من أحكام اللصاحف ومهماتها لم يخلو منه المجال ؛ ولكن على سبيل
الجمع والإيراد » لا على سبيل التحقيق والترجيح والبياة.
وكنت قدي قد اشتغلت بتصتيف جزء لطيف في أهم أحكام
ثم اجتمعت عندي أبواب أخرى كثيرة ؛ هذا مع التنقيح والإيراد
على ما سبق ذكره » فاستخرت الله تعالى على تصنيف هذا الكتاب الذي
* فضل حملة القرآن وما لهم من الحبو والغواب في الدنيا والآخرة.
* من هم أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته ؟
» أخلاق حملة القرآن وما ينبغي أن يكونوا عليه من الصفات الكريمة.
» الصحيح المسند في فضائل القرآن.
» الصحيح المسند في فضائل السور والآيات.
تنزيه الشريعة من الأحاديث الموضوعة والضعيفة في فضائل الآيات
والسور الكريمة.
إرشاد ذوي العرفان إلى مذهب السلف في المتشابه من القرآن.
» هداية ذي العقل السليم إلى اعتقاد السلف في القرآن الكريم .
أحكام الصاحف.
» متعلقات فقهية بالقرآن الكريم .
» نقد صلاة حفظ القرآن.
وقد سرت في هذا الكتاب على نهج أهل الحديث من ذكر الروايات
والأسانيد » وبيان ما يقع فيها من الاختلاف أو الوهن والضعف + بت
الصحيح منها والضعيف » وذكرت الأقوال الراجحة بأدلتها في مسائل
الخلاف المتعلقة بمباحث الكتاب » وربما ذكرت الأقوال المرجوحة + وبينت
وعد :
فهذا جهد مقل ؛ احتسبه عند الله تعالى راجيا من المولى عز
وجل ان يجعله في ميزان أعمالي » وأن يتقبله مني بقبول حسن » وأن
يجعل له القبول بين طلاب العلم والمشتغلين به » إنه ولي ذلك + والقادر
وكتب : أبو عبد الرحمن
عمرو عبد المنعم سليم
فضل حملة القرآن ومالهم من
الحبو والثواب في الدنيا وا
أهل القرآن هم أهل ا وهم من آثروا كلام الله تعالى
الذي هو صفة من صفاته الكريمة العلية على كلام غيره من المخلوقين +
فتتاولوه بالقراءة والترتيل » والدراسة والتجويد ؛ عمَروا به الأوقات
فإذا هم في مجالس ذكرهم ودراستهم وترتيلهم ؛ حفتهم الملائكة ©
ونزلت عليهم السكينة ؛ وذكرهم الله تعالى فيمن عنده » ويوم القيامة
يُقال لهم : اقرأوا وارتقوا كما كنتم ترتلون في الدنيا
الفضل ؟! وأي سؤدد بعد هذا السؤدد ؟!
يدل على فضل حملة القرآن » وعلو مكانتهم؟
© قيل له : سوف نذكر إن شاء الله تعالى مما صح عن النبي كيه في
فضل أهل القرآن وحملته ما تطمئن به القلوب ؛ وتنبسط به العقول ٠
والآجري في «اخلاق حملة القرآن»10) » وأبو الفضل الرازي في «فضائل
: القرآن» (317) بسند حسن عن انس بن مالك -رضي الله عنه - قال
قال رسول الله كي :
« لله من الناس أهلون 4 . قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال :
« أهل القرآن هم أهل الله وخاصته 6
الله تعالى وخاصته .
؟- وقد أخرج الستة إلا ملم ؛ واللفظ للبخاري(347/9) من
حديث أبي عبد الرحمن السلمي + عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه -
عن النبي قل » قال :
وفي رواية : « إن أفضلكم ...6
(470) من طريق : قيس بن أبي حازم ؛ عن عبد الله بن مسعود
-رضي الله عنه - ؛ عن النبي كَل » قال :
الحق ؛ ورجل آناه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ».
كذا ورد في حديث ابن مسعود : «الحكمة».
عن سالم بن عبد الله بن عمر » عن أبيه » مرفوعً بلفظ:
« رجل آناه الله الكتاب » وقام به آناء الليل..0؟.
©- وأخرجه البخاري أيضًا من طريق : شعبة ؛ عن الأعمش ؛ عن
ذكوان + عن أبي هريرة -رضي الله عنه - مرقوعًا + وتمام لفظه:
« لا حسد إلا في اثنتين ؛ رجل علّمه الله القرآن » فهو يتلوه آناء الليل
وآناء النهار » فسمعه جار له ؛ فقال : ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان +
فعملت مثل ما يعمل ؛ ورجل آناه الله مالا ؛ فهو يهلكه في الحق ؛ فقال
رجل : ليتني أوتيت ما أوتي فلان ؛ فعملت مثل ما يعمل ؟.
قلت : فقوله : دلا حسد ..»» المقصود بالحسد هنا الغبطة © وهو
تمني ما عند المرء » دون تمني زواله عنه » وقد فسرته رواية أبي هريرة
-رضي الله عنه -.
وقوله في حديث ابن مسعود : «الحكمة» لا يعارض أن يكون المراد
به القرآن ؛ وقد يُراد به اعم من ذلك ؛ وهو عموم العلم من الكتاب
الكريم » أو السنة الشريفة-
فهذا جملة مما صح في فضل حملة القرآن » وثمة في الباب
اضعاف أضعاف هذه الأحاديث التي ذكرتها من المناكير والمفاريد
من الأخبار والآثار عن الضعيف والساقط .
وأهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته هم من يؤمنون بكتاب الله
تعالى » أنه منزل من عنده ؛ وأنه كلامه سبحانه وتعالى على الحقيقة +
السلف فيه ؛ وسوف نخص ببيان ذلك عدة أبواب إن شاء الله تعالى +
وهم الذين يعتقدون أن كلامه هذا لا يدقع القول بحجية سنة نبيه
كل ؛ فهم بهما يحتجون ؛ وإليهما يصيرون » فلا يردون ما في السنة
بحجة أنهم لم يجدوا له في القرآن شاهدً أو دليلاً » وإنما يعتقدون ضلال
+ - فيما أخرجه الترمذي (1777) بسند صحيح عن أبي رافع
عنه » فيقول : لا أدري » ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ؟.
وقد اختلف في وصله وإساله ؛ والاصح الوصل » وقد توسعنا في
فهذا كلام من يسمونهم بالقرئبين » وما هم إلا ضلالا » قد دوا
سنة الرسول كَل ؛ وضربوها بكتاب الله تعالى + فهذه طريقة أهل الأهواء
والبدع » ولو نظروا في كتاب الله تعالى » لوجدوا الأمر بإقامة الصلاة +
فأين تفصيل أحكامها » إلا السنة » وكذلك الأمر بالزكاة » فاين تفصيل
أحكامها إلا السئة » فالسنة مبينة وموضحة للقرآن ؛ وإنما الحجة بالكتاب
والسنة مع .
وقال عز من قائل ؛
فهذه قاصمة لاهل الضلال والأهواء بمن يضربون سنة النبي كَيةٍ
بكتاب الله تعالى » وينقضونها به.
وكذلك فاهل الله وخاصته من أهل القرآن هم الذين يؤمنون بمحكمه
ومتشابهه ؛ ويردون علم متشابهه إلى الله تعالى + ويقولون : آمنا به +
كل من عند ربنا ؛ تصديقًا لقول أحسن القائلين:
فهر الذي أنزل علي لتاب شه
بل هم يعتقدون اعتقادًا جازمًا أن تتبع المتشابه وتناوله بالتأويل
والخوض من خصال أهل الأهواء والبدع » كما أخبر به النبي كي .
الله عنها - أن النبي كله تلا هذه الآية » ثم قال : ٍ
فاحذروهم 6.
فليس كل من قرأ القرآن من أهل الله وخاصته » ولا كل من أسهر
- فيما أخرجه مسلم (740/1) من حديث جابر بن عبد الله
-رضي الله عنه - عن النبي كَلِةٍ قال :
يمرق السهم من الرمية »+
يصبحوا به من أهل الله وخاصته » بل قد استوجبوا به سخط الله تعالى
الدين مروق السهم من الرميّة + ثم لم يعودوا.
ثم : إن لصاحب القرآن وحامله صفانًا لابد له من التحلي بها +
وأخلاقًا لابد له من أن يستعملها » فاول ما ينبغي : أن يستعمله تقوى الله
في السر والعلانية + باستعمال الورع في مطعمه ومشريه ومكسيه :'
وقوله عز وجل : 0 و 7 ء
ومن يَت الله يَجعل له مَخْرجا () وَيرزْفه من حَيْث لا يَحسب >
و الورع هو : ترك ما يريب إلى ما لا يريب ٠ كما صح عن
فإن لكل شيء حمى + وحمى الله محارمه » والحلال بين » والحرام
بين » وبينهما المتشابهات » فمتى ترك المرء المسلم في هذه المتشابهات ما
يريبه » إلى ما لا يريبه مما تيقن حله » فهذا هو الورع ؛ ومنهم من قال :
هو ترك تسعة أعشار الحلال خوفًا من الحرام » فهذا إن كان على الحد
المتقدّم فنعم » وإلا فبعض الورع قد يخرج على مخرج فاسد .
وإنما يتورع عن الشيء من مَلَكَ نفسه عن الاوساخ ؛ وبذل ما هو