فصل
فى الإخلاص والصدق وإحضار النية في جميع الأعمال البارزة والخفية
عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال سمعت رسول الله تَهِ
يقول ١ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئة ما نوى ؛ فمن كانت هجرته
مجمع على عظم موقعه وجلالته وهو إحدى قواعد الإيمان وأول دعائمه وآكد
الأركان » قال الشافعى!"" رحمه الله : يدخل هذا الحديث فى سبعين بايا من
5: سورة البينة الآية )١(
(9) سورة الزمر الآية : 07+
() سورة النساء الآية : 10١0
(8) أخرجه البخارى لى باب كيف كان بدء الوحى ... من كتاب العتق [ 3/1 1181/7
ومسلم فى باب قوله ع : نما الأعمال بالنيات 1 © / 1816 6 1815 ١]
() الشافعى : هو الإمام أب عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عنان بن شافع لمائمى القرثى
الطلبى + أحد الأئمة الأربعة عند أهل السئة ؛ ولد فى غزة بفلسطين سئة ١٠١ هاء وتوق سئة ٠084
أنظر : وفيات الأعيان : 7 / 68 - 71٠0 ]ء وتهذيب الأسماء واللغاث + 44/11 -
7+ ] + وشذرات الذهب :1 4/13 - ١١ ] » وغاية النهاية :1 3 / 65 - 497 ] © وتارخ بغداد
8 - 177 وطبقات التابلة : 1 980/1 - 284 ] » وحلية الأولياء : 1/41 -
٠ ] » ومعجم الأدباء : 11 / 17» - 48» ] + وتذكرة الحفاظ : 13 / 35© ] 6 وطبقات
الشافعية للسبكى : 3 ١85 / ١ ] » وطبقات الفقهاء الشافعية : 61 / 2114
الأحاديث التى عليها مدار الإسلام . وقد اختلف في عدها ؛ فقيل : ثلاثة .
وقيل : أربعة . وقيل : اثنان . وقيل : حديث . وقد جمعتها كلها في جزء
الأربعين"" فبلغت أربعين حديثًا لا يستغنى متدين عن معرفتها ؛ لأنها كلها
صحيحة جامعة قواعد الإسلام في الأصول والفروع والزهد والآداب ومكارم
من العلماء رضى الله عنهم » وقد ابتداً به إمام أهل الحديث بلا مدافعة أبو عبد
الله البخارى'"" صحيحه ونقل جماعة أن السلف كانوا يستحبون افتتاح الكتب
بهذا الحديث تنبيها للطالب على تصحيح النبة وإرادته وجه الله تعال بجميع
أعماله البارزة والخفية . وروينا عن الإمام ألى سعيد عبد الرحمن بن مهدى
الإمام أبو سليمان أحمد بن إبراهم بن الخطاب الخطابى الشافعي الإمام فى علوم
رحمه الله تعالل ؛ كان المتقدمون من شيوخنا يستحبون تقديم حديث الأعمال
وهذه أحرف من كلام العارفين فى الاخلاص والصدق : قال أبو العباس
عبد الله بن عباس رضى الله عنهما ؛ إنما يعطى الرجل على قدر نيته ة . وقال
أبو محمد سهل بن عبد الله التسترى رحمه الله : « نظر الأكياس فى تفسير
(7) وقد يسر الله لنا طبعها ١ شرح الأربعين الدووية +
() البخارى : هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة حبر الإسلام الإمام فى علم
الحديث ؛ الحافظ صاحب الجامع الصحيح + ولد فى #خارىاسنة ١44 هناء وتوق اسن 385 هاء
انظر : وفيات الأعيان : [ 3740/3 - 71© ] » وشذرات الذهب : 1 184/8 - 17 ]+
وتاريخ بغداد : 31 / 4 - © ] » وطبقات الحتابلة :111 874 )
الإخلاص فلم يجدوا غير هذا أن تكون حركاته وسكونه فى سره وعلانيته لله
تعالى وحده لا يمازجه شىء لا نفس ولا هوى ولا دنيا 4 ؛ وقال السرى رحمه
فقال ١ حتى تجىء النية » . وعن أنى عبد الله سفيان بن سعيد الفورى رحمه الله
قال : د ما عالجت شيئًا أشد علىّ من نيتى ؛ إنها تتقلب على » . وروينا عن
الأستاذ ألى القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيرى رحمه الله في رسالته
المشهورة قال : الإخلاص إفراد الحق في الطاعة بالقصد ؛ وهو أن يريد بطاعته
التقرب إلى الله تعالى دون شىء آخر من تصنع لمخلوق أو اكتساب محمدة عند
الناس أو محبة مدح من الخلق أو شىء سوى التقرب إلى الله تعالى . قال :
ويصح أن يقال : ١ الإخلاص تصفية العقل عن ملاحظة المخلوقين » قال :
وسمعت أبا على الدقاق رحمه الله يقول : الإخلاص التوق عن ملاحظة الخلق +
والصدق التنقى عن مطالعة النفس . فالمخلص لا رياء له والصادق لا إعجاب
الإخلاص احتاج إخلاصهم إلى إخلاص » . وعن ذى النون رحمه الله قال :
« ثلاثة من علامات الإخلاص : استواء المدح والذم من العامة ؛ ونسيان
رؤية الأعمال في الأعمال ؛ واقتضاء ثواب العمل في الآخرة » . وعن أأى
عنان رحمة الله قال : و الإخلاص نسيان رؤية الحلق بدوام النظر إلى
الخالق » . وعن حذيفة المرعشى رحمه الله قال : ١ الإخلاص أن تستوى أفعال
العبد فى الظاهر والباطن ؛ . وعن أبى على الفضيل بن عياض رحمه الله قال :
ترك العمل لأجل الناس رياء ؛ والعمل لأجل الناس شرك ؛ والإخلاص أن
الله قال : ١ أعز شىء في الدنيا الإخلاص » . وعن أبى عمان قال : إخلاص
العوام ما لا يكون للنفس فيه حظ » وإخلاص الخواص ما يجرى عليهم لا بهم
فتبدو منهم الطاعات وهم عنها بمعزل ؛ ولا يقع لهم عليها رؤية ولا بها اعتداد .
الصادقين »* . قال القشيرى : ١ الصدق عماد الأمر ؛ وبه تمامه ؛ وفيه
نظامه ؛ وأقله استواء السر والعلانية ؛ . وروينا عن سهل بن عبد الله
التستري قال : « لا يشم رائحة الصدق عبد داهن نفسه أو غيره ١ . وعن
ذى النون رحمه الله قال : « الصدق سيف الله ما وضع على شوء إلا
قطعه ؛ . وعن الحارث بن أسد المحاسبى بضم المم رحمه الله قال : ١ الصادق
هو الذى لا ييالى لو خرج كل قدر له فى قلوب الحلق من أجل صلاح قلبه +
ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله ؛ ولا يكره اطلاعهم
وليس هذا من أخلاق الصديقين ؛ . وعن ألى القاسم الجنيد بن محمد" رحمه
الله قال : 3 الصادق يتقلب في اليوم أربعين مرة ؛ والمرائى"'" ينبت على حالة
واحدة أربعين سنة ) .
قلت ) معناه أن الصادق يدور مع الحتى حيث دار » فإذا كان الفضل
الشرعي في الصلاة مثلا صل ؛ وإذا كان في مجالسة العلماء والصالحين
والضيفان والعيال » وقضاء حاجة مسلم ؛ وجبر قلب مكسور ؛ ونحو ذلك
(+) أبو القاسم الجنيد : هو الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادى الخزاز » زاهد مشهور + من العلماء +
انظر : ونيات الأعيان : 13 / 317 - 275 ) » وشذرات الذهب :118/11 - 1170
وتاريخ يغناد :171 / 11؟ - 144 ] + وطبقات التابلة +1 1 / 1877 ] + وحلية الأولياء 1٠14
305 - 8817 ] » وطبقات الصوفية ١581: ] » والتحوم الزاهرة : 1 © / ١797 ع ء والعبر :1 3 /
٠ ]» وصفة الصفوة : 7150/11 ]
فعل ذلك الأفضل وترك عادته . و كذلك الصوم والقراءة والذكر والأكل والغرب
والجد والمزح والاختلاط والاعتزال والتنعم والابتذال ونحوها ؛ فحيث رأى الفضيلة
المرافُ . وقد كانت لرسول الله عل أحوال في صلاته وصيامه وأورادة وأكله
وشريه ولبسه وركوبه ومعا
وإغلاظه في إنكار المنكر ورفقه فيه ؛ وعقوبته مستحقى التعزير ؛ وصفحه
عنهم » وغير ذلك بحسب الإمكان والأفضل في ذلك الوقت والحال . ولا شك
في اختلاف أحوال الشىء في الأفضلية » فإن الصوم حرام يوم العيد واجب قبله
مسنون بعده » والصلاة محبوبة فى معظم الأوقات » وتكره فى أوقات وأحوال
كمدافعة الأخبثين . وقراءة القرآن محبوبة وتكره فى الركوع والسجود وغير
ذلك . وكذلك تحسين اللباس يوم الجمعة والعيد وخلافه يوم الاستسقاء
وكذلك ما أشبه هذه الأمثلة . وهذه نبذة يسيرة ترشد الموفق إلى السداد
وتحمله على الاستقامة وسلوك طريق الرشاد ه
فى فضيلة الاشتغال بالعلم وتصنيفه وتعلمه وتعليمه
قد تكاثرت الآيات والأخبار والآثار وتواترت . وتطابقت الدلائل الصريحة
وتوافقت على فضيلة العلم والحث على تحصيله والاجتهاد فى اقتباسه وتعليمة ٠
وأنا أذكر طرفا من ذلك تنبيها على ما هنالك . قال الله تعالى : ث( قُل هل
العْلَمَاءُ '”" . وقال تعالى : ل( تفع الله الَّذِينَ آ
البخارى ومسلم . وعن ألى مومى عبد الله بن قيس الأشعرى رضى الله عنه
قال فال رسول الله عه إن مثل ما بعشى الله به من الهدى والعلم كمثل
والعشب الكثير , وكان منها أجادب أسكت الاء تفع الله بها الناس
تمسك الماء ولا تبت كلاً فذلك مثل من فقه فى دين الله ونفعه ما بعشى الله
68: سورة قاطر الآية )1(
به فعلم وعلم ؛ ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ول يقبل هدى الله الذى
أرسلت به » رواه البخارى ومسلم . وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال
الحق » ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها » روياه . والمراد
بالحسد : الغبطة وهى أن يتمنى مثله . ومعناه : ينبغى أن لا يغبط أحدًا إلا فى
هاتين الموصلتين إلى رضاء الله تعالل . وعن سهل بن سعد رضى الله عنه أن
رسول الله عل قال لعلى'"'" رضى الله عنه ١ فوالله لإن يهدى الله بك رجلا
واحدًا خير لك من حمر النعم » روياه . وعن ألى هريرة رضى الله عنه قال قال
رسول الله عه : ١ من دعا إلى هدى كان له من الأجر مغل أجور من تبعه
مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم © رواه مسلم . وعن ألى هريرة
رضى الله عنه أن رسول الله عه قال : « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا
من ثلاث صدقة جارية أو علم يتفع به أو ولد صالح يدعو له » رواه
مسلم . وعن أنس رضى الله عنه قال قال رسول الله عه : ١ من خرج فى
طلب العلم فهو فى سبيل الله حتى يرجع + رواه الترمذى ؛ وقال حديث
؛ فضل العالم على العابد كفضل على أدنام » ثم فال رسول الله عَكِتهٍ ١: إن
الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى الملة فى جحرها وحتى الحوت
ليصلون على معلمى الناس الخير » رواه الترمذى وقال حديث حسن .
)1١( على : هو على بن أنى طالب بن عبد الطلب بن هاشم القرشى أبو الحسن » رابع الخلفاء
الراشدين » ولد بمكة سنة 12 فى . هد . وبويع بالخلافة بعد مقعل مان رضى الله عنهم أجمعين سنة 0+
هاء وثوق سنة 0ه
الصحيحين 300 حدقا
انظر : شذرات الذهب :43/11 2 » والإصابة : ترجمة رقم : 4054 ع » وتهذيب التهذيب :
باع
وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن رسول الله ع قال : ١ أن
يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة » رواه الترمذى وقال حديث
حسن .
وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله عل قال : ؛ فقيه واحد
أشد على الشيطان من ألف عاب » رواه الترمذى .
عبد الله بأفضل من فقه فى الدين 6 .
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله تَْلِ يقول : ١ الدنيا
وقال حديث حسن .
وعن أنى الدرداء رضى الله عنه قال سمعت رسول الله عه يقول : ١ من
أجنحتها لطالب العلم رضاء ؛ وإن العالم ليستغفر له من فى السموات ومن
فى الأرض حتى الحيتان فى الماء . وفضل العام على العابد كفضل القمر على
سائر الكواكب . وإن العلماء ورئة الأنبياء إن الأبياء لم يورثوا دينارًا ولا
والترمذى وغيرهما . وفى الباب أحاديث كثيرة وفيما أشرنا إليه كفاية .
وأما الآثار عن السلف فأكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر » لكن
ذكر منها أحرفا متبركين مشيرين إلى غيرها ومنببين . عن على رضى الله
بالجهل دما أن يتبرأ منه من هو فيه 6 .
عبادة » ومذاكرته تسبيح ؛ والبحث عنه جهاد ؛ وتعليمه من لايعلمه صدقة +
وبذله لأهله قربة 6 .
وقال أبو مسلم الخولائى : « مثل العلماء فى الأرض مثل النجوم فى
عن وهب بن منبه قال : ١ يتشعب من العلم الشرف وإن كان صاحبه
وعن الفضيل قال : ١ عالم عامل بعلمه يدعى كبرًا فى ملكوت
السموات ؛ . وقال غيره : أليس يستغفر لطالب العلم كل شىء أفكهذا منزلة .
وقيل : العالم كالعين العذبة نفعها دائم . وقيل : العالم كالسراج من مر به
عن المال . وقيل : العلم حياة القلوب من الجهل ومصباح البصائر فى الظلم به
تبلغ منازل الأبرار ودرجات الأخيار والتفكر فيه ومدارسته ترجح على الصلاة
وصاحبه مبجل مكرم . وقيل مثل العام مثل الحمة تأتها البعداء ويتركها
الأقرباء » فبينا هى كذلك إذ غار ماؤها وقد انتفع بها وبقى قوم يتفكنون أى
يتندمون . قال أهل اللغة الحمة بفتح الحاء عين ماء حار يستشفى بالاغسال
فيها . وقال الشافعى رحمه الله : طلب العلم أفضل من صلاة التافلة . وقال :
ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم . وقال : من أراد الدنيا فعليه بالعلم +
يكن بينك وبينه معرفة ولا صداقة . وقال : العلم مروءة من لا مروءة له .
وقال : إن لم تكن الفقهاء العاملون أولياء الله فليس لله ولى . وقال : ما أحد
أورع لخالقه من الفقهاء . وقال : من تعلم القرآن عظمت قيمته ؛ ومن نظر
فى الفقه نبل قدره ؛ ومن نظر فى اللغة رق طبعه ؛ ومن نظر فى الحساب جزل