ولقد قام شيخنا الدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه الله؛ وغفر له
ولوالديه ؛ بشرحه ضمن كتب الدرس الأسبوعي المقام في جامع القدس بحي
الروابي بمدينة الرياض العامرة حرسها الله . فرغبت في نقل هذا الشرح من
حيز المسموع إلى حيز المقروء المتداول عسى الله أن ينفع به مقروءا ومسموعاً»
ولقد قمت بتفريغ الشرح من الأشرطة وخرجت أحاديثه معتمداً ترقيم
محمد فؤاد عبد الباقي؛ وربما أضفت الرقم الخاص بأحاديث مسلم قبل الرقم
العام عند الحاجة» وقد وضعت فهارسه على ما هو متعارف عليه عند أهل هذا
هذا وإني لأرجو الله عز وجل أن ينفعني بهذا العمل وشارحه وكاتبه
يرزقنا جميعاً بره وثوابه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
الرياض
مقدمة الشرح
فإن كتاب عُمدة الأحكام لعبد الغني المقدسي - رحمه الله - جمع فيه
المؤلف أحاديث الأحكام من الأحاديث المتفق عليها التي رواها البخاري
ومسلم إلا في مواطن يسيرة انفرد أحدهما بها ستنبه عليها بإذن الله تعالى»
وسنتحدث عن الكتاب بحديث مختصر بحيث نبين مراد المؤلف ؛ وما الذي قصده
المؤلف بعباراته؟ ولن نتوسع في ذكر الخلاف وأدلة كل قول؛ وقد يشار إلى
القول الراجح في بعض المسائل وذلك من أجل أن يستفيد طالب العلم كيف
يفهم مراد المؤلف بحيث إذا استقل الطالب بنفسه تمكن من فهم مراد المؤلف.
ومعرفة الأقوال والأدلة يممكن للمرء أن يحصلها بنفسه؛ ولكن الملقصود
الأساسي هو أن يحصل الطالب القدرة على فهم مراد المؤلفين بكتاباتهم العلمية.
وكتاب عمدة الأحكام كتاب مختصر جمع فيه المؤلف أحاديث الأحكام
من الصحيحين . البخاري؛ ومسلم . بحيث اشترط المؤلف على نفسه ألا يذكر
إلا الأحاديث المتفق عليها.
ترجمة صاحب العمدة
هو عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن
جعفر الجماعيلي المقدسي؛ الحافظ الزاهد أبو محمد: ويلقب بتقي الدين؛
حافظ الوقت ومحدثه؛ ولد بجماعيل من أرض نابلس من الأرض المقدسة -
سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
وقد ذكر ابن النجار في تاريخه: أنه سأل الحافظ عبد الغني عن مولده؟
فقال : إما في سنة ثلاث أو في سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
قال الحافظ الضياء : كان شيخنا الحافظ لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا
ابن فلان الفلاني» ويذكر نسبه؛ وأنا أقول: كان الحافظ عبد الغني المقدسي
وكان غزير الحفظ ؛ من أهل الإتقان والتجويد؛ قيماً بجميع فدون
ومنسوخه وغريبه؛ وشكله؛ وفقهه؛ ومعانيه؛ وضبط أسماء رواته؛ ومعرفة
توفي الحافظ المقدسي سنة 8 10ه؛ رحمه الله رحمة واسعة!".
)١( انظر: سير أعلام اللسبلاء(1 4417/7) والبداية والنهابة(738/17 .34 وشذرات
الذهب(؛ / 47-740 7) وذيل طبقات الحنابلة(184/1)
مقدمة المؤلف
قال الشيخ تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن
سرور المقدسي رحمه الله تعالى:
الحمد لله الملك الجبار الواحد القهار وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك
له رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار وأشهد أن محمداً عبده
أما بعد: فإن بعض إخواني سألني اختصار جملة أحاديث الأحكام مما
اتفق عليه الإمامان: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل
ومسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري الليسابوري»
المنفعة به.
إبراهيم البخاري»
كتاب الطهارة
هذا الحديث من رواية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب له وقد رواه عمر
ابن الخطاب عن النبي كك في أثداء خطبة خطبها كيه وقد خطب بها أمير
المؤمنين عمر بن الخطاب 48؛ ولم يثبت أن صحابياً آخر روى هذا الحديث غير
عمر بن الخطاب 8؛ فهذا الحديث من الأحاديث الغريبة التي اقتصر على
واحد فهو غريب في مواطن عديدة من إسناده.
* قوله كَل : (إنما الأعمال بالنيات» : إنما؛ أداة من أدوات الحصر وليست
وليست كلمتين؛ وهي أداة من أدوات الحصر؛ والمراد بالحصر: إثبات الحكم
للمذكور مع نفيه عما عداه؛ عندما يقول: إنما الأعمال بالنيات فكأنه يثبت
والأعمال تشمل الأعمال البدنية من الأقوال والأفعال, والأقوال جزء
من الأعمال؛ فإن القول جزء من الفعل والعمل ؛ وتشمل أيضاً أعمال القلوب
من الخشية والإنابة والتضرع ونحو ذلك فإنه يقال لها: أعمال.
وقوله كي : «إنما الأعمال بالنية» : لابد في هذا الكلام من تقدير؛ لأننا
نجد أن بعض الأعمال يفعلها الناس بدون نية؛ فبعض الناس يقدم على فعل
شيء من الأعمال لا ينوي فيه أي نية؛ فحينئذ لا يصح لنا أن نقول إنما وجود
الأعمال بالنيات لأننا نجد أعمالاً تفعل بدون نية ومن هنا فالصواب أن يقال في
تفسير ذلك: إنما صحة الأعمال شرعاًبالنيات؛ فتصح الأعمال إذا كانت بنيةء
الأعمال بالنيات؛ وبعضهم يقول: إن الحديث مجمل لا يفهم منه معنى؛ وهذا
هو مذهب الحنفية ؛ ومذهب الجمهور هو الأول وهو أرجح ؛ لأنه إذا أمكن
إعمال الكلام ووضع معنى له فهو أولى من إهمال الكلام وجعله بدون أي
يكون له من الأجر أو الثواب إلا بقدر ما نوى ؛ فمن نوى الثواب الدنيوي
وجل يثيب من كان كذلك بالثواب الأخروي ويتفضل على من كان كذلك من
وعلى هذا ينبغي أن يُعلم أن الأعمال يجب أن يُنوى بها الأجر الأخروي
ووجه الله عز وجل ؛ فإن حصل شيء من أمور الدنيا في الدنيا فإنه يحصل تبعاً
الإسلام وجه الله وإتباع النبي َيه فهجرته حينئذ مقبولة عند الله ويئاب عليها؛
حصلت له الدنيا فهذا هو ما نواه؛ وإن لم يحصل له شيء من ذلك فإنه لا يوجر
# وقوله كَية: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله» : لابد فيه من تقدير
فمن كانت نيته عندما هاجر إلى الله يعني إلى دين الله وإلى اتباع الله.
وقوله: ورسوله: يعني إلى اتباع رسوله كية.
*# قوله: «و من كانت هجرته لدنيا»: المراد بالدنيا ما يقابل الآخرة
يكون مراداً بالحديث ؛ لأن لفظ : (دنيا) لفظ مشترك يصدق على ما يقابل
الآخرة ويصدق على الأموال؛ ولا مانع أن يراد باللفظ المشترك جميع معانيه
وقد رغب العلماءٌ تقديمٌ هذا الحديث في مؤلفاتهم ؛ ولذلك نجد أن الإمام
في أحاديث الأحكام بهذا الحديث.
إلا بالنية ومن جملة ذلك الطهارة التي قدم المصنف هذا الحديث على أحاديثها.
وفي الحديث: الحث على الإخلاص؛ والترغيب في إخلاص النية وقصد
الثواب الأخروي.
وفيه: أن الأفعال المتقرب بها إلى الله لابد فيها من اك
* قوله كلّة: الا يقبل الله» : قال بعض العلماء: المراد بالقبول الرضاء
وقال بعضهم: المراد أنه لا يعتبر العمل صحيحاً عند الله.
وقال بعضهم : هو بمعنى لا يثيب الله على الفعل.
والتقدير الأول بعدم الرضا يشكل عليه من صلى على غير طهارة وهو
صحيحة ؛ لأنها لا تسقط القضاء ؛ ولذلك فالأفضل أن يقال : 3لا يقبل الله»
يعني لا يعتبر الله الفعل صحيحاً» أو الصلاة صحيحة.
* قوله كِيّة: صلاة: اسم جنس أضيفت إلى معرفة فتفيد العموم»
* قوله كَةٍ: أحدكم: أحد اسم جنس مضاف إلى معرفة وهو الضمير
* قوله
وجوب الطهارة والوضوء لكل صلاة.
* قوله كِلِّةٍ: أحدث: المراد بالحدث انتقاض الطهارة؛ وورد في بعض
روايات الصحيح أن أبا هريرة فسر الحدث بالفساء والضراط”"؛ وهذا على
إذا أحدث: إذاء أداة شرطء ويفهم منه بمفهوم المخالفة أن