القبلية والديموقراطية في الكويت
يتألف هذا الكتاب من مجموعة من الدراسات عن المجتمع الكويتي كتبت في العشر
إحصائية؛ إما غير منشورة أو غير متيسرة لجمهور الباحثين والمهتمين. وهناك
والمباشرة؛ وهما: القبلية والديموقراطية اللنان يتألف منهما عنوان الكتاب.
المفهومان ينطويان على أمور غاية في التعقيد أكثر مما تدل عليهما المعاني الظاهرية.ولكن قبل
نكتب عن الكويت باعتباره دراسة حالة للصراع بين القبلية والديموقراطية؟
الكويت كان المسرح الذي تحددت على خشبته معالم النظام العالمي الجديد بعد نهاية
الحرب الباردة. معلمه الأول هو شكل حروب المستقبل إذا اتصلت بدولة غربية أو أكثر» بين
الدول الغربية نفسهاء أو بين الدول الغربية ودول العالم الآخر الذي لا شكل له ولا تسمية
بقايا العالم الثالث» عالم الجنوب السحيق غير المرئي. فإذا كنا نتساءل عن الشكل الذي
يمكن أ حرب ما بعد الحداثة؛ فإ الجواب في حرب تحرير الكويت. حرب
7 بة في العلاقات بين الدول ذات طبيعة داثرية (تحدث بشكل دوري)؛ يتم
ار توقيتها حسب مطلب معين» ويتم فيها التوظيف المتقطع النظير للقوالب النمطية -
التريوتايب» والاستعمال الفريد للميديا - وسائل الإعلام بحيث تتحول الحرب إلى تسلية
معلوماتية (ا«عصدنها -000)؛ ولا يظهر من الحرب إلا الخيالات على أجهزة المحاكاة
(0010:5)» فهي حرب نظيفة معقمة (هائهة8)!.
الدول الأخرى» لن تقبل الدول الغربية إجراء أي تعديل على أوضاعها مهما كان شكله أو
الحدالة هو اعتفاد قادة العراق الخاطىء أن عدوانهم على الكويت واحتلالهم له لن يتعارض
مع حسابات الدول الغربية ومصالحهاء بغض النظر عن أي اعتبار قومي _ الأمر الذي لم
يكن وارداً أصلاً. ولذلك فإن إدخال أية تعديلات على النظام الإقليمي العربي» وعلى النظم
صراع أو مواجهة مع الدول الغربية. بما في ذلك التعديلات المتمثلة في المطالبة بنظام
دستوري حقيقي وحريات ديموقراطية. ومن يقلل من احتمال صدق هذا الزعم يعرّض نفسه
لعواقب شبيهة لما تعرض له قادة العراق7".
في هذا السياق يكتسب الكويت أهمية خاصة مزدوجة: فهو البلد الخليجي الوحيد الذي
((وه» -300») أو عدسة مكبرة لكثير من الملامح المشتركة بين دول الخليج والجز:
وبعض دول المشرق العربي أيضاًء ومن هذه الملامح طفيان اللي على الطبقة والتر
السكانية الاستنائية (التي يصبح فيها السكان الأصليون أقلية» وعوارض دولة الرعاية الريعية
(الاعتماد على دخل النفط كريع خارجي)» وظاهرة البدون جنسية؛ وتزاوج الأصولية الدينية
والمجتمع الاستهلاكي الحداثي في ظاهرة البترواسلام» وهو المصطلح الذي صاغه فؤاد
الأشكال التقليدية من التنظيم والانتماء والتفكير المتمثلة في مع مطالب الديموقراطية
والدستورية والمجتمع الاستهلاكي - الحدائي» في بيئة نهاية القرن العشرين؛ في عصر
التالية متحصر في المجتمع؛ الكويتي كدراسة حالة للمجتمع العربي في الحليج والمشرق.
دعونا نتوقف قليلاً من أجل استجلاء بواطن هذه الظاهرة. فكثير من الكتّاب والباحثين
في هذا السياق» أن يظهر التقابل الحادً بين القبيلة والدولة. هذا هو المنظور التطوّري والفهم
واقع البلدان العربية. وكلاهما يقع في محذور التحيز القيمي: أي أن القبلية هي خاصية
المجتمعات المتخلفة «البسيطة». والاندماج الوطني عبر الطيقات؛ أو الانتماء إلى دول حديثة؛
ية؛ وهي رابطة موحدة الغرض مبنية على التحالف بقدر ما هي
«الوشائجية؛ (لدنك:0:1000) المنغرسة في أعمق أعماق وجدان الجماعة!"». وتظهر القبلية
يعناصرها الضرورية الثلاثة في كل مراحل التاريخ الإنساني؛ تضعف أ. ى أحياناً
أخرى. تتخفى خلف التنظيمات السياسية؛ وتتلون بألوان الطبقات أو الطوائف؛ في الريف
التمييز السياسي يدو لي غير كاف أيضاً.
علم الارتحال عند دولوز وجاتاري. وحالة الحرب التي يجرها الارتمال» ليست حالة خارجية
يجلبها الرحمل من خارج العلاقة بين المستبد والمشرّع في الدولة التقليدية المستقرة"؟؛ وإنما
من داخل الدولة؛ وما الرأسمالية إلا حالة حرب متتكرة!". ولكن صفة الوشائجية في
الانتماء /الولاء القبلي» تعطيه بعداً نفسياً تاريخياً ضرورياً.
الجماعة حسب ترا
ففي التراث العربي؛ يجد محمد عابد الجابري أن فكرة الأهل والغنيمة (أو ثلائية
مثل الدولة العثمانية تدين للترتييات القبلية بفضل كبير. هذا الامتداد التاريخي ينطبق على
مفهوم الجاهلية والبداوة كعنصر ملازم له. ويجد محمد جواد رضا أن الأزمات الطاحثة»
: الجاهلية لم تهزم» العهد
أدوئيس الاتباع انتصر على الإبداع!"".
أعلاه نجد أن طرفي النزاع في الماضي؛ القبلية (الجاهلية) والانصهار
على أرض الواقع. ولكن المعادلة تنم على تور يعكر صفو التعايش بين طرفيهاء كل منهما
يناقض الآخر على مستوى النظرية - الفقه. والكويت ودول الخليج ليست استثناء لهذه
فشرعية نظام الحكم أساساً ليست مستمدة من الانتماء إلى الأمةزالقومية)» وأنما من الولاء
العامة نفسهاء
والقبلية. كمبداً تنظيمي؛ إستمرت في الريف في دول المشرق العربي (العراق؛ فلسطين
الأردن» سوريا) مثلما ازدهرت في الحضر في اليمن ودول الخليج العربي» في الكويت
مظاهر سلوك أبناء الطبقات الوسطى في الغرب بصفة القبلية"'؟. ويمكننا أن نشخص
عناصر الصراع الإثني الدائر الآن في شرق أوروباء على أنها عناصر قبلية!' '؟. وقد حاولناء
في دراسة سابقة؛ أن نربط بين مفهوم التضامنيات في بيئة المشرق العربي والقبلية؛ فصوّرنا
وببروقراطيانها امركزية؛ بشكل مشابه للتضامنيات الطائفية اللبنانية في موازاة الدولة
إننا لا نريد أن نبالغ في إعطاء القبلية؛ والقبلية السياسية بشكل خاص؛ أهمية تفوق ما
تتمتع به في الواقع من على توجيه سلوك الجماعات. وكذلك؛ فإننا لا نريد أن نعطي
الانطباع بأن القبلية تمثل واقعاً متصلاً غير منقطع» ّ
خلال الطبقات» يمثل حالة المجتمع الحديث؛ وكأن هاتين الحالتين تمثلان نقيضين يستبعد
أحدهما الآخر (©8:فنان»* لإاله0:»)”"؛ على اعتبار أن المجتمع التقليدي
الأوسط قد مات» أو هو في طريقه إلى الاختفاء» حسب أطروحة دانيال لرنر المعروفة
كيف أن النظم
ليدية تتكيف مع الأوضاع المستجدة؛ ولا تختفي» وما تنطور عبر دورات تاريخية. وهنا
التكييف لا يتبع مخططاً محدداً ثابتاً؛ وإنما عبر عملية احتمالية تتشكل أثناء ديناميات التغير
الاجتماعي وخلالها.
والدراسات الحالية؛ المنشورة في هذا الكتاب» هي لتوثيق عملية التكيّف ولتحليل
ودراسات من هذا النوع تمثل في تقديرناء ميداناً شرعياً ومطلوباً للبحث والتقصي والتنظير
الاجتماعي. بل إنها الطريقة الموضوعية الميدانية المناسبة لمواجهة الصياغة الميتافيزيقية للمسألة
المنظور التحليلي الدينامي في صياغته النظرية» فقد ترك إلى مجال آخرا*©.
ولكن إذا أردنا أن نفهم عملية تطور النظم التقليدية؛ كالقبلية؛ فعلينا أن تتخلى عن
افتراض أن القبلية هي حالة فوضى ل" '؟؛ لأنها تصب في المجرى العام لآليات الضبط
والسيطرة («ونهع:ء»: 600101)؛ الذي هو أساس ظاهرة القوة الاجتماعية لد8ه5)
(*«20 وممارسة القوةا”'". فإذا اضطرت نخية حاكمة إلى تقديم تنازلات متمثلة في قبول
هذا الكتاب يوضح: بالتفاصيل والأسماء والإحصاءات والمعلومات الميدانية؛ هذا الصراع
من أجل الدستور والديموقراء كيف أن
التاريخ ومفارقات السياسة.
ويوضح هذا الكتاب» دون مواربة ودون
خلدون حسن النقيب
الكويت في 1١46/7/7١
هوامش المقدمة
خلدون حسن النقيب» «لمناصر انائية الدائمة في كارثة حرب الخليج»؛ في كتاب: أزمة الخليج وتداعياتها
على الوطن العربي. نيروت: مركز دراسات الوحدة العربيقة 01441 من 47 - 46
0 قمع متصطاتات اه والمعال
اخلدون حسن النقيب» دبناء المجتمع العربي: بعض الفروض البحثية»؛ في كتاب: نحو علم اجتماع غربي.
بيروث: مركز دراسات الوحدة العربية؛ 1443؛ م 186 - 147. تعبير الوث
الجية مستعار من جيرتز:
ممامتهة عابملا بعلا ممتطعمال بعلا 106 جروماًقمه0 تممتمن0 عتلاتا قم متام لات
6 م ,1993 بقضرط 01601 ع1 تابمل بلا 0/0001
محمد عابد الجايري يتكلم على ثلالة محددات «للعقل» السياسي العربي: العقيدة والقبيلة والغنيمة؛ ولكنه
ييقى أسير الفهم الإننوغرافي الحلدوثي للقبيلة؛ أنظر كتابه:
العقل السياسي العربي. بيروت مركز دراسات الوحدة العربية؛ +144 وبخاصة ص 473 - 87+
محمد جواد رضا. أزمات الحقيقة والحرية في التربية العربية العاصرة. الكريت: ذات السلاسل؛ 48 1+
هنا يجب ملاحظة أن هذا نوع دخاص» من القيلية؛ وهي قيلي تُطلب المانهاء أي بمحض اختيارالأفراد مجرد
خاصاً من القلية؛ إنها قبل التحالف في الحضر. ولكنها في بيئة المجتمع العربي تخدم أغراضاً سياسية تنظيمية؛
(الغرية) حسب درجة تطور وسائل الإعلام اليديا: بوتلقه ومتلممادع0منا مامه لملصد4ة
خلدون حسن النقيب: اجتمع والدولة في اليج والجزيرة العربية. يروت: مركز دراسات الوحدة العري
ط 01 1844 ص 19 - 194. هناء يجب مراعاة الفرق في استعمال مصطلح التضامية في البيئات
(1) إن استعمال ليندا لين لمصطلح القبلية تمعناه الإننوغرافي يقدم مالا واضحاً ما نريد أن تصل إليه. فهي؛ شأنها
شأن الباحتين الغريين؛ تحصر مصطلح القيلية في البشاوة؛ وهو استممال غاية في التبسيط افخل» كما أوضحنا.
194 بقضا لمتعطدنا «معماط لمفاول
على العنف ونشوه الدول» وعن الظاهرة الأصولية في المجمع العربي الحديث.
التعير من ارد بي. سارجنت» مقنيس في: خلدون حسن التقيب؛ الجتمع والدولة في الخليج والجزيرة العريية.
مصدر ساب ص ١١
(1) هذا توسيع لأطروحات ثورة السيطرة التي يتكلم عليها جيمس باينجر.
8 - 31 ,1986 بمضبط واتعادنا لمعمفلا .و50 ممتامتمزدة.
)١( يستخلص أرنو مايه من دراسثه لعجربة أوروبا الغربية حول تكيف النخبة الأرستقراطية لعطورات النظام
الي أعقبت الثورة الصناعية درساً تاريخ فلا في تكيف الفرتيات الفقليدية مع
يسبب ثورات جذرية عارمة؛ ونا تكجفت مع البررجوازية الصاعدة من خلال تقديم تنازلات اقتضتها الأحوال
المغيرةلمرحلة الانتقال منذ منتصف القرن الماضي. إن عملية تكيف بهذا المستوى والعمق التاريخي هي التي
القسم الأول
الكفاح من أجل
الاستقلال والديموقراطية
الفصل الأول
القبلية السياسية:
محاولة نظرية
الوضع الراهن
في الأوضاع السياسية المضطربة في الشرق الأوسط» تمتعت بلدان شبه الجزيرة العربية
بأنظمة مستقرة نسبياً؛ وهذا الاستقرار دفع الكثير من المراقبين إلى الافتراض أن شعب شبه
الجزيرة العربية ارتضى طوعياً بشرعية النظم الحاكمة. والواقع أنه خلال نصف القرن
المنصرم. بعد فشل الحركات الإصلاحية أو قمعها في الثلاثينات من القرن الحالي؛ لم يقع
غير تحديين خطيرين فقط للسلطة الملكية:
الأول داخلي» هو ثورة المسجد الكبير عام 18778. والثاني خارجي» هو حرب الحليج
عام 1446
ظبي في السبعينات؛ أو نزاعات على الحدود القومية (كما بين المملكة العربية السعودية؛
وعمان» وأبو ظبي» حول واحة البريمي» أو بين قطر والبحرين حول جزر هُوّر). ولم يمثل أي
من هذه النزاعات أي تهديد خطير لاستقرار النظام السياسي.
وعند مقارنة هذه الحالة بالأحوال السائدة في اليمن (الشمالي والجنوبي» وفي بلدان
المشرق (العراق وسوريا ولبنان والأردن)»؛ يصبح الاستقرار الظاهر في بلدان شبه الجزيرة مثار
أولً؛ للسقط من حسابنا نوع النظام كعامل في الاستقرار السياسي؛ أو لنقل إن الملكيات