ألم :
يل مع كثرة الترداد . وهذه التفاسير للقرآن بكاملها على كثرتها . والكتب التي
فليس عجيباً أن تستمر المؤلفات لاقتطاف الثمرات من كلام الله
أو استخراج الحكم والفوائد من كتب السابقين عن القرآن الكرم» أو توضيح
ما غمض من أقوالهم» أو تقريب ما غرب عن علومهم» أو استدراك ما نا
أو تحميله من المعاني ما لا يتحمله اللفظ» أو التشريق والتغريب - مما يبعد
عن غرض الهداية - مما لا شك فيه أنه هو المنهج الأسامء والأعلم»
والأحكم .
ولا يخفى أن من خبر من التزم هذا المنهج في كتاب الله وسنة ورسوله؛
الإسلام أحد بن عبد الحلم ابن تيمية!" » وممد ابن أي بكر ابن أيوب
الزرعي'"" الدمشقي المعروف بابن قم الجوزية!"'؛ وقد مشى على منهجها فيا
بعد العدد الكثير من العلماء ومن أشهرهم في التفسير العلامة ابن كثير
الدمشقي . ولا يخفى أن المنهج الذي سار عليه ابن القم لم يلتزم فيه تفسير
٠7م المتوفى بدمشق سنة )١(
181 المتوفى بددشق سنة )3(
إن كتاب الله الخالدء هو سبيل المهداية لكل زمان ومكان: يفسر منه
بمقدار الحاجة الكافية لهداية البشرء وتستخرج منه الأحكام بمقدار الحاجة
ومصلحة العباد» ومن ينظر في كتب ابن تيمية وابن القم يلحظ ذلك .
عن المعنى السابق عندما يتعرض لتفسير هذه الآية في موضع آخرء وبحث
جديد .
ولا غرابة في ذلك فالقرآن الكرم حّال أوجهء وابن القم يتلمس النافع
المفيد في كل مناسبة . كما أنه لم ينقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رغبة في
تفسير القرآن كله طوال حياته» ولم الحظ ذلك في جميع كتبه؛ اللهم إلا كلمة
رواها عبدالله بن رشيق يذكر فيها أن شيخ الإسلام بما فتح الله عليه
في سجنه الأخير من علوم القرآن. مما ره في تفسيره كاملاً .
وهذا القول جاء يوم أن حُرم ابن بة من جميع كتبه في السجن . وبعد
واستطراداً أقول» إن ما يُذكر أحياناً بأن لشيخ الإسلام ابن تيمية تفسياً
كاملاً؛ إنما هو فهم خاص من كلام ابن رشيق . أو اعتبار التفسير الذي كان
للعالم الفاضل عم + فقد كان لهذا تفسير كبير ذكره ابن تيمية في
بعض مؤلفاته ١ مجوعة فتاوى ابن تيمية؛ وهو متقدم على ابن بمدة
طويلة ومات في حرّان وم يهاجر إلى دمشق
وكذلك لم ينقل عن ابن القم أن له تفسيراً كاملاً أو رغبة في كتابة تفسير
كامل .
)١( مستثنى من ذلك تفسير سورة النور وبعض السور القصار .
والذي جعه الأستاذ الفاضل أويس الندوي «التفسير القم» يشمل طرفاً
البيطار رحه الله . وقد رغب الشيخ البيطار إلى بعض تلامذته إلى إكمال ما
بدأ به الأستاذ الندوي لجمع ما فاته من تفسيرات ابن القم» ولكن قدر الله
أن لا يظهر من ذلك شيء حت الآن.
إن الكتاب الذي بين أيدينا لمؤلفه العالم الفاضل البحاثة الدكتور عبد
الفتاح لاشين: « ابن القم وحسه البلا من الكتب التي
تدور في فلك علوم كتاب الله لم يريد أن
يدرس كتاب الله دراسة فهم وتذوق. كما أنه يكشف مواطن مغمورة من
علم الإمام ابن القم قد لا يتنبه مها كثير من الناس .
وحصْرٌ الدكتور لاشين عمله في الحِس البلاغيء هو تحديد مهم في
استخراج اللطائف البيانية. والأسرار البلاغية؛ بما يتمتع به من دقة الفهم»
وفقه اللغة. وخلص من ذلك إلى ما وصل إليه الإمام ابن القم في : « حروف
القرآن» و « الكلمة » و ١ نظم الجملة 6 .
وهذه يدور حولما أكثر ما يتعرض الباحث من مشكلات في فهم القرآن
كلمة بكلمة» أو أي تغيير في تركيب جلة من كتاب اللهء تغير المعنى المراد
تغييراً قد لا يمكن معه فهم شيء من المراد .
وسيجد القارىء الكريم بعد أن استعرض المؤلف الفاضل كتب ابن القم
ولك من يتتلمذ على ابن القمء فلا بد إلا أن يتأثر به من التقليد إلى
الاتباع» بل إلى النقاش والمحاورة ورحم الله من قال: « نحن رجال وهم
رجال ».
وقد تعرض المؤلف الكرم إلى صحة نسبة كتاب « الفوائد المشوق إلى
علوم القرآن وعم البيان» واستدل على ذلك بكلام نفيس تجده في الصفحة
(انظر ص 8) وذكر عدداً من الأسباب وأزيد القارىء الكرم أن هنالك
وجوهاً أخرى قد تثبت أن الكتاب لابن القم أصلاً ثم دست فيه بعض
المواضع .
أو أنه ألفه قبل اتصاله بشيخ الإسلام ابن تيمية فإن ابن القم على جلالة
قدره. قد تتلمذ على مشايخ دمشق من قبل وفيهم الأشعري والموؤل
ولا يخفى أن ابن القم سجن مرتين وحُجزت كتبه؛ وصودرت وتفرقت
مع كتب مرات - وما أشبه الليلة بالبارحة!! - وقد تعذر على ابن
القم بعد ذلك تعديل الكتاب أو حذفه من مؤلفاته» أو نسيانه؛ أو ... الخ .
والمتصوفة . ولا غرابة أن تتغير أسماء الكتبء أو أسماء مؤلفيهاء أو يجري
فيها التعريض بدل التصريح . وأنا لا أبرى» الساخ وأهل الطباعة من بعض ما
ولعل له وجهاً مقبولاً والموضوع بخصوص الكتاب يحتاج إلى دراسة .
وقد حفظ الله كتابه من كل نقصء أو إضافة أو تبديل» كتابة وحفقاً
كما حفظه بالعلماء العاملين الذين دافعوا عنه تجاه تحريف المؤولين. وضلال
الباطنيين» وسخافات المحملين لألفاظه ما لا تحمل من المعاني الكريمة . ومما لا
شك فيه أن ابن تيمية وابن القع وكذلك من اتبعهم من العلماء العاملين من
أعلام هذا المنهج السلم والخط المستقم .
وقد سرني أن كرمني المؤلف الفاضل الدكتور عبد الفتاح لاشين» والناشر
الأديب الدكتور كمال السموري من النظر في الكتاب قبل طبعه وتقديمه . وقد
السهل الذي قرب إلى القارىء عويص المسائل» بأسلوب بمتع؛ لا يشعر
جزاها الله كل خير ء وزادهي توذ
وقد سرفي أيضاً أن يُقدمْ صاحب دار الرائد الدكتور السموري على هذا
ممود العاقية» إن شاء الله لمن عمل فيه بإخلاص النية؛ ؛ وقد حقت الجنة
وأرجو الله سبحانه أن يحسن مثوبة العالم الفاضل الدكتور عبد الفتاح
هذا الدين صاف من كل دخيل . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
بيروت ١١7 رجب ٠607 زهير الشاويش
١( ) انظر مقدمتي لكتاب ؛ الكلم الطيب » لشيخ الاسلام ابن تيمية الطبعة الرابعة
(3) وتعذر علي مطالعته كله لبعض الظروف التي أرجو الله سبحانه وتعالى» أن ينقلها إل
الأحسن أمناً واستقراراً. فهو يجيب دعوة المضطر إذا دعاه؛ وأن يبدل أحوال المسلمين إلى
ما هو أفضل لهم في دينهم ودنياهم في الدنيا والآخرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
فام يؤلف ابن القم مؤلفا خاصا بتفسير القرآن الكرم» ومع ذلك فقد
العديدة التي بلغت أكثر من تسعين كتايا!""» وقد تمنى في حياته أن يفسر
القرآن الكرم ويخصه بمؤلف فقال في أحد مؤلفاته!". ؛ وعسى الله المان
تعليق تفسير على هذا النمط» وهذا الأسلوب؛ وقد كتبت من مواضع متفرقة
والله المرجو إتمام نعمته ». ولكن لم يحصل ما تمناه» ولم يقع ما رجاه .
على تفرقها وتشتتها هي المرجع الوحيد لما تعرض له من تفسير للقرآن الكرم +
حتى وفق الله الشيخ أويس الندوي» فجمع ما وقف عليه من تفسير للقرآن
من مؤلفاته في مجلد واحدء وظهر هذا الكتاب باسم « التفسير القي )!"' .
ومع الجهود التي بها جامع هذا التفسر فقد نذّت عنه بعض الشوارد»
وظلت مطوية في بطون الكتب» وقد نبه إلى ذلك الأستاذ مد بهجت البيطار
الدمشقي في مقال نشرته له مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق» فأتنى على
وتمنى لو حصل التتب الدقيق والتقصي الأنيق لمباحث ابن القم في ذلك .
جه أن ابن القم كان يتمتع بحس بلاغي في فهم آيات الكتاب
ة عظيمة على استخراج اللطائف البيانية» والأسرار البلاغيا
أو السامع على تقديره والاعتزاز به؛ فقد بلغ الغاية في دقة الفهم» والفقه في
النص» واستنتاج كثير من اللطائف البلاغية والأسرار البيانية التي لم تسمعها
من غيره؛ فكان هو المجلي ومن بعده هو المصلي .
وابن القم حين تعرض لتفسير بعض الآيات الكريمة من مؤلفاته؛ لم
تفسير ل آية آية كما هو معروف- عند غيره؛ وإنما كان يتعرض للآية
الكريمة لبيان حكم شرعيء أورد على فرقة من الفرق التي انحرفت عن منهج
القرآن الكرم» فيظهر عند ذلك حسه البلاغي؛ وتبرز قدرته على استخراج
النكت والأسرار
وقد تناول في تفسير هذا ما يخص « حروف القرآن» - حروف المعجم؛
وحروف المعاني - وكيفية تركيبها ؛ وحسن اختيارها» وملاءمتها لمواضعها .
(3) ظهر الكتاب بتصحيح محمد الف
وطع بجطبعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة منة
كما تناول « الكلمة؛ واا
تناسقها مع غيرها .
كذلك تناول « نظم الجملة» وبنائها؛ وجال التثامها ؛ وتناسبها مع سياقها
من الجمل .
وسنخص هذا البحث إن شاء الله تعالى - بتلك الشعب الثلاث؛ لزرى
جهوده في الدرس البلاغي؛ ومدى ما وصلت إلبه قدرته على استخراج ما في
القرآن من أسرار بلاغية؛ ولطائف بيانية. تسترعي الانتباه؛ وتثير الإعجاب .
اها . وحسن اختيارهاء وتفضيلها عن سواهاء؛
والله أسأل أن يجعل عملنا
الفصل الأول
حياة ابن القيم