عم إقداء «
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلى
ولابد للقيد أن ينكسر
أب و القاسم الشابي
تحية إعجاب وتقدير وإجلال
إلى أبطال الحجارة
وإلى شهداء الحرية ..
المناضل في سبيل الحرية والكرامة
المقدمة
يأتي الإنسان إلى هذا العالم في شكل مادة خام؛ تشتمل على
وأثناء نموه؛ تتطور هذه الإمكانيات والمواهب الكامنة؛ وتتفاعل مع عوامل
عديدة؛ مثل الأسرة والمجتمع والثقافة والتعليم. فتزدهر هذه القدرات
والمؤهلات وتنتعش وتتفتح؛ إن لاقت ظروفا ملائمة. وتتقلص وتنكمش
وتختنق أو تتحرف؛ إن لاقت في طريق نموها عراقيل شديدة وتجارب
إذا وجدت الماء والتور والتربة الصالحة.؛ وتذبل أو تموت إن فقدتها .
ويسخّر الإنسان منذ ولادته إمكانياته وطاقاته. لتحقيق حاجاته
المادية مثل الأمن والغذاء. وحاجاته المعنوية مثل الحب والتقدير
التكيف مع الظروف. والمناورة للتغلب على الصعوبات والعراقيل ألتي
تواجه سبيله.
فالحياة سمى مستمر في سبيل البقاء والتطور والانسجام والمتعة.
والاستعداد لمواجهة أزمات الحياة وتقلباتها. وتبدو ضرورة التغير
( المقدمة جح
الجديرة بالحياة. هي تلك الكائنات التي تملك من القوة والمرونة ما
مسباعدها على الحصول على حاجاتها؛ والتكيف مع متطلبات الحياة
ومسايرة مقتضياتها.
بمراحل مختلفة. فقد يعقب الأمل صعوبات غير متوقعة؛ فتزداد
الشكوك ويشتد القلق. وقد تتأرجح الكفة نحو الأمل أو اليأس؛ حسب
وقد يكون القلق زائراً خفيف الظل كسحابة صيف سرعان ما تتبدد؛
وربما يكون عميقاً مستديماً. وكل ذلك يتوقف على الهدف المنشودء
والفرصة الضائعة. والأمل المفقود؛ وعلى حزم المرء وسعة أفقه ومدى
وليس هناك موقف أو أسلوب محدد. يقال عنه إنه أنسب أنواع
السلوك وأصلحها. في جميع المراحل والمواقف. سواء كان الوضع يتعلق
بشخص أو جماعة أو شعب. ثم إن الناس طبائع ومعادن؛ منهم من
يتمتع بشخصية قوية واستعدادات كبيرة؛ ومنهم من هو أقل أخطأ.
ويتجنب من السلوك ما يؤدي إلى هدر طاقته؛ والتفسير الخاطئٌ
للحوادث. وتكون معاناة هؤلاء من القلق أقل من غيرهم.؛ لأنهمك
يواجهونه بصفة واقعية مباشرة.
ويس جميع أنواع القلق مضرة؛ بل إن قدرة الإنسان على الشمور
الذي ينبه الإنسان إلى وشك حدوث تغيرات غير ملائمة في محيطه.
ل المقدمة _)
أما القلق السلبي المضر فهو ما تجاوز الحدود؛ واستمر حتى في حالة
عدم وجود أي خطر حقيقي على الإنسان.
إن الإنسان طاقة نفسية وبدنية دينامية؛ لا يمكن أن يحقق ذاته
بها على تصرفاته؛ تأتي بالمقارنة بما يفعله الآخرون.
حياة معظم الناس تتسم بالسعي الدائم لحيازة المركز المرموق؛
والكفاح من أجل الرفاه المادي؛ دون أن يعيروا الاهتمام الكاضي للجوانب
النفسية والمعنوية في الحياة؛ فالنضال المضتي لتحقيق النجاح المادي
وطموحاته نحو الكسب المادي والرقي في السلم الاجتماعي؛ زاد ضغط
الحياة عليه؛ إلى أن تثقل نفسه وبدنه أعباء التوتر والضغوط المتواصلة.
ولكن التجاح الحقيقي أشمل من ذلك وأعمق. فهو يتمثل كذلك في
تحقيق الرضي النفسي والتوازن العاطفي.
على حياة الإنسان وتوجه تصرفاته وسلوكه. والمرء بدونها لا يمكن أن يظل
يكره؛. سواء كان الحب والخوف يتعلقان بأمور الدنياء أو بحياة الجنة أو
الجحيم في الآخرة. وقد كانت الانفعالات وما زالت تتحكم في وتيرة الحياة»
وتؤثر في ما يبدع الإنسان من أعمال جليلة؛ وما يقترف من أعمال شريرة.
المقدمة
ولهذه الانفعالات فضل في قدرة الإنسان على مواجهة مصاعب الحياة
وأخطارهاء بل لولاها لما استطاع أن يصمدٍ في العهود الغابرة رأمام
وسرعة الأرجل وعمق التنفس؛ وكل ذلك يساعد المرء على مواجهة الخطر
أو النجاة بنفسه.
بوسع الإنسان أن يعبر عن انفعالاته أو يخفيها. فهو غير قادر على
وشخصيته.؛ ولهذا كان الحل السليم هو قبول هذه الانفعالات والرضاء
بهاء ومحاولة تخفيف وطأتها؛ وتوجيهها واستغلالها.
الإنسان. فهي تحفز صاحبها على النشاط؛ وتدفمه نحو الهدف المنشود
بقوة وحماس. فهي للإنسان مثل الزيت والملح والتوابل للطعام؛ بل اشد
تصبح مثل السوسة النتي تنخر الحياة وتحطمها تدريجياً. فقد يعاني المرء
وللإنسان في الحياة مطالب ورغبات. وحاجات. وأهداف وآمال. ودوافع؛
تحركه نحو الارتقاء وتحسين وضعه الفكري والمادي. وهو أثناء سعيه
يواجه العراقيل والكوارث. ويعاني الأزمات والأمراض.
والتوتر والارتياب والصراع؛ ويشعر بالتعب؛ ويفقد الاهتمام بعمله وبما
القرارات اليومية. فيصاب بالحيرة والارتباك؛ ويصبح غير قادر على
مواجهة متطلبات الحياة ومشاكلها؛ فينطوي على نفسه؛ ويزداد سخطه
على نشوء المشاكل الانقعالية التي ينبغي البحث عن مصادرهاء
ومعالجتها قيل أن تحطم حياة الإنسان.
ولابد من الإشارة إلى بعض الحقائق ومنها أن الإنسان وحدة .
متكاملة لا تتجزاً؛ تتمثل في بدنه وتفكيره وانفعالاته. كما ينبغي التأكيد
على التأثير المتبادل بين انفعالاته وبدنه؛ ومنها كون هذه الانفعالات,
عن بعض لتسهيل دراستها وتحليلها. ومنها اختلاف درجات الاستجابة
للمثيرات. وردود أفمال الناس في المواقف المبهجة والمزعجة. فالإهانة
آخر. وهذا يدل على مدى نسبية القيم الأخلاقية. واختلاف أحكامها من
مكان إلى آخر. ولهذا ينبغي عدم المبالغة في التعميم؛ لأن لكل إنسان
حقيقة الارتباط الوثيق بين الفشل والقلق والتوتر مثلاء وبين ما يعانون
من أعراض مرضية بدنية. ولكن الأطباء يؤكدون أن الذين يعانون
اضطرابات بدنية؛ نتيجة المشاكل النفسية,؛ يتجاوز عددهم نسبة 50 في
المقدمة
وما أشد الفرق بين الإنسان القوى السليم والرجل الصالح النشطة
الذي يخدم نفسه وأسرته والمجتمع؛ والشخص العليل المضطرب الذي
يعيش وهو عبء على الجميع؛ يصاحبه الشعور بالخيبة والفشل. وتشير
المرض نتيجة أسباب عضوية أو نفسية. فإذا تغيب عن العمل خمسمائة
ألف عامل في بلد ما مدة عشرة أيام في السنة فقط؛ يقل الإنتاج بمقدار
خمسة ملايين يوم عمل. هذا بالإضافة إلى تكاليف الأطباء والأدوية
والمستشفيات. وما تسببه الأمراض من اضطرابات في حياة الفرد
وما لم يؤكد الطبيب بطريقة لا تدع مجالاً للشك؛ أن سبب اتخلل
البدني هو مرض عضوي. فلا ريب أن السبب هو مجموعة من العادات
السلوك الصحيء مثل الشمور المفرط بالقلق والتعب والتوتر والكآبة أو
اضطراباتهم النفسية.؛ لأن المجتمع لا ينظر إليهم بعين العطف والاحترام؛
0 المقدمة _)
يكون ملماً بالتغييرات النتي تحدث في البدن؛ ومدى تأثيرها على الفكر»
والعلاقات بين العمليات العضوية والنفسية. وقد أثبتت البحوث والتجارب
وتجعله عرضة للمرض. وأصبح من المؤكد الآن؛ أن الارتباط وثيق بين
من اضطرابات مرضية عضوية. وقد أسهب الأطباء في الحديث عن طرق
فالإنسان يتعلم منذ ولادته؛ بفعل ما يتعرض له من تجارب؛ التمييز
بين المواقف التي تهدد أمنه وسلامته؛ والنتي تجلب له الراحة والاطمئثنان.
استعدادات نفسية ضسيولوجية تساعده على مواجهة الخطر أو الفرار منه.
ولا يختلف الحيوان كثيراً عن الإنسان في مواقف الخطر. وذلك لأن
الإنسان ما زال يحمل في رأسه ذلك الجزء البدائي من الدماغ الذي
يشترك فيه مع معظم الحيوانات. وهذا الدماغ البدائي هو مركز
الانفعالات. والمسيطر عليها والمحرك لها. أما الدماغ الحديث الذي يشغل
معظم حجم الجمجمة؛ والذي تميز به الإنسان عن الحيوانات. فقد نما
وتطور تدريجياً؛ إلى أن بلغ الحجم الذي نعرفه اليوم.
وعندما يشعر المرء بالاطمثنان والابتهاج؛ أو بالحزن والكآبة
والخوف والعدوانية؛ يكون منبع جميع هذه الانفعالات هو الدماغ
المقدمة
البدائي, وهو الجهاز الذي يعمل على حفظ التوازن الحيوي بين مختلف
المواد الكيمياوية الموجودة في الدم؛ وهذا التوازن أساسي لاستمرار
ودقات القلبء وضغط الدم؛ ويحافظ على حرارة البدن في مستواها
الذي يدفع الغدد الأدرينالية لتصب مادة الأدريتالين في مجرى الدم؛
بهدف تحفيز الكبد على زيادة إفرازاته. والعضلات على مضاعفة
نشاطهاء كما يزيد سرعة التنفس ودقات: القلب. لإمداد العضلات
“الإنسان من مواجهة الخطر. والاستعداد للطوارئ؛ أو الهروب والنجاة
وليس من الضروري أن تتمثل مصادر الخطر في حيوان مفترس»
أو عدو يحمل خنجراً. أو سيارة تتجه نحوك بسرعة مرعبة. فالإنسان
قوة دينامية تتفاعل مع قوى البيئة والأسرة والمجتمع؛ وتتأثر بما يتعرض
له من تجارب وخبرات؛ وهو يخضع لما في بيئته من تقاليد وقوانين
وأنظمة؛ أو يثور عليها. وهو أثناء حياته يتعرض لحوافز ومثبطات.
والأوامر والنواهي؛ والعراقيل النتي تقف أمام إشباع غرائزه؛ وتمنعه
والمواقف تعرضه لأنواع ومستويات مختلفة من الانفعالات الإيجابية؛ إن
شك في أن الإنسان في عصرنا يعاني من أخطار عديدة؛ تتمثل