هو القاعدة والتصديق صعب المنال . ولقد كان من هنا اننى ذهبت
فى توثيق هذا الكتاب إلى حد يتجاوز المعروف والمالوف . والواقع
أننى قصدت أن اتجنب ضمير المتكلم تماما . ولم الجا له إلا فى ثلاثة
مواقف ؛ أو اربعة كان مستحيلا ان يستقيم حديثها بغيره . آثرت
عامدا - ان تكون الوثائق هى ضمير المتكلم ؛
ولقد تكون المناسبة الآن ملائمة لكى ابدى ملاحظة على حجم
ونوع التوثيق فى هذا الكتاب . ولابد أن اقر بالعرفان فيه ل « ظرف » ول
« فضل » :
ولأنى كنت اتمنى أن اكتب « القصة » فى يوم من الأيام قارثا
أشهرته حين وضعته ضمن « أسبابى » الرسمية لتقديم استقالتى من
وزارة .الإعلام غداة إعلان نتيجة الاستفتاء على انتخاب « أنور
السادات » رئيسا للجمهورية . وفى رده علّ بقبول الاستقالة ( ولعلها
ونص الرد عليها كاملين على الملا ) أشار الرئيس « السادات » بدورة
إلى هذا « السبب » عارفا به , ومؤكدا له .
ولا اتصور ان ذلك يحمل مظنة اى نوع من انواع الاحتكار
للحقيقة , فما اتيح لى كان متاحا لغيرى فى مثل ظروق ؛ وكان الفارق
الوحيد ان الكتابة فى يوم من الايام كانت - بحكم المهنة - في
بعد لسبب_ او لآخر .
وى كل الاحوال , فقد تعمدت الإشارة بوضوح إلى حيث
توجد الوثائق متاحة ولا تزال للراغبين والطالبين ٠
هذا عن ١ الظرف ؛ !
© وأما عن « الفضل » - وهو حجم ونوع التوثيق - فقد يلحظ
قارىء هذا الكتاب أن التوثيق له من مصادر اجنبية ؛ لا يقل اتساعا
هناك » - وكان الفضل فيه لعدد من الإخوة والأصدقاء لم يدخروا
مجموعات اوراق رؤساء الدول , وملفات وزارات الخارجية . وحتى
ف تقارير عديد من اجهزة المخابرات فى اوروبا وامريكا ؛ ولقد
تحملوا فى سبيل ذلك الكثير بما فيه مشاق اجراءات استعمال قانون
للمرور بدون عوائق ؛ وإنما هو باب تقف عليه تعقيدات مقصود
منها ان تصد وتعطل !
وإذا كنت اتحرج من ذكر اسماء هذا العدد من الإخوة
والاصدقاء , فمرجع ذلك اننى لا اريد ان اتسبب لأى منهم فى إحراج هو
كان كثيرون غيرى فى نفس ٠ الظرف » وانتفعوا به حين كتبوا ٠ وبينهم
رؤساء للوزارات « السيد كمال حسن على » بل ورؤساء للجمهورية
( الرئيس ٠ انور السادات » ) هذا فضلا عن وزراء للخارجية , وقواد
للجيوش ٠ وسفراء .
ولست اعتذر لا عن ؛ الظرف » ولا عن ٠ الفضل + . فليس فى
أحدهما ما يبرر الاعتذار إذا كان الهدف هو طلب الحقيقة , وأن تكون
كل حقيقة بوثيقة . حتى استطيع ان اتقدم إلى طلب التصديق مرتاحا
ومطمئنا بعد عذاب طويل فى البحث والتدقيق .
ومع ذلك فلعلى لا أتجاوز إذا قلت إن الوثائق لم تجعل مهمة هذا
الكتاب أكثر سهولة . وإنما بالعكس جعلتها اكثر صعوبة ؛ فالالتزام
بالوثائق قيد من حديد , ثم أن حجمها وتنوع مصادرها اقتضى جهدا
يكفينى فى الإشارة إليه ان اقول إننى اضطررت لقراءة وتحليل ومقارنة
أكثر من ستة آلاف وثيقة لم استعمل منها مباشرة غير اقلها ٠ وفضلا
عن ذلك ؛ فقد كان علّ أن أختار بحيث تتصل وحدة الحديث والحوادث
من خلال الوثائق قبل أى عنصر آخر !
شرح مقصدى من هذا الكتاب , وموقعه بالضبط على خريطة عمل .
0 أولا - إن لى رايا ورؤية مؤداهما أن هناك مرحلة باكملها
هى المرحلة من سنة 1465 إلى سئة 1685 - نستطيع أن نسميها
حرب الثلاثين سنة . وهذه العقود الثلاثة هى الفترة الزمنية التى
شهدت صعود ثم تراجع الحركة الثورية العربية , وقد بدات سنة
الغرب فى السيطرة على المنطقة تحت اسم حلف بغداد ؛ ثم تحت
اسماء ومسميات أخرى تواردت بعده . ثم انتهت هذه الحقب
الثورية الثلاث عندما استباح الغرب لنفسه حق النزول لاحتلال
عاصمة عربية هى بيروت , وبدعوى إنقاذها من احتلال إسرائيلى
وصل بالفعل إلى قلبها , وكانت تلك هى نهاية حرب الثلاثين سنة !
( ولعلها تثبت أنها كانت فى نفس الوقت بداية حرب جديدة من نوع
جديد ) .
ذرى عالية لحركة التاريخ فى المنطقة تمثلت فى ثلاث معارك رئيسية
ومعركة العبور ( 1477 ) كلها معارك فى حرب واحدة . والمعارك
المسلحة دائما - عندنا وعند غيرنا من الشعوب - هى ذرى الصراع
كتاب « ملفات السويس » _ عن المعركة الأولى ( وقد صدر سنة 1887 )
فى الذكرى الثلاثين لها .
والآن على صفحات هذا الكتاب أجدنى أمام المعركة الثانية . وهى
معركة سيناء سنة 15317 , وأصلى فى خشوع داعيا وراجيا أن اتمكن
من كتابة المعركة الثالثة فى هذه الحرب , وهى معركة العبور ( 1477 ) +
8 ثالثا إن المعركة التى أتعرض لوقائعها فى هذا الكتاب +
وهى معركة سيناء ( 1437 ) هى أكثر المعارك الثلاث غموضا .
واشدها تعقيدا , والغريب أنها المعركة التى تعرض لها القائلون
ميدان في حرب متصلة إلى ساحة من ساحات التاثير النفسى
أن الناس اصبحوا فى حيرة من امر هده المعركة . واشدهم حيرة
وربما من هنا أننى وجدت نفسى مطالبا بدرجة معينة من التفصيل
ف الرواية والتوثيق تصورته وحده قادرا على الكشف والجلاء , وكان ذلك
ما اضطرنى إلى أن اقسم هذا الكتاب عن معركة 1577 إلى جزعين .
أولهما وهو الذى اقدم له الآن يمد الجسور إلى ساحة المعركة تحت
عنوان « سنوات الغليان » . والآخر يصل بها إلى الأيام الستة
المشهودة من يوني سنة 1577 ويكون عنوانه إن شاء الله - هو :
ولقد دفعنى إلى ذلك حقيقة أن معارك الحروب لا تندلع فجأة من
وسط السكون , ولا تطل برأسها من فجوة مجهولة او مظلمة , وإنما هى
من قديم ظاهرة لمحها المشرعون العظام للإمبراطورية الرومانية +
وليس مد الجسور إلى ذرى الحوادث بدعة فى محاولة تقى
الحقائق وجلائها وكشفها , وعلى سبيل المثال , فليس فى استطاعة احد
أن يكتب عن معارك الحرب العالمية الأولى دون ان يتعرض تظهور المانيا
الموحدة على يد « بسمارك » . وهزيمة فرنسا امامها فى حرب السبعين
من القرن الماضى , ثم ما يتبع ذلك من دخول المانيا إلى سوق المطالبة
بالمستعمرات ( مؤتمر برلين 18748 ) - ودون ان يتعرض لظهور الدور
الامريكى فى السياسة العالية على يد « تيودور روزفلت » - ودون أن
يتحدث عن ظهور اليابان بعد انتصارها على روسيا فى بحار الشرق
الأقمى سنة 1405 - فضلا عن الجسور المباشرة إلى هذه الحرب +
وبينها انهيار الإمبراطورية العثمانية الذى اشتهر باسم « المسألة
وقزينته ذا مدينة سيزاييفق البنجتسلافية 1+
وبنفس المنطق , فليس فى استطاعة احد أن يكتب عن معارك
الحرب العالمية الثانية دون أن يتعرض لقيام الثورة البلشفية فى روسيا +
واستيلاء الفاشية على إيطاليا . وسيطرة النازية على المانيا ٠ ووقوع
اليابان تحت حكم العسكريين ٠ ودخول الولايات المتحدة لإرث
الجسور المباشرة إلى هذه الحرب ؛ مثل قيام « فتكر » يضم التممنا +
واجتماع ميونيخ بين « هتلر» و« موسولينى ٠ وه تشمبرلين »
و « دالادييه » , واحتلال المانيا لتشيكوسلوفاكيا , ومطالبتها بأجزاء من
أبولندا ٠ وتوقيع معاهدة عدم الاعتداء بين « ستالين » واه هتطرء ) -
وذ مثال قريب منا وشهير , فإن احدا لم يستطع ان يكتب معركة
احتكار السلاح - إلى ازمة سحب العرض الغربى بالمساهمة فى بناء السد
وهكذا كل معركة فى التاريخ . لكن بعضهم يؤثر رواية معركة
7 . وبعضهم يبدؤها من يوم ١ مايو 1437 مع ظهور
المعارك جزء لايتجزا منها , كما ان الطرق إلى وقائع التاريخ الكبرى
قطعة من نسيجها !
وبغير ذلك تصبح صراعات ' الامم وحروبها اساعطير
وحكايات , ويتنازل التاريخ عن ان يكون حركة تدافع قوى إنسانية
هائلة - لكى يتحول إلى شبه مغامرات فردية : رصاص يرد على
رصاص . ومدافع تصرخ امام مدافع , ودبابات تتناطح مع بعضها
فى الصحارى أو فى الوديان ٠
نا رابعا - وربما أن ما زين لى اسلوب التفصيل الدقيق هو
اعتقاد يتملكنى بان حروبنا لم تنته بعد رغم مقولة ؛ نهاية
احتدمت فيها معارك السلاح ا سئة 14576 وسئة 19767 وسنة
1477 لكن الصراع مازال يدور , وسواء أراد بعضنا ؛ أو أبوا +
فالمنطقة الآن في حرب جديدة من نوع جديد .
فهناك معارك حقيقية تجرى فى الخليج وحول شواطئه , وفي
لبنان وعلى اطرافه - وهى معارك زادت فى كلفتها المادية والبشرية
أخذنا معيار الضحايا الإنسانية فقط لوجدنا ان ضحايا حرب
الثلاثين سنة كانوا حوالى ثلاثة وثلاثين الف ضحية فى كل المعارك
الثلاث , وعلى جانبى القتال ( ٠32١ ضحية على الجانبين فى معركة
السويس 145076- 19600 ضحية فى معركة سيناء سنة 14751 من
الجانبين - 16700 ضحية فى معركة العبور سنة 1977 من
الجانبين )(") - بينما وصل ضحايا حرب الخليج حتى الآن إلى
8 ضحية من الجانبين !
هناك ايضا معارك حقيقية في جنوب لبنان ( ضحاياها قرابة
4500 لم اضف إلى الحساب ضحايا حرب الاستنزاف ( 1437 - 1470 ) وقد وصلوا على الجانبين إلى ) ١(
غير قرابة ستة آلاف من العمال المصريين اعطوا حياتهم في عملية بناء قواعد حائط الصواريخ الشهير , الذى
كان القاعدة الحقيقية لانطلاق قوات العبور
كذلك لم اضف بالطبع خسائر حرب اليمن . وكان عددهم اقل اقليلا من خمسة آلاف ضحية
خمسة وعشرين الفا فى الجنوب وحده ٠ ولا يدخل في الحساب من
سقطوا فى بيروت او غيرها من مدن لبنان وهم أكثر من ١١١ الف
ضحية ) - اى ان كلفة هذه الحرب تزيد بدورها - قرابة خمس
مرات - عن كل كلفة حرب الثلاثين سنة التى هى موضوعى
هناك أيضا معارك حقيقية فى الضفة الغربية وغزة ٠ وهى
معارك لم يسبق لها مثيل , ففيها تتجرا الحجارة على شن الحرب
ضد دولة انووية !
الذى مازال حيا , ومازال ممتدا إلى المستقبل . وهنا لا تصبح
التفاصيل تزيدا , وإنما تتحول بدورها إلى دراسة تقصد إلى
استطلاع الغد وتتحرق شوقا لإطلالة عليه .
وقد اتجاوز مرة أخرى ٠ واقول إن خط الصراع المستمر هو الخط
الكبرى .
نا معتمدة على تقارير الصليب الاحمر الدولى ف جنيف . والغريب ان حجم الخسائر المادية في هذه
الحروب بسب يشكل وقت للتظرمع حجم الخسائر البشرية - وذلك من واقع ما تقول به ادق التقاريرادولية
بما فيهاما هو صادر عن الام المتحدة . هناك ايضا ظاهرة اخرى لافتة للنظر . وهى انه ال توزيع نسب الخسائر
بين الطرفين . فإن حساب الخسائر البشرية باستمرار هو ؟ إلى ١ على حساب العرب . والعكس تماما في
التكقيف المادية فهى ؟ إلى ١ على حساب إسرائيل : أى اننا ندفع تكاليف معاركنا بللئين من البشر وللث من
الملل . وإسرائيل العكس الللين من المال وثلث من البشر ؛
والتركيز على الثوابت يقترب من حركة وقوانين الصراع ٠ واما
الثاني ٠
لتعقب مجرى الصراع الرئيسى بين الأمة العربية ٠ وبين الذين
سنة . واتمنى ألا اكون متشائما إذا قلت إن الصراع مازال جاريا +
تعقبى لخطر الصراع فى المنطقة على صفحات هذا الكتاب أن أنبه بعض
« إمكانية » استخدام القوة فى الصراعات .
قعود القاعدين يريدون أن يتلمسوا فى تقدم العلم مايبرر لهم تجنب
المشاق .
وعلى فرض ان السلاح النووى انهى إمكانية الحرب . فلعلنا
لاننسى أن هذه النهاية لاتتحقق إلا بالتعادل النووى . وإلا فإن
احتكار طرف لهذا السلاح وحرمان طرف آخر منه , يعنى انها سوف
تكون حربا بالابتزاز . وهذا أكثر أنواع الحروب مهانة وانكسارا -
وف كل الأحوال . فليس يحق لنا أن نغفل لحظة عن حقيقة أن
تتغير الدنيا وسكانها . فتصبح أرضها هى الجنة وناسها هم الملائكة ٠
لكنه حتى يحدث ذلك فإن صراعات المصالح والأمن تؤدى لا محالة إلى
الحروب . والعلم يؤدى الى اختلاف وسائل الحروب واساليبها . والعصر
النووى قد يقنع بعض الاطراف بوضع حدود لاستعمالات القوة ٠ ومع
ذلك فمن قال إن النار وحدها هى سلاح القوة ؟ !
هناك قضية حساسة أخرى ارى ملائما ان اتعرض لها قبل أن
افرغ من هذه المقدمة . لهذا الكتاب الأول عن سئة 1457 -
٠ سنوات الغليان » .
واتمنى فى شان هذه القضية ان أسوق الملاحظات التالية :
-١ إن معركة سنة 1477 لها سمة خاصة تفترق بها عن
وى حين أن ماسبقها وما لحقها من معارك كانت له
تضيع - فإن معركة سنة 14767 كانت تضحيات كلها بغير جوائز .
وبالتالى , فإن كل طرف يحاول إزاءها ان يتهرب من مسؤوليته
وسط كتائب الفتنة الكبرى المستبدة الآن بالعالم العربى .
لطرف ؛ فانا لا اريد ان اغطى على احد أو اتستر على فعل . ومن
الحق ان اقول إن « جمال عبد الناصر , نفسه تحمل مسؤوليته عن
وإذا كان ذلك ما فعله « جمال عبد الناصر » فليس لأحد بعد ذلك
حق أن يتزيد , وإنما يكون على الذين يهمهم درس المأساة وعبرتها ان
يجعل للمأساة فائدة حين يرتفع بها من أن تكون مأتما للبكاء على
الأطلال , ليجعلها منجما مليئًا بالذخائر , وكنوز المعرفة والتجربة معا .
"- ومع ذلك فإن اى قارىء سوف يلحظ أن اسم « جمال
عبد الناصر » شخصيا سوف يتردد على صفحات هذا الكتاب باكثر
مما كنت اقدر أو أريد ؛ ولقد كنت أتمنى أن لا يكون الأمر كذلك +
ولكن المشكلة أن الوثائق التى يعتمد عليها الكتاب من ملفات الغرب
وخزائنه تركز كلها على اسم , جمال عبد الناصر » والحقيقة أنها
تستعمله اختصارا لحركة ورمزا لتوجه ؛ ولم يكن أمامى اختيار
بديل !
© - إننى اتوقع مبكرا أن بعض ما اقوله فى هذا الكتاب ٠ او
بمعنى أدق ما تقول به الوثائق فى هذا الكتاب . سوف يثير أطرافا
داخل مصر وخارجها . ولا حيلة لى فى ذلك .
إن محاولة ؛ استعادة الوقائع » هى فى ناحية منها محاولة
لاستعادة الذاكرة » - وهذا بالفعل بعض ما قصدت إليه -
خصوصا إزاء أجيال الشباب - ومطلبى فيه هو الحرص على
المستقبل , ذلك ان رجلا يفقد ذاكرته فى منتصف رحلة . لايمكن أن
المعلومات وحفظها وترتيبها واستدعائها لتكون حية فى المستقبل .
وفاعلة فيه بالإدراك الإرادى .
وقد ننبه انفسنا إلى اننا بعد سنوات قليلة لا ندخل قرنا جديدا من
الزمن فقط - وإنما ندخل الفا جديدة هى الألف الثالثة من التقويم
المتعارف عليه بين عموم البشر !
ولعل تمسكى الزائد بحديث الوثائق يرجع بالتحديد إلى أننى لا
بفرض الضرائب على البعض ؛ وتوزيع الارباح على البعض الآخر ء
ضرائب بصرف النظر عما إذا كان مسؤولا عنها مباشرة , او انه
يتحملها بدون مسؤولية مباشرة تستوجبها عليه .
اتجاوز إذا قلت إن كلنا مسؤول وكلنا مذنب . ليس فينا أبرياء ٠
الجنس من طينة الأرض , وهم فى قلبها لم يهجروها بعد إلى كوكب
آخر كالمريخ أو القمر !
فالأشباح هائمة وليست نائمة ؛ ولعلى اتجاسر فى طلب الإنصاف
لكل الأطراف بالقؤل بأننا أمة مازالت تعيش مرحلة التناحر إلى قرب
الحرب الأهلية : بين المدن والقبائل , وبين الوديان والصحارى +
وبين الأغنياء والفقراء » وبين العقائد والمذاهب والفرق - وليس فى
وشرعى ١ ٍ
ولقد خاضت كل الأمم قبلنا هذه المحنة , وحتى إلى درجة الحرب
الأهلية ٠ بينما هى فى طريقها لتحقيق وحدتها القومية .
بريطانيا عاشت سلسلة من الحروب الأهلية , والولايات المتحدة
عاشت اشهر حرب اهلية فى التاريخ ؛ والثورة الفرنسية العظيمة
بخاشت غمار الحرب الأهلية فى طريقها إلى تاكيد مبدا الحرية
والإخاء والمساواة . و 0
ولقد سرنا فى نفس الطريق » وكان حتما أن نسير ؛ ومازلنا عليه
ساثرون , فتحولات التاريغ الكبرى لا تحسمها عشر سنوات , أو
دديما تتذكر أننا فى بعض اللموا م ا :
إن هذه التناقضات اكبر من ان تحلها السيوف , وإنما التطور
التاريخى وحده هو الكفيل بها !
٠ - وبدون ان احمل مقولة « ان التاريخ بكي زهديه :
0 - دبدون أن احمل مقولة « ان التارب ايكرر نفسه » فوق ما
تحتمله فإن المرحلة الراهنة التى نعيش في 5 ب 0
الكبرى ا صدر الإسلام بفارق واحد » وهو انها فتنة لايجاورما حلم
وى عظيم يتجارز مآسيها الحزينة والدامية , بانطلاقة إمبراطوري؟
'طلتطى المطلة على اسبانيا , وتعوض محنة المذاهب المتشاحوة بعكم
الدولة القادرة . اا بعت
وهكذا فإن الفتئة يقظى ؛ واما الحلم ففى سبات عميق
ولعلى اقول بامائة : إن هدق من كل ما أعرض له يق هد
لكتاب ليس صب الزيت على حريق الفتئة . وإنما إضافة 2ه
له حتى قطرة واحدة منه , إلى شعلة الضوء حتى نرى كخطرة
لأى التباس : 0 0
١ - سوف يلاحظ اى قارىء أن هناك تداخلا بين قصة معركة
السويس 1456 وقصة معركة سيناء 14317 وهى الموضوع
الاساسى لهذا الكتاب . ولم يكن ممكنا تجنب مثل هذا التداخل , لان
خواتيم قصة سنة 146596 هى نفسها مقدمات قصة سنة 1457 .
وإذا كان تقديرى صحيحا ١ بان حياة الشجرة فى جذرها المدفون في
باطن الأرض لاتراه العيون , في حين أن الفروع والأوراق مجرد
ظواهر مؤقتة , عمرها ساعات أو بالكثير ايام » - إذن فالعودة إلى
بالنسبة إلى معركة سنة 14367 علاقة شجرة بجذرها فقط ؛ وإنما
كانت علاقة جنين برحم !
- إننى من انصار قاعدة فى الكتب ترى ان كل كتاب يجب أن
يكون وحدة مستقلة تقرا بذاتها منفصلة عما يسبقها , وعما يلحقها +
مهما كان من اتصال وتسلسل السياق . ويخطر ببالى أنه يكون نوعا من
الخيلاء إذا تصور أى كاتب أن كل قارىء كتاب جديد له يتحتم عليه أن
يكون قد قرا كتابه السابق , وهكذا يسمح لنفسه أن يبدا من حيث
انتهى بالضبط دون أن يمهد ببناء جسر بين الاثنين يصل أحدهما
بالآخر ويكون عذره فى ذلك محاذير التكرار . :
فيه لاحقا .
كل مجموعة حرب الثلاثين سنة على الصراع على الشرق الاوسط
وفيه . امهد بذلك لكى اقول بعده إننى لا اتعرض الآن للاوضاع
الداخلية لاى بلد بما في ذلك مصر - إلا في اقل الحدود , بمعنى اننى
اتعرض للاوضاع الداخلية فى حالة واحدة , وهى ان يكون لهذه
الأوضاع دور مباشر , أو غير مباشر على مجرى الصراع الرئيسى في
المنطقة - فيها وعليها ٠
ولعلى أطلت فى هذه المقدمة , وكانت نيتى ان لا اطيل . ولكنى
وجدت حقا على ان اقدم واوضح ٠
وبدونهم لم يكن ممكنا ان اتشرف بتقديم هذا الكتاب إلى الذين يشرفنى
وإذا كنت أوجه لهم الشكر دون ان اسميهم أمام الناس , فعزائى
أنهم يعرفون أنفسهم كما أعرف من ناحيتى دورهم ٠
يجىء بعد ذلك واجب الشكر لعدد من الأاصدقاء فى مكتبى .
وبكفاءة منقطعة النظير . وإخلاص أعتز به كمساعدة بحث رئيسية فى
إعداد مواد هذا الكتاب - رغم ظروف شخصية صعبة صادفتها ىق
الفترة الحرجة من صياغته .
معى مسار هذا الكتاب بابا بعد باب , وفصلا يلى فصلا آخر , وقامت
بذلك بحماسة وعلم وفهم -
وهناك أيضا زميلى وصديقى ورفيقى القديم الوق الأستاذ منير
عساف الذى تولى إدخال مواد الكتاب إلى العقل الاليكترونى ٠ ثم تولى
ولرئيسه الاستاذ ابو السعود إبراهيم , وقد كانوا دائما حاضرين
وسباقين .
لدىّ بعد ذلك اعتراف بالجميل أتقدم به لصاحبه . وهو الأستاذ
جميل مطر خبير العلاقات الدولية المشهود له , وقد تفضل بقراءة
ملاحظات قيمة .
فرئيس مجلس إدارته ورئيس تحريره الأستاذ ابراهيم نافع هو
الذى سبق إلى طلب هذا الكتاب وحقوق توزيعه فى العالم العربى من قبل
ان اخط حرفا واحدا فيه .
كذلك فإن « مركز الأهرام للترجمة والنشر » هو الذى تولى ترجمة
كل الوثائق الأجنبية التى تظهر فى الكتاب , وقد حرصت مرة ثانية -
على أن يقوم بها مترجموه ضمانا لحياد الترجمة , والتزامها الموضوعى +
وبعدها عن مظنة أى هوى يتحيز فى ترجمة الألفاظ إلى ما يناسبه ويروق
ولئن كان هذا المركز هو القائم بنشر هذا الكتاب وطبعه , فلابد أن
بالذكر السيدة نوال المحلاوى مديرة مركز الأهرام للترجمة والنشر ء
والأستاذ كمال السيد نائب مدير المركز , والسيدة عفاف عبد العزيز .
وكثيرين غيرهم لا اعرف كيف أفيهم حقهم .
كذلك اذكر بالخير الصديق الاستاذ ماهر الدهبى الذى اشرف
على إخراج هذا الكتاب , وأضاف إليه لمسات فن وخبرة من حسن الحظ
أنها مازالت باقية فى صحافة مصر .
بقى العرفان للسيد الحقيقى والوحيد لأى كاتب ٠ واعنى به
قارئه , وامام عطفه ورعايته يعجز كل قلم ؛ وينعقد اى لسان .
«كل حرب فى التاريخ بقية
معلقة من حرب سبقتها ! »
معاهدة فرساى للسلام التى اذتهت بها
وبذرة الحرب العللية الثاني ؛
سنة 1457 كانت هى بذاتها مقدمات الإعداد