الارباب أن تلقى من القَر القبول والإعجاب
بناء صرح الحضارة الإسلامية وبعثها .
الفقير إلى عفو ربه
نزار مصطفى الباز
تتلقى المكتبة بصدر رحب اقتراحات الأخوة الأعزاء قراء هذا الكتاب لما
يجدوء من نقص أو سقط أو خطأ على عنوان المكتبة ؛ وسبحان من له الكمال
المطلق » ولكتابه الحفظ المنيع +
كتاب الطهارة
كتاب الطهارة
الكتاب » والطهارة فى الأصل مصدران أضيفا وجعلا اسماً لمسائل من مسائل
الطهارة شرطاً من شروطها بدأ بها » وهي اسم مصدر + أي طهر تطهيراً وطهارة
مثل كلم تكليما وكلاماً .
وحقيقتها استعمال المطهرين + أي الماء والتراب أو أحدهما على الصفة
المشروعة في إزالة النجس والحدث ؛ لأن الفقيه إنما يبحث عن أحوال أفعال
المكلفين من الوجوب وغيره . ثم لما كان الماء هو المأمور بالتطهر به أصالة قدمه
فقال :
١ - باب المياه
الباب لغة : ما يُدخل ويُخرج منه . قال تعالى : «( ادخلوا عليهم الباب »
مجازء شبه الدخول إلى الخوض في مسائل مخصوصة بالدخول في الأماكن
الحسوسة ثم أثبت لها الباب . والمياه جمع ماء وأصله موه ولذا ظهرت الهاء في
جمعه . وهو جنس يقع على القليل والكثير إلا أنه جمع لاختلاف أنواعه باعتبار
حكم الشرع فإن فيه ما ينهى عنه وفيه ما يكره » وباعتبار الخلاف أيضاً في بعض
المياه كماء البحر فإنه نقل الشارح الخلاف في التطهر به عن ابن عمر ١ وابن
عمرو . وفي النهاية أن في كون ماء البحر مطهراً خلافاً لبعض أهل الصدر
الجماهير .
١ - سبل السلام شرح بلوغ لمرام
[ عن أبي هريرة رضي الله عنه ] الجار والمجرور متعلق بمقدر ؛ كأنه قال
باب المياه أروي فيه أو أذكر أو نحو ذلك حديثاً عن أبي هريرة وهو الأول من
أحاديث الباب . وأبو هريرة هو الصحابي الجليل الحافظ المكثر . واختلف في
اسمه واسم أبيه على نحو من ثلاثين قولاآ ؛ قال ابن عبد البر : الذي تسكن
النفس إليه من الأقوال أنه عبد الرحمن بن صخر » وبه قال محمد بن إسحق +
وقال الحاكم أبو أحمد : ذكر لأبي هريرة في مسند بقي بن مخلد خمسة آلاف
حديث وثلاثماثة وأربعة وسبعون حديثاً . وهو أكثر الصحابة حديثاً ليس لأحد
الاستيعاب لابن عبد البر بلفظ : إلا أن عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي يسكن
إليه القلب في اسمه في الإسلام . ثم قال فيه أي الاستيعاب : مات في المديئة
» أخرجه الأربعة + وَأبْن
سنة تسع وخمسين وهو ابن ثمان وسبعين سنة ودفن بالبقيع . وقيل : مات
[ قال : قال رسول الله كَكِةِ في البحر ] أي في حكمه والبحر الماء الكثير أو
والنسائي (177/1) » ومالك في الموطأ (1) بسند صحيح على الراجح » وابن أبي شيبة
+ وابن خزيمة (111/1) » وقد صححه جمع من الأئمة منهم البخاري © 10 (
© والحاكم » والذهبي» وابن حبان + والطحاوي ؛ والخطابي + وابن خزيمة + والبيهقي
وعبد الحق . وقال الحافظ أبو علي بن السكن : إنه أصح ما روى في الباب » وأخرجه في
صحيحيهما لاجل اختلاف وقع في اسم سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة + وانظر
خلاصة البدر المنير لابن الملقن (7/1 )؛ وتحفة المحتاج له أيضاً (177/1) + وللشيخ
الالباني بحث جيد في الصحيحة (48:/1) عن أسانيد الحديث فانظره وانظر تلخيصض
الحبير (4/1) © والإرواء (47/1) » وللحافظ الزيلعي بحث جيد جد فى نصب الراية
كتاب الطهارة
الطهور ] بفتح الطاء هو المصدر واسم ما يتطهر به أو الطاهر المطهر كما في
القاموس . وفي الشرع : يطلق على المطهر . وبالضم مصدر » وقال سيبويه :
إنه بالفتح لهما ولم يذكره في القاموس بالضم + [ ماؤه ] هو فاعل المصدر
[والحل ] هو مصدر حل الشيء ضد حرم ولفظ الذا () الحلال + [ ميتته]
هو فاعل أيضاً
[ أخرجه الأربعة وابن أبي شيبة [ هو أبو بكر » قال الذهبي في حقه : الحافظ
العديم النظير الثبت التحرير » عبد الله بن محمد بن أبي
والمصنف وغير ذلك وهو من شيوخ البخاري + ومسلم + وأبي داود + وابن
ماجه» [ واللفظ له ] أي لفظ الحديث السابق سرده لابن أبي شيبة وغيره ممن ذكر
أخرجه بمعثاه [ صححه ابن خزيمة ] بضم الخاء المعجمة فزاي بعدها مثناة
» قال الذهبي : الحافظ الكبير إمام الآئمة شيخ الإسلام أبو بكر
محمد بن إسحق بن خزيمة انتهت إليه الإمامة والحفظ في عصره بخراسان » 1 و]
صححه [ الترمذي ] أيضاً ؛ فقال عقب سرده : هذا حديث حسن صحيح ©
وسألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال : حديث صحيح .
هذا لفظ الترمذي كما في مختصر السنن للحافظ المنذري . وحقيقة الصحيح عند
المحدثين: ما نقله عدل تام الضبط عن مثله متصل السند غير معل ولا شاذ 6 هذا
وقد أخرج المصنف هذا الحديث في التلخيص من تسع طرق عن تسعة من
() انظر سنن الدارقطني (4/1* + 38 + 081 » وهذا اللفظ الذي ذكره الشيخغ
الصنعاني قد جاء من طرق عند الدارقطئي » فمتها حديث جاب + وهو من طريق ابن جريج
عن أبي الزبير عنه + ومن هذا الطريق أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك
وسكت عنه ؛ والطبراني في الكبير + وقال الحافظ : وإسناده حسن ليس فيه إلا ما يخشى
ينبل السلام شري لوم ارا
الصنف : وقد حكم بصحة جملة من الأحاديث لا تبلغ درجة هذا ولا تقاريه +
قال الزرقاني في شرح الموطأ : وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام تلقته الآمة
بالقبول وتداوله فقهاء الأمصار ؛ في سائر الأعصار + في جميع الأقطار + ورواه
الأثمة الكبار ؛ ثم عد من رواه ومن صححة . والحديث وقع جواباً عن سؤال
كما في الموطأ أن أبا هريرة رضي الله عنه قال : ١ جاء رجل » 6 وفي مسند
أحمد 3 من بني مدلج 8 ؛ وعند الطبراني 3 اسمه عبد اله » إلى رسول الله في
فقال : يا رسول الله إنا تركب البحر » وتحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا
به عطشنا أفنتوضاً به ؟ - وفي لفظ أبي داود - « بماء البحر » فقال رسول الله
يي: ١ هو الطهور ماؤه الحل ميتته » » فافاد يِه أن ماء البحر طاهر مظهر لا
ولم يجب كَل بقوله : نعم + مع إفادتها الغرض بل أجاب بهذا اللفظ ليقرث
خالف المياه بملوحة طعمه + ونتن ريحه توهم أنه غير مراد من قوله تعالى :
(فاغسلوا 6 [ المائدة : 3 ] ؛ أي بالماء المعلوم إرادته من قوله : فاغسلوا أو أنه
لما عرف من قوله تعالى : # وأنزلنا من السماء ماء طهوراً 6 [ الفرقان ؛ 48 ]6
ميته » قال الرافعي : لما عرف كَل اشتباه الأمر على السائل في ماء البحر أشفق
أن يشتبه عليه حكم ميتته » وقد يبتلي بها راكب البحر فعقب الجواب عن سؤاله
ببيان حكم الميتة . قال ابن العربي : وذلك من محاسن الفتوى أن يجاء في
الجواب بأكثر مما سثل عنه تتميماً للفائدة وإفادة لعلم غير المسؤول عنه ٠
ويتأكد ذلك عند ظهور الحاجة إلى الحكم كما هو لأن من توقف في طهورية
ماء البحر فهو عن العلم بحل ميتته مع تقدم تحريم الميتة أشد توقفآً + ثم المراد
كتاب الطهارة
صدق عليه لغة أنه ميتة بحر فمعلوم أنه لا يراد إلا ما ذكرنا . وظاهره حل كل ما
مات فيه ولو كان كالكلب والخنزير . ويأتي الكلام في ذلك في بابه إن شاء الله
[ وعن أبي سعيد - رضي الله عنه ] اسمه سعد بن مالك بن سنان الخزرجيى
الأنصاري 1 الخدري ] يض انقاة المجمة وجال همل شاكنة ضية إلى ضرع
حي من الأنصار كما في القاموس . قال الذهبي : كان من علماء الصحابة وممن
شهد بيعة الشجرة » وروى حديثا كثيراً وأفتى مدة . عاش أبو سعيد ستآ وثمانين
+ وحديثه كثير وحدث عنه جماعة من
سنة ومات في أول سنة أربع و.
الصحابة + وله في الصحيحين أربعة وثمانون حديثاً » [ قال : قال رسول الله
كي : د إن الماء طهور لا ينجسه شيء » . أخرجه الثلاثة ] هم أصحاب السان
ما عدا ابن ماجه كما عرفت + [ وصححه أحمد ] قال الحافظ المنذري في
مختصر السئن : إنه تكلم فيه بعضهم + لكن قال : حكي عن الإمام أحمد أنه
قال : حديث بثر بضاعة صحيح . وقال الترمذي : هذا حديث حسن . وقد
جود أبو أسامة هذا الحديث + ولم يرو حديث أبي سعيد في بثر بضاعة أحسن
مما روى أبو أسامة » وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد .
والحديث له سبب وهو : « أنه قيل لرسول الله كله
0 * وأحمد 21/90 + 83) ١ وقد نقل الإمام ابن الملقن تصحيح الترمذي له في
بعض نسخه وصححه الإمام يحبى بن معين واحند وغيرهنا » قال ابن الملقن 3 وتلى
الدارقطني ثبوته مردود بقول هؤلاء . الخلاصة (1/) .
فائدة ] قال الحافظ : نقل ابن الجوزي أن الدارقطني قال : إنه ليس بثابت © ولم ثر
ذلك في العلل له ولا في السئن . . . . ثم نقل ما قاله الدارقطني من الاختلاف فيه + وقد
ناقش الحافظ ابن حجر ما قيل عن طرق هذا الحديث في التلخيص (1/ 17) فانظره
ج ١ حبل السام شرج يلخ لقراة
وهي بثر يطرح فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن فقال : الماء طهور » الحديث
هكذا في سنن أبي داود » وفي لفظ فيه : ١ إن الماء » كما ساقه المصنف ؛ واعلم
أنه قد أطال هنا في الشرح المقال + واستوفى ما قيل في حكم المياه من الأقوال ©
ولنقتصر في الخرض في المياه على قدر يجتمع به شمل الأحاديث ؛ ويعرف به
مأخذ الأقوال » ووجوه الاستدلال فنقول :
قد وردت أحاديث خذ منها أحكام المياه » فمئها حديث : « الماء طهور لا
قلتين لم يحمل الخبث 8 » وحديث :
« الأمر بصب ذنوب من ماء على بول الأعرابي في المسجد » ١! ؛ وحديث :
«إذا استيقظ أحدكم فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث » 070 ع وَحَكَنية*
الكلب في إناء أحدكم + . الحديث وفيه الأمر بإراقة الماء الذي ولغ فيه . وهي
أحاديث ثابتة ستأتي جميعها في كلام المصنف ؛ إذا عرفت هذا فإنه اختلفت
العلماء رحمهم الله تعالى في الماء إذا خالطته نجاسة ولم تتغير أحد أوصاقه
ينجسه شيء » + وحديث : « إذا بلغ الماء
فذهب القاسم ويحيى بن حمزة وجماعة من الآل ومالك والظاهرية وأحمد في
« الماء طهور » » وإنما حكموا بعدم طهورية ما غيرت النجاسة أحد أوصافهة
للإجماع على ذلك كما يأتي الكلام عليه قريباً ٠
وذهب الهادوية والحنفية والشافعية إلى قسمة الماء إلى قليل تضره النجاسة
تحديد القليل والكثير » فذهب الهادوية إلى تحديد القليل : بأنه ما ظن المستعمل
)١( رواه البخاري (770 + 1178) وغيره من حديث أبي هريرة
(؟) رواه البخاري (137) وغيره من حديث أبي هريرة ٠
© قلت : هنا سقط فى الرواية أثبتناه بين معكوفتين والحديث رواه البخارى (774)
وغيرة ٠
كتاب الطهارة
إلى تحديد الكثير من الماء : بما إذا حرك أحد طرفيه آدمي لم تسر
الحركة إلى الطرف الآخر وهذا رأي الإمام » وأما رأي صاحبيه : فعشرة في
عشرة وما عداه فهو القليل وذهب الشافعية إلى تحديد الكثير من الماء بما بلغ قلتين
من قلال هجر ؛ وذلك نحو خمسماثة رطل عملاً بحديث القلتين وما عداه فهو
القليل ٠
ووجه هذا الاختلاف تعارض الأحاديث التى أسلفناها » فإن حديث الاستيقاظ
وحديث الماء الدائم يقضيان أن قليل النجاسة ينجس قليل الماء ؛ وكذلك حديث
الولوغ والأمر بإراقة ما ولغ الكلب فيه ؛ وعارضها حديث بول الأعرابي والأمر
أن قليل النجاسة لا ينجس قليل الماء .
ومن المعلوم أنه قد طهر ذلك الموضع الذي وقع عليه بول الأعرابي بذلك
الذنوب + وكذلك قوله : « الماء لا ينجسه شيء » » فقال الأولون وهم
القائلون: لا ينجسه شيء إلا ما غير أحد أوصافه : يجمع بين الاحاديث بالقول
وأحاديث الاستيقاظ والماء الدائم والولوغ ليست واردة لبيان حكم نجاسة الماء بل
الأمر باجتنابها تعبدي لا لأجل النجاسة » وإنما هو لمعنى لا نعرفه كعدم معرفتنا
الحكمة أعداد الصلوات ونحوها وقيل : بل النهي في هذه الأحاديث للكراهة
فقط. وهي طاهرة مطهرة +
وجمع الشافعية بين الأحاديث بأن حديث : « لا ينجسه شيء » محمول على
ما بلغ القلتين فما فوقها وهو كثير (!) وحديث الاستيقاظ » وحديث الماء الدائم
محمول على القليل ٠
وعند الهادوية أن حديث الاستيقاظ محمول على الندب فلا يجب غسلهما له.
وقالت الحنفية : المراد بلا ينجسه شيء - الكثير الذي سبق تحديده . وقد
أعلوا حديث القلتين بالاضطراب » وكذلك أعله الإمام المهدي في البحر وبعضهم
تأوله : وبقية الأحاديث في القليل ولكنه ورد عليهم حديث بول الأعرابي فإنه
بصب ذنوب من ماء عليه فإنه
() قلت : الأوفق لتصحيح العبارة ( وهو الكثير) +
حديث الا
اظ + وإذا ورد عليها الماء لم تضره كما في خبر بول الأعرابي
وفيه بحث حققناه في حواشي شرح العمدة وحواشي ضوء النهار وحاصله أنهم
لم ينجس فجعلوا علة عدم تنجس الماء الورود على النجاسة وليس كذلك » بل
وتذهب قبل فنائه » فلا يأتي آخر جزء من الماء الوارد على النجاسة إلا وقد طهر
امحل الذي اتصلت به أو بقي فيه جزء متها يفني ويتلاشى عند ملاقاة آخر جزء
بالإجماع فلا فرق بين هذا وبين الكثير في إفناء الكل للتجاسة » فإن الجزء الأخير
الوارد على النجاسة يحيل عينها لكثرته بالنسبة إلى ما بقي من النجاسة » فالعلة
في عدم تنجسه بوروده عليها هي كثرته بالنسبة إليها لا الورود فإنه لا يعقل التفرقة
بين الورودين بأن أحدهما ينجسه دون الآخر » وإذا عرفت ما أسلفناه وأن تحديد
الكثير والقليل لم ينهض على أحدهما دليل فأقرب الأقاويل بالنظر إلى الدليل
قول القاسم بن إبراهيم ومن معه » وهو قول جماعة من الصحابة كما في البحر
وعليه عدة من أثمة الآل المتأخرين . واختاره منهم الإمام شرف الدين ٠
وقال ابن دقيق العيد : إنه قول لاحمد ونصره بعض المتأخرين من أتباعه
ورجحه أيضاً من أتباع الشافعي القاضي أبو الحسن الرويانفي صاحب بحر الذهب
قاله في الإمام . وقال ابن حزم في المحلي : إنه روي عن عائشة أم المؤمنين
وعمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وابن عباس والحسن بن علي بن أبي طالب
وميمونة أم المؤمنين وأبي هريرة وحذيفة بن اليمان والأسود بن يزيد وعبد الرحمن
أخيه وابن أبي ليلى وسعيد بن جبير وابن المسيب ومجاهد وعكرمة والقاسم بن
محمد والحسن البصري وغير هؤلاء ٠
© -1[ ضعيف الإسناد ؛ والجزء الأول منه صحيح المتن ؛ والجزء الثاني منه صحيح <