اهتمام الإسلاممبتربية النشء
مفهوم الأمية التربوية الضائع
لانتصور أن مثل هذه القضية التي هي غاية في الخطورة يمكن أن تناقش وتعطى حقها
في هذا الزمن القليل» فليكن كلامنا مجرد مدخل ومقدمة لسلسلة تستمر -إن شاء الله
تعالى- فيا بعد عن هذا الموضوع. بالنسبة لمفهوم الأمية التربوية نجد أن الناس يتداعون بين
وقت وآخر للحديث والإعلان عن مراكز محو الأمية وأهمية محو الأمية؛ بمعنى الجهل
بالقراءة والكتابة؛ لكننا قل أن نجد من يلتفت إلى نوع آخر من الأمية؛ وهي الأمية في مجال
الفرق بين الأمية التربوية والأمية بالقراءةوا
حيث آثارها أخف بكثير جدًا من أمية التربية» أما أمية التربية فقد تخرج أجيالاً مشوهة
نفسيًا تعاني وتتعذب وتنحرف في كل مظاهر الحياة. الأمية في القراءة والكتابة قد نجدها
أعلى المستويات» بل على مستوى الوزراء وغيرهم من علية القوم؛ وهذه الظاهرة نلمسها في
مناهج التعليم؛ أو وسائل الإعلام.. كل هذه تعكس وتشير إلى مدى الأمية التربوية؛ هذا
مع حسن الظن بهم! الأمية بالقراءة والكتابة قد تكون ظاهرة؛ أما الأخرى فهي تتخفى؛ ثم
تظهر لنا فيها بعد آثارها الخطيرة على الأبناء والأولاد؛ أي: يمكن أن يكون الرجل
يحتاج زم طويلاً وجهوثًا مكثفة؛ والمقصود هو أن ننقل هذه القضية إل دائرة الاهتمام
عوائق معالجة الأمية التربوية
كان ينبغي معالجة هذه القضايا منذ زمن بعيد» لكن هناك عوائق وعقبات أمام ذلك؛
وأكبر عقبة أنه كان يفترض في هذه القضايا التربوية أن يقسم الناس فيها إلى شرائح عمرية؛
المسجد أنه تتواجد فيه جميع الغتات العمرية من الجنسين؛ ولا شك أن هذا توجد معه بعض
الصعوبة من حيث اختلاف مستويات الناس في فهم الأشيا:
للأطفال غير الذي يقال للشباب المراهقين» وهو غير الذي يقال للناضجين؛ وهو غير الذي
أيضًا الكلام الذي يقال
تناسب طائفة معينة؛ فهناك من الشباب مثلاً من له بعض المشكلات الخاصة جنا التي لا
يناسب أن تذكر أمام الجميع» أو تناقش
السئة وهدي السلف الصالح» لكننا في نفس الوقت نحتاج لتوعية ::
لا تكون كالقضايا التي نعتاد على دراستها في المسجدء؛ لكننا
طالما كان له دور شامل لجميع مقاصد الحياة؛ ويشمل كل مجالات الحياة؛ فلا حرج على
الإطلاق إن شاء الله تعالى من تناول هذه الأشياء» من باب تصديق فول النبي كه
ية وصحية في قضايا
فتذكر أنفسنا بأن اللسجد
الكلام؛ وبالتالي تطبيق الإرشادات» لكن مع التفصيل والإيضاح نأمل تجاوز هذه المخاطر.
(؟) صحيح مسلم من حديث أبي هريرة ل
اهتمام الإسلاممبتربية النشء
مادمنا نتكلم عن التربية فمحور هذه القضية هو أهم شريحتين في الأمة: الأطفال والشباب+؛
لأنهيا الطائفتان القابلتان للتربية والتوجيه؛ وكلما تقدم السن كلما كان الأمر أصعب.
بعض مظاهر الخلل في التربية
من المناسب أن نبدأ بإظهار بعض مظاهر الخال وموقفنا نحن من موضوع التربية.
نقول عدم العلم جهل والخطأ في العلم جهل.
إهمال التربية أوتبني التربية اللخالقة للإسلام
ال: هذا كتاب» فقد أخطأء فهو لا يعرف الكتاب من الكوب؛ فالخطأ في العلم
نوع من الجهل» وقد يكون أخطر من الجهل العادي الذي يعني انعدام العلم. أقصد بذلك
أن عندنا بعض الناس لا يخطر الموضوع لحم على بال؛ والبعض الآخر يتبنى مناهج تربوية
خاطئة؛ لأنها مصادمة للمنهج الإسلامي الصحيح والسويء فهذا أيضًا نوع من المرض
والانحراف ينبغي أن يعالج» وأن تقتلع المفاهيم المنحرفة؛ لأنها لا تخرج عن حيز الجهل+؛
لأنها مناهج خاطئة تصادم المنهج الصحيح. نحن أقسام: إما أن بعضنا غافل تمامًا عن شيء
ويتلهى بها ويغفل أنواعًا أخرى من النمو ينبغي أن يعتنى بهاء وأن يعطى الطفل احتياجاته
فالتربية لا تأخذ عندهم مأخذًا جانًا كعلم يكتسب؛ ومهارة تحتاج إلى تدريس؛ وإنما ينظر
إليها أغلب الناس عل أنها شيء تلقائي يدركه الفرد بإحساسه العفوي» فإن أراد الاجتهاد
فإنه يضيف شيئًا من خبراته المكتسبة ورائيًا عن طريق ما تعلمه من الآباء. وغالبية الناس
يجهلون كيف يتعاملون بالأسلوب السليم مع أولادهم في هذا العصر الذي صعبت فيه
التربية جدّا؛ لأنه عصر يكتظ بالمتناقضات» وتتزاحم فيه الأضداد. أصبح الإنسان تتنازعه
جوانب عدة واتباهات مختلفة؛ فلا يجد الفتى أو ١|
يكون هناك من هو كفو لقيادته إلى الطريق الصحيح في هذا الخضم المتلاطم من الأفكار
الحديث عن التربية من أبراج عالية لا تناسب بسطاء العقول
بعض الناس يتكلمون كثيرًا عن التربية لكنهم يتكلمون من برج عاجي؛ أو دراسات
الدراسات المتخصصة فإنها لا تعطينا وجبة سهلة قابلة للتطبيق» لأن كل الكلام على
مستوى أكاديمي يناسب المتخصصين ويستغلق على الإنسان العادي؛ وربما عقات بعض
ة مؤترًا يناقش مشاكل المراهقين؛
وتطرق أساتذة كبار في كلية الطب إلى هذه المشاكل؛ فوجدت أن الكلام كله يدور في إطار
المؤتمرات لمناقشة بعض المشكلات؛ وقد حضرت
مشاكل طبقة المترفين» وفيه تفاصيل لا تمت للأغابية من الناس بصلة. أيضًا بعض الناس
افتتن بالمنهج التربوي الغربي وأراد إسقاطه عشوائيًا على بينتناء وهذا كقصة الثل الذي
يحكي أنه كان هناك سمكة جرفها السيل» وأخذ يدفعها أمامه؛ وهناك قرد أراد أن ينقذ
السمكة؛ فأخرجها من الماء حتى ينقذهاء نحن إذا تم التعامل معنا على أساس
ثقافتنا ومذهب غير ديننا فإن هذا لا يناسبنا؛ لأن صلاحنا لا يكون إلا بها صلح به أمر أول
هذه الأمة. وبعض الناس يرون التربية الحسنة؛ في أن يوفر الأب لأولاده أحسن مليس
وأحسن مأكل؛ ووسائل الترفيه؛ والبعض يسلك مسلك التربية القاسية المخسلطة؛ حتى إن
منا من يستحسن ذلك حين يحكي عن شخص أنه حين ينظر لابنه ب نيه فإن الولد
التدليل المفرط الذي يدمر الأطفال وبسيء إليهم.
تطبيق طريقة الآباء الخاطئة في التربية أوإيكالها إلى الخادمات
من مظاهر الخلل في هذه التربية أيضًا: اعتزاز بعض الناس - إلى حد التقديس-
وبالتالي يريد أن يحاكي هذه الطريقة ولا يخضعها أبنًا للنقد أو التمحيض أو النقاش أو
اهتمام الإسلام بتربية النشء
إعادة النظر فيها. أما مشاكل المترفين: فهم يتركون زمام التر,
فقد أصبحن في هذا الوقت ظاهرة جديلة؛ حيث يستقدمن
الخادمات دورًا مدمرًا هوية الأطفال الإسلامية.
ندرة وجود المعلمم التربوي
من هذا أيضًا: تسليم زمام التربية لمعامات غير 5
ن شرق آسيا كافرات لا
يات» ولا حظ لحن على الإطلاق في
التربية؛ فنجد بعض المسالك من المعلمة التي لا تعرف شيئًا في التربية؛ لأن هناك فرفًا بين
التربية وبين التعليم» فالتعليم جزء من التربية؛ كما يقول المثل الصيني: إذا أتاك مسكين من
أجل أن تتصدق عليه فأن تعطيه شبكة وتعلمه كيف يصطاد السمك أفضل من أن تتصدق
الحالة ليس معليًا فقط لكنه يكون مرييًا ذا علم التلميذ أو الطالب كيف يفكر ويجلهاء
وكيف يستقل بالإبداع في هذه المجالات؛ فالتربية أعم من التعليم؛ فقاد يوجد معلم لكنه لا
يكون مربيًا كما لاحظناء والأمثلة مؤلمة جدًا.
تسليم زمام التربية لوسائل الإعلام الفسدة
الآن ينتزع زمام التربية ويعطى لوسائل الإعلام التي تدمر الأبناء تدميرًاء وفي مقدمتها
التلفاز بسلوكه الخطير على نفسية الأطفال بإجماع جيع العقلاء في كل العالم؛ وفي أ
يوجد اقتراح لمنع الفساد عبر أجهز إن والفيديو وغيرهاء فانضم هذه الحملة رئيس
أمريكا وطالب الناس أن ينضموا ليطالبوا الوسائل التلفز؛
بالحد من النشاط الإجرامي
الموازية والمضادة للتربية الإسلامية التي تسلط على الأطفال صباح مساء تصعب المهمة جا
نبداً بإظهار بعض مظاهر الخال» ومو قفنا نحن من موضوع ال
تحذير الشريعة من إهمال التربية
أهمية التربية المبكرة
من المناسب أ
ويقول النبي -قته: « 0 0 الو و
بَيْتهاا". فلا تظنوا أن عملية التربية نوع 0 الكماليات أو الرفاهية؛ أو نوع من الترف
يعني: لا إثم أعظم من ذلك. فمن القصور أن نتصور أن التضييع إنما يكون بالنفقة؛ لأن
يه" فسوف تسأل وتحاسب بين يدي الله لاعن سلوكك
(4) متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر بلا.
(8) سنن الترمذي من حديث أبي موسى #لله؛ والسنن الكبرى للنسائي وصحيح ابن حبان من
حديث أنس «الله (صححه الألباني).
(10) السنن الكبرى للنسائي؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم وصححه من حديث عبدالله
بن عمر وللا..
[!] اهتمام الإسلام بتربية النش:
التضييع يكون بأمور هي أخطر من النفقة؛ سواء تركه مع صحبة سيئةء أو توفي أ
كلام الغزالي على أهمية التربية المبكرة
يقول الإمام أبو حامد الغزالي عئي: الصبي أمانة عند والديه؛ وقابه الطاهر جو
"١ فلابد من إتقان التربية وإحسائهاء والاستعانة في ذلك
عود الخير وغُلّْمَه نشأ عليه؛ فسعد في الدنيا والآخرة أبواه» وكل معلم له ومؤدب» وإن عود
الشر وأهمل إهمال البهائم؛ شقي وهلك؛ وكان الوزر في رقبة القيم عليه والواني له. يقول
فالشر طارئ لكن الفطرة البشرية سليمة وقابلة للخ
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه وما دان الفتى بحجىّ ولكن يعلمه التدين
أقربوه فالنبي ته حمل الوالدين مسئولية تربية الأبناء؛ لأن بعض الآباء قد تحصل ظروف
معينة في أسرته تجعله يقرر أن يهرب من هذه المسئولية؛ فيكون مثله كمثل ربان السفينة في
وسط البحر إذا غضب من بعض البحارة فترك لهم المركب» وأخذ قاربًا ولن يستطيع
(4) صحيح البخاري من حديث أبي هريرة «الل.
إلا هوء وقد يكون الأمر أخطر لو تخيلنا أنه فائد الطائرة وينزل بالمظلةء فهل يخلو مثل هذا
من المسئولية بضياع هذه الأسرة وهؤلاء الأولاد؟ لا. بل سوف يجحاسبه الله 38 ويكون
حث الشريعة على. حقوق الأبناء والاهتمام بتربيتهم
يقول النبي انا ل الس ا له
يقول الغزالي في رسالته: أيها الوالد! إن معنى التربية يلزم عمل الفلاح الذي يقلع
الشوك ويخرج النباتات الأجنبية من بين الزرع ليحصل نباته ويكمل ريعه. ويقول الإمام
ابن القيم يل: قال بعض أهل العلم: إن الله كل يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن
غم اخ المي
1 1 اهتمام الإسلامبتربية النش:
بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم» والدليل من القرآن الكريم قال تََاَ: حو لهي
الأولاد قبل أن يصبح هذا الطفل مكلنًا بير والديه؛ ومنذ أن كان
والله يل يشرع له من الحقوق ما يجمي له حياته ويصونهاء ويجعل لحا حرمة» والأحكام في
وتركه سدى؛ فقد أساء غاية الإساءة؛ وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء؛
وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسئنه؛ فأضاعوهم صغارًا فلم ينتفعوا بأنفسهم
غفلة الآباء عن التربية المبكرة للأبناء
تربية الأولاد تبداً مبكرة جدًا عما نتخيل؛ لأن أغلب الناس تنظر إلى الطفل من ناحية
نموه الجسدي» وكثير من الناس يستصحب موقفه هذا مع الطفل الصغير منذ أن يحبو حتى
يكبر وهو ما زال ينظر إليه بهذه النظرة. والإسلام في نبه إلى موضوع التربية؛ وبعض
الناس لا يلتفت لا إلا بعدما يكبر الولد ويتعدى الثانية عشرة من عمره؛ وهذه خسارة ما