عزّ وجلٌ؟ فيقول رجب وشعبان وشهر رمضان: يا
فقال للملائكة الموكّلين بهذه الشهور: ماذا تقولون في هذه الشهادة لهذا
العبد؟ فيقولون يا ربّنا صدق رجب وشعبان وشهر رمضان» ما عرفناه إلا متقلباً في
أكرم صحبة؛ وودّعها أحسن توديع أقام بعد انسلاخها عنه على طاعتك» ولم يهتك
عند إدبارها ستور حرماتك» فنعم العبد هذاء
ودار لا تبيدء لا يخرج سكانهاء ولا يهرم شبّانهاء ولا يشيب ولدانهاء ولا ينفد
سرورها وحبورهاء ولا يبلى جديدهاء ولا يتحول إلى الغموم سرورها لا يمتهم
شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر
أمتي» ألا فمن صام من رجب يوماً إ يمنا واجتسابا استوجب رضسوان ال الأثير واقأً
صومه في ذلك اليوم غضب الله وأغلق عنه باباً من أبواب النار؟؟
وبسند معتبر عن الإمام موسى بن جعفر غ8 أنه من صام ثلاثة أيام من
وقال غلا : رجب نهر في الجنة أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل»
الإمام الصادق علي أن النبي 9 قال: رجب شهر الاستغفار لأمني أكثروا فيه
الاستغفار فانه غفور رحيم» وسمي شهر رجب شهر الله الأصب لأن الرحمة على
وبسنلٍ معتبر عن الإمام الصادق غلب أن من صام ثلاثة أيام من رجب كُتب له
ان السبعة +
ومن صام ثمانية أيام منه فتحت له أبواب الجنان الثمانية . ومن صام خمسة عشر يوماً
عن كل يوم ثواب سنة؛ ومن صام سبعة أيام منه أغلقت عنه أبواب
١١ح بحار الأنوار: اج عدا )١(
4 - ثواب الأعمال للصدوق: ص81 ح؟ )1-7(
(ه) حار الأثوار: ج44 باب فم ص38 ح714.
النارء ودخل الجنة مع المصطفين الأخيارل"
روى ابن بابويه بسند معتبر عن سالم قال: دخلت على الصادق غل: في
رجب وقد بقيت منه أيام فلمًا نظر إليّ قال لي : يا سالم هل صمت في هذا الشهر
أ؟ قلت : لا والله يابن رسول الله. فقال فاتك من القواب ما لم يعلم إلا
آخر هذا الشهر أمن يوم الفزع الأكبر من أهواله وشدائده+ وأعطي براءة من النارة؟
أعتقه الله تعالى من النار وقبل شفاعته في سبعين ألف رجل من المذنبين ومن تصدق
بصدقة في رجب ابتغاء وجه الله تعالى أكرمه الله يوم القيامة في الجنة من الثواب وقبل
شفاعته ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وبسند معتبر عن الصادق للا أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من
بطنان العرش أين ال فيقوم أناس يضيء وجوههم لأهل الجمع على
رؤوسهم تيجان الملك» مكللة بالدرّ والياقوت؛ مع كل واحد منهم ألف ملك عن
يمينه وألف ملك عن يساره؛ ويقولون: هنيئاً لك كرامة الله عزّ وجل يا عبد الله. |
فيأتي الثداء من عند الله جل جلاله : عبادي وإمائي وعزّتي وجلالي لأكرمنٌ مثراكم
)١( بحار الأثوار: ج44 باب فم ص38 و17 ح؟١ ولا
(9) بحار الأنوار: ج494 ص؟* باب 55 ح1؛ وفضائل الأشهر الثلاثة للصدوق ص4١ ح7.
(©) فضائل الأشهر الثلاثة صصم3.