إعلام النبلاء بأحكام ميراث النساء
آلا فليعلم كل مسلم ان رسول الله قد أعلن على رؤوس الأشهاد يوم عرفة قائلاً
(الا كل أمر من أمور الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين ) فالجاهلية لا تستحق إلا هذاء
فالحمد لله الذي أنقذ الرجال والنساء المتمسكين بالإسلام من شقاء الجاهلية؛ وجعلهم
من خير البرية يقسمون المال بالطريقة الشرعية وبالحكمة المرضية.
الروافض لا يورثون نساءهم من العقار» والعقار: هو المال من أرض ونخل وضيعة
ونحو ذلك. وليس عندهم أي دليل على صحة عدم توريثهن؛ وعندهم أكاذيب-كما هو
معلوم-أن دين الرافضة مبني على الكذب على بعض آل بيت النبوة» فلم يكذب على
أحد من الصالحين ما كذبت الرافضة على علي بن أبي طالب وجعفر الصادق؛ ومن
ذلك ما ذكره الكلينيعن ابن جعفر الصادق قال: (النساء لا يرثن من الأرض ولا من
العقار شياً )!".
وسأل ميسرة الصادق عن ميراث النساء فقال: «أما الأرض والعقارات فلا ميراث
لحن فيه"
4377 /4( تفسير التحرير )١(
() تهذيب سنن أبي داود (1/ 028
(4) من لا بحضره الفقيه (04//4).
إعلام النبلاء بأحكام ميراث ١
ولتفرض أن هذا الكلام صحيح ثابت إلى جعفر الصادق فلا ترد به الآيات
والأحاديث الموجبة لإعطاء النساء حقهن من الميراث أيا كان نوعه لقول رجل كاثنا من
عرض الحائط فكل قول خالف قول الله وقول رسوله فهو مردود على صاحبه
ما أكرم النساء إلا كريم وما منعهن حقهن إلا لثيم:
لوزاسل :عله لالحنا الجيد اللتدقال الرحول 85 (خيركم: خيركم لأهله
نساء كثير كلهن تشكو زوجها من الضرب؛ وأيم الله لا تجدون أولتك خياركم ) '":
إياس الدوسي؛ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله كَية: (إني احرج
عليكم حق الضعيفين اليتيم والمرأة )”"
منها الأولاد الرجال والنساء؛ وبذلت له نفسها وعمرهاء إن الكرام يترفعون عن الظلم
والتعسف وخصوصاً لمن قد وصاهم الله به وعهد به إليهم؛ ومن أعظم من وصى الله به
من الأقارب: الأرحام؛ فالكريم يتلطف بالقوارير واللثيم يتمرد عليهن؛ ويوعد بالوعيد
والتهديد ويجلف بالطلاق والحرام ليبقى مصراً على الآثام نابذاً لشريعة سيد الأنام
(1) رواه الترمذي (1/ 77 7)؛ والدارمي (194/7)؛ واين حبان رقم (17317).
© رواه ابن ماجة (3374)؛ وابن حبان برقم (1773)؛ وأحمد (434/7)؛ بسند حسن؛ ومعتى
لما يدعوه إليه الشيطان مقدماً عادات الظلمة وأهل الطغيان نافراً عن نصح أهل البر
والإحسان
ما اشتمل عليه إعطاء التساء الميراث من أنواع البربهن:
سبحان الله!! كم يفتح الله على بعض العباد من أبواب الخير والنفع» فالذين
يعطون النساء حقوقهن يتبوؤون المنازل العالية في الدنيا والآخرة؛ ويتصفون بالصفات
الحميدة؛ ويتمتعون بالرشد واستنارة العقل وصلاح القلب وزكاة النفسء وكيف لا وهم
يدخلون في قول الرسول لة: (الراحمون يرحمهم الرحمن)؟ '"'"» ويدخلون في قوله ب
وقول الرسول كلة: (أفضل الناس كل محموم القلب صدوق اللسان قالوا: صدوق
اللسان قد عرفتاه؛ فما محموم القلب؟ قال: التقي النقي لا إثم فيه لا بغي ولا حسد ولا
ويدخلون في حديث: (إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن» وكلتا يديه
كثر الله بأهل الخير والصلاح وأدام عليهم عافية الدنيا والآخر
(1) رواه الترمذي رقم (3137): وأحمد (174/1» وابن حبان رقم (574)؛ والبيهقي في الشعب (
(4) رواء مسلم رقم (18170)؛ عن عبد الله بن عمرو
إعلام التبلام بأحكام ميات التساء | بمسسلا؟)
عقوبت الله في الدنيا على مانعي النساء من الارث:
إن وعيد الله شديد على من ظلم الأرحام قال تعال: ( وَمن يَظْل يَحكُمَ
”'"وقال الرسول لة: (ما من ذنب أجدر من أن يعجل الله
لصاحبه العذاب في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم.
الله )!!".
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله جئة قال: (إن الله ليملي
للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته )*'. وقال الرسول ل: (إياكم والشح فإنما هلك من قبلكم
بالشح أمرهم بالبخل فبخلواء وأمرهم بالقطيعة فقطعواء وأمرهم بالفجور ففجروا ) '""
وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله كي قال: (اتقوا الشح فإن الشح أهلك من
عباد الله إذا كان المسلم قد بلغ به الشر أن يقطع أرحامه؟!! فكيف الخلاص من إملاء الله
من حديث أبي بكرة رضي الله عنه
(4) البخاري رقم 13/8100).
(0) البخاري رقم (4343): ومسلم رقم (3647).
(3) أبو داود رقم (1147)» عن عبد الله بن عمرو.
مسلم رقم (1881).
للظالم؟ واين المفر من بطش الله وعذابه إذا لم يبادر المسلم إلى التوبة إلى الله؟ فالأمر فوق
ما تتصور يا عبد الله فبادر إلى الخلاص والفكاك عن نفسك وإلا فلا أخالك ناجياً..!!
أمثلمّ لعواقب ظلم النساء في الدنيا:
كما هو معلوم أن الله يمهل الظالمين ولا يهملهم قال تعالى: وَل تَحْنَبَنٌَ لله
ليبطش به؛ فالبقاء على الظالم والاعتداء من أول وقت حصوله هو إملاء من الله للعبد؛
والذي يتتبع الأخبار في التاريخغ أو يسمعها من الناس حول عواقب ظلم الظالمين. وكيف
آلت بهم إلى الويل والثبور والسقوط والعثور ذلة بعد عزة؛ وضعة بعد رفعة؛ وخسران
يا أخا الإسلام من بوائق الظلم؛ وكم تدور الدوائر على من تعدى وطغى؛ وسلب
وبغى» وإليك أمثلة ثلاثة:
المثال الأول: ما حصل في بعض المناطق؛ فقد خرجت دعوة إلى الله ومررت بواد
من أودية لواء البيضاء ورأيت أن السيل عند نزوله قد ملأ ما بين الجبلين مع سعة المسافة
عام كذا وكذاء فاخبرت أن الوادي المذكور كان مملوء بالزراعة من كلا الجهتين فاخذها
السيل؛ فسألت عن المعاصي الموجودة في أهل ذلك الوادي فقالواء إنهم لا يورثون
النساء؛ فانظر كيف أخذ الله أملاكهم وأموالهم بسبب أخذ شيء من الحقوق بغير حق؛
* بأحكام ميراث ١
فاصبحوا فقراء بعد أن كانوا أغنياء» جمع الله ظلمهم حتى أخذ كل ما معهم» فيا خسارة
من يملي الله له ( إِنّ رَ
المثال الثاني ذكر لي أحد الإء
ان رجلاً توفي وله ثلاثة أولاد ذكور» فلما أرادوا
القسمة؛ اثنان منهم وافقوا على إعطاء النساء حقهن؛ والثالك رفض؛ فنصح وزجر
وراجعه الناس فاصر على عدم إعطاء النساء حقهن. فولد له ثلاثة أولاد ذكور» وتزوج
الثلاثة؛ ول يعط واحد منهم الذرية؛ فكان الناس يتوقعون أن تلك عقوبة الله في أولاده
بسبب منعه ميراث النساء
المثال الثالث: أخبرني احد الإخوة أن رجلاً في قريتهم ملك قطعة نفيسة من
الأرض الزراعية: وكانت غلتها أعظم الغلات؛ فمنع الرجل بنته من الزواج خشية أن
هكذا تأي الدواهي بسبب التمادي في الظلم وتاتي العقوبات بسبب التمردات؛
وعلى كل: لا يدري الظالم ما العقوبات التي سيعاقب بها بسبب ظلمه؛ فهو معرض
أكمل في حياتك من وفور عقلك؟ وأي شيء أنت أحوج إليه من مال تقوت به نفسك
واسرتك؟ فكيف تعرض هذه للتلف والسلب بسبب اعتدائك على أخص الحقوق؟
اللهم أصلح عبادك.
ظلم الأرحام مرفوض عقلاً:
إن كل عاقل لا يقبل ظلم أرحامه للأمور التالية:
-١ ظلم ذوي القربى أشد من ظلم كثير من غيره؛ ولكن حال الناس قال الشاعر:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذاعفة فلعلةٍ لا يظلم
وقال آخر:
وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
والواقع شاهد أن الشخص إذا وجد الظلم من أحد أقاربه تعاظم ذلك عنده فيكثر
"- حاجة اصحاب الأرحام إلى بعضهم بعضاً ماسة جداً من أجل النصرة والمودة؛
فإذا منع الشخص المحقة حقها أدى إلى فوات التناصر والتآزر بينهم؛ والمرء في هذه الحياة
لا يخلو من فتن جسام ومصائب عظام فيحتاج إلى من يكون معه باستمرار ليشاركه في
الأفراح والأتراح ويقف معه في السراء والضراء؛ وقد جعل الله ذلك في القرابة لأن
التوارث من أعظم أسباب التناصر والتآزرء فكيف يذهب عاقل يشعل نار الجحيم بينه
وبين أرحامه ويبغي بعد ذلك مثل هذه المنافع العظيمة؟!!
*- يكون الظلم للأرحام أحياناً مؤدياً إلى عواقب قد لا يعاقب بها الشخص من
قبل من هو بعيد عنه نسباً كالوقوع في القتل والقتال وفقد الولد أباه والأخ أخاه والصهر
أنبياء»؛ ورسله لكان هذا الظلم مستنكراً؛ فكيف وقد أنزلت الكتب من عند الله وأرسلت
الرسل ونصبت موازين الح وكثرت العبر؟
4- من المعلوم أن سوء المعاملة بين الأقارب يسبب احياناً اللجوء إلى السحرة؛ وما
أقاربه لينتقم منهم ويشفي غيظه؛ وما أكثر ما يحصل هذاء
فخلاصة القول: أن ظلم الأرحام بالمنع من الإرث أو غيره مرفوض عقلاً وشرعاً
إعلام النبلام بأعام ميان الناء )ر_ابس7بسسرا>»)
حسن ترتيب الفرائض في القرآن:
قال البقاعي عند قوله تعاى: ( إِرنَّ
«حكيماً»: أي فوضع لكم هذه الأحكام على غاية الإحكام في جلب المنافع لكم؛ ودنع
بلا واسطة لشدة قربه وبدا منه بالنسب لقوته وبدأ بالولد منهم لمزيد الاعتناء به؛ وما كان
الإرث بالمصاهرة أضعف من الإرث بالقرابة ذكره بعده وقدمه على الإرث بقرابة الإخوة
قلت: ومن حسن الترتيب في الميراث أن الله ذكر ولد الأم في آية الزوجين وهما
أصحاب فرض مقدر لا يخرجون عنه. ولاحظ لأحد منهما في التعصيب ولا في الرد
ولهذا قال بعض العلماء: لا يرد على أولاد الأم؛ وأما التعصيب فلا تعصيب هم باتفاق
أهل العلم.
الحكمةٌ العظمى من تشريع الفرائض والمواريث:
قال أبو بكر ابن العربي: قال علماؤنا: هذا فصل عظيم من فصول الفرائض واصل
عظيم من أصول الشريعة؛ وذلك أن الله سبحانه جعل المال قواماً للخلق ويسر لهم
السبب إلى جمعه بوجوه متبعة ومعان عسيرة؛ وركب في جبلاتهم الإكثار منه والزيادة على
بالخلق صرفه عند فراق الدنيا إبقاء على العبد وتخفيفاً من حسرته”""
708/5( نظم الدرر )١(
)341 /1( أحكام القرآن )1(
قلت: انظر إلى هذه العناية الربانية بالمسلم عند موته يصرف الله ماله فيعرض عليه
قضاء الديون ويرغبه في أن يتصدق بالثلث فما دونه؛ ويقسم المال بين أقارب الميت
بمقتضى حكمته وعلمه وعدله فلو ترك الأمر إلى العبد لحصل منه التعسف والظلم» بل
يفتح أبواب الفتن بين أقاربه؛ ألا فليحمد المسلمون ربهم الذي فرض الفرائض من عنده
وشرع الشرائع بحكمته وفضله.
قواعد عام في توريث الرجال والنساء:
القاعدة الأولى: قال ابن عبد البر: «الفرائض والسهام في المواريث لا تؤخذ إلا من
جهة نص الكتاب والسنة بسند صحيح ولا خلاف في ذلك بين العلماء. والفرائض
والسهام مأخوذة من كتاب الله عز وجل نصاً ما عدا ١
ل من نقل الآحاد ومن إجماع العلماء؛!'"
قال ابن تيمية: «فكل من ورث ميراث شخص مقط به إذا كان
إن فرضها سنة رسول الله
قلت: هذه القاعدة اصح من قاعدة «من ادلى بشخص سقط به» لأن الإخوة لأم
يدلون بأمهم ولا يسقطون بهاء
القاعدة الثالثة: قال الدهلوي: واعلم ان الأصل في الفرائض أن الناس جميعهم
ولق
القاعدة الرابعة: قال ابن القيم: إن قاعدة الفرائض ان جنس أهل الفروض مقدمون
على جنس العصبة سواء كان فرضاً حضاًء أو كان له مع فرضه تعصيب في حال إما
90 4/71( مجموع فتاوى )1(
(©) اختلاف شديد حجة الله البالغة (705./7)