ولكن الله عز وجل الذي تكفل بحفظ كتابه فقال : (إنا محن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)» (لا تحرك
به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه). أحبط ويحبط كل
محاولة لتضييع هذا الكتاب» فحفظته الصدور وحفظته السطورء وقيض الله
الله عل لتجد الثمة ما يعينها على فهم كتاب زيها وححسن الأحذ به.
ولعل إمامنا البغوي من خير من قدم خدمة لكتاب الله عز وجل في تفسيه هذا ( معالم
التتزيل حيث اعتمد على الأثور في بيان معنى الآية التي يفسرها ما سنفصل ذلك عند الكلام عن
البحث على مخطوطة بمكتبة الحرم المكي فعملنا على تصويرهاء ثم طلبنا من الشيخ الفاضل عبد القادر
الأناؤوط أن يبعث إليناً بمخطوطة في المكتبة الظاهرية فاستجاب لذلك وشجع على الإقدام فجزاه الله
ونحن ندرك أهمية هذا العمل من خلال اطلاعنا على ما في الكتاب من علم يحتاجه
المسلم» ومن خلال ثناء أهل العلم على الكتاب وعلى مؤلفه؛ وبعد أن قطعنا مرحلة إذ بخبر يقول : إن
أخوين فاضلين قاما بتحقيق هذا الكتاب» وهو في طريقه إلى المكتبات» فتوقفنا وقلنا لا حاجة إل تضييع
مدى تحقيق الفائدة منه بإخراجه على هذه الصورة ففوجثنا وللحقيقة تقول ذلك بأن الكتاب لم
يخدم على الوجه الذي ينبغي وقد وجدنا فيه:
١ اعتاد المطبوع وفيه ما فيه من الأخطاء -
ترك أكثر الأحاديث بدون تخري إلا القليل مما لم يذكره البغوي بإسناده.
© كثة الأخطاء والتصحيفات والزيادة والنقص عن المخطوط.
وبعد مدارسة بعض صفحات الكتاب مع بعض أهل العلم واطلاعهم على عملنا أشاروا بمتابعة ما
بدأناه ليع الانتفاع من الكتاب الذي نال ثناء العلماء» فاستأنفنا العمل مستمدين من الله تعالل العون
والتوفيق والأجر على خدمة كتابه العزيز, شاكرين لأستاذنا الفاضل الدكتور محمد أديب الصالح» الذي
أفادنا بتوجيباته» فجزاه الله خير الجزاء ومتع الأمة بأمثاله. ما نشكر كلاً من الأساتذة الأفاضل:
الشيخ عبد القادر الأناؤوط» الذي تفضل وأفادنا بالحصول على صورة من مخطوطة المكتبة الظاهرية.
والأخ المهندس محمد ياسر صفر الحلبي الذي شاركنا وقتاً طويلاً في المقابلة والمراجعة.
عنا خا فبدأنا
وأخاً نتوجه بالشكر إلى الأخ الفاضل عبد العزيز ناصر الجليِّل؛ صاحب مكتبة دار طيبة بالرياض +
التي تولت طباعة هذا الكتاب وإخراجه بهذه الحلة ال
وصل الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
منهج البغوي في التفسير
إن معالم التنزيل كتاب متوسط» نقل فيه مصنفه عن مفسري الصحابة والتابعين ومن بعدهم؛ وهو
من أجل الكتب وأنبلها وأسناهاء حار للصحيح من الأقوال» عارٍ عن الغموض والتكلف في توضيح
قال العلامة ابن تيمية: (والبغوي تفسيه مختصر من التعالبي؛ »؛ لكنه صان تفسينِ عن الأحاديث
الموضوعة» والآراء الع وقد سعل عن أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة؟ الزمخشري أم القرطبي»
ال البغري؟ أو غير عولا؟ فأجاب: «وأما التفاسير الثلاثة السؤيد عنها فأسلمها من البدعة والأحاديث
«فسألني جماعة من أصحاي المخلصين» وعلى اقنباس العلم مقبلين: كتاباً في معالم التنزيل وتفسيو
أجبتهم إليه؛ معتمداً على فضل الله وّيسوه؛ ممثلاً وصية رسول الله ع فيهم فيما يرويه أبو سعيد
الخدري رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: «إن رجالاً يأتونكم من أقطار الأض يتفقهون في
الدين» فإذا نع فاستوصوا بهم خوله”"". وإقتداءٌ بالماضين من السلف في تدوين العلي إبقاء على
متوسطأء بين الطويل المملء والقصير المخل» أرجو أن يكون مفيداً لمن أقبل على تحصيله مريدأم!" .
ومن خلال البحث يمكننا أن نقف على منهج الإمام البغوي فنوجزه بما بلي :
١ يتعرض لتفسير الآية الكرمة بلفظ سهل موجزء لا تكلّف في لفته ولا تطويل» فهو يكتفي
)١( خاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١١ /حد؟
(9) انظر مقدمة المفسر ص (4؟).
بالوقوف على الكلمة الغريية ليكشف عن معناها بالرجوع إلى أصلها ومصدرفاء مستئلاً
بالآيات والأحاديث وما أثر عن الصحابة والتابعين وبأقوال أهل اللغة.
_-١ يلك السبيل القييم في بيان المعاني فيفسر القرآن بالقرآن أو بالحديث أو بأقوال الصحابة؛
ويستأنس بأقوال التابعين ولمجتهدين» وذلك أن القرآن يفسر بعضه بعضاً فما أجمل في موضع
صل في موضع آخرء وقد تخصص آية عموم آية أخرى.
ونجده يعتمد الجمع بين الآيات ذات المعنى الواحد» ليوضح معنى كلمة في الآيقه م فعل على
سبيل المثال عند تفسير قوله تعال: (ويمدهم في طقيانهم يعمهون)' إذ بين معنى المَدُ ثم أورد قوله
تعالل: (ونمدّ له من العذاب مدال" ثم بين معنى الإمداد فأورد قول الله تعالل: (وأمددنم بأموال
وعند قوله تعالى: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً!*؟ يقول: لأ الآيات كانت تنزل تر ايه
وأما اعتاد الإنام البغوي على السنة في تفسير القرآن الكريم فهو سمة واضحة في تفسيو. كيف لا
حديثاً بغير إسناد» أو يورد حديثاً ضعيفاً» وقد نجده يسوق عدة أحاديث عند الآية الواحدة ا فعل عند
تتقون)!") أو عند قوله تعالى: (والشعراء يتبعهم الغاوون) ©
» يتعرض للقراءات من غير إسراف وذلك حين يجد أن القراءة يترتب عليا تُيرٌ المعنى» كا في قوله
تعالى: (وقرن في بيوتكن) ل" إذ يقول رمه الله: «قرأً أهل المدينة وعاصم وترن بفتح القاف» وقرأ
الآخرون بكسرهاء فمتى فتح القاف فمعناه: أقررن أي الزمن بيوتكن من قوم قررت,بالمكان أقر
قراراً ..... ومن كسر القاف فقد قيل: هو من قررت أقر معناه أقرن بكسر الراء» فحذفت
(7) سورة ممه الآية (15).
() سورة الاسراء» الآية (7).
(4) سورة البقرق الآية -)٠١(
(ه) سور التي الآية (ه18)-
البقرة» الآية (174)-
إى الآية (4؟1)*
(ه) سورة الأحزاب» الآية (30)
4 يعرض لرأي أهل السنة ولآراء خالفيهم مع الانتصار لرأي أهل السنة مدللاً عليه بالمبقول والمعقول
(للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) !"م ثم بين أن النبي عه فسر الزيادة بالنظر إلى وجه الله تعالل»
ثم أورد حديثاً في إئبات الرؤية؛ وفرق بين الإدراك والرئية.
وهو من أبرز فقهائهم» وأحياناً يورد الآراء بدون ترجيح والقارىء الكريم سيجد هذا المنبج من
٠ ينكر أحياناً بعض الإسرائيليات؛ ونراه يمر على بعضها وهي قليلة نمقارنة بالتفاسير الموجودة
بين أيدينا دون التعقيب عليهاء كما فعل عند ذكره لقصة هاروت وماروت في مسخ المرأة
الجميلة إلى كوكب الزهرة؟ (الآية: ١١١ من سورة البقرة) أو ما رواه عن الضحاك عند تفسير
قوله تعالى: (وقخل داود جالوت) (لآية: 70١ من سورة البقرة)؛ وفي مواضع أخرى ستأي
الإشارة إليها في التفسير إن شاء الله
ب قسم يخالف شعنا ويناقضه. وهو مردود ولا تصح روايته.
ات قسم لتوقف فيه فلا هو من القسم الأؤل» ولا من الثاني وهذا لا حرج من روايته
فقد روى البخاري في تفسير سورة البقرة: باب قولوا آمنا بالله وما أنزل إليناء وفي الاعتصام: باب قول
النبي عت : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء عن أي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرؤون
سورة القيامة؛ الآية (؟3)- )(
والخير للمفسر أن يقلع عن هذه الإدرائيليات أي القسمين الأحوين وأن يعرض عما لا طائل منه
١ وبلاحظ أنه رحمه الله أكثر الرواية عن الكلبي: وهو أبو النضر محمد بن السائب بن بشر بن
عمرو بن عبد الحارث الكلبي» الكوفي؛ مات بالكوفة سنة ست بأربعين وماثة. قال معتمر بن
والحق أن البغوي» وهو من أهل الحديث وتحرير الروايات؛ لم يجعل ما ينقله عن الكلبي مناط
الجزم في معنى الآية ولكنٌ التوسع في النقل أحياناً ليعلم الناس ما قبل في مفهوم الآية جعله
يستشهد بأقوال الكلبي» علماً أنه قد يقول كلاماً جيداً في التفسير موافقاً لما ورد في الأثور.
والكلبي معروفة رواياته؛ وموقف العلماء منهاء
() قال البخاري: تركه ابن معين وان مهدي
عن أي صالح عن ابن عباس» ا
يقال أحمد بن زعيو: قلت لأحمد بن حتبل: يل النظر في التفسير الكلبي؟ قال: لا
انظر: الضعقاء الصغير للإمام البخاري» ومعه كتاب الضعفاء والترركين للنسائيء ص(مه٠؛ 303) طبقات ابن معد :
357 7*4 تهذيب التهذيب: 157/4 ت 194 تقريب التهذيب 7 /113. ميزان الاتخدال: 67/7ة 684
الفني في الضعفاء للذهبي ٠00/7
منهجنا في العمل
يتلخص منهجنا في إخراج هذا التفسير الجليل في الخطوات التالية:
إخراج نص التفسير على ما يغلب على الظن أنه نص المؤلف» وذلك باعتاد إحدى النسخ أصلاً
تيقنا من أن الصواب في غير الأصل لعبارة أو كلمة ثبتنا الصواب» وأشرنا في الحاشية عند
العنى» فقد نجد في نسخةٍ العطف بالفاء وفي بعضها بالواو مثلاً» فلم نجد حاجة للإشارة إلى
ذلك لفلا نثقل الكتاب بكثرة الهوامش التي لا ضرورة غاء ولثلا يتضخم حجم الكتاب.
عزو الآيات القرانية الكريمة التي يستشهد بها المؤلف في التفسير» ومييزها عن الآيات المفسرة
بأقواس
تخريج الأأحاديث النبوية بكاملها تخرياً تفصيلياً بالعزو إلى الكتاب والباب والجزء والصفحة والرقم
في بعض الكتب؛ تسهيلاً للفائدة وتسهيلاً للرجوع إلى كل الطبعات عند اختلافها.
الكتب الأحرى . كالسنن» والمسانيد» والمصنفات؛ وننقل حكم العلماء والنقاد والمحدثين على
الموضوعة وهي قليلة ننقل الحكم عليها وسبب علتها بالتفصيل.
وسواء أكان الحديث في الصحيحين أم في غيرماء وقد أخرجه المصنف في كتابه «شرح
السند بخاصة؛ كا أن العزو إليه يسهل معرفة رأي البغوي في الحديث ومعناه.
عزو أسباب النزول وثروايات المختلفة في نزول الآيات إلى مظائها من كتب الحديث وكتب
أسباب النزول» أو كتب التفسير الأخرى» كالدر المنشور والطيري» وابن كثير.
قد تدعو الحاجة إلى تعليق أو تعقيب على بعض المواطن في التفسير لبيان رأي مرجوج» أو
الإشارة إلى بعض الإدرائيليات ونقدهاء أو غير ذلك عند الحاجة؛ ا سيأتي في مواضعه من
الكتاب إن شاء الله تعال.
إعادة توزيع النص وإخراجه بشكل يعين القارىء؛ ويسهل عليه المراجعة والقراءة»؛ مع العناية
وتيسبراً للاستفادة من الكتاب بصورة أفضلء وتوفواً للوقت على القارىء عند البحث عن تفسير
آية معينة؛ فقد أتبتنا في أعلى كل صفحة اسم السورة ورقم الجزء.
الله تعالى لنا الأسباب» ولنا بعد عون الله تعالى من ملاحظات الإخوة الباحثين والقراء خير ما
يسعف في تصويب وتجويد عملنا هذاء في طبعات قادمة؛ أو في الأجزاء التي تلي الجزء الأّل من
هذا الكتاب إن شاء الله.
الطائف في ٠ ١8/ 4/١ «ا محققون»
«ترجمة الإمام البغوي»*
هو الإنام الحافظ» الفقيه المجتهد : محي السنة؛ أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد الفرّاء البغوي
الشافعي ويلقب بركن الدين.
أحد العلماء الذين خدموا الكتاب العزيز» والسنة النبوية؛ بالعكوف على دراستهماء وتدريسهماء
وكشف كنوزضاء وأسرارضاء والتأليف فيهما.
والفراء: نسبة إلى عمل الفراء وبيعهاء
)١( بعض المراجع التي ترجمت للبغري من أه
(*) سو أعلام البلاء 134/14 - 44
(ه) تذكرة الحفاظ: 1730610/4 1364
(ه) البداية والنهاية: 147/1-
(ه) شذرات الذهب : 44/4 44
() مرآة الجنان: ؟+/117-
(ه) وفيات الأعيان: 177/7
(ن) طبقات الحفاظ اع
( ) طبقات المفسرين ص38 - 8*.
(* ) معجم البلدان: 478/1
(* ) الأعلام للزركل 154/7
(* ) التفسير ولمفسرون الذحبي 134/1
(ه ) معجم المزلفين 21/4
(* ) النجوم الزاهرة لابن تغري بردي.
(# ) مفتاح السعادة لطاش كوى زاده.
(# ) الاستدراك لالن نقطه مخطوط الظاهرية.
(# ) الإعلام بونيات الأعلام للذهبي مخطوط الظاهرية.
(# ) مناقب الشافعي وأصحابه لابن قاضي شهبة مخطوط الظاهرية.
( #) أسماء الرجال الناقلين عن الشافعي ولمنسويين له لان هدايه خطوط الظاهرية.
(* ) طبقات المفسرين للداووي مخطوط عارف حكمت.