علوم القرآن بين البرهان والاتقان )0
وأستطيع القول إن الحارث بن أسد المحاسبي (ت:43 «ه) هو أوّل من آلف في
بعض تلك العلوم » مراعياً مضمونها ومحتواها ؛ دون عنوانها بكتاب له أسماه
اصطُلح عليه منها » فهو كتاب , التنبيه على فضل علوم القرآن » لأبي القاسم
الحسن بن محمّد النيسابوريٌ » المعروف بابن حبيب (ت:1 0 4ه) +
وكان الغرض الأساس والغاية المنشودة لمعظم « علوم القرآن » ؛ يدور حول
تفسير القرآن الكريم » وتسهيل فهمه » وشرح معانيه ؛ لذلك جرت عادة كثير من
مصنفات التفاسير أن تحتو على مقدمة » أو مقلّمات تتضمن أَهمّ هذه العلوم»
ولقد صُتّت كتب تجمع عدداً من , علوم القرآن » بات من أبرزها :
كتاب «« فنون الأفنان في عيون علوم القرآن » لأبي الفرج عبدالرحمن بن علي ابن
الجوزي الحنبلي (ت:/041ه) » و «ر جمال الَرَءِ وكمال الإقراء » لأبي الحسن علي
ابن محمد السخاوي (ت:147ه) » و ( المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب
العزيز » لأبي شامة عبدالرحمن بن إسماعيل المقدسي (ت:118ه) ء
و « الإكسير في قواعد التفسير » لأبي الربيع سليمان بن عبدالقوي الطوفي النبلي
(ت:1 ١لاه) » و ( البوهان في علوم القرآن » لأبي عبد الله محمد بن عبد الله
الرُرُكشي (ت:1/44ه)» و « مواقع العلوم من مواقع النجوم » لأبي الفضل
عبدالرحمن بن عمر الُلقيي (ت:4 7/ه) » و « التيسير في قواعد علم التفسير »
لأبي عبد الله محمد بن سليمان الكانِيّحي (ت:81/4ه) » و « التحبير في علوم
التفسير » » و « الإتقان في علوم القرآن » كلاهما لأبي الفضل عبدالرحمن بن أبي
بكر السيوطي (ت:411ه) .
علوم القرآن بين البرهان والإتقان )00
وهذه الكتب التسعة مطبوعة كلّها ؛ سوى كتاب جلال الدين البُلقيِي ؛ فهو
في عداد المفقود .
* أهمية الموضوع :
يعتبر كتاب البرهان » للزركشي أوسع كتاب في « علوم القرآن » حتى نهاية
القرن الثامن» فقد ضمّئة مُؤلَفهِ سبعة وأربعين نوعاً من أنواع « علوم القرآن »
العلوم» وجعله مقدمة لتفسيره الذي شرع فيه » واه : ( مجمع البحرين ومطلع
البرين الجامع لتحرير الرواية وتقرير الدراية » » وغدا هذان الكتابان أهمٌ كتاين
وظلّ كتاب « البرهان » متوارياً بعيداً عن أنظار طلاّب العلم فزة ليست
قصيرة ؛ إذ لا أعلم أحداً من العلماء بعد القرن العاشر نقل منه نصوصاً مستفيضة»
وأظن أن تقَدُّمٌ طباعة « الإتقان » وانتشاره في الأوساط العلسّة هو العامل
الرئيس في تعريف طبقة أهل العلم المتأخرين به ؛ بل إن كديرا من تداول بعض
الأبحاث القرآنية قبل عام (171/1ه 488١م ) - وهي السنة الي طبع فيها
« البرهان » أوّل مرَّة - لم يعتمدوا في كتاباتهم عليه .
١ - أن السيوطي أضاف أنواعاً حديدة من « علوم القرآن م تعد قل في تاريخ
التأليف في هذا العلم .
علوم القرآن بين البرهان والإتقان 0
» - احتوى كتاب « الإتقان » زيادات عديدة في المسائل ؛ والمباحث ؛ والمصادر»
والأقرال» ورتب بعض أنواع « البوهان » ترتياً أنسب من ترتيب الزركشي»
وقد احتفى أهل العلم بكتاب «« الإتقان » واعتدوا به » واتخذ هذا الاهتمام
اتجاهين :
- اتحاه ضمٌ « الإتقان » مع زيادة عليه ؛ كما فعل ابن عقيلة اللكي (ت::115هى)
في كتابه ,« الزيادة والإحسان في علوم القرآن » » فقد ضمَّنه أربعة وخمسين ومشة
نوع » أصولًا أنواع السيوطي .
- اتجاه الاختزال والاختصار له» ول في أحد عشر كتاباً منشوراً؛ ونظم لمجهول
( كان حي عام ٠١٠ه) » عقد فيه مسائل (« الإتقان م ومباحثه .
* أسباب اختيار الموضوع :
ئة بينهما ؛ لعدّة أسباب ؛ منها : ّ
تحلية جهود الإمام الزركشي في تأسيس بعض أنواع « علوم القرآن » الي لم
؟ - إبراز زيادات الإمام السيوطي على الزركشي من حيث التأصيل ؛ والأنواع +
والصادر .
© - بيان تطوِّر التأليف في « علوم القرآن » من حيث الجمود والازدهار .
© - بيان أثر هذين الكتابين فيمن لف بعدهما في هذا السبيل +
* - تعريف الباحث بمناهج المؤلّفين في , علوم القرآن » عامة ؛ ومنهج الزركشي
والسيوطي بخاصة .
علوم القرآن بين البرهان والإتقان )0
* منهج المقارنة باختصار :
سلكت في مقارني لأنواع « علوم القرآن » المتفق عليها بين الزركشي
١ - أعرض لتلك الأنواغ حسب تسلسل ذكرها في « البوهان » .
أختار عنوان الزركشي فأنبته في مطلع النوع دون عنوان السيوطي +
© - ثم أتحدّث عن محتويات النوع من خلال منهجيّة رباعيَّة » متمثلة ب :
(] ) أتحدّث عن الفرق بين عنواني « البرهان » و « الإتقان » إن كان نََّةَ
فروق تذكر » وَأيْن أنهما أدق وأحكم سبكاً من الآخر » وأظهر إن كانت زيادة
أحدهما على الآخر اسمّوعبت في أحد العنوانين أم لا » وقد شير إلى بعض فروق
تسخ الكتاب الواحد منهما » إن كان يزتّب على تلك الفروق أثر في اختلاف
المعنى .
(ب) ثم أتحدّث عمَّا صدّرا به النوع من مصتفات مفردة في « علوم القرآن »»
() ثم أعرض لمباحث النوع بحسب عرض الزركشي لا ء وأُسّن مواضعٌ
الاتفاق والافزاق بينهسا بعبارة وجيزة مُكبية للغرض » ثم أردف الكلام على
مباحث السيوطي البي طرقها - ولم ترد في ,« البرهان » - من غير تفصيل لا ؛ لأني
وقد أُعرّف النوع إذا لم يعرّفاه وكان فيه إبهام أو غموض .
واستطعت - بعون الله - أن أقف في مواضع على أصل كلام الزركشي
علوم القرآن بين البرهان والاتقان (.0
وهم » أو خطأ » أو إظهار رأي راجح » أو قصور في وفاء مسألة جوانبها الرئيسة.
وهذه المنهجيّة تنسحب على دراسي لانفرادات الزركشي » ويوجد شيء من
السيوطي لها طبيعة تحكمها .
وتد أظهرتٌ هذه الدراسة تاريخ بعض مسائل « علوم القرآن » ؛ لا أظن أنه
المعلوسات عن كتب ميّئة » وأشارّتُ إلى توائق الصلة بين « علوم القرآن »
و « أصول التفسير » ؛ وبروز طائفة وفيرة من ضوابط التفسير وقواعده في
تضاعيف كتب ( علوم القرآن » .
* خِطّة البحث :
اقتضت طبيعة البحث أ
إن في مقدمة ؛ ومدخل ؛ وتمهيد ؛ وستة فصول؛
أما المداخل » فتضمن مبحثين :
اللبحث الأول : تعريف « علوم القرآن » من حيث اللغة والاصطلاح +
المبحث الثاني : ترجمة موجزة للإمامين الزركشي والسيوطي ٠
أما التمهيد ؛ فتضمّن ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : نشأة , علوم القرآن » والمراحل الي مرّت بها .
المبحث الثاني : أول من ألّف في « علوم القرآن » .
المبحث الثالث : تعريف موجز بالكتب المعشبرة في « علوم القرآن» ) الي
سبقت « البرهان » و « الإتقان » .
الفصل الأول : أنواع « علوم القرآن » في «« البوهان » و « الإتقان » ؛ وتضمّن
علوم القرآن بين البرهان والإتقان )01
مدخلاً » وثلاثة مباحث :
المدخل : إطلالة على أنواع علوم القرآن في الكتابين .
المبحث الأول : الأنواع المتفق عليها +
المبحث الثاني : ما انفرد به الزركشي ٠
البحث الثالث : ما انفرد به السيوطي » وفيه ثلاث مطالب :
المطلب الأول : أنواع « علوم القرآن » الي أصلها في , البرهان » .
المطلب الثاني : أنواع « علوم القرآن » الجديدة الي أضافها السيوطي على
« البرهان » » مع كونه مسبوقاً بها
المطلب الثالث : الأنواع المبتكرة في « الإتقان » +
الفصل الثاني : دور الزركشي في تأسيس بعض أنواع « علوم القرآن » +
الفصل الثالث : زيادات السيوطي على « البرهان » ٠
الفصل الرابع : تحريرات السيوطي .
الفصل الخامس : القيمة العلمّة ,, للبرهان » و «« الإتقان » » وفيه همسة مباحث :
المبحث الأول : منهج الكتابين .
المبحث الثاني : قيمة مصادرهما » وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : فوائد دراسة المصادر .
المطلب الثاني : مميّرات مصادر الكتابين .
المطلب الثالث : طريقة تعامل الزركشي والسيوطي مع المصادر .
المبحث القالث : ميات الكتابين .
المبحث الرابع : مكانتهما بين كتب « علوم القرآن » .
المبحث الخامس : المآخذ عليهما .
الفصل السادس : أثر ,, البرهان » و « الإتقان » فيما بعدهما من مؤلّفات .
الخاتمة ؛ وفيها أهمّ نتائج البحث ؛ وبعض التوصيات .
وقد صنعت خمسة فهارس ؛ لتيسير الإفادة من محتويات الكتاب .
علوم القرآن بين البرهان والإتقان 09
وأود الإشارة إلى أن للشيخ أبي الفضل عبد الله بن محمد بن الصديق الكُماري
(ت: 417 1ه) رسالة سمّاها : « الإحسان في تعب الإتقان للسيوطي » ؛ تقع في
أربعين صفحة من القطع المتوسط ؛ نبّه فيها على بعض الروايات » والأحاديث
و لم أنقل عنها شيا في هذا الكتاب ؛ ولعل هذا يتاح في فرصة أخرى بمشيئة الله .
وفي نهاية كلمي هذه فإني أشكر الله عزٌّ وجل على توفيقه وإعائته لي في
جميع الأمور ؛ فهو سيحاته وتعال أهل اثنٌّ والفضل والعطاء » فسبحائك ما
كما أتوجه بالشكر لفضيلة الأستاذ الدكتور عبدالعزيز محمد عثمان الذي رعى
حَتَى الققطاف » فأسأل الله أن يتولّى مكافأته وإحسانه ؛ ويختم له في الذّارين
وأخْصُ بالشكر - أيضاً - فضيلةً الأستاذٍ الدكتور عبد الله بن العلاّسة الشيخ
محمد الأمين الفَكَيْ الذي أسهم بحظ موفور في التوجيه والرعاية » فله عظيم
شكري ووافر امتناني +
وأذكر بالجميل والعرفان المشايخ الفضلاء : الشيخ ماع بن خليل القطان +
والدكتور حكمت بشير ياسين ؛ والدكتور محمد عمر حوية ؛ والدكتور عاد بن
بلال العوفي » الذين أبدوا بعض الملاحظات المفيدة » ولا أنسى الدكثور محمد
وأشكر جميع إخواني الأعزاء الذين أسهموا معي بالمراجعة والمقابلة » فلهم مين
حسن الدعاء » وعاطر الثناء .
علوم القرآن بين البرهان والاتقان 09
حلل القبول » وأن يَقْثَُي في صحائف عملي يوم الدين ف يوم ترى المُؤمين
المدينة المدورة
17: الحديد آية )١(
المبحسث الأول : تعريف علوم القرآن من
ِ حيث اللقة والاصطلاح
المبحث الثاني : ترجمة موجزة للإمامين