بروفيسور الألثروبولوجيا ودراسات الشرق الأوسط
لقد خاضت الولايات المتحدة الحرب حماية لاستقلال الكويت الذي تعرض
هذه العلاقة بين البلدين والحجج التي استند إليها العراق والتي تعود إلى العهد
العثماني. ذلك أن نشأة الكويت كدولة جاءت في آخر مراحل الاستعمار البريطائي
في الخليج وذلك عام ٠97١ » حينما وجدت بريطانيا ضرورة تغيير وضع الكويت من
محمية بريطانية إلى دولة مستقلة» وذلك تحسباً من مطالبة العراق بها في عهد قائد
العراق الأسبق عبد الكريم قاسم. فقد رأت بريطانيا أن الكويت عندما تكون مستقلة»
فإنه يكون من السهل أن تطلب المعونة الدولية لحماية هذا الاستغلال» في حين أنها لو
بقيت تحت الحماية البريطانية فلن يكون أمامها سوى طلب المعونة من حاميتها
(بريطانيام. إن ما قام به المؤلف من عرض لتلك الفترة (1 97 )١ قد أزال الكثير من
جاء الدكتور عصام الطاهر إلى الكويت في عام 1478 وعمل بالجيش
الكويتي طبيباً عسكرياً» ثم ما لبث» إثراستقالة رئيس الأطباء الانكليزي» أن أصبح هو
رئيساً للأطباء. وبقي في هذا المنصب حتى عام ١975 عندما استقال للالتحاق
بجامعة فيينا لإكمال تحصيله العلمي. وعلى هذا يكون المؤلف قد عايش أوضاع
وأحداث الكويت عندما نالت استقلالها عام ٠97١1 . وقد مكّنه موقعه المتميز من أن
عرض موجز لتقديم الطبعة الإنكليزية للكتاب الصادرة في الولايات المتحدة.
ولكن كرجل أعمال هذه المرة أمتدت من 1877 حتى 1981).
لقد جمعت المؤلف مع أهل الكويت صفات أساسية مثل العروبة والإسلام»
إن تجربة الدكتور الطاهر ورؤيته للأشياء من الداخل» قد أعطلته نظرة متعمقة لا
رغبات أهل الكويت نط7 [117180 في أن يكون لهم تاريخ حتى ولو كان
فبالرجوع إلى بدايات القرن السابع عشر» ييين لنا المؤلف كيف أن التنافس
الاستعماري بين الأوروييين والعثمانيين في الخليج» اقتضى استغلال التنازع القبلي
الحاد بين القوى المحلية؛ كوسيلة لبسط النفوذ عليها واخضاعها» وذلك ما حدث
بالنسبة (لقرية) «القرين» أو ما أصبح يسمى مؤخراً بالكويت. لقد أثرى الدكتور
الطاهر المصادر المطبوعة عن هذه الحقبة التي امتدت .15 عاماً بإدخاله معرفقة
ومعلوماته الشخصية التي استقاها من خلال مناقشاته وإطلاعاته.. وسوف يلاحظ
بعض الأحيان بالغدر والخداع.
لقد أبرز المؤلف السمات الغالبة على تلك الفترة التي سبقت ظهور ما يعرف
ومحليين.. ففي عام 1884 قام الشيخ مبارك الصباح الذي كان يمثل السلطة المحلية
المعترف بها من قبل الحكومة العثمانية» بعقد معاهدة سرية مع بريطانيا وذلك سعياً
جيش عبد العزيز الرشيد المدعوم من العثمانيين» يستعين بالقوات البريطانية للدفاع
عنه.. وقد كان لهذه الهزيمة ولتلك الدعوة من الشيخ موضع الترحيب من البريطانيين
لأنها عرزت مواقعهم في المنطقة بوجه عام؛ كما منحتهم الفرصة لقضم أجزاء من
الساعي إلى إقامة ميناء على الخليج مما يشكل له منفذاًعلى المياه الدافكة. وعلى هذا فإن
أهمية الكويت بالنسبة لبريطانيا في عصر ما قبل النفط» وما حظيت به من وجود
معتمد سياسي وبزيارات دورية للسفن الحربية البريطانية؛ لم يكن بالتأكيد بسبب
وجود (لؤلؤها وسمكها)»؛ ولكن الاهتمام جاء بسبب كون الخليج الطريق الذي يربط
ينها وبين مستعمراتها في شبه القارة الهندية . إن الحكومة البريطانية في تلك الأيام لم
تكن في حاجة لأن تدعي أمام الرأي العام وهي تقوم بحماية الشيخ مبارك أنها تفعل
ذلك من أجل خير ومصلحة الكويت»؛ ذلك أن سكان الكويت؛ مختلفي المنابت
إن تلك المنطقة الواقعة على الساحل اجتذيت أناساً من أنحاء الخليج القربية
شيوخ عشيرة الصباح التي حطت بالقرب من قريتهم لتوفير الحماية لهم. ولكن هؤلاء
الشيوخ لم يلبئوا أن وجدوا أنفسهم في حاجة من يحميهم من منافسيهم من الجيران»
وبعد هزيمة الامبراطورية العثمانية وانهيارها إثر الحرب العالمية الاولى» أصبح
الخيار بالنسبة لوضع الكويت واحداً من ثلاث خيارات؛ إما أن تكون جزعاً من
إداريا» أو أن تستمر محمية تمكن بريطانيا من حماية مصالحها الاستعمارية في
الخليج. وكان الخيار الأخير هو ما جرى الأخذ به؛ وهو ما اتفق مع رغبات شيوخ
الكويت الذين كانوا يعملون بإشراف المقيمين السياسيين البريطانيين.
الكويت وبحضور ممثل عن السعودية» برسم حدود الكويت من خلال قلم أحمر
وتحديد حدود الكويت - خلى الكيان - لم يكن نتيجة لجهد أو لتضال سكان
الكويت أو شيوخهاء بل كان نتاج عمل سلبي شكله ذلك القلم الأحمر.
لقد سجل لنا الدكتور الطاهر بكل دفة انطباعاته عن الأيام الأولى لاستقلال
الكويت؛ والذي جاء كما ذكرنا بناء على مصالح القوى الأجنبية وليس لاعتبارات
كويتية محلية؛ نما يفترض معه أن يكون حافراً مضاعفة الجهد لخلق إدارة أكثر تنظيماً.
ولكن الذي حدث بالفعل أن الشيوخ في الكويت قد عمدوا إلى فرض رغباتهم
ومصالحهم الشخصية التي كانت تتعارض وتتداخل مع محاولات الموظفين الموكل
أجنبي في تلك الحكومة المحدثة؛ كالمؤلف مثلاً كثيراً ما كا في مأزق بين
سلطات الشيخ المطلقة» وبين الواجبات المنوطة به بحكم وظيفته كرئيس لأطباء
العرض وسلاسقه.
لقد كانت الكويت عند بداية الاستقلال تحت حكم شيخ يمسك بين يديه كل
ال كتور الطاهر بعرضه للعديد من الأمثلة والأحداث اليومية التي مرت بها الكويت
المتعة فيما كتبه المؤلف العربي الذي زامل الكثيرين منهم.
لقد كان الموظفون - غير الكويتيين طبعاً - أكثر الناس عرضة لنزق رؤسائهم
كل مسؤولياته ومن تصريح إقامته» وهو الأمر الذي كان يحدث دون إبداء أي سبب
أو مبرر وبدون منحه فرصة للاعتراض أو التظلم. حيث يتم اعتقاله بصورة مفاجئة
قد يدو من المستغرب أن يسمي المؤلف ممارسات التفرقة بين الموظفين الكويتيين
وغير الكوتيين ب «العنصرية في الكويت». ذلك أن من شأن هذا التعبير أن يكون
موضع استغراب القاريء الامريكي الذي ربما رأى فيه استعمالاً غير دقيق. إذ ينما يتم
اكتساب الجنسية الامريكية بغض النظر عن الأعراق وصلة الدم» فإننا نجد أن الجنسية
فإن الكويت تعتبر غير الكويتيين وكأنهم ينتمون إلىأقوام وأجناس أخرى. ومن هنا
نشأت اسطورة «العنصرية في الكويت0؛ واتضح أن استعمال الدكتور الطاهر لهذا
المصطلح لم يأت من فراغ» خاصة وقد ساق لنا العديد من الأمثلة والبراهين على
إن المرء يمكنه أن يعزو الطريقة السطحية التي أدار بها الشيوخ شؤون الكويت
إلى السرعة المفاجعة التي تكونت بها دولتهم؛ فسنوات التضال الطويلة من أجل
الاستقلال هي التي تؤدي عادة إلى تكوين كوادر قادرة من الحكام المستقبليين.
ويكون الامتحان الصعب أمامهم هو في تحويل قدراتهم من ممارسة الكفاح أثناء
السعي إلى الاستقلال» إلى الانتقال لأعمال السلم والبناء.. وهو ما لم يكن جزءاً من
التي (زارت) الكويت كجزء من حرب الخليج ستكون أكثر منفعة للمجتمع الكويني
من (زيارات) سفن البحرية البريطانية قبل عدة عقودا!
إن كوني «الثروبولوجي» كرّس معظم حياته العلمية لدراسة العالم العربي»
من قبل شرق أوسطيين لتقديمها لقراء أجانب. إن الاعتراف الدولي بالروائي المصري
العظيم نجيب محفوظ» هو الذي فتح الباب وكان له الفضل لترجمة الروايات العربية
التي بدأت تحتل بدورها مكاناً في المكتبات الغربية جناً إلى جنب مع الشعر الفارسي
لتعطي القارئ الغربي فكرة ولو محدودة عن نظرة الشرق أوسطيين لأنفسهم. وأنه من
الفريد في نوعه والموضوع من قبل مشارك وشاهد على الأحداث في لحظة هامة من
تاريخ الكويت؛ لهو خير دليل على تعدد الطرق التي يمكن من خلالها التعبير بالكلمة
عن نجربة انسانية حية.
الدكتور عصام الطاهر مواطن من العالم العربي وقد عاش بالإضافة إلى الكويت
في العديد من البلدان العربية والأوروبية؛ أولاً كطبيب ثم كرجل أعمال ناجج» لهذا
خلال تجربتي مع العالم العربي الذي يصفه المؤلف» أستطيع أن أتفهم وأقدر أكثرمن
الآخرين ما ذهب إليه في كتابه. لا بل أستطيع أن أجزم أن الكثيرين من القراء
سيشاركوني هذا الرأي كل بطريقته الخاصة.
إنه من المفيد والمهم أن تجد مثل هذه الملذكرات مكانها بجانب وسائل التعبير
المختلفة كالروايات والاشعار والأفلام والموسيقى ووسائل التواصل الأخرى» وسيكون
باستطاعتها اختراق الحواجز بين الأنم والقوميات المختلفة خصوصاً واننا نقعرب من
نهاية القرن العشرين.
صورة للمؤلف اثناء تأدية عمله وهو باللباس الرسمي
(أخذت سنة 1951)
الفصل الأول
لمحة تاريخية عن نشأة الكويت
لمحة تاريخية عن نشأة الكويت
أفهمني الممرض الشاويش في العيادة» ان أقدم نفسي للعم!؟ «أبو يوسف»! ولما
أعلام مختلفة الألوان والأشكال؛ ولم تكن النظرة الاولى كافية لتمييزها. وعلى جانبي
الغرفة امتد عدد كبير من الكنبات الخضر» وأمام المكتب ذي الأعلام» مكتب آخر أقل
المكتب الفخم دكة كبيرة (شازلون» يتكىء عليها رجل ضخم الجثة أشيب عاري
الرأس وبلا حذاء» ويلبس كسوة عسكرية؛ البنطلون مفكوك الحزام» والجاكيت
محلول الأزرار.. وأسرع الشاويش الذي كان يتقدمني ليفتح الباب» بأداء تحية
عسكرية شديدة وهو يصيح بأعلى صوته: «عمي أبو يوسف هذا هو الطبيب الجديد
جاء يسلم عليك». وأسرع الى العم يقبل يده؛ والعم مضطجع على أريكته ويقول «يا
هلا يا هلا بالطبيب اتفضل اجلس» فجلست. وبعد السؤال عن الصحة والأحوال»
أمر الجالس وراء المكتب المقابل بإحضار الشاي.
(1) ليذه الكلمة منى خاص في اليج والجزة العريةفهي ما يادي به ادم سيد أو لأفل شأ للإكثر
شأناء
الاق